|
الوطن العربي وعهد ترامب الثاني
كاظم الموسوي
الحوار المتمدن-العدد: 8192 - 2024 / 12 / 15 - 22:16
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
اصيح دونالد ترامب، الآن، الرئيس 47 للولايات المتحدة، بعد فرز الاصوات الانتخابية وتمكن حزبه من الفوز بمجلسي الكونغرس. وسيستلم منصبه كما هو متبع في العشرين من الشهر الاول للعام القادم، كانون الثاني/ يناير 2025، وخلال هذه الفترة الانتقالية، الضبابية، بين رئيسين وحكمين، ديمقراطي وجمهوري، يمارس كل منهما، المنتهي ولايته يقوم بدوره المتبقي له والقادم للبيت الأبيض يقوم بالاعداد لعهده الجديد المنتخب له. انشغل العالم بمجريات الانتخابات ونتائجها ومن ثم بفوز ترامب وبوعوده قبل الانتخابات وتصريحاته بعدها، ومقارنتها مع فوزه في الانتخابات الاسبق وحكمه لاربع سنوات، ومن ثم اسماء مرشحيه للمناصب الرئيسية في حكومته القادمة للحكم اربع سنوات جديدة. ومن هم وما هو معروف عنهم، وهل يغيرون فيما هو جار ويأثرون في بناء عهد جديد يختلف عن سابقيه ويعد بما يطمح له كل ناخب مشارك او اي امريكي حريص على حياة افضل. ولاسيما في القضايا الاساسية منها التي تهمنا، كعرب ومسلمين، في منطقتنا خارج الولايات المتحدة، وتساعد الامريكيين داخل بلدهم على تنفيذ ما يخصهم منها ويدفعهم على مسار التطور العام والامن والامان والتقدم الإنساني، والأهم ما يعنينا في الوطن العربي وجواره، في قضايا الحروب والعدوان على الشعوب والدول، وقرارات الحصار والعقوبات الاقتصادية على الجمهورية العربية السورية وجمهورية اليمن والجمهورية الإسلامية في ايران، وشخصيات سياسية معروفة بمواقفها الوطنية والقومية التقدمية، المبدئية في كرامتها وكفاحها من اجلها، وكذلك التدخلات المباشرة في البلدان الثرية بمصادر الطاقة وغيرها من الموارد الطبيعية، فضلا عن التهديدات بالتدخل وصناعة النزاعات والازمات الداخلية في اغلب الاقطار في المنطقة العربية وجيرانها. وابرزها، علنا وسرا، المخططات والمشاريع الامبريالية المرسومة للمنطقة عموما، والقواعد الاستراتيجية الامريكية فيها وطبعا المصالح والعلاقات الإستراتيجية. اغلب الاسماء التي رشحها ترامب للمناصب الحساسة والرئيسية لا تبشر كثيرا بما يؤمل، بل اعطت انطباعات سلبية مسبقة عنها، من خلال تصريحاتها واقوالها وبعضها من خلال تاريخها، بانها نماذج يمينية متطرفة، اطلقت وسائل الاعلام عليها مصطلح صقور اليمين، وتتناقض مع الوعود والأفكار التي قدمها ترامب او انتظرها الامريكيون والشعوب الاخرى. كالمرشح لوزير الخارجية، السيناتور ماركو روبيو، ابن لمهاجرين كوبيين، يُنظر إليه باعتباره من صقور السياسة الخارجية، وخاصة تجاه إيران والصين، وتصريحه عن فلسطين وحماس، ومثله المرشح لوزارة الحرب، بيت هيغسيث، مقدم برنامج تلفزيوني في قناة امريكية معروفة التوجهات والمصادر، وخدم عسكريا في حربي العراق وأفغانستان، وحصل على نجمتين برونزيتين. ودفاعه عن الصهيونية الدينية وتطرفه فيها ونقوش الوشم المعبرة عنها. او المرشح كمستشار للامن القومي مايك والتز، عضو الكونغرس عن ولاية فلوريدا، وأول عضو في القوات الخاصة، يُنتخب لمجلس النواب، والمرشحة لتمثيل الولايات المتحدة الاميركية في الأمم المتحدة، إليز ستيفانيك، رابع أعلى عضو جمهوري في مجلس النواب، وكانت حليفة قوية لترامب. ورحب مؤيدو الرئيس المنتخب اليهود باختيار هذه النائبة عن شمال ولاية نيويورك. ويُنظر على نطاق واسع إلى استجواب ستيفانيك الصارم حول معاداة السامية في الحرم الجامعي، الذي أدى إلى إقالة رؤساء جامعة هارفارد وجامعة بنسلفانيا. كما أعلن ترامب تعيين المستثمر العقاري ورائد الأعمال ستيف ويتكوف مبعوثا خاصا للولايات المتحدة إلى "الشرق الأوسط". ويترأس ويتكوف شركة للاستثمار والعقارات أسسها عام 1997، تحمل اسمه، كما عمل في اللجنة التنفيذية للمجلس العقاري في نيويورك. وكذلك المرشح لمنصب سفير لدى الكيان الصهيوني مايك هاكابي، الذي أفصح، في مقابلة مع القناة السابعة التابعة لمستوطنين يهود، عن معارضته لحل الدولتين ولاستخدام مصطلحي الضفة الغربية والاحتلال، في إنكار صريح للشرعية الدولية بشأن القضية الفلسطينية. ومن هذا العدد، جون راتكليف، مرشح ترامب لمنصب مدير وكالة المخابرات المركزية. عضو سابق في الكونغرس من تكساس وكان مديرا للاستخبارات الوطنية في عهد ترامب السابق، ويُنظر له مثل غيره من الصقور فيما يتعلق بالعلاقات مع الصين، واتهامه الدولة الشيوعية بالتورط في "تغطية واسعة النطاق" لأصول كوفيد-19. وامثالهم من المرشحين الاخرين. واذا عدنا الى مقدمات سياسات ترامب في عهده السابق (2016- 2020) وما تركته من تداعيات، ومقارنتها بالوعود الانتخابية الجديدة، والافكار التي طرحها او التي كررها، في خطاباته الى العرب والمسلمين، في الولايات المتحدة الاميركية وخصوصا ما يتعلق بوقف الحروب إذا عاد إلى البيت الأبيض، الى تصريحات مرشحيه وخلفياتهم المتعارضة، تكون هذه المقدمات حاملة لتداعيات معاكسة وتطرح اجندات ليست مستمرة او مكملة وحسب بل نحو اجندات مناقضة وخطيرة، قد تسمى بالصفقات او التسويات التي تتوازى عمليا باقسى من الحروب والعدوان. لا سيما توجهات المرشحين للسلطة ومواقفهم من القضايا العربية والاسلامية. تساءلت وسائل اعلام ومنها افتتاحية مجلة الايكونوميست البريطانية بعنوانها "هل سيوقف دونالد ترامب "الحروب" في الشرق الأوسط؟". ورأت المجلة أن الجميع يتفق على أن ولاية ترامب الثانية ستحدث "تحولاً كبيراً" في السياسة الأمريكية تجاه المنطقة، دون الاتفاق على شكل هذه السياسة. وهو ما قد يثير تساؤلات اخرى لا تتوافق معها. فقد تعهد ترامب بتهدئة الوضع في المنطقة وايقاف الحروب، ومعلوم ان الادارة الامريكية هي التي تدير هذه الحروب الوحشية، وترتكب جرائم الإبادة والتهجير والتدمير، في غزة، وكل فلسطين المحتلة عموما، وفي لبنان، وسورية واليمن، وقد قدمت، كما افادت الايكونوميست، منذ أكتوبر/ تشرين الأول 2023، للكيان الإسرائيلي مساعدات عسكرية بقيمة 18 مليار دولار، وأضافت إلى أنه لا يمكن الجزم كيف سيدير ترامب حكومته هذه المرة، إذ إنه قد وعد "بإحلال السلام في لبنان"، لكن دون توضيح كيفية تحقيق ذلك. كما تطرح المطبوعة تساؤلات حول سيناريوات تعامل ترامب مع الملف اللبناني، والفلسطيني. ورأت الايكونوميست إن ترامب سيحاول، على الأرجح، العودة إلى سياسته التي أدت إلى انسحاب إدارته من الاتفاق النووي مع إيران، وتطبيق عقوبات أكبر على الجمهورية الإسلامية، وجريمة اغتيال القائد العسكري قاسم سليماني. وذكّرت بتبنى ترامب سياسات مؤيدة بشدة للكيان الإسرائيلي وحكومته اليمينية النازفاشية، داعما تسمين القاعدة الاستراتيجية والتحالف الصهيو غربي فيها، إذ أعلن، كما هو معروف، القدس الشريف عاصمة لها ونقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إليها، ودعم ضم هضبة الجولان المحتل الى الكيان. وفي نهاية سنة 2019 طرح ما يُعرف بـ"صفقة القرن " لإنهاء القضية الفلسطينية، ورغم رفضها من الفلسطينيين ودول عربية، لكنه تمكن من تحقيق جريمة توسيع الاعتراف العربي بالكيان الصهيوني على حساب القضية الفلسطينية وحقوق ألشعب الفلسطيني، ضاغطا على حكومات عربية من الخليج وافريقيا، من شرق الوطن العربي ووسطه ومغربه، تحت مسمى (إتفاقيات أبراهام)، وهو ما كتب عنه الكاتب الأميركي المخضرم توماس فريدمان، في مقاله بصحيفة نيويورك تايمز. ووصفه بأنه الرئيس الأميركي "الفذ" الذي صاغ خطة حقيقية مفصلة للتعايش السلمي بين الشعبين الفلسطيني و"الإسرائيلي"، حسب زعمه، فإذا تمكن ترامب، في ولايته الجديدة، من إعادة إحياء تلك المبادرة/ الخطة في عام 2025، فإن فريدمان يعتقد أن التاريخ سيذكره بأنه الرئيس الذي حافظ على "إسرائيل" كدولة ديمقراطية يهودية وساعد على ولادة دولة فلسطينية آمنة إلى جانبها. ولكن الكاتب يخشى في مقاله من ان يسير ترامب في مخطط سفيره المرشح للكيان ونتنياهو في تصعيد الحرب والعدوان وتوسيعه في المنطقة. بمثل هذه الصور الضبابية تبدو العلاقات الامريكية الخليجية خصوصا، وسياسات ترامب السابقة تلوح ايضا في نهب الثروات والابتزاز والتهديدات وممارسة فكرته التي كررها في حملته عن "بناء السلام بالقوة"، والذي قد يكون السيناريو الممتد الى العلاقات مع العراق وسورية واليمن ومصر والجزائر وقد تكون سياسة العصا والجزرة هي الاغلب في عهد ترامب الجديد، وربما زيادة التدخل في الشؤون الداخلية والضغوط الاقتصادية، مع التهديدات الامنية والعسكرية والدبلوماسية وتسمين القواعد العسكرية في المنطقة عامة. ان الوطن العربي وجواره امام مرحلة إختبارات شديدة التعقيد، تتطلب وعيا حادا بها وادراكا كافيا لدرء مخاطرها، والمبادرة في مواجهتها وليس انتظار السيناريوات المعدة لها، والتي لن تكون بالتاكيد في خدمة مصالحها. * نشر المقال في مجلة الهدف ، العدد 1539 تشرين الثاني/ نوفمبر بالتسلسل العام والخامس والستين في النسخة الرقمية.
#كاظم_الموسوي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
عن الإعلان العالمي لحقوق الإنسان
-
نافذة المعموري ومنفى الحمداني
-
نحو حركة تحرر وطني وقومي ثورية
-
طوفان الطلبة: من اشعاعات طوفان الأقصى عالميا
-
فاضل ثامر .. والميتا نقد
-
قراءة في كتاب -اللا بشر-
-
اشارات من الطوفان: اهمية الوعي السياسي والإنساني
-
طوفان الهدهد امتدادٌ آخر لطوفان الأقصى
-
تحيات إلى «الجنوب»
-
طوفان الطلبة.. مقدمات وتحولات
-
وداعا باقر ابراهيم…!
-
طوفان الغضب الشعبي في العالم من اجل غزة خصوصا وفلسطين عموما
-
النازشية الصهيونية لمواجهة -طوفان الأقصى-
-
مصداقية ممثلي الشعوب وطوفان الاقصى
-
«طوفان الأقصى» وطوفان الغضب الشعبي
-
حركةُ التحرّر الوطني العربيّة واتفاقيّة أوسلو الفلسطينيّة
-
صباحا ازور الحديقة
-
الولايات المتحدة واحتلال العراق: بعد عشرين عاما العنوان يتكر
...
-
عن احتجاجات الشوارع الاوروبية
-
المعموري والاسطورة في السرد العربي
المزيد.....
-
واشنطن: توجيه اتهامات لإيرانيين فيما يتعلق بمقتل 3 جنود أمري
...
-
مباشر: الجولاني يعد بحل الفصائل المسلحة وضم مقاتليها إلى الج
...
-
اليمن: الجيش الأمريكي يستهدف منشأة قيادة للحوثيين في صنعاء
-
8 شهداء في غارة إسرائيلية جديدة على مدينة غزة
-
-قسد-: جاهزون لإبقاء الطريق إلى ضريح سليمان شاه مفتوحا
-
نيبينزيا: روسيا لن تقبل أي تجميد للنزاع في أوكرانيا
-
سويسرا تشدد شروط تصدير الأسلحة لضمان عدم توريدها إلى أوكراني
...
-
إيران تنفي انخفاض صادراتها من النفط الخام
-
السوداني يدعو الدول الأوروبية للعب دور إيجابي لمساعدة السوري
...
-
وزير الخارجية السويسري يؤكد التحضير لمؤتمر ثان حول أوكرانيا
...
المزيد.....
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
المزيد.....
|