كريم عبدالله
الحوار المتمدن-العدد: 8194 - 2024 / 12 / 17 - 21:34
المحور:
الادب والفن
مازالت القبلة الأولى محفورة فوقَ شفاهي الخجولة، كما أثرٌ عميقٌ تركه نهرٌ يمرُّ في أعماق الزمن، تلك اللحظة التي كُسِرَ فيها كل شيءٍ، وكنتِ أنتِ الفجرَ الأول الذي كشف عن سرِّ الليل. قبلةٌ لا تُنسى، تلك التي كانت ألسنة الشوقِ في أعماقنا، تنبض في الجسدِ قبل أن تنطق الكلمات، فتحيا بها أشياءٌ قديمة، ويبزغ في السماء قمرٌ جديد، قبلةٌ، بل سحرٌ، تخطَّى حدودَ الشفاه، وجعل الزمان يتوقف، ويظلُّ هناك، مشدوهًا.
سيدةَ القبلة الأولى، كنتِ الوجدان الذي غرق فيه القلب، كنتِ الجرح الذي راق لي، العذاب الذي يذهب بعيدًا عن حواسي، قبلةٌ صارت جزءًا من دمي، كما الأملُ يصبح جزءًا من السماء، أنتِ الهمسَ الذي حوَّل الهدوء إلى عاصفةٍ من الأحاسيس، وفي عيونكِ رأيتُ قصيدتي الأولى، نشيدَ الحُبِّ الأبدي، أنتِ التي جعلتِ الكون يشعُّ كالكواكب في مدار عينيكِ.
شفتاكِ كانتْ المدى الذي ابتدأ منه سرُّ الوجود، كلما اقتربتُ منكِ، شعرتُ أني أغرق في فوضى الجمال، كانَ صوتكِ الهمسَ الذي يداعبني من أعماقِ قلبٍ محاصرٍ، وجعلني أعيش بينَ نبضاتِكِ، وحينما التقت شفاهنا، كانت اللحظةُ طوفانًا، غمرَ كلَّ شيءٍ، جعل الأرضَ تهتزُّ تحت أقدامنا، ودفءُ أنفاسكِ كان مثلَ العاصفةِ التي تسكنها جاذبيةٌ أبدية.
تلك القبلة كانتْ أكثر من مجرد لمسٍ، كانتْ قلبًا ينبض بحجم السماء، كفكرةٍ لم تولد بعد، قبلةٌ كتبتُها على صفحاتِ عمري بأحرفٍ حارقةٍ، وفيها كانتْ الروح تلامس السماء، وتغرق في الأحلام، أنتِ سيدةَ القبلة الأولى، أنتِ الحلم الذي تنبضُ به الحياة، أنتِ النارُ التي توقظني كلّ صباحٍ.
#كريم_عبدالله (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟