أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - علي المسعود - الفيلم الأيراني -آيات دنيوية- يقدم مشاهد مذهلة للقمع اليومي في إيران















المزيد.....

الفيلم الأيراني -آيات دنيوية- يقدم مشاهد مذهلة للقمع اليومي في إيران


علي المسعود
(Ali Al- Masoud)


الحوار المتمدن-العدد: 8185 - 2024 / 12 / 8 - 18:48
المحور: الادب والفن
    


الفيلم الأيراني "آيات دنيوية" يقدم مشاهد مذهلة للقمع اليومي في إيران

فيلم " آيات دنيوية" وبعنوان أخر " أيات الأرضية " مجموعة قصص من النضال اليومي في إيران ، الفيلم عبارة عن لوحات قصيرة تعكس الواقع الأيراني القمعي للمرأة والرجل على حد سواء ، الفيلم صورت أحداثه بعد الأنتفاضة الشعبية التي شهدتها إيران بعد مقتل الشابة"مهسا أميني"بسبب الحجاب. عنوان الفيلم مستمد من قصيدة الشاعرة الإيرانية "فروغ فرخزاد" التي توفيت عن 32 عاما عام 1967 في حادث سيارة غامض، وتعتبر من أهم الشاعرات الإيرانيات في الأدب الحديث . يتكون الفيلم من 11 مقطعا، وهي عبارة عن مدخل وخاتمة و9 فصول (أو مقاطع)، يتراوح زمن كل منها بين 6 إلى 9 دقائق، بحيث يصل زمن الفيلم كله إلى 77 دقيقة . ينتقل سرد الحكايا من الولادة إلى الموت، بدءا من الجهود المحبطة لأب جديد (بهرام آرك) لتسجيل اسم لابنه الرضيع . الشخصية التالية هي فتاة مفعمة بالحيوية تبلغ من العمر حوالي 8 سنوات ( أرغفان شاباني) . ويتقدمون في العمر تدريجيا مع انتقال الفيلم من تسلسل إلى آخر. حتى نصل الى النهايية لرجلاً يحتضر ، وكأن هذه اللوحات تعكس دورة الحياة الأيراني وتتداخل معها أسئلة عميقة ، حول السلطة وتدخلها المباشر في حياة المواطن .
في اللوحة الأولى أو القصة الأولى نرى رجلا يريد تسجيل مولوده الذكر الجديد تحت اسم “ديفيد”، وهو يخاطب موظف التسجيل البيروقراطي الذي لا نراه، لكننا نسمع صوته ونتابع حواره المراوغ للرجل، وهو يرفض قبول إطلاق اسم “ديفيد” على المولود الجديد، بدعوى أن اللوائح تحظر ذلك، والحكومة لن توافق على إطلاق اسم أجنبي على طفل إيراني، لكن الرجل يلح ويصر على أنه وزوجته استقرا على اسم “ديفيد”، بينما يطلب الموظف منه اختيار اسم آخر مثل “علي أو الحسين” أو “محمد”، فيجيبه بأن هذه الأسماء هي أيضا أسماء عربية وليست إيرانية. في المقطع الثاني نرى طفلة في الثامنة من عمرها خارج محل الملابس ، حيث تشتري لها أمها ملابس جديدة للمدرسة، الطفلة ترتدي قميصا منقوشا عليه صورة “ميكي ماوس”، وترقص على نغمات الموسيقى الغربية (البوب)، تستمع إليها بواسطة سماعات. تسألها الأم عن الملابس الملائمة لها، تناقش والدتها خارج الشاشة الزي المدرسي الذي جاءت لشرائه ، ثم تتدخل البائعة لتخبرها بأنها لا تستطيع ارتداء ملابس بهذه الألوان التي تحبها، ثم تقدم لها ملابس فضفاضة وحجابا، لتبدو في نهاية المشهد في صورة مخالفة تماما لروحها وشخصيتها ، تبدأ وضع القيود على ملابس الطفلة سيلينا وعلى الألوان التي تحبها. إن مشهد الطفلة الكوميدي / المفجع لها مدفونة في ثوب وحجاب كبيرين وباهتين هو رؤية ضوء ينطفئ .
في القصة الثالة الأكثر جرأة والتي تتمحور حول فتاة مراهقة (سارفين زابيتيان) تتعرض للاستجواب والتوبيخ من جانب مديرة المدرسة لأنها شوهدت مع صبي على دراجة نارية ، جرأتها مثمرة لانها تحتفظ بصورة لمديرة خارجة عن المألوف ، كما اتضح ، لديها ورقة تلعبها تكشف نفاق المديرة . تلوح الطالبة أخيرا بالورقة التي في حوزتها، وتخبرها لديها ما يدين مديرة المدرسة بسبب تصرف شائن صورته بكاميرا المحمول من وراء ظهرها . في القصة الرابعة نرى فتاة عشرينية تدعى "صدف"، تحقق معها موظفة عمومية، فقد ضبطتها كاميرات المراقبة وهي داخل سيارتها بعد أن خلعت الحجاب، وهي تجادل بأنها لم تخالف القانون لأنها كانت داخل مكان خاص هو السيارة، لكن الموظفة لا تقتنع ولا تريد السماح لها باستعادة سيارتها التي صودرت، لكن ماذا لو وقفت في النافذة داخل بيتي وخلعت الحجاب، هل هذا يعتبر أيضا مخالفا للقانون؟ ، "نعم، إذ يمكن لأحد أن يراكِ"، ترد عليها "ولكن ليس لي شعر" ، فهي قد حلقت شعر رأسها على نحو يذكرنا بالاحتجاجات النسائية الماضية في إيران ويستمر الحوار دون جدوى بالطبع، إلى أن تنصرف الموظفة لتسأل زميلتها عن نوع الطعام الذي ستتناوله في وجبة الغذاء، بحيث تخرج من الجدل حول موضوع لا يهمها، وتتألق في هذا المقطع من الفيلم الممثلة الشابة "صدف أصغري" ابنة أخ المخرج علي أصغري وهو أحد مخرجي هذا القيلم .
في القصة التالية لن يكون الحجاب مطلوبا لفائزة (فائزة راد) 30 عاما إذا تم تعيينها من قبل الشركة الخاصة التي ردت على الإعلان ورضخت لرغبات مدير الشركة . في المقابلة يسألها المدير أسئلة شخصية تماما بعيدة كل البعد عن موضوع الوظيفة ومتطلباتها، ثم يطلب منها أن تخلع حجابها، أن الحجاب ليس مهما هنا، وإن من مهام وظيفتها أن تستجيب له، وأنه هو الوحيد الذي يمكنه أن يسند إليها الوظيفة، وأنه موافق على أن تنهي العمل وتعود لبيتها قبل الساعة الرابعة بعد الظهر، لكن يشرط عليها أن تقدم التنازلات المطلوبة، فلا تجد مفرا سوى الهروب ومغادرة المكان .
تؤثر الحماقات أيضا على الرجال، بمن فيهم فرباد (حسين سليماني)، الذي يتحول طلبه للحصول على رخصة قيادة سيارة إلى محاكمة سخيفة ومزعجة من قبل بيروقراطي نصب نفسه على ما يبدو حكما على الحياة الطبيعية. يستحوذ وشم فرباد (من أبيات الرومي) على اهتمام المحاور الرافض ، والذي يتحول إلى شخص منحرف. في القصة الخامسة نرى شابا يريد تجديد رخصة قيادة، لكنه يواجه موظفا جامدا، يلمح بعض الوشم على ذراعه، فيطالبه بكشف ذراعيه ثم صدره، لكن الشاب يقول إن المنقوش على جسده ليس سوى أبيات من أشعار “جلال الدين الرومي”، وأنها غير مخالفة للقانون. لكن الموظف يمضي في طلباته الفظة، ويأمره بنزع قميصه ثم باقي ملابسه، وكأنه يتلذذ، ليس فقط بتعذيبه وإهانته، بل بالتطلع إلى جسده، دون أن يستجيب لطلبه في نهاية الأمر .
ربما يكون الوضع الذي يواجهه علي (فرزين معهد) مخرج في منتصف العمر يتقدم بطلب للحصول على تصريح تصوير لفيلمه، هو الأكثر وضوحا بين االقصص القصيرة، وأيضا الأكثر دراية لأي شخص شاهد بقلق اضطهاد الحكومة الإيرانية للمخرجين جعفر بناهي ومحمد رسولوف ومصطفى الأحمد. ويتناول الرقابة من قبل النظام ، ومن المؤكد أن أصغري وخاتمي، اللذان تعاونا في سيناريو أول فيلم روائي طويل لعام 2022، حتى الغد، والذي يصور الصدام بين التقاليد القمعية والاختيار الشخصي في إيران، عقدا اجتماعات خاصة بهما مع وزارة الثقافة.المسؤول أنه ليس لديه مشكلة مع جوهر فيلمه الروائي المقترح ويفرض تعديلاته على سيناريو الفيلم . في حكاية أخرى بعنوان ( مهري) تذهب امرأة كبيرة في السن (مهري) إلى قسم الشرطة تبحث عن كلبها الذي خرج إلى الشارع، فأخذته دورية شرطة تصطاد الكلاب الضالة، لكن الشرطي ينفي وجوده في القسم، ثم يعرض عليها أن تأخذ كلبا آخر بديلا له، بيد أنها ترفض ذلك، لأنها تعرف أن أصحابه يمكن أن يأتوا للبحث عنه . السيدة التي تبحث عن كلبها تشيهواهوا تصطدم بحقيقة أن الكلاب "نجسة" حين يسأل الشرطي "لماذا لا تتبنى الكناري؟". تغطي هذه الحلقة الظروف المعيشية غير الآمنة ‏‏للكلاب‏‏ في إيران بسبب الإيحاء بأن نجسة .
امرأة مسنة (جوهر خيري أنديش) تقدم التماسا إلى ضابط شرطة لمساعدتها في العثور على كلبها المفقود المحبوب. ويجب على المخرج علي (فرزين موهاديس) أن يمزق حرفيا أجزاء من سيناريوه لتلبية المطالب الأيديولوجية للرقيب . في شكل "القصص القصيرة" وبنبرة لا تخلو من الفكاهة ، تظهر مشاهد المواطنين في لقطة ثابتة ، ويسمع المشاهد فقط صوت محاوريهم. "كان من المهم ألا نرى الوجه. يبدو الأمر كما لو كان شخصا واحدا، نظاما واحدا"، يقول المخرج علي أصغري . " آيات أرضية" لعلي أصغري وعلي رضا خاتمي ، تشريح سلطة الدولة بكل قمعها وسطوتها . من خلال تسعة مشاهد تظهر أشخاصا عاديين أمام الكاميرا ويكافحون مع محاور خارج الشاشة يمثل قوة مجهولة الهوية تظل بعيدة عن الكاميرا، مسموعة فقط، لا ترى. هذه اللوحات الواقعية الغريبة تردد صدى بعضها البعض وتعطي كل شعر وفلسفة الفيلم. وهي مرئية فقط من خلال الترابط الذي يشكل في جوهره أبيات قصيدة الشاعرة والمخرجة الايرانية . فروغ فرخزاد والتي توفيت بشكل مأساوي في حادث سيارة . يتم الاستشهاد بهذه القصائد من أجل حرية واستقلال المرأة ، والتي يتم التشكيك فيها أكثر من أي وقت مضى في إيران اليوم!! . يرفض علي رضا خاتمي القول إنّ العمل ينقل ( صوراً عن إيران) ويضيف " لا نريد التظاهر بأننا نمثل روحية أمة برمّتها لكنّ كل إيراني سيجد نفسه في أحد مشاهد الفيلم" ، ويتابع " إنّ الفيلم عبارة عن عمل فلسفي يتمحور على طريقة عمل النظام أكثر من تجسيد للوضع السياسي في البلاد" . يُظهر المخرجان علي أصغري وعلي رضا خاتمي عبثية الحياة اليومية في إيران في سلسلة من المشاهد القصيرة الذكية. يشير كل اسكتش - ومجموعهم تسعة، بالإضافة إلى مقدمة وخاتمة - إلى آليات إساءة استخدام السلطة والرقابة الاجتماعية والخضوع البيروقراطي التي تعكس ما اختبره أو شهده الجميع تقريباً في حياتهم . "كلّ القصص تجارب لي ولعلي رضا، ولعائلتينا وأصدقائنا. كان لدينا في البداية 15 قصة، أبقينا تسع منها. نظراً إلى أنّ "الفورمات" صارمة للغاية، خشينا أنْ تطول أكثر من اللازم، ويتضاءل الاهتمام. المَشاهد المتبقية تلك التي فيها شيءٌ شخصيّ على المحك بالنسبة إلى الشخصيات " يعلق على أصغري .

‏نظرة حادة وشاعرية على المجتمع الإيراني

فيلم "آيات أرضية" هي نظرة فريدة على الحياة اليومية في إيران، وتتألف من لقطات قصيرة لأشخاص يتجادلون مع شخصيات ذات سلطة لا تظهر أمام الكاميرا أبدًا. سلسلة من المشاهد تظهر الإيرانيين العاديين وهم يتعاملون مع القيود الثقافية والدينية والمؤسسية التي تفرضها عليهم السلطات الاجتماعية المختلفة، من معلمي المدارس إلى البيروقراطيين. هذه المقالات القصيرة المثيرة والمؤثرة تجسد روح وتصميم الناس وسط الشدائد .‏ وقال المخرجان علي أصغري وعلي رضا خاتمي لوكالة فرانس برس إنهما استلهما كتابة الفيلم من تجارب الحياة الواقعية للأصدقاء والعائلة، والتي يعتقدون أنها ستكون مألوفة على الفور لإخوانهم الإيرانيين .نضجت الفكرة بعد أن تم رفض الصيغة السابقة للسيناريو التي تقدم بها خاتمي حيث انعكست في مشهد آخر في الفيلم وجد المخرج نفسه مجبرا على تقطيع سيناريو الفيلم إلى أجزاء لتهدئة الرقابة .هناك مشهد في "آيات أرضية" يُظهر حالة مخرج سينمائي اضطرّ إلى التعامل مع دائرة الرقابة في وزارة الثقافة. هذا بالضبط ما حدث معه. بدأوا حذف المشاهد. الفيلم عن رجل يريد قتل والده لأنّه يضرب والدته كثيراً، ما أصابها بالشلل. كان عليه حذف الكثير وفقاً لتعليمات الرقابة، إلى درجة أنّه قرر عدم إنجازه. شعر بخيبة أمل كبيرة، وأراد العودة إلى كندا. اقترحتُ أنْ نصنع شيئاً صغيراً معاً، من دون الحاجة إلى تصاريح. انخرطنا في الكتابة في ثلاثة أسابيع، وأنجزنا الفيلم ". قدم فيلم (آيات أرضية)؛ المشارك في مهرجان (كان) السينمائي، صورة عن المواجهة المباشرة بين المواطن الإيراني والقوانين الشمولية المتعددة؛ التي تُسّيطر على حياة الفئات المجتمعية الإيرانية المختلفة، وتضع أمام المشاهد واحدة من أهم الأحداث السينمائية في العالم . الفيلم يأتي في مرحلة ما بعد احتجاجات (المرأة، والحياة، والحرية)، قد يقدم بخلاف التأثير العميق على مجالات الحياة المختلفة للمواطن، تحديات السينما الإيرانية في كيفية تصوير هذه الفترة . وكان تصوير«آيات أرضية» انطلق في طهران قبل أسبوعين من اندلاع الحركة الاحتجاجية التي تلت وفاة مهسا أميني في منتصف سبتمبر . وبعد تصوير ثلاثة مشاهد من العمل، أوقف المخرجان أعمال التصوير في خضم الاحتجاجات . ويقول خاتمي «كان من المحزن جداً أن نرى فكرة الفيلم تتجسّد فعلياً في الشوارع"، فسرد قصص الأشخاص أتى في وقت مناسب جداً .
تعطي هذه القصص التسع تأثيرا تراكميا قويا حيث نرى البيروقراطيات الصغيرة والكتل اليومية التي تدفع الورق إلى حياة الطبقة العاملة تتكشف وتخفض هؤلاء الناس. القيود الثقافية والدينية والمؤسسية ترهق المواطنين اليوميين في طهران في القصص التي قد تفتقر إلى البداية أو الوسط أو النهاية ولكنها لا تزال تصل إلى استنتاج مرسوم جيدا إذا كان مخيفا وغامضا من شأنه أن يشعر بالبائس إذا لم تكن الأحداث عادية جدا . الحياة اليومية الإيرانية، ويتألف من عدد 12 مشهد قصير لأشخاص يتجادلون مع شخصيات تتمتع بالسلطة والنفوذ ولا تظهر أمام الكاميرات، لكن القاسم المشترك بين هذه الشخصيات هو السعي إلى فرض المتطلبات الحكومية في المواقف المختلفة؛ حيث تنطوي هذه المواقف على مظاهر مختلفة للنفاق الديني والتدخل الصريح في الشؤون الشخصية، بداية من موظف الإدارة الذي يرفض من منطلق الأبوة الاسم المقترح لابنه، وحتى مدير المدرسة الذي يُعاقب طالبة شابة على خلفية اللقاء مع أحد الشباب، أو المرأة الشرطية التي تُسّجل مخالفة على إحدى السيدات التي تقود سيارة لأنها تضع في سيارتها إطار صورتها بدون حجاب . يقول “علي رضا خاتمي”؛ مخرج الفيلم، عقب العرض الأول في مهرجان (كان): “(آيات أرضية) نظرة فريدة على الحياة اليومية في إيران، ويتألف من لقطات قصيرة مروع وكوميدية على حدٍ سواء مثل إجبار رجل على خلع ملابسه وشرح وشمه أثناء التقدم بطلب للحصول على رخصة قيادة، أو عامل فقير يُجبر على تلاوة بعض الآيات القرآنية للحصول على وظيفة بنّاء"، وأضاف: “ما حدث خلال الأشهر الماضية من احتجاجات نتيجة مقتل؛ “مهسا أميني”، يُقسم التاريخ إلى قبل وبعد، هذا لا يعني أنه لم تكن هناك مقاومة قبل ذلك، بل هناك عقود من المقاومة، لكن ما حدث في إيران قبل 09 أشهر، كان بمثابة نقطة الذروة في الوعي العام. نقطة الذروة في شفافية الأمل بالنسبة لنا. أظن أنه من غير الأخلاقي أن نجلس في مثل هذا الزمن إلى جانب النيران ونقدم قصص الآخرين. نحن كنا في النيران وقد تطلب ذلك وجود أشكال سينمائية جديدة. لم نرد أن نكون صوت أحد، ولكن هم يمتلكون أصواتًا أدرنا فقط أن نكون أذن ونسمع. ليس من أجل الشعارات السياسية، ولا من أجل المعارضة أو السياسيين أو المستنيرين، ولكن لكل الهمسّات الشعبية اليومية ".
كيف تصنع فيلما عن مجتمع غارق في القمع ؟
الشخصيات المعنية - المعلمون والبيروقراطيون ورجال الأعمال - تتميز فقط بأصوات مجهولة الهوية: لا تتحول الكاميرا أبدا إلى مشاهدتها، مما يعزز ليس فقط تواطؤهم في هذا النظام الصارم، ولكن أيضا يضمن أن المواطنين العاديين الذين يتم تقييدهم في طليعة الفيلم . كيف تصنع فيلما عن مجتمع غارق في القمع؟، حين يجعل النظام الشمولي من المستحيل تسمية طفلك ديفيد، أو أن تزيل النساء الحجاب أثناء القيادة ، لا توجد إجابة واحدة على هذا السؤال . تظهر في كل صورة مصغرة من الآيات الأرضية مواطنا يتم إهانته، مما يساهم في جو يتراكم في الضغط. هذه هي سخافة القيود المفروضة على حياة الشعب الإيراني . والآيات الأرضية تبدو مأساوية بشكل لافت للنظر؛ هل تضحك أو تبكي عندما تواجه مثل هذه القوانين المرهقة والمنافقة والمستحيلة التنفيذ . في نهاية المطاف، الآيات الأرضية هي عمل من أعمال التمرد الضروري في شكل سينمائي، وهي صورة طبق الأصل لمجتمع وعالم جاهزين للانفجار . في لقطة ختامية يظهر الممثل الإيراني الشهير أرديشير كاظمي على حجاب صامت في اللقطة النهائية للفيلم على أنه "رجل يبلغ من العمر 100 عام"، وفقا للملاحظات الصحفية، عازمة حرفيا بسبب ظل الشمولية مع تغميق المدينة في الخارج، ويتسع الإطار إلى نسبة عرض إلى الارتفاع عريضة، وتثبت تلك الأصوات التي سمعناها في التسلسل الافتتاحي ديباجة مزعجة ومروعة لمدينة تنهار خارج مكتب الرجل تحترق أخيرا . العرض العالمي الأول لفيلم "آيات أرضية" للمخرجين الإيرانيين علي أصغري وعلي رضا خاتمي في مهرجان كان السينمائي لعام 2023 .يصور فيلمهما ، الذي تم تقديمه في الاختيار الرسمي ، عشرات المواقف المؤثرة التي تحمل روح الكوميديا السوداء لواقع حال المواطن الايراني خلال عشرات الأشخاص الذين يحاولون مقاومة إساءة استخدام السلطة التي أصبحت بوضوح القاعدة في إيران اليوم. وقد عوقب المخرج على أصغري على ألمشاركة في اخراج الفيلم ، عندما عاد أصغري إلى إيران بعد العرض في مهرجان كان الدولي ، صادرت السلطات المحلية جواز سفره لمنعه من حضور المزيد من المهرجانات الدولية. وفي محاولة لإسكاته، هدد النظام الإيراني أيضا بإرساله إلى السجن كما حدث مع مخرجين إيرانيين آخرين صريحين . يقول خاتمي، المخرج الإيراني – الأمريكي المقيم في كندا الذي شارك في إخراج فيلم "آيات أرضية" مع علي أصغري، ‏‏لمجلة فارايتي "لاحظت التصعيد المقلق للرقابة على السينما الإيرانية من قبل النظام، مما أدى إلى محاصرة صانعي الأفلام بشكل متزايد والحد من سبلنا الإبداعية على مدى العامين الماضيين". ‏ الأمر الأكثر إيلاما هو كفاءة النظام في ممارسة الترهيب. وأبعد من مجرد مراجعة المحتوى والرقابة عليه، فإنهم يستخدمون شبكة من التهديدات والعواقب القانونية"،
في الختام : فيلم " أيات أرضية ‏"، وهو هجاء للنظام الإيراني ويتابع الناس العاديين من جميع مناحي الحياة وهم يتعاملون مع القيود الثقافية والدينية والمؤسسية التي تفرضها عليهم السلطات الاجتماعية المختلفة، من معلمي المدارس إلى المسؤلين البيروقراطيين ، يسلط هذا الجزء الضوء على انعدام الحرية في الملابس للفتيات والنساء الإيرانيات . عملية الاستمالة تمسك بإحكام على خيارات اللون وطول الملابس التي يتم فرضها دون علم. يبدأ التحول القسري ضد الإرادة الذاتية في وقت مبكر بالنسبة للنساء الإيرانيات . من اللافت للنظر أن مثل هذا الفيلم المشحون سياسيا نجح في مراوغة الرقابة الصارمة في البلاد. ‏‏ بينما تتحدى أيضا الدين والاستبداد والشوفينية والظلم. لحسن حظنا، فشل الرقباء الإيرانيون في إدراك أن هذه الدراما المشدودة التي تبلغ مدتها 76 دقيقة هي في الواقع ‏‏تكريم دافئ للحريات الفردية والفنية‏‏. يتعرض الرجال والنساء الرانيون بشكل روتيني للابتزاز والفساد والتمييز الجنسي والإذلال .

TERRESTRIAL VERSES (Official Trailer)
https://www.youtube.com/watch?v=GtTWqNmyCVk

كاتب عراقي



#علي_المسعود (هاشتاغ)       Ali_Al-_Masoud#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- فيلم -موت صداقة- إستحضار لأحداث أيلول الأسود عام 1970
- فيلم -إنجراف-.. قصيدة غير متوقعة للشفاء والتواصل الإنساني
- الفيلم الروسي -على الطريق إلى برلين - قصة عن الصداقة وفوضى ا ...
- فيلم - بذرة التين المُقدّسة- نقدا لاذعاَ للنظام الإيراني ودع ...
- فيلم - فرويد الشاب في غزة - يروي قصص البؤس الذي لا ينتهي للش ...
- -عطر العراق-: فيلم وثائقي فرنسي عن ضباب الطفولة ومطحنة الحرو ...
- الفيلم الوثائقي -أنا سون مو- يسلط الضوء على محنة الفنان في ظ ...
- قصص غير محكية من غزة في فيلم -من المسافة صفر -
- -فيلم - الرجل الذي لم يستطع أنْ يظلّ صامتاً يطرح أسئلة مهمة ...
- فيلم - العظيمة ليليان هول - حكاية ممثلة أضاءت روحها ظلام مسر ...
- -الإمام الشاب- فيلم صورة حقيقية ودقيقة عن الإسلام في فرنسا
- الطقوس الدينية والردات الحسينية في الحان الراحل كوكب حمزة
- ليلة القبض على صدام في فيلم المخرج الكردي هيلكوت مصطفى ( إخف ...
- -تاتامي- فيلم رياضي إيراني - إسرائيلي ملغوم سياسيا
- فيلم - ليس بدون أبنتي - قصة الجحيم الذي عاشته أم احتجزها زوج ...
- نقد حاد لنظام الرعاية الصحية الأميركي في فيلم ( قلوب أرجواني ...
- إستكشاف مروع لحياة امرأة إيرانية معنّفة في فيلم -شايدا-
- فيلم - حرية - يؤرخ سقوط نظام نيكولاي تشاوشيسكو عام 1989
- فيلم - بالتيمور- حكاية روز دوغديل ، البورجوازية ا التي تحولت ...
- - حياة الماعز- فيلم يكشف الوجه الآخر للعبودية المتمثل في نظا ...


المزيد.....




- مترجمون يثمنون دور جائزة الشيخ حمد للترجمة في حوار الثقافات ...
- الكاتبة والناشرة التركية بَرن موط: الشباب العربي كنز كبير، و ...
- -أهلا بالعالم-.. هكذا تفاعل فنانون مع فوز السعودية باستضافة ...
- الفنان المصري نبيل الحلفاوي يتعرض لوعكة صحية طارئة
- “من سينقذ بالا من بويينا” مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 174 مترج ...
- المملكة العربية السعودية ترفع الستار عن مجمع استوديوهات للإ ...
- بيرزيت.. إزاحة الستار عن جداريات فلسطينية تحاكي التاريخ والف ...
- عندما تصوّر السينما الفلسطينية من أجل البقاء
- إسرائيل والشتات وغزة: مهرجان -يش!- السينمائي يبرز ملامح وأبع ...
- تكريم الفائزين بجائزة الشيخ حمد للترجمة والتفاهم الدولي في د ...


المزيد.....

- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير
- مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب- / جلال نعيم
- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - علي المسعود - الفيلم الأيراني -آيات دنيوية- يقدم مشاهد مذهلة للقمع اليومي في إيران