أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مقداد مسعود - مرايا .. القاص والروائي محمد عبد حسن














المزيد.....

مرايا .. القاص والروائي محمد عبد حسن


مقداد مسعود

الحوار المتمدن-العدد: 8191 - 2024 / 12 / 14 - 11:56
المحور: الادب والفن
    


( مرايا ) محمد عبد حسن
حين فتحتُ عينيّ.. لم يكنْ هناك أحدٌ. وباستثناء الضوء الشاحب المتسلّلِ من النافذة مثل اللص.. وبقايا صوتٍ تهرب عبر الخطّ المضاء أسفل الباب؛ كان كلّ شيءٍ في مكانه: صورة على الجدار المحاذي لرأس السرير، أراها بوضوحٍ في المرآة المهجورة أمامي. تجاورها ساعة متوقفة منذ زمن، لا أجد ضرورة لتغيير حجارتها كي تدور.
(- لنْ تحتاج أكثر من ذلك: صورة تذكّرك به.. وساعة ستتعلم، مع الوقت، قراءتها معكوسة في كلّ مراياك).
في المرآة الكبيرة المعلّقة وسط الجدار الطويل يسار السرير.. كنت أرى النافذة.. خزانة ببابين مفتوحين. وفيما يُظهر أحد طرفي المرآة جزءًا من إطار باب الغرفة.. يبدو واضحًا، على طرفها الآخر، كومدينو صغير ملاصق لرأس السرير تتوسطه كأس ماء لم يبقَ فيها الكثير.
(- اللعبة التي أنتَ فيها هي هكذا: أنْ تستدلّ على أشيائك وتصل إليها بواسطة مرايا ستجدها حيث تخطو. ومن خلالها ستفتح النوافذ، وتصل إلى الأبواب. وستنتهي اللعبة فقط عندما تصل باب الغرفة.. تفتحه وتخرج).
بعينين: واحدة ملتصقة بالمرآة الموضوعة أمام السرير.. وأخرى تراقب المرآة الجانبية الكبيرة؛ كرعْتُ ما تبقّى من ماءٍ في الكأس المستقرّة على الكومدينو.. ثم أدليتُ ساقيّ إلى الأرض.
وكما في كلّ يومٍ.. ستسلمني مرآة إلى مرآة.. نافذة لنافذة.. صورة بابٍ إلى أخرى تواجهها على الجدار المقابل. تُديرني يدٌ، لا أراها، مثل رحىً قديمة. أرى في الغرفة أبوابًا كثيرة.. خزائن لا تُحصى مشرعة كلّها.. نوافذ.. ساعات متوقفة.. صور لرجلٍ لا أعرفه.. وسرير واحد!
أتّجه إلى السرير. أنقلُ وسادتي إلى طرفه الآخر. وحين أضع رأسي عليها؛ تواجهني، على الجدار المقابل، مرآة كبيرة.. أرى عليها بوضوح صورة لرجلٍ، تجاورها ساعة متوقفة منذ زمنٍ لا أجد ضرورة لتغيير حجارتها كي تدور.


تشرين أول 2024 م
البصرة


من السكون إلى الصمت.... (مرايا) القاص والروائي محمد عبد حسن
مقداد مسعود
(*)
القاص والروائي محمد عبد حسن يمتلك ُمسافة وعي وطموح متجدد. بين (خرائط الشتات) روايتهُ المطبوعة الأولى، سبقتها روايتهُ الفائزة بجائزة في عمان 1996 (سليمان الوضاح) التي قرأتها مخطوطة ً، بين الروايتين مسافة تجاوز تقني و بين (سبعة أصوات) ونص (المرايا) ينتسب بجزئياته لرواية (سبعة أصوات) وهناك قصص قصيرة تنتسب لروايته (سبعة أصوات) السارد هنا يحدث نفسه، أكثر مما يخاطبنا نحن القراء، مهموما بحيزه الساكن الموحش..
(*)
تبدأ القصة بهذه الوحدة السردية: (حين فتحتُ عينيّ.. لم يكن هناك أحد) وهذا يعني قبل أن يغمض السارد عينيه كان حوله أكثر من أحد. السؤال هنا هو كالتالي: مَن خذله و نبذه في هذه الوحدة القاسية ؟ السارد ليس معه في معتزله سوى ضوء شاحب يتلصص عليه، وهناك (بقايا صوت) تهرب عبر الخط المضاء أسفل الباب، وهذا يعني أن الحاضرين وهم يشعرون بيقظته انسحبوا للتو!! ما الذي يمنعهم أن يتريثوا ويمكثوا قليلا مع السارد؟
(*)
الغياب الأشد قساوة ً هو سيد الوقت يحيل السارد إلى اقتصاد الضرورة (لن تحتاج أكثر من ذلك)..(صورة تذكّرك به).. ما بين القوسين ينضحُ قليلاً من الوضوح وغزيراً من الغموض. وهناك التضاد المقلوب، المجسد بطريقة الجلوس خلف مقعد السائق، هذا الجلوس الاضطراري مزعج جداً ..(وساعة ستتعلم مع الوقت، قراءتها معكوسة في كل مراياك)
(*)
المرايا تصير جسوراً للرؤية بالنسبة للسارد العليل (في المرآة الكبيرة المعلقة وسط الجدار الطويل يسار السرير.. كنت أرى النافذة.. خزانة ببابين مفتوحين) والمرايا ستكون وسيلة نقل للسارد وهو يخاطب نفسه بضمير المخاطب:
(1)أن تستدل على أشيائك وتصل إليها بواسطة مرايا ستجدها حيث تخطو
(2) ومن خلالها ستفتح النوافذ
(3) تصل إلى الأبواب
(4) ستنتهي اللعبة فقط عندما تصل باب الغرفة.. تفتحه ُ وتخرج
تستدل ُ قراءتي أن وظائف المرآة تتنوع وتتمرد على طبيعتها، فالمرآة تكون جسراً توصل السارد إلى أشياء أخرى في الحيز المغلق القابع هو فيه، وخلال المرايا يفتح القابع النوافذ والأبواب.. بل يصل إلى باب الغرفة ويتحرر من عزلته الخانقة.. لكن يبدو ليس لديه قدرة على التحرر
(*)
ثم يخبرنا السارد فنعلم كيف تم شربه للماء مرآويا ً (بعينين : واحدة ملتصقة بالمرآة الموضوعة أمام السرير.. وأخرى تراقب المرآة الجانبية الكبيرة الجانبية؛ كرعتُ ما تبقى من ماء في الكأس المستقرة على الكومدينو) ما بين القوسين عسير فهمه على القارئ!!
(*)
هذا الكائن المعزول القابع في حيز مغلق، تَحرّكه ُ ليس ذاتيا وبشهادته (تديرني يدٌ لا أراها) هل هي يد الرحمة؟ ثم ينتقل من التعميم إلى التشبيه (مثل رحى قديمة) ثم تتسع الرؤية لدى السارد في الحيز الضيق :
(1) أرى في الغرفة أبواباً كثيرة
(2) خزائن لا تحصى مشرعة كلّها
(3) .. نوافذ
(4) .. ساعات متوقفة
(5) .. صور لرجل لا أعرفه
(6) .. وسرير واحدا! هنا عودة لقصة حول سرير لرجل لا يعرف السارد ترد ضمن رواية (خرائط الشتات)
(*)
هنا يكون النص في الطريق إلى الاستقرار من خلال الشخص وهو يتجه نحو السرير، ينقل وسادته إلى الطرف الآخر، ويعاود النظر غير المباشر من خلال مرآة تواجهه تنعكس عليها (بوضوح صورة لرجل)
وهذه الصورة تنتسب لماض متوارٍ من العبث استعادته، فالصورة تجاورها (ساعة متوقفة منذ زمن ) والسارد لا يجد (ضرورة لتغيير حجارتها كي تدور)
(*)
مشيدات القص في (مرايا) القاص محمد عبد حسن : حيز مغلق.. رجل منتبذ.. زمن آفل.. مرايا.. سرير.. رجل مغيّب.. خزائن والأهم من كل هذا هناك أزمنة تيبست واستقرت في يباسها مثل (ساعات متوقفة)
السؤال هنا : الرجل المستلقي على سرير قد يكون ليس له، هذا الرجل هل سينضّد ضمن الساعات المتوقفة ؟ ومن أوصله لهذا المآل؟ وما السبب؟ هذه الأسئلة متروكة لفاعلية القراءة، فالقاص انتهت مهمته
وبدأت مهمة فطنة القارئ.



#مقداد_مسعود (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أستاذي القاص والروائي كاظم الأحمدي
- كائنات الحديقة
- فكرة
- استوفى
- (منزل الساعات ) رواية أي إم هويل
- رفعت مرهون الصفار
- شتيمة
- سباق
- شائعة
- محمود عبد الوهاب
- أفيال
- خد حصان
- (ملامح زمن) ..(تآكل زمن)
- فخري كريم (ملامح زمن)
- أدمون صبري / فوزي كريم
- الناقد باسم عبد الحميد حمودي
- أسد الجنوب
- ملتقى القصة القصيرة في البصرة
- الناقد عبد الجبار عباس
- زقزقة ومصابيح


المزيد.....




- بجودة عالية..استقبال تردد قناة روتانا سينما على النايل سات و ...
- أجمل عبارات تهنئة عيد الفطر مكتوبة 2025 في الوطن العربي “بال ...
- عبارات تهنئة عيد الفطر بالانجليزي مترجمة للعربية 2025 “أرسله ...
- رحلات سينمائية.. كيف تُحول أفلام السفر إجازتك إلى مغامرة؟
- وفاة -شرير- فيلم جيمس بوند -الماس للأبد-
- الفنان -الصغير- إنزو يحسم -ديربي مدريد- بلمسة سحرية على طريق ...
- بعد انتقادات من الأعضاء.. الأكاديمية تعتذر للمخرج الفلسطيني ...
- “الحلم في بطن الحوت -جديد الوزير المغربي السابق سعد العلمي
- المدرسة النحوية مؤسسة أوقفها أمير مملوكي لتدريس علوم اللغة ا ...
- بعد تقليده بإتقان.. عصام الشوالي يرد على الممثل السوري تيم ح ...


المزيد.....

- تحت الركام / الشهبي أحمد
- رواية: -النباتية-. لهان كانغ - الفصل الأول - ت: من اليابانية ... / أكد الجبوري
- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان
- مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- نظرات نقدية في تجربة السيد حافظ الإبداعية 111 / مصطفى رمضاني
- جحيم المعتقلات في العراق كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- رضاب سام / سجاد حسن عواد
- اللغة الشعرية في رواية كابتشينو ل السيد حافظ - 110 / وردة عطابي - إشراق عماري
- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مقداد مسعود - مرايا .. القاص والروائي محمد عبد حسن