|
تكتب بجسدها نظرية فى الأدب النسوى.-العبد الأسود من شهر زاد.. لليلى عثمان-بتصرف عن كتاب(المسكوت عنه- اشرف مصطفى توفيق) 3 من 5
أشرف توفيق
الحوار المتمدن-العدد: 8192 - 2024 / 12 / 15 - 00:13
المحور:
الادب والفن
( إن (المثلية) ،أو الابتعاد الأختيارى، أو الغياب فى متاهات الحكم اللانهائية التي عاشها(شهريار) بعيداً عن الزوجة الملكة (الواجهة الرسمية، أو قل القناع الاجتماعي الذي لابدّ منه للملك) كانت سبباً من أسباب خيانة زوجته له، وكأنها أحسّت أو اقتنعت بأن تلبية رغباتها الجسدية ليست من خاصية الملك، أو أنها فعل ليس من أفعاله تجاهها. لا بل إن الزوجة (الملكة) لم يدر بخلدها أن فعلها (معاشرة العبد الأسود) فعل خيانة.أقول ذلك لأنه من البدهي جداً أن الزوجة مارست هذا الفعل طوال زمن قدره عشرون سنة،وماالسرية التي لفّت فعل المعاشرة سوى سرية اجتماعية غايتها إبقاء السرّ داخل مجتمع القصر وحده.) فاطمة المرنيسى- شهرزاد ترحل للغرب
تصور الرواية واقع المجتمعات العربية فتبدأ القصة بتصوير واقع الأثرياء العرب وحياة القصر التي تجعل القارئ يظن أنه يقرأ في كتاب ألف ليلة وليلة،حيث والجواري والعبيد.هذا الثري الذي يستطيع بماله أن يمتلك ما شاء حتى البشر، فيحلل ماحرم الله ويحرم ما قد حلل وفق أهوائه دون رقيب أوحسيب.ولعل الكاتبة توظف رموزاًمن قصة ألف ليلة وليلة وتجري معها حوارا "تناصيا"،فإذا كان صمت نادية يهبها الحياة،فإن صمت شهرزاد كان يؤذن بهلاكها.فيما تتشابه الروايتان فى هيام الزوجات الحرائر بالعبيد.!! للصمت في الرواية حضور واضح يضجُّ فضاؤها به،يتلون ويتشكل بألوان شتى تدركها البطلة نادية وتتعايش معها،ترضاها حيناً وتأنفها أحيانا وتتحدث عنها حديثاً مباشراً،فتارة هو صمت فرض عليها وتارة هو صمت تفرضه على نفسها(ص12)،وتارة ثالثة هو صمت مريب أشبه بالمطر يهطل من السقف لكنه مثل رماد المواقد (ص16) وقد يكون له لون شكل صوت عافية ولذة،فإذا عافته كان زائفاً ملّته حتى كادت تسمع زفيره (ص121) والصمت كما تبينه الكاتبة طبع يفرضه المجتمع على المرأة ويطالبها أن تتحلى به في مراحل عمرها المختلفة :الأم تضغط بسبابتها على شفتيها وتقول:"اصمتي واسمعي".تقول الساردة (أبي له طريقته الخاصة في إصدارالأمر بالصمت مجرد أن يلمح إشارة الاعتراض على وجهي يصفق بكفيه،فأفهم أن عليّ ابتلاع الكلام وصوتي) وتقول (لم يكن أخي ارحم فحين كنت أراه يختلف مع زوجته أحاول بسبب حبي لهما أن أرش بعض كلمات لطيفة لتهدئة غضبهما فيصرخ في وجهي اصمتي ولا تتدخلي) تقول:حتى المعلمة التي يفترض أنها المربية الفاضلة ضاقت بجدالي المتكرر،عاقبتني بطرق شتى فتعلمت الصمت في حضرتها كرهت صمتي لكنني واصلته كأن الكاتبة بهذه المقدمة تمهد للقارئ وتهيئه لما هو مقبل في الرواية.ها هي في بداية الرواية تطلعنا على صمت يوصيها الطبيب أن تلزمه مدة أسبوعين إثر عملية يجريها لها في أحبالها الصوتية،وما عليها إلا أن تتقبل الأمرحفاظاً على سلامة صوتها.لنعلم فيما بعد أن فقدان الصوت جاء ليجسد عجز نادية في مواجهة الواقع وتغييرملامحه،هذا الصمت الذي أودى بحياة عائشة تلميذتها المحببة إليها،والتي اغتصبت من قبل أخيها أحد محارمها لم تقدر نادية على مساندتها في محنتها بسبب صمتها المفروض عليها وحتى بعد علمها بانتحار عائشة وعودة صوتها إليها فإنها لم تحرك ساكناً وتواجه ذلك الأخ الغاشم الذي استباح حرمة أخته،بل وقفت عاجزة حيال هذه الحادثة تعاني تأنيب الضمير ..صمتت ؟! تتخذ (نادية) من حادثة مرضها واقتراح طبيبها إجراء العملية والصمت دون كلام حتى شفائها،مناسبة لاسترجاع صمتها الآخر الطويل الذي لازم حياتها لذا عمدت إلى هذه (الحيلة) السردية وهي اختفاء الصوت بالمرض لتكون مدخلاً للرواية، يسمح - كتقنية فنية – للاسترجاع. عنوان العمل"صمت الفراشات" الكاتبة تحاول به التمهيد بالكشف عن الصمت المنسوب إلى النساء المُعبَّرعنهنّ بالفراشات والمحفوف بعوامل الخوف والسيطرةالذكورية وفراشات ليلى العثمان هن النسوة،حين يصمتن ويرضين بماقدرالمجتمع لهن،لكن (نادية) بالرواية تروي ولا تصمت تروي لتواصل مهنة شهرزاد علها تتحرر من العبودية وظلم المجتمع،كماحررت شهرزاد رقاب النسوة من سيف شهريار،حين أنسته بقصّصها بعد خيانة زوجته مع العبد الأسود.وكما أسرت شهرزاد شهريار بحكاياتها فعلتها (ليلى العثمان) بنساء الفراشات،ولم يتحمل المتطرفون الدينيون بالكويت ما تكتبه وتعرضه لتقف أمام المحكمة بتهمة كتابة أدب يتضمن «عبارات تخدش الحياء العام» ووصفوا أدبها بالأدب المكشوف،وعاشت سنتين فى خوف بين جلسات النيابة والمحاكمة، بعد أن اوقفوا النشر للرواية مسلسلة بالملحق الأدبى بالأنباءالكويتية،ووقف ضدها ابنها؟! تقول:" ابني عندما تديّن وتشدد و«تطرّف شوية» كان يؤذيني،حتى في لحظة محاكمتي،أيضًا.وكتبتُ كل ما حدث بشكل موسع فى سيرتى الذاتية وكتاب المحاكمة،وعندما قرأت ابنتي الكبرى الكتاب،وهو مسودة طلبت منّي ودموعها تهطل على خديها: «أرجوك يا أمي، احذفي بعض ما كتبته عن أخي» وهنا ضعفت،وألغيت جزءًا كبيرًا من الحوارات المؤلمة التي كانت تدور بيني وبين ابني. ألغيتها من الكتاب، وأبقيت على ما يدل ويوضح موقف ابني مني،لأني أعتبره موقف الجماعات المتشددة" ولكنها استمرت تكتب روايتها فى خفاء برغم صدور الأتهام لها بالفسق والفجور.مقررة أنها ستنتصر على الظلام وعلى الحكم ولو بالموت بالسرد والكلام المتصل المتناسل من نفسه والمتسلسل قصة عن قصة فيكون كلامها معادلاً لحياتها بينما يعني صمتها موتها.وتصدر الرواية بعد كتابتها بسنوات بعيدا عن الكويت من دار الآداب بلبنان 2007 وتدور الأحداث بالرواية حول نادية التي تنتمي إلى أب كويتي وأم حلبية سورية وقد وافق أبيها على أن يزوج ابنته نادية من رجل كويتي متزوج ولديه أبناء "زوجة ثالثة" بالإضافة إلى الفرق الكبير في السن ،فهو في الستين من العمرونادية ابنة سبعة عشر عامًا ولم تمانع والدة نادية من زواج ابنتها من ذلك العجوز،فهى ترى أنه بموته سترثه إبنتها بما أنه رجل غني ولديه قصر كبير،تقول بالنص (عصفت بي الدهشة حاضري، كانت كمن ترقص على أحلام مجهولة فقصفت ظهر حلمي) لتنتقل نادية بعد الزواج للعيش في قصر زوجها العجوز.ومنذ الليلة الأولى تبدأ رحلة صمتها الصمت على كل ما تراه عينها وما تعانيه،فلا يجوز أن تتسرب أسرار القصر إلى الخارج هذه الجملة الأولى التي يوجهها "نايف" الزوج العجوز، إلى عروسه البكر ليلة زفافها. (بداخلي نار وودت لو تركض ألسنتها إلى أبي وأمي اللذين قدّماني لقمة لجيفة لاحائل دون نزواتها ،ظلَّ يحدّق بوجهي القمريّ بعينين منطفئتين لاتسعفانه على اكتشاف بضاعته وتقييمها تصوّرته سينحني ليقبّل جبيني كما يفعل العريس في الأفلام،ثم يسري بشفتيه على بستان وجهي الناعم ويذهب بعد ذلك حيث تسوقه شهوة الليلة الأولى. لكنّه لم يحرّك سوى إبهامه.دعك به شفتيّ دعكاً غليظاً ظننته يسعى لمسح أحمر الشفاه عنها راغباً في اكتشاف لونهما الأصليّ. لكن صوته قطع كل توقّع: ها الشفايف الحلوة لو نطقت بشيء سأقطعها!) وعلى الرغم من أن جملته هذه كانت لغزاً مبهماً لم تستطع فكه،إلا أنها سرعان ما أدركت هول وبشاعة الأسرار التي يصر زوجها على كتمانها هذا العجوز الذي يدرك حدود قدراته الجنسية وانطفاء جذوته،يأتي بعبده المطيع (عطية) ،آمراً إياه أن يطأ زوجته ويفض بكارتها على مرأى منه بل وبمساعدته،لتسهيل مضاجعتها له بعده.أنه يستدعى عبد شهريال الأسود من اضابير ألف ليلة وليلة ليعيد العقد للرجال والنساء (..غلبني فضولي رغم خوفي دفعني لأرفع بعض رأسي وأرى من المأمور الذي سيدخل علينا ليلة يُفترض أنها تخصّني وتخصّه،فوجئت بعبدٍ بحجم مارد يقتحم الغرفة يقترب من السرير ويبدأ يخلع ملابسه!! لم تسعفني برائتي لأستنتج إجابة لما يحدث. فزعي تنامى حين رأيت العبد أمامي عارياً تماماً يلتمع جسده بالعرق.لم أكن قد رأيت جسد رجل من قبل..اقترب العبد فصرخت كشف عنّي الغطاء الحريريّ.بدأ يعرّيني،عافرتُ بساقيَّ لأمنعه لكنّه، ولشدّة قوته، استطاع أن يوهن كل جسدي حتى سيطرعليه وباغتني بسيخ النار الملتهب، اخترقني حتى الحنجرة التي أفرزت سائلاً يصطخب مذاقه بكل الطعوم المرّة.) بهذه الحادثة تُصمت نادية مرغمة مصعوقة فالحقيقة أجل وأعظم من قدرتها على الاستيعاب (..كنت أتوهّم أنّني سأخلد لتلك الغفوة،وما خطر ببالي أنّني سأكون وجبة ثانية لعجوزي الذي انتظر حتى تُفتح له أبواب القلعة المحصّنة. اقترب وقد تعرّى كما فعل العبد،رأيت جسداً بشعاً، بدا جلده المترهّل على عظامه،التي نخرتها السنوات،وكأنّنه قماش قديم مبتلّ. رفعت جذعي لأفرَّ من السرير لكنّه لشدّة وهني استطاع أن يحاصرني،انكبَّ على جسدي.واجهتني قتامة وجهه، وهرولت نظراته الجامحة إلى عينيّ،ومثل نمر جائع أخذ يتخبّط بافتراس وليمته ولَعْقِ دمها. أطبقت جفننيّ كي لا أراه.زممْت شفتيّ كي لا ينزَّ إليهما صديد فمه وكل أوراقي الناعمة المُؤتلقة بعطرها تنكمش على بعضها كي لا تتشرّب رائحته.) القصر الواسع يتحول إلى سجن سلبها حريتها ليس لها أن تغادره وزيادة في التأكد من صمتها، لم يسمح زوجها نايف لوالديها بزيارتها إلا مرة واحدة في الشهر كانت تتم بحضوره.أما هي ولفرط ما كانت تلاقيه من وحدة وقهر،فقد حاولت أن تستدر عطفه وتتوسل إليه في السماح لها بزيارة أهلها، فلما ضاق ذرعا بتوسلاتها نادى عبده المطيع عطية الذي شرع في جلدها وسحق آدميتها حتى سال دمها فتركها كتلة باردة صامتة ( قذفني بوحشيّة إلى الأرض وبدأ ينفّذ أمر سيّده اللعين، يؤرجح السوط على جسدي وكأنّ بيني وبينه ثأرًا بائتًا.كان في كل جلدة يسحق آدميّتي ويزهق روحي. ظلّ يجلد حتى شعرت وكأنّه وصل إلى ذاكرتي وقشر كل بطانتها فلم أعد أتذكّر من أنا، ولماذا أنا هنا! كنت فقط أطلق صراخي كعواء كلب طالبة الرأفة، انهارت قواي،ترنّح صوتي حتى سقطت ص43. ولم تكن أحوالها وما تعانيه لتغيرشيئا من مشاعره نحوها فهي ما تزال العبدة التي اشتراها بماله لتشبع غرائزه وشهواته،بل ربما كانت منزلة بعض خادمات القصر تفوق منزلتها عنده. هذا ما تأكد لها ذات ليلة عندما دخل مخدعها ليضاجعها وهو الذي ينام بعيداً عنها فلا يطأ مخدعها إلا إذا اشتهاها،فلما لمس برودها واشمئزازها اشتعل غيظاً وأراد أن يلقنها درسا كيف يكون الجنس!!. نادى الخادمة جورجيت فأتته شبه عارية ومارست معه الجنس على سريرها وأمام عينيها وتكشفت لها الحقيقة البشعة بعد أن استدرجت عطية العبد في الكلام الذي كشف لها المستور،بعد أن توسل إليها ألا تخبر سيده بالأمر( زوجها يمارس الجنس مع خادمات القصر،وأنه (عطية) يساعده في كل مرة على فضّ بكارة آى بكر من خادماته)،كما حدث معها فى ليلة دخلتها.(كان الذي قاله عطيّة أشبه بالحكايات الخرافيّة،لم أشعر بالغيظ الحارق على العجوز بقدر ما شعرت به على نفسي الغبيّة،كيف لم ألحظ هوايته بتغييرالخادمات، بين فترة وأخرى! كيف لم أحدس أن يكون في الليالي التي لا يقارب فيها فراشي ولا يتلذّذ بطعم فاكهتي؟ كيف لم أشعر بتقلّبات الخادمات يأتين منكسرات، مهلهلات بأسمال بلادهنّ القريبة والبعيدة ثم يصبحن كالفراشات ملوّنات بالثياب وبالأصباغ حتى طباعههنّ تتغيّر؟! كيف لم ألحظ تحوّل نبرات أصواتهنّ من الهدوء والخنوع إلى الفجور والضحكات الصاخبة،ودعاباتهن الوقحة التي ألتقطها ص53) ..تقضى نادية أربع سنوات في القصر على هذا الحال إلى أن جاء يوم هربت فيه من القصر مغافلة الجميع إلى بيت أهلها الذين صعقوا لهول ماحكت (انسحبت إلى فراشي وإحساسي أنّ المساحات الضيّقة في داخلي تتسع،وأنّ الهواء الموبوء داخل رئتيّ ينقشع ويحتلُّ مكانه الهواؤ النقيّ.شعرت أنّ روحي أكثر قوة،وجسدي أكثر بأسًا استلقيت على فراشي، تمدّدت بكل إتجاهات سعيدة بامتلاكي له وحيدة دون وجه العجوز،لكن السؤال قرصني (أين تراه الآن؟مع زنّوبة! أم جورجيت! أو صوفي؟) بقدر ما استطعت طردت المشاهد المتخيّلة من رأسي واستعدت خطّة هربي. تأكدت أنّني أحكمت كل خيوطها وردمت كل ثغراتها محاذرة من أي نأمة قد تشي بأمري.ظللت متوجّهة بكل مشاعري إلى الله. أرجوه أن يفتح لي الطرق الآمنة.ص70) وتدخل القدر ليحل أزمة نادية وأهلها فمات الزوج "نايف" اصيب العجوز بجلطة وهكذا ترث نادية القصر ومال الزوج وتتحقق نبوءة الأم (ورثت نادية من الأموال ماجعلها تعيش سيدة نفسها فى غناء فاحش) فهل تجسد الرواية لونًا مميـزًا مـن ألوان الحلـم وهـو حلـم اليقظـة عنـد المـرأة وفقًا لحالات نادية النفسـية وهي تحت القهر؟! وكما ورد الكاتب"عادل الأسطة"في قراءته التحليلية لهذه الرواية تميل نادية في النهاية إلى عطية،لكن المجتمع رغم أنّ سيده أعطاه حريته يظل ينظرإلى عطية على أنه عبد،وتنسى نادية ما فعله عطية بها ليلة عرسها وتسامحه ولا تحقد عليه،وتعطيه شقة،وتطلب منه أن يتعلم، كما توظفه في شركتها .. وهنا يظهر سلطان الجنس فنادية لم تشعر بقوة وجسارة الجماع إلامع العبد الذى فضها ليلة عرسها لسيده.لم تتفاعل ولم تشعر بالجنس مع زوجها العجوز فبقى العبد فى عقلها الباطن هو الرجل وهو الجسد المتوهج فهل ستتلقى النتيجة القاسية التي أودت بحياة الزوجة الملكة "زوجة شهريار" التي راحت ضحية شهوتها،وحقها في تلبية رغبات الجسد - فى (الليالي)،الف ليلة وليلة أصابت قصر الملك (شهريار) الهزّة بخيانة زوجته الملكة له.أن (شهريار) كان قادراً على تجسيد فعل الموت،وقد قتل حوالي ألف أنثى بكر،لكن الصحيح أيضاً أن ذات (شهريار) كانت تعاني من (موت) من نوع ما، بدأ ينمو ويتطاول منذ مشاهدته لتلك المعاشرة المرعبة ما بين زوجته الملكة وعبدها الأسود (مسعود).. ويستفيد "عادل الأسطة" من النص على طول الرواية فى الوصول لما وصل من نتيجة مثل:(عصفت بداخلي غبطة حارة طردت حقدي الكامن على عطيّة. تصوّرت لو أنّه يقف الآن أمامي لما تردّدت أن أركض إليه، أتعلّق بعنقة وأهديه قبلة الشكر.لقد كذب على سيّده ليحميني من غضبه أو ربما خشي إن هو اعترف بعدد المرّات التى حاولت فيها الهرب من الحديقة أن يحرمني سيّده من الحديقة فيحرمه بذلك من وجودي، ومن حديثي الطريف معه. هل يشفق عطيّة عليّ أم تراه أحبَّ رقّتي التي لم يعتد على مثلها في هذا القصر المتحجّر كل شيء فيه؟ امتناني الذي زها لعطيّة جعلني لا أهتمّ أن أسأل عن الشخص الذي فتن عليَّ –ربما إحدى الخادمات– المهم أنّه ليس عطيّة وهذا سيشجّعني على الوثوق به أكثر وقد يلين بعد ذلك ويساعدني لأهرب..) لكن ذلك كله كان محطّ رفض والدة نادية وشقيقها،إذ يستغربان من زيارتها للعبد في شقته وتصرفاتها معه ولكن نادية بعدما تخلصت من عبودية الزوج وبكونها صاحبة المال لم يكن لأهلها أن يخالفوا لها رأياً أو رغبةً،ولذا لم يتدخلا فى كون عطية كان ممن شملهم عطف نادية وصفحها، غفرت له فعلته ليلة زفافها ويوم جلدها بالسوط تلبية لأمر سيده،فهي لم تكرهه،بل وجدت له المبررات لتسوّغ ما فعل واستحسنت فيه صفات لم تجدها في زوجها العجوز!! وهيىء لها المال تحقيق الأحلام المؤجلة فأكملت دراستها الجامعية كما حلمت قبل زواجها لتصبح مدرسة للغة العربية،واتخذت مسكناً محاذياً للبحربعيداً عن القصر وذكرياته المقززة.وانتقلت عائلتها للسكن في نفس العمارة قريباً منها حتى تقطع دابر ألسنة الناس وهي الأرملة الشابة وقد لا تسلم من ألسنتهم وأثناء دراستها الجامعية تقع نادية في حب"جواد" أحد أساتذتها،الذي أخفى عنها حقيقة زواجه من أجنبية تعيش وابنهما في أميركا بينما يعيش هو وحده في الكويت.(حاصرتني أمّي بدأت تتفرّس في لحيظات فرحي، صمتي، غضبي،كثرة خروجي وحتى امتعاضي من صراخ الأطفال الذي كان يسعدني.كانت في تفرّسها أشبه بعين عنكبوتيّة تلتفّ حولي بخيوطها وتخنقني،وحجتها كلام الناس هل لأجل إرضائهم أعود تلك الفأرة المذعورة التي يئدها العجوز وتحاصرها أسوار القصر؟ هل أرضخ لحصار جديد بعد أن حظيت بالفجر وبالمروج؟ حين أضرمتني بشكوكها بدأت أتحاشى دبابيسها المسنّنة، أهرب من وجبة فطورها الشهيّة ولكنّها لم يسدّ عليها كلّ الفرص كانت دائمًا تجد الكوّة التي تدلي منها مرّ السؤال وصرامة التحذيرات ص 88 ) لم ترحمها أمّها. تقول:( لم ترأف بقلبي ولم تشفق على روحي وهي تلاحقني بعبارة ((أنت أرملة،همّك أكبرمن همّ البنت)) ولم تكن تخفي نقمتها على ذلك الجواد الذي جمحت إليه وهو بعد لم يلوّح براية بيضاء وفستان أبيض! وسرعان ماتتبدد آمالها وتكشف لها الأيام أن جواد يبحث عن متعة حسية ليس غير،كان يريد جسد الارملة ولما فشلت محاولاته للنيل منها جاءها يعرض عليها (زواج المتعة - زواج مؤقت لمدة معلومة)خيبة أمل جديدة تجعلها تتقرب أكثر فأكثر من "عطية" ،تهتم به وتعلمه القراءة والكتابة وتتمادى في إكرامه إلى حد يلفت نظر من حولها،فقد أبدى أخوها اعتراضه على هذه المعاملة وكذلك الأم، بينما لم يبدِ الأب أي اعتراض بحجة أن "المال مالها وهي حرّة فيه،المهم أن امر زواجها يكون له حتى لا يكرر الماضى الرهيب" شيئاً فشيئاً تقع نادية عبدة لرغبة حسية محرمة جامحة، فتلجأ إلى أحلامها؛ تتوج عطية فارساً وسيداً لها تستحضره في يقظتها وتطلق العنان لرغباتها الحسية المكبوتة معه.وتتعامل بنفسها مع جسدها.ممايلقي بنادية إلى لون جديد من ألوان الصمت،فما عجزت عن تحقيقه في الواقع راحت ترسمه في أحلامها في اليقظة والمنام،فتطلق العنان لخيالها لتحقق رغبة محرمة ليس لها أن تصارح بها أحدا، فتعيش حالات من الحب والشهوة مع عطية العبد تستحضره لأحلام يقظتها (ص218) ترسمه وتصوره فارسا لها وسرعان ما تشق أحلامها طريقها إلى أرض الواقع بعد وفاة الأب، إذ تتوطد علاقتها بعطية وتفسح له مساحة في حياتها وتفصح له عن مشاعرها تجاهه،وتسمح لنفسها بالتردد على شقته وافتعال الأسباب لذلك أو إلى استدراجه إلى شقتها بشتى الحجج، مما أثار شكوك أمها وأخيها الذي قام بمحاصرتها وتضييق الخناق حولها، فما كان منها إلا أن قذفت في وجهه بحقيقة حبها لعطية وعزمها على الزواج منه محطمة بذلك كل القيود الاجتماعية وضاربة عرض الحائط بالتقاليد إلا أن الريح أتت على غير هوى نادية،فقد حسم عطية الأمر حينما رفض الزواج منها واختار أن يرحل بعيداً وبهذا القرار بدا عطية سيداً يملك ناصية أمره بينما تحولت نادية إلى عبدة تنتظر من يعتقها
وحسب ماجاء في دراسة د.عزّام فإن الرواية نجحت بان تكون رواية حداثية بامتياز،حسب تطبيق عناصر الحبكة الخمسة عليها وهي:الزّمان والمكان،الشّخصيات،الأحداث،الرّاوي. وتمّ تصنيف دور المرأة الراوية (باللابطل- مقابل الرجل البطل) حيث فشلت ناديه في تحقيق حلمها بالحرية والحب.لكن هل فعلا فشلت الراوية او نادية او الكاتبة؟! قل كيف لامرأة أُغتيل صوتها منذالولادة،وألزمت الصمت،ان تكون بطلة؟ بل كيف لمغتصبة من أخ أن تكون بطلة ولا تكون منتحرة! هنا تكون الخاتمة فتتحدث(نادية) هامسة : (آه يا عطية كم أغبطك بالرغم مما أعانيه فأنت الآن السيد الحر الذي يتخذ قراره ببسالة الفرسان،بينما أنا – العبدة - الضعيفة أكمن في أسري، وأنتظر مَن يمنحني شهادة عتقي(
#أشرف_توفيق (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
باتريشيا كرون .. وتعصب الاستشراق الجديد
-
نسوية الدولة بين حواجب درية شفيق وبياض لطيفة الزيات عن كتاب
...
-
أنا ولميس جابر وحرس فاروق الحديدى
-
تاريخ القبلات والاهات يكتبها أشرف توفيق
-
وكان البحر بيننا,, اقتباس من رواية (قرصان يسرق بحرى) للكاتب
...
-
مارلين مونرو الذ اختراع امريكى بعد الكوكا كولا - بتصرف عن كت
...
-
وكانت اسمهان تقصد التابعى حين غنت (ياحبيبى تعالى الحقنى شوف
...
-
من قتل اسمهان؟ هل فعلتها المخابرات؟! ولا يهم بعد ذلك مخابرات
...
-
مع اليفة رفعت... اللقاء الأول والأخير.
-
أنا وصنع الله ابراهيم نلنا آمانينا
-
القبض على بائع الجرائد بأعتباره يبيع أسلحة الكلاشنكوف... عن
...
-
احبوها الثلاثة أنيس منصور ورفاقه !!
-
ملك الصحافة والنساء.. .. وملكة بحق وحقيقي !!
-
من السير والتراجم إلى الفضائح والتعرية
-
في وصف الهوى
-
الحب ... أوله هزل وأخره جد!
-
لطيفة الزيات ..والذى اسقط الامبراطورية الرومانية ؟!
-
الزعيم والحريم النسوية المصرية فى ثورة 1919 وسبق سعد زغلول ق
...
-
تكتب بجسدها نظرية جديدة فى الأدب النسائى ( 2 من 5 )
-
تكتب بجسدها نظرية جديدة فى الأدب النسائى (1من 5)
المزيد.....
-
مؤسسة سلطان العويس تعلن عن برنامج احتفاليتها بمئويته
-
وزير الخارجية الإيطالي يأمل بترجمة العلامات الإيجابية الأولى
...
-
تونس تودّع الممثل القدير فتحي الهداوي
-
-أشكودرا- الألبانية.. لؤلؤة البلقان الطبيعية ومنارتها الثقاف
...
-
الفنان السوري جمال سليمان يكشف عن عمل درامي يتناول كواليس -س
...
-
كاتب إسرائيلي: احتلال القنيطرة مسرحية لا تمحو فشل 7 أكتوبر
-
كاتب إسرائيلي: احتلال القنيطرة مسرحية لا تمحو فشل 7 أكتوبر
-
رئيس الجمعية العمانية للسينما يتحدث لـRT عن السينما وأهميتها
...
-
“توم وجيري بجودة hd” استقبل حالا تردد قناة نتورك CN بالعربية
...
-
-نوسفيراتو- و-موفاسا- و-سونيك-.. أبرز أفلام هوليودية في ختام
...
المزيد.....
-
تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين
/ محمد دوير
-
مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب-
/ جلال نعيم
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
المزيد.....
|