|
الإنكشارية تعيد إحتلال المنطقة
محمد حسين يونس
الحوار المتمدن-العدد: 8187 - 2024 / 12 / 10 - 08:49
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
أنتم سعداء .. بما حدث في العراق و سوريا و فلسطين و لبنان و ليبيا و اليمن و السودان .. هنيئا لكم و لكن إبعدوا .. عن مصر .. فالعقلاء منا يعرفونكم جيدا . الرعاة الذين يعيشون علي هضبة منغوليا، ( جنوبها التتار و شمالها المغول ) .. أعادوا المشاهد التي شهدتها المنطقة مع خروج رجال الخليفة ابو بكر لغزو الجيران فى 30 مايو عام 634 م.. فلقد قامت قواتهم بعد ستة قرون من إستقرار الحكم الإسلامي بغزو بلاد مابين النهرين وتدمير بغداد و إنهاء الخلافة العباسية 1258م ..و في السنة التالية غزوا سوريا الكبرى ..و دارت معارك حرقت فيها القصور وغرقت المكتبات ..و دمرت المساجد .. و نهبت الثروات ..و جرى إستعباد السكان و بيعهم كعبيد و جوارى . الجيوش الغازية قامت بتدمير كل قوى المقاومة في المنطقة التي كانت في يوم ما مزدهرة ..بحيث عندما عاودت قوات الإنكشارية العثمانية بعد أقل من ثلاثة قرون 1517 م الغزو وإنتصرت علي المماليك..وفرضت الخلافة العثمانية .. لم تجد مقاومة تذكر.. لينتشر بين الناس خطاب ثالث للإسلام يخالف ما حمله الغزاة في بداية الدعوة ..و ما جرى تغييرة في زمن العباسيين خطاب .. شديد التشدد .. يعلي من مقام الأتراك ..علي حساب القوميات الأخرى .. يؤمن بالقتل و الإغتيال و مؤامرات الحريم و الغزو .. و الحرب و السلب و النهب ..و إستعباد الشعوب المستعمرة . يعادى العلوم أو الفلسفة و كل الافكار التي كانت تنضج علي مهل في أوروبا و تخرجها من العصور الوسطي لزمن النهضة . . لتظل الإمبراطورية العثمانية خلال تواجدها الطويل لا إنجازات لها إلا تداول سيرة حروب و غزو و تدمير ..و مؤامرات وإستعباد للشعوب المنكوبة . .قد يكون (للعاقلين منا بعد معرفة أحداث التاريخ ) تحفظات كثيرة علي نظام الحكم العثماني لمصر ( من 1500 حتي 1914 م) و الذى دام بشكل أو أخر لأربعة قرون .. لم يحررنا منه إلا هزيمتهم في الحرب العالمية الأولي و إلغاء أتاتورك للخلافة و ما تبعها من إعلان إستقلال مصر 1922 و تحول السلطان فؤاد إلي ملك السلطان سليم الاول ملك مصر بالتأمر و خيانة البعض من العربان و رجال الدين..بعد أن وجد من بينهم من . يشيع أنه قد قدم بالحق و الخير .. لقد كانت البداية درامية ...إدعي (مثل كل الغزاة )بعد هزيمتة(لقنصوة الغورى) في (مرج دابق) أن الشعب المصرى يتوق لكرابيج الانكشارية عوضا عن شومة البلطجة المملوكية السادرة في الشارع دون رادع .وأن عرب غزالة وهوارة و بني عدى وغيرهم يستنجدون به لانقاذهم من جور المماليك. وهكذا عندما عرض علي (طومان باى) الخضوع ودفع الجزية أبي هذا ،ولكن بعد فترة وبسبب خيانة ومساعده خاير بك و بعض شيوخ القبائل إستطاع (سليم الاول) أسر(طومان باى )و تعليقه علي باب زويلة و إحتلال مصر ثم نهب المتوفر من ثروات المماليك وفرغ البلد من كريمة الصناع والحرفيين المهرة وسلمها للخائن خرب الذمة جاسوسه خاير بك قائلا ((أعطيتك هذه المملكة اقطاعا لك الي ان تموت )) . . هذا الأمر يتكرر اليوم رغم كل هذا البؤس الذى لاقاه أهلنا و المعاناة من نظام حكمهم الذى كابدته شعوب المنطقة خصوصا الشام و مركزها سوريا .. تجد بعد قرن من الإنعتاق.. (خاير بك جديد ) يمجدهم بإسم الإسلام و يحكي بفخر عن زمن تفوقهم و رعب الناس من جيوشهم . الإمبراطورية العثمانية لم تقدم للإنسانية أى عمل إيجابي غير القتل و الغزو و الإرهاب و شعوب العالم خصوصا أوروبا كانت تعمل كل ما بوسعها لمقاومتهم و البعد عن سيطرتهم ..لدرجة أن (ول ديورانت) ذكر في كتابه (قصة الحضارة ) أنه عندما رد (سويبسكي ) جيوش الترك عن فينا عام 1683 فهو بذلك أنقذ اوروبا من ان تكون جزءً من هذه الامبراطورية المترامية الاطراف ديورانت يصف حال أهلنا في تلك الفترة من الحكم حيث ((فقراء المسلمين السذج الانقياء يفلحون الارض تحت امرة سادتهم الاغنياء الاذكياء المتشككين.)).. ((يمكن القول بوجه عام ان التركي العادى كان قانعا غاية القناعه بمدنيته حتي لقد ظل قرونا لا يطيق اى تغيير ذى بال)) .. فقد أمن بأن (( القرآن هو الشريعة و الديانة معا وفقهاء الاسلام شراح الشريعة الرسميون ، اما في الطبقات العليا فان البدع العقلانية التي طلع بها المعتزلة في القرن الثامن الميلادى و التي واصلها الشعراء و الفلاسفة المسلمون لقيت قبولا واسعا مستورا )) ، ((وانقسم الاسلام بين مذهبين السنة و الشيعة ثم قام مذهب جديد في القرن الثامن عشر علي يد محمد عبد الوهاب احد شيوخ نجد ، استنكروا التعبد للاولياء و هدموا الاضرحة الخاصة بالمشايخ و الشهداء واستهجنوا لبس الحرير و التدخين ودافعوا عن حق كل فرد ان يفسر القرآن لنفسه وقد شاعت الخرافات في جميع المذاهب علي السواء و لقي دجاجلة الدين كما لقيت المعجزات الكاذبة التصديق السريع و كان جل المسلمين يعدون عالم السحر عالما حقيقيا كعالم الرمال و الشمس الذى يكتنفهم ، اما التعليم فهيمن عليه رجال الدين الذين آمنوا بأن أضمن سبيل لتكوين المواطنين الصالحين أو الاتباع الاوفياء للقبيلة هي ترويض الخلق لا تحرير الفكر، وكان رجال الدين قد انتصروا في معركتهم علي العلماء و الفلاسفة و المؤرخين الذين ازدهروا ايام الاسلام الوسيط فانتكس الفلك الي التنجيم ، و الكيمياء الي الخيمياء (العطاره ) و الطب الي السحر و التاريخ الي الاساطير)) -((وكان علي النساء الافادة ما استطعن من قدودهن اللدنة الرشيقة ، فمتي ذبلت محاسنهن جر عليهن الزمن ذبول النسيان في زوايا الحريم . وكان لفظ الحريم هذا لا يقتصر علي أزواج الرجل و سراريه بل ينسحب علي كل اناث البيت وقد ظل الحجاب مضروبا عليهن في القرن الثامن عشر، وكان لا يسمح لهن بالخروج من الدار و لكن بعد 1754 كان عليهن اذا خرجن ان يخفين كل عضو فيهن الا عيونهن الساحرة و لا يدخل جناحهن غير الاب او الاخ او الزوج او الابن وحتي بعد الموت كان المفروض ان يتصل هذا الفصل بين الجنسين في الدار الاخرة فالمؤمنات لهن جنتهن غير جنة الرجال والمؤمنون يمضون الي فردوس آخر ترفه فيه عنهم حور من الجنة ابكار متجددات الشباب )). يكاد التاريخ أن يكرر نفسة بعد ثلاثة قرون من الإنعتاق من نير الإنكشارية ..و لكنه بدلا من أن برسل لنا المغول و التتار و العثمانيين ..أرسل أمريكان و إسرائيلين و أتراك ينهبون المنطقة و ينشرون إسلام متشدد شديد الرجعية و القسوة ..مانعا للتفاعل مع مستجدات العصر يحكم الناس فيه اقلهم قدرة علي الفهم ..و التدبير كما لو كانوا دجم قادمة من الزمن العثماني .. و مع ذلك لا نتعلم و لا نحذر و لا نعالج أسباب القصور في زمننا الحاضر لم يتفق إلاسلام العثماني ( القادم من تركيا ) و الإسلام النجدى ( القادم و السعودية والخليج ) .. إلا علي إعادة الخلافة ..وإستكمال الصراع مع الشيعة ( الإيرانية ) والتمهيد لنمط من الحياة .. رفضته الشعوب منذ بدايات القرن العشرين قدم به أردوغان ..و تابعيه .. من مطلقي اللحي ..يفرضونه بقوة السلاح علي أنقاض القومية العربية .. ليسقط أخر معاقلها في سوريا و يخرج حزب البعث من المعادلة .. كما خرج من قبلة ألناصريون و القوميون العرب .. و العلمانيون و أنصار التجدد ..و ينتظرنا مستقبل مظلم من التخلف و الركود ليعيد التاريخ نفسة للمرة الرابعة .
#محمد_حسين_يونس (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الإرهاب الشرقي نمط حياة
-
لازال طريق المقاومة هو الدرب الصحيح
-
لماذا يشترى الخلايجة في سوق غير مشجع
-
البردية المجهولة(كمان و كمان ).
-
سلوك القتلة ..و مفاهيم الفلسفة
-
شخص يجتهد و لكنه ساخط
-
لم تتغيرأهداف الإستعمار ..تغيرت أساليبه
-
corruption.. الفساد
-
ما بعد الموت عند القدماء
-
الابراج العالية لا تصنع حضارة
-
إنهم يدمرون الأثار ..و سيدمرونها .
-
تدمير الاثار ليس خبرا جديدا
-
نصف قرن من الغربة
-
شهادتكم تهم الأجيال القادمة
-
إقتصاد حرب .. بدون حرب
-
هل مر القطار فلم نلحق به
-
عايز أعيش في زمن أخر
-
لماذا لم تطورنا الحرب
-
جد حضرتك كان شيخ منسر
-
الرؤيا
المزيد.....
-
كولونيل أمريكي يتوقع لـCNN ما سيقوم به ترامب في سوريا بعد تن
...
-
تشبث بذراعها بقوة بكلتا يديه.. شاهد الحالة التي وجدت عليها م
...
-
تحليل.. بشار الأسد باكتافه النحيلة ومصافحته الرخوة ولدعة لسا
...
-
-غزو سوري- مرتقب يقلق الاتحاد الأوروبي
-
مقتل إسرائيلي وإصابة أربعة في إطلاق نار قرب بيت لحم
-
الملك الإسباني فيليبي السادس وزوجته الملكة ليتيسيا في زيارة
...
-
سقوط نظام الأسد.. فرص محتملة وتداعيات -مقلقة- لإسرائيل!
-
هل يمكن أن يشكل الباراسيتامول خطرا على صحتك؟
-
Blackview تطلق حاسبا لوحيا بمواصفات غير مسبوقة
-
دراسة: الحرارة سترتفع بمقدار 3 درجات مئوية في معظم مناطق الأ
...
المزيد.....
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
المزيد.....
|