أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - راتب شعبو - الموالون وتلاشي نظام الأسد














المزيد.....

الموالون وتلاشي نظام الأسد


راتب شعبو

الحوار المتمدن-العدد: 8192 - 2024 / 12 / 15 - 10:03
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


كان الفصل الأخير من قصة سقوط نظام الأسد سريعاً، وبقدر من الدماء يكاد لا يذكر في المقياس الرهيب الذي شهدته سوريا في عقدها الأخير، إلى الحد الذي يسمح بالقول إن نهاية القصة كانت، كما البداية، سلمية. وكان التحول خاطفاً إلى الحد الذي بدا أن التعبير الأنسب هو تلاشي النظام وليس سقوطه، فالظاهر أنه تلاشى دون أن يبقى منه شيئاً، اختفت حتى الأصوات التي لم تكف حتى الأمس القريب عن تمجيده والدفاع عنه. وأهم ما في الأمر أننا تجاوزنا، على عكس التوقعات، ما كنا نسميه "صدمة الساحل"، أي أن يشهد الساحل صراعاً دموياً قبل أن تحسم السيطرة فيه، أو أن يشهد الساحل مجازر انتقامية بعد حسم السيطرة. كان انتقال السيطرة سلمياً، وهذا لا يحقن الدماء فقط، بل أيضاً يسهل البدء ببناء جديد. وقد كان استسلام دمشق وفرار رأس النظام، عاملاً مؤثراً في استكانة الساحل الذي رضي شعبياً بالأمر الواقع الجديد، وبصورة تامة، حتى قبل وصول القوات المنتصرة إليه، إضافة إلى تأثير العامل الأهم وهو ما أظهرته هذه القوات من تعامل جيد غلبت عليه الوطنية، مع الأهالي من كل الأطياف.
لا يعود تجاوز صدمة الساحل فقط إلى العوامل السابقة، بل ساهم فيه أيضاً غياب أي رد فعل من قبل أهالي الساحل، على ممارسات غير منضبطة وصلت في بعض الحالات إلى القتل من قبل أفراد محسوبين على السلطة الجديدة.
لا يحسُن فهم غياب رد فعل من أهالي الساحل، على أنه دلالة ضعف، حتى وإن كان يتوفر على كل عناصر الضعف، بل ينبغي فهمه على أنه خيبة كاملة من نمط سياسي فاسد نجح في إيهام عموم العلويين بالسيطرة وقادهم، مع كامل المجتمع السوري، إلى كل هذا الخراب. انعدام أي مقاومة في وجه القوات التي طالما تصورها أهل الساحل على أنها "العدو"، يعني أن وهمهم رق كثيراً مع مرور سنوات الجحيم السابقة وتبخر، وباتت المساواة تطلعاً بالنسبة لهم، بعد أن أكملت صلابة الواقع دورها في ردهم عن وهم السيطرة الفئوية القاتل. بعد الآن، ينبغي أن يكون التطلع إلى السيطرة الفئوية منبوذاً من كافة فئات الشعب السوري، لصالح التطلع العادل الوحيد الذي هو المساواة في المواطنة.
بعد 2011، ولاسيما بعد تحول الثورة إلى حرب داخلية مخترقة دولياً، بات حال الموالين كحال "بالع الموس على الحدين"، من جهة أولى، باتوا يعانون من الفقر إلى حدود الجوع، ويُزجون، باسم الدولة، في معركة لا نهاية لها ولا أفق، قتلت وأقعدت مئات الآلاف منهم. ومن جهة أخرى، يخشون تغيير النظام القائم، يقيناً منهم أن ما ينتظرهم بعده، أسوأ مما يعانون في ظله. وليس خافياً أنهم عملوا أقصى ما يستطيعون لتفادي ما كان يبدو لهم مصيراً سيئاً. واليوم يصح القول إن سقوط نظام الأسد لم يحرر معارضيه فقط بل حرر مواليه أيضاً. تحرر الموالون من وهم مزدوج، وهم أن نظام الأسد يشكل حماية، ووهم أن الآخرين يريدون بهم شراً. وربما لم يكن من الممكن التحرر من هذا الوهم إلا بالاختبار المباشر الذي عاشوه.
الهدوء الذي تلا السقوط المفاجئ لنظام الأسد، هو، في جانب منه، تعبير عن ذهول. إنه وقت للمراقبة الحذرة من جميع الأطراف، وهو ما يلقي مسؤولية كبيرة على القوات المسيطرة التي سيحدد سلوكها شكل تفاعل مختلف فئات الناس معها. وما يعني أن تجاوز الخطر يحتاج إلى جهود مشتركة من الجميع، وبصورة خاصة من القوى المدنية التي عليها أن تثبت حضورها بكل أشكال المراقبة والنقد والتوثيق ودعم المسارات القانونية للعدالة الانتقالية.
واكب الدخول السريع للقوات المنتصرة، تحول سريع في الولاء. والحال أن هذه الظاهرة، في اتساعها، تشكل دليلاً على ثلاثة أمور، الأول هو ضعف ثقة الناس بعدالة ونزاهة سلطة القوى الجديدة، وأخذها سلفاً، دون اختبار، على أنها لا تختلف بشيء عن السلطة البائدة التي كانوا يتفادون شرها بإظهار الولاء التام. والثاني هو غياب أي رصيد محترم للسلطة السابقة في عقول الناس، ذلك أنها أنهكت المجتمع كله وأوصلت البلاد إلى الحضيض على جميع المستويات، بما يدفع الجميع للتبرؤ منها. والثالث هو أن الولاء السابق كان في جزء كبير منه، شبيه بالولاء المستجد، إنه ولاء لسلطة، أي ولاء لصاحب الأمر في بلد اعتاد الناس فيه على أن السلطة تحتل المجتمع وتشغل فيه كامل المجال العام، فلا ينجيك من سوء المصير سوى الولاء التام.
قد يصح القول إن تسليم جمهور الموالين بتبدل السيطرة، هو نوع من الاستسلام، غير أن هذا القول ضعيف الحساسية. هذا التسليم هو بالأحرى إقرار بفشل وتفسخ التركيبة السياسية البائدة، وإعلان صريح لخيبة متراكمة، رغم خطاب "النصر" الذي طالما بشر به النظام البائد، على هذا يمكن النظر إلى تسليم الموالين على أنه تعلق بأمل. من هنا تأتي المفارقة أو حساسية اللحظة السياسية بالنسبة للموالين، إنهم يبحثون عن الأمل في سيطرة من أخذوه طويلاً على أنه عدو، لذلك تجد أن فرحهم بطاقة الأمل، يقيده قلق غامض تغذيه التصورات التي يحملونها عن القوى المنتصرة.
الأمل هو أن يكون فرح السوريين ثابتاً هذه المرة. والحال انه لم يفرح السوريون في تاريخهم لشيء إلا وانقلب فرحهم غماً بعد حين غير طويل. كان من ذلك مثلاً فرح السوريين بالاستقلال ثم فرحهم بالوحدة مع مصر، وكذلك بانقلاب حافظ الأسد 1970، وكان منه أيضاً تأمل الخير في أول خطاب قسم، في صيف العام 2000، للوريث الفار، ثم خيبتهم المريرة في كل مرة. لا تدوم فرحة الناس ما لم يصونوا فرحهم بأيديهم. لا يدوم فرح شعب يستريح عن حماية فرحه، ويوكل أمره لنخبة ما، كائنة من تكون.



#راتب_شعبو (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عن سورية والتطورات الأخيرة
- نزوع الضحية إلى السيطرة
- انتصارات إسرائيل الخاسرة
- عن اللوثة الطائفية في سوريا
- التكيّف مع الاحتلال
- تحول حزب الله من المقاومة إلى الردع
- نحن والاحتجاجات في إسرائيل
- عن انقسام عقيم يلازم السوريين
- أفكار في النقاش السوري العام
- سأبقى أذكر ذلك المساء المختلف في السجن
- غزة، التنافر بين الحق وتمثيله
- دروس قاسية تنتظر الفرنسيين
- القضاء الدولي، مقايضة شعوب بأفراد
- لا تقاطع مخبراً في السجن
- عن التوثيق ومنصة الذاكرة السورية
- الحرب على غزة تتحول حرباً على الديموقراطية
- جديد وثيقة المناطق الثلاث في سوريا
- الأبواب الحديدية
- الثقافة بوصفها خديعة
- في معنى استمرار الثورة السورية


المزيد.....




- رئيسة الاتحاد الأوروبي تحذر ترامب من فرض رسوم جمركية على أور ...
- وسط توترات سياسية... الدانمارك تشتري مئات الصواريخ الفرنسية ...
- لافروف: سلمنا واشنطن قائمة بخروق كييف
- الجيش الإسرائيلي يواصل انتهاك اتفاق الهدنة مع لبنان
- ترامب يبحث مع السيسي -الحلول الممكنة- في غزة ويشيد بـ-التقدم ...
- بعد قرارها بحق لوبان... القاضية الفرنسية تحت حراسة مشددة إثر ...
- زلزال ميانمار المدمر: تضاؤل الآمال في العثور على مزيد من الن ...
- ماذا وراء التهدئة الدبلوماسية بين باريس والجزائر؟
- -حماس- تدين مقتل أحد عناصر الشرطة في دير البلح وتشدد على أهم ...
- زيلينسكي يؤكد استلام أوكرانيا 6 أنظمة دفاع جوي من ليتوانيا


المزيد.....

- أمريكا وأوروبا: ملامح علاقات جديدة في عالم متحوّل (النص الكا ... / جيلاني الهمامي
- قراءة جديدة للتاريخ المبكر للاسلام / شريف عبد الرزاق
- الفاشية الجديدة وصعود اليمين المتطرف / هاشم نعمة
- كتاب: هل الربيع العربي ثورة؟ / محمد علي مقلد
- أحزاب اللّه - بحث في إيديولوجيات الأحزاب الشمولية / محمد علي مقلد
- النص الكامل لمقابلة سيرغي لافروف مع ثلاثة مدونين أمريكان / زياد الزبيدي
- العولمة المتوحشة / فلاح أمين الرهيمي
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- الخروج للنهار (كتاب الموتى) / شريف الصيفي
- قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا ... / صلاح محمد عبد العاطي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - راتب شعبو - الموالون وتلاشي نظام الأسد