أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد علي مقلد - سقوط الطغيان والتحرر الوطني














المزيد.....


سقوط الطغيان والتحرر الوطني


محمد علي مقلد
(Mokaled Mohamad Ali)


الحوار المتمدن-العدد: 8196 - 2024 / 12 / 19 - 09:51
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



لا هو يوم استشهاده ولا يوم ميلاده ولا يوم اختياره أميناً عاماً ولا يوم استقالته ولا يوم عودته إلى رئاسة المجلس الوطني للحزب. تداعينا لنلتقي على نصب جورج حاوي بغير مناسبة، ومن دون تحضيرات مسبقة. فلا وسائل إعلام ولا خطابات. كان لقاء صغيراً لا يليق بقامته ومقامه الكبيرين. لقاء على عجل، لا لنستذكره بعد غياب بل لنحتفل معه بسقوط الطغيان.
الطغيان لا يجسده حاكم بمفرده أو حزب حاكم، بل هو نهج وعقل وأسلوب عمل. سقط نظام الأسد وقبله نظام صدام. قبل سقوطهما تعاقبت بينهما سنوات من النزاعات و أشهر عسل متقطعة. إحدى المحاولات الوحدوية حصلت بعد عام 1978. جورج حاوي زار حينذاك على التوالي زعيمي البلدين وعاد ليطلب من اللجنة المركزية للحزب الشيوعي اللبناني تنظيم الاحتفالات بقيام الوحدة بين البعثين.
رأى حاوي أن احتفاء الشيوعيين بهذا "الإنجاز التاريخي" يحصنهم ضد تحميلهم مسؤولية انهيار وشيك لتلك الوحدة التي لن تدوم أشهراً، بحسب تقديره، وتفادياً لخسائر قد يمنى بها الحزب، على غرار ما حصل غداة قيام الوحدة المصرية السورية عام 1958 تحت إسم الجمهورية العربية المتحدة.
تميز جورج حاوي بموهبة "الاستشعار عن بعد". كان ذا بصيرة وذا قدرة على تجميع المعلومات من العواصم ومراكز القرار في بلدان حركة التحرر الوطني. في مطلع عام 1982، قال أمام اللجنة المركزية إن الاجتياح الإسرائيلي المتوقع سيصل إلى العاصمة. باع بيتاً كان يملكه على طريق بيروت دمشق، فيما تصرفت القيادة خلافاً لهذا الاستشعار، وصدّقت تصريحات وتقديرات ومعلومات متداولة عن احتلال لن يتجاوز مداه الأربعين كيلومتراً.
كما تميز ببراعته في شرح أفكاره بالأمثال. جواباً على سؤال الصحافية جيزال خوري عن سطوة ماضيه على حاضره، قال إنه ينظر إليه كما ينظر السائق في المرآة الخلفية، لكي يحسن قيادة السيارة إلى الأمام. خلال التحضير للمؤتمر السادس للحزب، رأى أن سفينة الاشتراكية بقيادة الاتحاد السوفياتي ومعه المنظومة الاشتراكية مهددة بالغرق وما على ركاب الأممية إلا العودة إلى الشاطئ بقوارب النجاة ليبنوا، كل في بلده، سفينته الخاصة ويستأنف الإبحار.
القارب الذي عاد به جورج حاوي حط في "غدراس" مقر إقامة قائد القوات اللبنانية سمير جعجع. قررا العودة، كل على طريقته، إلى "لبنان أولاً" وإلى تجاوز خصومات الماضي. كان ذلك القرار سبباً باغتيال أحدهما وبسجن الآخر.
غداة اغتياله كتبت مقالتين بعنوان واحد، مقطع من وصية لم تكتب، (1) و(2)، رويت فيهما، على لسانه، بعضاً من أفكار كانت تدور في خلده ولم يخرجها إلى العلن نصوصاً مكتوبة أو كلاماً منطوقاً في مقابلاته المتلفزة وتصريحاته اليومية. أعتقد أن مخيلتي صوبت يومذاك إلى حيث كان يفكر جورج حاوي. كانت الوصية ناقصة لأنني قصرت عن جرأته، وقلت في الحاشية معتذراً، لو كتبها جورج بقلمه لكانت أكثر وضوحاً.
لم يعترف أحد بأن الانهيارات التي حصلت في تسعينات القرن الماضي أصابت الأحزاب اليسارية كلها والتقدمية كلها والقومية كلها. بعضها راح يبحث عن حصته من إرث الشيوعيين الثوري، فيما انطوى الحزب الشيوعي على ماضيه وطال استغراقه النظر في المرآة فضيع المسلك نحو المستقبل، وظلت القضية الفلسطينية ملاذ الجميع والينبوع الذي ينهلون منه خطابهم السياسي المناهض للاستعمار والإمبريالية والصهيونية والشيطان الأكبر.
في المقطع الثالث من وصية لم تكتب، قد يقول جورج حاوي إن انهيار النظام السوري ليس حدثاً عادياً في التاريخ الحديث. لم تعد المكابرة تجدي. صار التحرر الوطني ذكرى أليمة. لم تعد المقرات والأختام والتصريحات دليلاً كافياً على وجود الأحزاب، لا القومي منها ولا اليساري ولا تيارات الإسلام السياسي.
فلسطين وحدها ستبقى القضية الحية، فهي الوحيدة المتبقية من تركة الاستعمار والتمييز العنصري، لكنها ليست ضحية الاستبداد الوحيدة في هذا الشرق. في فلسطين كما في سوريا كما في لبنان، أو في بلدان الربيع العربي أو في بلدان السلالات لا حل إلا بالدخول في الحضارة عن طريق إقامة الدولة، دولة الدستور والقانون والمؤسسات.



#محمد_علي_مقلد (هاشتاغ)       Mokaled_Mohamad_Ali#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المتضررون من النصر
- نعم انتصرنا
- هل يكتب التاريخ الحديث بمصطلحات طائفية؟
- جامعة الأمة العربية ومحكمة العدل الشعبية
- نقول لحزب الله ما اعتدنا على قوله
- الإذعان بعد فوات الأوان
- اليسار والإسلاميون
- برّي: فرصة واشنطن الأخيرة
- الصهيونية وتحولاتها
- صناع الحروب يخطئون وقرّاؤها أيضاً
- طوفان عيوب في حرب الإسناد
- حزب الله كمقاومة وحزب الله كحركة تحرر وطني
- هل الصمت الدولي مشروع ومبرر؟
- لماذا تعلمت إسرائيل من حروبها ولم نتعلم؟
- تحرير العقول قبل تحرير فلسطين
- نظرية الردع الستراتيجي
- قاسم قصير والعنف الديني
- لماذا يدعم الغرب إسرائيل؟
- هل يعيد حزب الله حساباته؟
- من لبنان الساحة إلى لبنان الوطن


المزيد.....




- مُشرّع يكشف عدد قتلى جنود كوريا الشمالية في الحرب الروسية في ...
- موسكو على موعد مع افتتاح مقر إقامة بابا نويل الروسي
- الديمقراطية بين الصمود والاختبار: عام من التحديات والانتصارا ...
- منظمة رعاية الحيوان: عدوى بكتيرية قتلت الفيلة سونيا في باكست ...
- ماذا نعرف عن الغارات التي شنها الجيش الإسرائيلي على -أهداف ح ...
- بعد اعتراض صاروخ حوثي.. إسرائيل تقصف -أهدافا عسكرية- في اليم ...
- هدية مدوية من القذافي تنسي وزير الخارجية الأمريكي ألم البروس ...
- وزير الدفاع الإسرائيلي يصادق على خطة لضرب عشرات المواقع للحو ...
- مفكر سياسي مصري: نحتاج حكم مدني يسمح بتداول السلطة بلا ثورات ...
- الحوثيون يعلنون ضرب هدفين عسكريين نوعيين إسرائيليين في يافا ...


المزيد.....

- لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي / غسان مكارم
- إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي- ... / محمد حسن خليل
- المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024 / غازي الصوراني
- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد علي مقلد - سقوط الطغيان والتحرر الوطني