أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ادريس الواغيش - سوريا تحررت يا يعقوب..!!














المزيد.....


سوريا تحررت يا يعقوب..!!


ادريس الواغيش

الحوار المتمدن-العدد: 8195 - 2024 / 12 / 18 - 00:47
المحور: الادب والفن
    


قلم: إدريس الواغيش
وقد يقول قائل: "إيه لم الشامي على المغربي"، حتى يتحدث إدريس المغربي من فاس عن يعقوب الشامي في بيروت ودمشق. ولكن أصل الحكاية يعرفها أهل الكنانة، كما أعرفها أنا في المغرب، وكما وقعت ذات زمن في الجامع الأزهر الشريف بمصر.
أتذكر اليوم، حين فجعت الصحافة الثقافية اللبنانية- السورية والعربية برحيل رئيس تحرير مجلة "عشتروت"، التي تحول اسمها لاحقا إلى "إشراقات عشتروت"، وكان لي في ذلك التحول نصيب. أخذ منا تغيير اسم المجلة العربية السورية مجهودا فكريا، سواء من إدريس المغربي أو من يعقوب السوري المقيم في لبنان بشارع الحمراء في بيروت، حيث كان مكتب صديقي يعقوب مدير المجلة. جرت في ذلك مشاورات واقتراحات ماراطونية عبر الهاتف، سواء مني أو منه، وفي الأخير استقر يعقوب على "إشراقات عشتروت"، باقتراح مني وإصرار كبير منه، ولو أنني لم أكن من جانبي في الحقيقة مرتاحا لهذا الاسم. كانت المجلة تتوزع في الدول العربية، مع استثناءات المنع، وتنتشر في عدد من الدول الأوروبية وكندا وأمريكا.
انتقل الزميل يعقوب جوزيف قريو إلى الدنيا الآخرة مع بداية 2013م، وأعتقد جازما أن يعقوب لم يمت موتة عادية، ولكن تمت تصفيته عمدا بعملية كيدية من أجهزة مخابرات النظام السوري، جراء مواقفه المؤيدة جهارا للمعارضة السورية، كما تمت تصفية كثير من الأصوات والأقلام والوجوه الوطنية الممانعة، وليس على "إثر آلام حادة في الرأس إثر عملية جراحية"، كما تم الترويج له يومها.
لم نلتق يوما في الواقع، ومع ذلك، كانت تجمعني روابط قوية بالصحافي يعقوب قريو. كان يحكي لي في كل مرة عن مواقفه السياسية الواضحة من النظام، ولم يكن يخفي عداءه للنظام السوري. كم سبق لي أن نصحته في أكثر من مرة، أن يتخذ موقفا وسطيا معتدلا، ليس لأنني مواليا للنظام السوري ولا محبا له، ولكن خوفا على حياته من بطش أجهزة النظام الدكتاتوري.
قلت له ذات مرة، ناصحا: "أنت صحافي معروف، وتنقلاتك وهاتفك تحت مجهر المخابرات وعيونها، ومدير مجلة مشهورة تتلقى كل شهر مقالات من المعارضين والموالين، وعليك أن تكون معتدلا في مواقفك"، ولكن يعقوب كان عنيدا في مبادئه، واضحا صريحا في مواقفه، أصر على الانحياز دفعة واحدة إلى المعارضة، وأجهر بذلك بصريح العبارة والموقغ.
كانت المحادثات الهاتفية تطول بيننا أحيانا، مرة سمعت ما يشبه صوت طلقات رصاص تصدر من هاتفه، قلت له مازحا:"يعقوب، ما الذي أسمعه؟ أهي طلقات رصاص..؟". ضحك، وقال لي:" أنا أشاهد الميشيات تتقاتل أمامي بالبنادق والرصاص الحي بأم العين في شارع الحمراء، كما لو أنني أشاهد فيلما على المباشر، لا تقلق علي يا صديقي، قد ألفنا في شوارع بيروت وأزقتها مثل ما أراه أمامي الآن..".
حدثني، رحمه الله، عن أصوله السريانية، ومعاناة السريان في جنوب تركيا. كان يحمل النظام السوري تلك المعاناة، ويعتبر أن نظامه تخلى عنهم، وتركهم وحدهم يواجهون مصائرهم، رغم أنه لم يكن متعصبا لعرق أو جنس. ظل يعقوب كما عرفته منفتحا على جميع الديانات والثقافات. صحافي يناضل بالقلم، وإنسان نبيل ومتفهم. لم يكن يعاني من خصاصة، لأنه كان ينحدر أصلا من عائلة غنية. حدثني عن ثروة المرحوم أبيه، عن أخواته الإناث المقيمات في سوريا، وعن أخيه الذكر المقيم في كندا، وهو واحد من أكبر المقاولين الشباب العرب هناك.
كنت أنشر في مجلته مقالاتي وحواراتي الفنية والأدبية، وبالتدريج بدأت تربطنا علاقة قوية. بدأ يخصص لي صفحتين في كل عدد من المجلة، كنت أكتب فيها ما أريد من مواضيع وآراء. كان يهاتفني من حين لآخر، وأحيانا كانت ابنتي شهرزاد ترد عليه إلى أن أدخل البيت، إذا كنت في مهمة قريبة، حتى أنها تعلمت منه اللهجة الشامية.
كنت أصر عليه في أن يزور المغرب، الذي لم يسبق له أن زاره، ومع ذلك أحبه. أصر علي هو الآخر أن أزور بيروت، ووعدني أن نزور معا سوريا، وهي مناسبة يعرفني على أهله هناك. لم يكف عن حب سوريا، حتى وهو مقيم في بيروت بلبنان. وعندما زاد إصراره على زيارتي له، اعترفت له بإمكاناتي المالية المحدودة، حينها ازداد إلحاحه علي في الزيارة. كان يقول لي رحمه الله: "تكفيني موافقتك، أما نفقاتك، هي على حسابي".
وجاءني ذات يوم خبر وفاته على الميسنجر، بعثته لي إحدى أخواته من سوريا. كان الفقد متعددا، فقدت يعقوب، ثم تلاها فقدان مجلة "عشتروت" وإشراقاتها. اليوم، وأنت في دار البقاء، أخبرك صديقي يعقوب جوزيف قريو أن سوريا قد تحررت، كما كنت تتمنى. فنم قرير العين، حيث ترقد هناك الآن. رحمك الله تعالى برحمته الواسعة صديقي يعقوب.



#ادريس_الواغيش (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قصة قصيرة : تَبَاريحُ الخُضَرِيّ
- توصيات المناظرة الرابعة للإعلام في بني ملال
- مناظرة في أبي الجعد وبني ملال تقارب العلاقة التكاملية بين ال ...
- في مديح ماكرون للملكة المغربية الشريفة...!!
- آنَ لخُطوط الطفل الكورسيكي كُبولاني أن تنمَحي
- مَذاقُ الوَطن بنُكهَة العُيون
- من أوزود إلى مرّاكش، فرَادة المَغرب المُتعَدِّد
- التّقاعُد، آن لي أن أرتاح، قد تعبتُ من السّفر...!!
- نوستالجيا: إحصاء، زواج وشعر...!!
- شكري في زمن الأخطاء
- مُنتدى “كفاءات تاونات“ يحتفي بمُتفوّقي باكالوريا 2024 في الر ...
- ألأمين جمَال، هل خان؟ أم رَدَّ إحسانًا بإحسَان؟
- مَشرع بلقصيري تختمُ مهرجانَ القصّة القصيرة
- بلقصيري تعلن عن النسخة ال 15 من مهرجانها الوطني للقصة القصير ...
- في مُواجهة تزييف الفرادَة المَغربية
- لاهِثٌ أُلاحِقُ بَقِيّتي
- جامعة فاس تُصدر كتاب عن مغربية الصّحراء
- مؤتمر دولي يقارب شمولية الترافع عن مغربية الصحراء
- الجَهل المُقدّس، من “سَرْغِينَة” إلى مَعرض الكِتاب
- فريدة بليزيد: نقارب المحرمات لتعرية سلطة الدين والجنس والسيا ...


المزيد.....




- دراسة تحليلية لتحديات -العمل الشعبي الفلسطيني في أوروبا- في ...
- مكانة اللغة العربية وفرص العمل بها في العالم..
- اختيار فيلم فلسطيني بالقائمة الطويلة لترشيحات جوائز الأوسكار ...
- كيف تحافظ العائلات المغتربة على اللغة العربية لأبنائها في بل ...
- -الهوية الوطنية الإماراتية: بين ثوابت الماضي ومعايير الحاضر- ...
- الإبداع القصصي بين كتابة الواقع، وواقع الكتابة، نماذج قصصية ...
- بعد سقوط الأسد.. نقابة الفنانين السوريين تعيد -الزملاء المفص ...
- عــرض مسلسل البراعم الحمراء الحلقة 31 مترجمة قصة عشق
- بالتزامن مع اختيار بغداد عاصمة للسياحة العربية.. العراق يقرر ...
- كيف غيّر التيك توك شكل السينما في العالم؟ ريتا تجيب


المزيد.....

- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير
- مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب- / جلال نعيم
- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ادريس الواغيش - سوريا تحررت يا يعقوب..!!