إسلام حافظ
كاتب وباحث مصري
(Eslam Hafez)
الحوار المتمدن-العدد: 8195 - 2024 / 12 / 18 - 02:52
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
"لا إيدي اتعاصت دم ولا خدت مال حد"... يا لها من براءة!
في تصريح جديد يضاف إلى قائمة التصريحات التي تصلح لأن تُخلد في كتب السخرية السياسية، قال الرئيس المصري: "لا إيدي اتعاصت دم ولا خدت مال حد". تصريح يبدو للوهلة الأولى مطمئنًا، كأننا أمام زعيم نقيّ اليدين والقلب، لم يلطخ تاريخه قطرة دم ولم يتكبد المواطن بسببه قرشًا زائدًا. لكن، لعل ذاكرة التاريخ أكثر قوة من محاولات التجميل.
فلنبدأ من "الدم".
أليست هذه الأيدي ذاتها التي أصدرت أوامرها يوم فض اعتصام رابعة، حين سالت الدماء في الشوارع كما لو كانت سيولًا لا تتوقف؟ مئات الأرواح أُزهقت في ساعات، وقلوب أُحرقت إلى الأبد، بينما الرواية الرسمية ظلت تردد كلمات مثل "التطهير" و"الأمن"، وكأن الحياة البشرية باتت مجرد معادلة قابلة للمساومة.
ثم ننتقل إلى "المال".
إذا كانت الأيدي لم تمتد لجيوب الناس، فمن أين أتت مئات المليارات التي بُنيت بها العاصمة الإدارية الجديدة؟ تلك المدينة التي يقال إنها "مشروع المستقبل"، بينما يعيش الحاضر في فقر وتهميش. المواطن البسيط، الذي يدفع من عرقه ودمه ضرائب وزيادات، لا يرى من هذه المشروعات سوى أرقام ضخمة على الورق وديون تتراكم على أجيال لم تولد بعد.
الحقيقة أن المال لم يُسرق، بل هاجر طوعًا؛ ترك المدارس والمستشفيات والغذاء المدعوم، وذهب ليبني قصورًا شاهقة ومقرات فخمة، ربما لا يدخلها المواطن إلا في أحلامه.
في النهاية، "لا إيدي اتعاصت دم ولا خدت مال حد" ليست مجرد جملة، إنها شهادة على واقع يُعاد رسمه بالكلمات. فالدم موجود، والمال مسلوب، لكن الفرق الوحيد أن الأيدي تُصفق الآن بحرارة... لتصريحات أبعد ما تكون عن الواقع.
#إسلام_حافظ (هاشتاغ)
Eslam_Hafez#
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟