أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد إنفي - كيف ستتعامل الجزائر الشمالية مع الجزائر الجنوبية في ضوء الوضع الجيوسياسي الحالي؟















المزيد.....


كيف ستتعامل الجزائر الشمالية مع الجزائر الجنوبية في ضوء الوضع الجيوسياسي الحالي؟


محمد إنفي

الحوار المتمدن-العدد: 8192 - 2024 / 12 / 15 - 04:47
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


عرفت قضية الوحدة الترابية المغربية في عهد جلالة الملك محمد السادس تطورات هامة جدا، إن على المستوى الميداني أو على المستوى الديبلوماسي والقانوني. فميدانيا، وبعد أن تمكن المغرب من حشر ميليشيات البوليساريو ومن يقف من ورائهم في زاوية مغلقة، انبرى إلى البناء والتشييد اعتمادا على مشروع تنموي خاص بالأقاليم الجنوبية، دشنه عاهل البلاد سنة 2016. وهكذا أصبحت هذه الأقاليم تضاهي أقاليم الشمال (بل وتفوق بعضها) في التنمية والتطور العمراني بشهادة البعثات المختلفة التي تزورها. أما على المستوى الديبلوماسي والقانوني، فإلى جانب تبني مجلس الأمن الدولي لمقترح الحكم الذاتي الذي قدمه المغرب سنة 2006، فإن الاعترافات بمغربية الصحراء قد توالت من مختلف القارات، ومنها التي تُرجمت بفتح قنصليات في مدينتي العيون والداخلة؛ وتوالى أيضا سحب الاعتراف بجمهورية تندوف الوهمية التي لم يعد يعترف بها إلا بعض من الدول عديمة الوزن على الساحة الدولية.
وهذا ما دفعنا إلى طرح السؤال في العنوان أعلاه، خصوصا وأن الجزائر الجنوبية قد أصبحت واقعا ملموسا، تاريخيا وجغرافيا؛ ونقصد، هنا، الوجود الفعلي للجمهورية التي يرأسها إبراهيم غالي (بنبطوش) في تندوف؛ أما الجزائر الشمالية، فهي الجمهورية التي يرأسها الطرطور عبد المجيد تبون ويحكمها العسكري العجوز سعيد شنقريحة. وطرحنا للسؤال أعلاه، تبرره النجاحات التي حققها المغرب ميدانيا وديبلوماسيا. بالنسبة للجمهورية الجنوبية، فلم يعد أمام ميلشياتها سوى إصدار البلاغات العسكرية الوهمية بعد أن وضعت القوات المسلحة الملكية حدا لتحركاتها؛ مما جعل دور هذه الميليشيات محدودا في حراسة المخيمات بمعية الجيش الجزائري، حتى لا يفر محتجزو تندوف من مخيمات الذل والعار.
واهتمامنا بهذا الموضوع مرده إلى ارتباطه بالعلاقات بين الجزائر والمغرب باعتبارهما بلدين جارين. ونظرا لما شهدته هذه العلاقات من تطورات عبر العقود الماضية، وما آلت إليه الأوضاع في الجزائر الشمالية والجزائر الجنوبية معا، فإنه من السهل على ذوي العقول السليمة أن يدركوا بأن ألله سبحانه وتعالى يمهل ولا يهمل. وهكذا، نرى في موضوع اختلاق خرافة الجمهورية الصحراوية تأكيدا للحكمة القائلة: "من حفر حفرة لأخيه وقع فيها"، طال الزمن أم قصر. ونرى، أيضا، في مآل هذه الخرافة تجسيدا وتحقيقا لمعنى الآية الكريمة "ولا يحيق المكر السيء إلا بأهله" (صدق الله العظيم).
لقد بنى النظام العسكري الجزائري، منذ نشأته سنة 1962، عقيدته السياسية على العداء للمغرب. وهكذا، عمل على افتعال الأزمات مع العدو المفترض (المغرب) في محطات عدة. فبعدما حصلت الجزائر على استقلالها (وهو، في الواقع، مجرد حكم ذاتي)، لجأت سنة 1963إلى افتعال أزمة مع المغرب، تسببت في حرب عُرفت في التاريخ بحرب الرمال. وقد كان هدف النظام الجزائري من وراء هذه الأزمة، هو إخماد تمرد اندلع في القبايل وفي مناطق أخرى تعبيرا عن عدم الرضا بمآل المفاوضات مع المستعمر (ونتحدى النظام الجزائري أن ينشر اتفاق "إبيان" Evian بكل بنوده).
ويحاول النظام العسكري الجزائري وأنصاره أن يلصقوا تهمة إشعال هذه الحرب بالمغرب؛ لكن الرئيس الجزائري الأسبق، السيد أحمد بنبلة، اعترف بالحقيقة (أي بافتعال الحرب من طرف الجزائر) في برنامج "شاهد على العصر" الذي تنتجه وتبثه قناة الجزيرة القطرية. وهذا الاعتراف من رجل المرحلة يبطل كل الأكاذيب وكل الافتراءات، خصوصا وأن صيحته "حكرونا إخواني حكرونا" المراركة لا زالت ترن بقوة في أذهاننا، نحن أبناء المغرب من مواليد الأربعينيات والخمسينيات من القرن الماضي.
قي سبعينيات القرن الماضي، عرف العداء الجزائري للمغرب ذروته، حيث فكر "الكابران" محمد "بوخروبة" (الذي سرق اسم الهواري بومدين الحقيقي ونسبه إلى نفسه)، أن يضع حجرة في حذاء المغرب لعرقة مسيره وتحجيم قوته. ولم تكن هذه الحجرة سوى حركة البوليساريو الانفصالية التي أنشأ لها دولة وهمية تحمل اسم الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية على وزن الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية. وقد دعمه في هذه الخطوة كل من العقيد القذافي والاتحاد السوفياتي وباقي دول المعسكر الشرقي واليسار الشيوعي في العالم.
ولما استرجع المغرب صحراءه من المستعمر الإسباني بواسطة مسيرة سلمية عرفت في التاريخ بالمسيرة الخضراء، أتى رد فعل النظام الجزائري من خلال تنظيم مسيرة انتقامية عرفت في التاريخ بالمسيرة الكحلة. لقد لجأ المقبور بوخروبة إلى طرد خمس وأربعين ألف أسرة؛ أي 350000 مغربي ومغربية من الجزائر في صبيحة يوم عيد الأضحى، بعد أن جردهم من أموالهم وممتلكاتهم ومزق أسرهم ويتم أطفالهم (حيث طرد كل مغربي متزوج بجزائرية وكل مغربية متزوجة بجزائري)، وألقى بهم إلى الحدود في ظروف لا إنسانية في شهر دجنبر من سنة 1975، والمسيرة الخضراء كانت في الشهر الذي قبله (أي شهر نونبر). وقد تعمد المجرم المدعو الهواري بومدين أن يطرد عددا يساوي عدد متطوعي المسيرة الخضراء، تعبيرا منه عن غله وحقده على المغرب. وسيبقى هذا العمل الشنيع وصمة عار في تاريخ الجزائر وفي جبين نظامها الجبان، الحقود والحسود.
وسعيا وراء تحقيق انتصار ميداني على جاره الغربي، يُنسي الجزائريين في صرخة سلفه أحمد بنبلة "حكرونا إخواني حكرونا" بعد الهزيمة الساحقة للجنود الجزائريين في حرب الرمال سنة 1963، فكر الهواري بومدين في اجتياح الصحراء بدخولها من ثلاث نقط لمباغتة كتيبات القوات المسلحة الملكية المرابطة هناك، فكانت المعركة المعروفة بـ"أمكالة" 1(وقعت بين 27 و29 يناير 1976)، والتي فر منها قائد قوات المشاة أحمد قايد صالح تاركا إياها بدون دعم، كما أكد ذلك وزير الدفاع الجزائري الأسبق، خالد نزار. وقد فقد الجيش الجزائري في هذه المعركة أكثر من مائتي جندي (هناك كتابات تتحدث عن أزيد من ثلاث مائة جندي) وعدد كبير من الأسرى، وكان من بينهم الملازم سعيد شنقريحة. أما المغرب ففقد 14 جنديا ووقع بضعة جنود في الأسر من طرف عصابات البوليساريو.
ودون الاستمرار في سرد الأحداث المتعلقة بالعلاقات الجزائرية المغربية، نشير إلى أن النظام الجزائري البئيس قد سخَّر أموال البترول والغاز للنيل من الوحدة الترابية المغربية، تاركا المصالح العليا للجزائر، وفي مقدمتها مصلحة الشعب الجزائري، عرضة للإهمال. وهكذا، نشطت ديبلوماسية الشيكات والهبات لشراء الاعترافات بجمهورية تندوف. وللجزائريين أن يقدروا حجم الأموال التي تم تبديدها وتبذيرها لمدة خمسة عقود من أجل قضية لا تعني الشعب الجزائري في شيء؛ خصوصا وقد أصبحت الجزائر، اليوم، على حافة الانهيار اقتصاديا واجتماعيا وسياسيا وثقافيا وإعلاميا ورياضيا. أما على المستوى الديبلوماسي، فقد أصبحت تعاني من عزلة قاتلة، خاصة بعد أن اخترق المغرب، ديبلوماسيا أقصد، بعض المعاقل التي كانت سندا للأطروحة الجزائرية.
خلاصة القول، الجزائر الشمالية في ورطة حقيقية مع الجزائر الجنوبية. فأبناء هذه الأخيرة الذين وُلدوا في تندوف، منهم من هم، الآن، في حكم الكهول ومن هم في سن الشباب ومن هم في سن المراهقة وسن الطفولة؛ وكلهم لا يعرفون لهم موطنا يأويهم غير تندوف ولا دولة غير الجزائر الجنوبية؛ مما يعني أن هذه الأخيرة قد أصبحت أمرا واقعا، كما أشرنا إلى ذلك سلفا. فكيف سيتعامل النظام الجزائري مع هذا الواقع، خصوصا بعد أن تمكن المغرب، قانونيا وديبلوماسيا وسياسيا واقتصاديا وعسكريا، من حشر الجزائريتين في ركن يضيق يوما بعد يوم؟
مكناس في 15 دجنبر 2024



#محمد_إنفي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- إعلام الوضاعة والقذارة والحقارة
- الاعتراف الفرنسي بمغربية الصحراء له طعم خاص ودلالة قوية
- مغاربة إيران عملاء وخونة أم ضحايا الخطاب التضليلي للنظام الإ ...
- حين يسقط التحليل في آفة التعميم
- إيران محور مقاومة أم محور مساومة؟؟؟
- استمراء العيش في الأوهام
- أين يتجلى دور محور المقاومة فيما يجري في غزة وفي لبنان؟
- رسالة إلى الإخوة التونسيين: احذروا عدوى الغباء الجزائري
- قراءة في عنوان مقالة دعائية لوكالة الأنباء الجزائرية
- هنيئا لنشطاء التواصل الاجتماعي المغاربة بالولاية الثانية لعب ...
- المغرب ليس مسؤولا عن أزمة الرجال في الجزائر
- ئمتلازمة (syndrome) -المروك- حوَّلت الجزائر إلى مارستان مفتو ...
- صدق أو لا تصدق: إيران تمثل محور المقاومة...!!! ؟؟؟
- هنيئا لدولة لا وزن لا هبة لا مواقف بجمهورية الجزائر الجنوبية
- أفريقيا والرؤية الملكية الجيو-استراتيجية
- حكومة التغول وبدعة حوارات المواطنة: صيغة منقحة في الإفساد وا ...
- التغول السياسي إفساد متعمد للمؤسسات التمثيلية
- هل هي عدوى الغباء الجزائري، أيها السفير، أم أن للأمر علاقة م ...
- عن إجرام النظام العسكري في حق الشعب الجزائري
- الجزائر، طال الزمن أم قصر، ستعود إلى حجمها الطبيعي


المزيد.....




- مصدر يكشف لـCNN عن لقاء لترامب مع الرئيس التنفيذي لتيك توك
- 25 نائبا بريطانيا يطالبون بوقف تزويد إسرائيل بالسلاح
- واشنطن: توجيه اتهامات لإيرانيين فيما يتعلق بمقتل 3 جنود أمري ...
- مباشر: الجولاني يعد بحل الفصائل المسلحة وضم مقاتليها إلى الج ...
- اليمن: الجيش الأمريكي يستهدف منشأة قيادة للحوثيين في صنعاء
- 8 شهداء في غارة إسرائيلية جديدة على مدينة غزة
- -قسد-: جاهزون لإبقاء الطريق إلى ضريح سليمان شاه مفتوحا
- نيبينزيا: روسيا لن تقبل أي تجميد للنزاع في أوكرانيا
- سويسرا تشدد شروط تصدير الأسلحة لضمان عدم توريدها إلى أوكراني ...
- إيران تنفي انخفاض صادراتها من النفط الخام


المزيد.....

- لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي / غسان مكارم
- إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي- ... / محمد حسن خليل
- المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024 / غازي الصوراني
- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد إنفي - كيف ستتعامل الجزائر الشمالية مع الجزائر الجنوبية في ضوء الوضع الجيوسياسي الحالي؟