خالد خليل
الحوار المتمدن-العدد: 8191 - 2024 / 12 / 14 - 14:01
المحور:
الادب والفن
سأرجع قليلاً من خيبةِ الحبِّ،
حيث الحروفُ توارى في خجلِ الجراح،
وأعودُ إلى حيثُ الظلالُ تنتظرُ الضوء،
لكنّهُ لا يأتي.
أذكرُ ظلالًا خانها النورُ
في منتصفِ النهار،
حينَ ألقى بنفسهِ في هاويةٍ
من الصمتِ والذهول.
هناك، في زوايا الغياب،
كانتِ الأوراقُ تتناثرُ كسربِ عصافيرٍ
هربتْ من شجرةٍ لا تثمرُ إلا الحنين.
وكانتِ الرياحُ تعزفُ موسيقى الهجرِ
على أوتارِ الزهورِ الذابلة.
هل رأيتَ الضوء حين يُغادر؟
كعاشقٍ يتركُ وراءهُ قصيدةً
نصفها مبهم، والنصف الآخرُ
مجروحٌ كسماءٍ بلا قمر.
خيبةُ الحبِّ ليست لونًا،
إنها لوحةٌ فارغة
تتوقُ للألوانِ، لكنّها
تجدُ الفرشاةَ خائفةً من الورق.
الظلالُ،
تلكَ التي خانها الضوءُ،
لم تكنْ تبحثُ عنهُ
بل كانتْ ترسمُ غيابَهُ
على الجدران.
سأتركُ للقصيدةِ أن تُكملَ وحدها،
فكلُّ نهايةٍ هي بدايةٌ جديدة،
وكلُّ خيبةٍ هي نافذةٌ للضوءِ
الذي لا يخونُ أبدًا.
في غيابِ الضوء،
تتكاثرُ الظلالُ كأسرابِ أحلامٍ هاربة،
كلُّ واحدةٍ تحملُ على جناحيها
سرًّا لم يُفصح عنهُ النهار.
سأرجعُ قليلاً،
ليسَ خوفًا من الحبِّ،
بل احترامًا للمسافةِ التي تقطعها
القلوبُ وهي تنزفُ خفيةً.
هناكَ،
حيثُ الوهمُ يُوشكُ أن يصبحَ حقيقةً،
وحيثُ الحقيقةُ ترتدي قناعَ الوهم،
ينحني الليلُ خاشعًا
أمامَ عيونٍ تنتظرُ ضوءًا
لن يأتي أبدًا.
لكن، هل نحنُ بحاجةٍ إلى الضوء؟
أليسَ الظلُّ كافيًا
ليخلقَ من الغيابِ قصيدةً
تشبهُ المطرَ حينَ يتهادى
على شرفاتِ الصمت؟
أذكرُ ظلالًا خانها الضوءُ،
لكني أذكرُ أيضًا ظلالًا
صنعتْ من الخيانةِ أجنحةً
وطارتْ نحوَ اللاشيء.
واللاشيء؟
إنهُ كلُّ شيءٍ
حينَ نعطيهُ معنى.
#خالد_خليل (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟