|
المتغير السوري الدراماتيكي.. الرابحون والخاسرون
سليم يونس الزريعي
الحوار المتمدن-العدد: 8186 - 2024 / 12 / 9 - 10:18
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
عندما تغطي صحيفة الأخبار اللبنانية القريبة من حزب الله، في أحد تقاريرها حول سقوط نظام الأسد رد فعل اللبنانيين، بهذا العنوان بالغ الدلالة "تسونامي المحتفلين يجتاح المناطق اللبنانية"، فهذا يعني أن هناك مؤشر على أن التغيير الذي جرى في سوريا، يتعدي الجغرافيا السورية إلى الفضاء الإقليمي، لا سيما لبنان، التي كانت دمشق بخياراتها السياسية والعملية عاملا مقررا في الربط بين طهران والضاحية الجنوبية من بيروت معقل حزب الله. وهي رسالة موجهة لحزب الله اللبناني ولطهران، حيث يخيم مفهوم الخسارة الاستراتيجية على كليهما. وهي استراتيجية، كون العلاقة بين الحزب وطهران تتجاوز مفهوم التحالف، إلى العلاقة الأيديولوجية الروحية، إضافة للجوانب الأخرى، ومن ثم فإن، فقد حلقة الوصل السورية التي هي جزء من ما يسمى محور المقاومة، الذي كشفت الوقائع الأخيرة، من انهيار للنظام في دمشق، أنه لم يكن سوى حالة ذهنية لدى البعض تفتقد إلى المعطي الصلب القادر على مواجهة كل التحديات، ولذلك فإن فقد طهران والضاحية الجنوبية من بيروت لدور سوريا اللوجستي المقرر بينهما، هو خسارة مزدوجة لحزب الله من جانب، وإيران من جانب آخر. وقد كثف وزير الخارجية الإيراني حساب الربح والخسارة لدي الأطراف الإقليمية الفاعلة في المسألة السورية والصراع مع الكيان الصهيوني، ومنها إيران عقب نجاح المعارضة السورية بأطيافها المختلفة الظلامية والعلمانية برعاية تركية من طي صفحة حكم آل الأسد، ذلك عندما اعترف "أن المسار الاستراتيجي بين إيران وحزب الله قد يتأثر بما يجري في سوريا"، وهو اعتراف له انعكاساته الجيوسياسية على طهران، التي كانت تعتبر أن لديها حلفاء ضمن ما يسمى محور المقاومة، كانت توظفه؛ ولو معنويا وإعلاميا في سياق، مواجهتها مع الولايات المتحدة على خلفية مزاعم برنامجها النووي غير السلمي، وورقة بيدها في علاقاتها مع دول الإقليم. ولذلك كان أول المحتفين بخسارة طهران هو الكيان الصهيوني، عندما صرح بنيامين نتنياهو خلال زيارته للجولان السوري المحتل، قائلا: "هذا يوم تاريخي في الشرق الأوسط. نظام الأسد، الذي أعتبر أنه كان، يمثل حلقة محورية في محور الشر الإيراني، قد سقط. هذا نتيجة مباشرة لضرباتنا على إيران وحزب الله، الداعمين الرئيسيين له، مما أدى إلى تغييرات كبيرة في المنطقة وفرص جديدة لإسرائيل." وفي تأكيد ما يعتبره نتنياهو حدث تاريخي ومتغير لصالح مشروع الكيان الصهيوني، قال إن اتفاقية فصل القوات لعام 1974 بين الكيان وسوريا قد انهار، بعد تخلي الجنود السوريين عن مواقعهم، معلنًا أنه أصدر تعليماته للجيش الإسرائيلي بالسيطرة على المنطقة العازلة ومواقع القيادة المحاذية لها. وأكد: "لن نسمح لأي قوة معادية بالاستقرار على حدودنا. سنواصل العمل لحماية حدودنا وأمن مستوطناتنا." ولتأكيد ما يعتبره كيان الاحتلال مكسبا تاريخيا، صادق الكابينيت السياسي - الأمني الإسرائيلي (مجلس الوزراء المصغر) بالإجماع على احتلال جبل الشيخ السوري في الجولان المحرر وإنشاء منطقة عازلة. ويأتي ذلك في وقت قصفت فيه الطائرات الإسرائيلية مركز البحوث العلمية بدمشق حيث تدار برامج أسلحة كيميائية وصواريخ باليستية. وبالتناغم بين من يسمون فريق الرابحين أكد نائب وزير الدفاع الأمريكي دانييل شابيرو، أن الولايات المتحدة ستبقي على وجودها العسكري شرقي سوريا، ومن جانبه اعتبر الرئيس الأمريكي جو بايدن أن هذه لحظة تاريخية وفرصة للشعب السوري لبناء السلام في بلده. وأكد أنه سيدعم جيران سوريا بمن فيهم الأردن والعراق وإسرائيل ولبنان، مضيفا: نريد أن نطمئن أن جيران سوريا في مأمن من أي توتر جراء التغييرات هناك"، وهذا التوجه الأمريكي يأتي في سياق جني مكاسب سقوط النظام ، التي أرى أنها ربح أمريكي صهيوني صاف، بعيدا عن علاقة ذلك بما تريده سوريا الجديدة والشعب السوري، ارتباطا بأن من رعى العديد من القوى السورية، هي تركيا عضو حلف الناتو من جانب، وفي كونها من جانب آخر دولة إسلامية تقيم علاقات مع الكيان الصهيوني، سيما وأن هناك مؤشرات من قبل بعض قوى المعارضة السورية، بأنها مع إقامة علاقات مع الكيان، لتضيف خاسرا آخر، وهو القضية الفلسطينية ممثلة في بعض الفصائل التي كانت تأخذ من دمشق مقرا لها، ومجالا لنشاطها السياسي والإعلامي والثقافي، في مواجهة المشروع الصهيوني. على خلفية أن دمشق كانت حاضنة كل القوى الفلسطينية التي ترفض التطبيع مع الكيان، والاعتراف باحتلاله أرضها. ومع ذلك من الصعب توقع موقفا سياسيا أيديولوجيا من النظام في سوريا الجديدة راهنا، رغم وجود إعلان من بعض القوى بتبني موقفا غير معاد للكيان، وهو الذي يحتل الجولان، وفي ظل رفض أهله لقرار دمجهم في بنيته ، في حين أن هناك قوى وازنة، لا ترى هذا الرأي ولها موقف مغاير تماما، وقد عبرت عن ذلك افتتاحية العدد 1204: من جريدة قاسيون لسان حال حزب الإرادة الشعبية (منصة موسكو)، وهو أن "نقطةُ علامٍ أخرى أساسية، هي الموقف الثابت المتجذر للشعب السوري من القضية الفلسطينية بوصفها قضيته، وموقفه الحاسم تجاه الجولان السوري المحتل، أرضاً سورية يجب استرجاعها بكل السبل". ومع ذلك فإن القول الفصل لن يكون قبل انتهاء المرحلة الانتقالية وصياغة دستور جديد وهيئة حكم مستقرة، تكشف عن موقفها من تحرير الجولان، ومن القضية الفلسطينية. وأخيرا يمكن القول إنه ، إذا ما كان هناك من رابحين وخاسرين آخرين، فيمكن هنا اعتبار موسكو أحد أكبر الخاسرين، الذي قد يتأثر وجودها في سوريا بما تقرره سوريا الجديدة بالنسبة لقواعدها العسكرية، وهي خسارة من الصعب تعويضها، لما لها من آثار جيوسياسية، لكن يبقى الرابح الأول هو أهل سوريا، إذا لم يجري اختطافهم من قبل قوى محلية، أو إقليمية، أو من قوى الشر الإمبريالي واللبرالية المتوحشة، بعيدا عن سوريا التعدد الإثني والمذهبي، والتسامح والحضارة.. ولأن الشام لها حضورها الغني في الوجدان العربي، نأمل أن تنتصر إرادة الخير والحياة ، على نوايا قوى الشر الصهيوني الإمبريالي، أو الإقليمي ممن لا يريدون الخير لسوريا وأهلها.
#سليم_يونس_الزريعي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
استهداف الإرهاب الدولة السورية.. لعبة جيوسياسية تتعدى دمشق
-
نحو صفقة بين حماس والكيان.. ما الذي تغير؟!
-
وقف إطلاق النار في لبنان.. مقاربات
-
قرارات الجنائية الدولية .. تبني دولي ونشاز أمريكي
-
وقف إطلاق النار في لبنان.. بين التفاؤل والتشاؤم
-
في غياب الموقف الفلسطيني الموحد.. القطاع بقبضة الشركات الأمن
...
-
القمة العربية والإسلامية.. الأسئلة المشاكسة
-
الوحدة الكفاحية.. لمواجهة -فخ- ترامب نتنياهو
-
ترامب.. السمسار الرئيس عام 2017.. هو الرئيس السمسار 2025
-
مشاكسات.. عُسر.. النزاهة!.. تعاطف.. !
-
حماس ما بعد السنوار .. الخيارات الصعبة
-
ما رفضه السنوار.. لن يقبله خلفه
-
مشاكسات.. مفارقة..! ليست حربا دينية..
-
شمال القطاع.. حرب إبادة بذريعة المنطقة العازلة..!
-
مشاكسات.. ماناجوا أقرب.. ! -إكسر رجله..-
-
مشاكسات. . -ناتو- يهودي.. عربي! ...عمان لن تسمح.!
-
العملية البرية.. أبعد من تفكيك بنية الحزب
-
غزو جنوب لبنان .. واوهام نتنياهو
-
كان رجلا استثنائيا.. خلف الحزب القائد
-
مقاربة في رسالة حماس المفخخة إلى غوتيريش
المزيد.....
-
بيستوريوس: لا يجوز أن نكون في موقف المتفرج تجاه ما يحدث في س
...
-
أردوغان يعلن -مصالحة تاريخية- بين الصومال وإثيوبيا
-
الرئيس التركي أردوغان: اتخذنا الخطوة الأولى لبداية جديدة بين
...
-
قوات -قسد- تسقط طائرة أمريكية مسيرة
-
-CBS NEWS-: ترامب يوجه دعوة إلى شي جين بينغ لحضور حفل تنصيبه
...
-
مجلس النواب الأمريكي يصادق على الميزانية الدفاعية بحجم 884 م
...
-
العراق.. استهداف -مفرزة إرهابية- في كركوك (فيديو)
-
موسكو تقوم بتحديث وسائل النقل العام
-
قوات كردية تسقط بالخطأ طائرة أميركية بدون طيار في سوريا
-
رئيس الإمارات وملك الأردن يبحثان التطورات الإقليمية
المزيد.....
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
المزيد.....
|