أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رشيد عبد الرحمن النجاب - جزء ناقص من الحكاية،،، شغف اصطياد اللحظة















المزيد.....

جزء ناقص من الحكاية،،، شغف اصطياد اللحظة


رشيد عبد الرحمن النجاب
كاتب وباحث

(Rasheed Alnajjab)


الحوار المتمدن-العدد: 8183 - 2024 / 12 / 6 - 14:46
المحور: الادب والفن
    


يتوسط الغلاف دائرتان إحداهما غير مكتملة، وعنوان الرواية "جزء ناقص من الحكاية" بلون درَجَ الناس على استخدامه بطريقة ذات دلالة جندرية تشير للأنوثة، علما بأن هذا اللون يغلب على ظلال الألوان على الغلاف، ترى هل جاء اختيار اللون مصادفة أم إنه يحمل رسالة ما ذات علاقة بالمضامين. وصورة لسيدة بدت عليها هيئة الرحيل، أين تراها تمضي؟
أترك الغلاف وأمضي لما تبقى من النصوص الموازية وعبارة بتوقيع الكاتب الياباني هاروكي موراكامي حيث يقول متسائلا: "هل اعتراك ذلك الشعور أن تريد الرحيل إلى مكان جديد تماما، وتبدو شخصا مختلفا كليا"؟ ترى أي علاقة تربط بين القول وبين الصورة؟ وكيف يتصل ذلك بالرواية؟
وفي النصوص الموازية أيضا مقولة عن الطفولة، وعبارة تتناول التصوير "في الصور، نحن نلوِّح للمستقبل" فما علاقة ذلك بمضامين الرواية؟
في روايتها الأحدث، والصادرة عن الدار العربية للعلوم ناشرون في حزيران عام 2024، تتناول الروائية المصرية الأستاذة رشا عدلي، وهي المختصة في تاريخ الفنون، فنا آخر بعد الرسم والنحت ألا وهو التصوير الفوتوغرافي، وتتخذ من المصورة "فيفيان ماير" محورا لهذه الرواية التي تنتمي لما بعد الحداثة،فقد احتلت وسائل التواصل الإحتماعي "السوشيال ميديا "حيزا ملحوظا من السرد سيما ما يتعلق بحياة إحدى أبرز شخصيات الرواية "ناني" .
جاء السرد في هذه الرواية موزعا على اثنين وستين فصلا في هيئة شهادات متعاقبة لشخصيات الرواية الرئيسة وفي مقدمتهم الشخصية المحورية "فيفيان ماير"، إضافة إلى أربع شخصيات أخرى، وخلافا للمصورة فيفان الفرنسية الأميركية، ينتمي الأخرون للجنسية المصرية، فتبدو الرواية على هذا النحو عالمية الطابع ذات بعد مصري. وبعد أن تُعرِّف الكاتبة القراء بمعظم شخصيات الرواية في الفصول القليلة الأولى ، تعمد من خلال "الفلاش باك" إلى التدرج في البناء الدرامي وصولا إلى مصائر ومآلات هذه الشخصيات وعلاقاتها ببعض، ونقاط تقاطعها مع بعضها الآخر ، وقد اتسم السرد بأسوب مشوق في معظم فصول الرواية.
"فيفيان ماير" التي قادتها الصدفة لتصبح مربية أطفال وفقا لتفاصيل سيتعرف عليها القارىء مع مجريات السرد، بمعنى أن التصوير لم يكن مهنتها، بل هوايتها وشغفها التي مارستها على مدى أربعين عاما دون أن تهتم بتظهيرها، والتي اكتشفت بمحض الصدفة من قبل شخص عثر عليها في مزاد للأشياء المستعملة "الروبابكيا" بعد وفاتها ، ثم أقيمت المعارض في المدن الأمريكية والأوربية لواحدة باتت من أشهر مصوري الشارع، "مصور شارع"؟ ماذا عساه يكون ؟ تقدم الكاتبة من خلال الشهادات لمحات لما عساه يكون هذا المصور الذي مثلته "فيفان ماير على مدى اربعين عاما، وقد رأيت في هذه الشهادة التي قدمها الضابط المصري "سيف القرنفلي" أحد الذي ظهروا في الصور التي عرضت في المعارض ؛ يقول سيف "التقطت صورا لواقع الحياة وصخبها. كما التقطت صورة لشحاذ يرتدي جلبابا قديما وينتعل حذاء باليا ويمسك بيده عصا ويمد الأخرى طالبا صدقة...."، ويقول: كانت متأهبة دوما على وضع الاستعداد، تلتقط الصورة وتواصل حديثا، تواصل طريقها وكأنها لم تفعل شيئا، وكأن ما حدث لم يحدث أو كأنه من الطبيعي أن يحدث ومن الطبيعي أن نقف أمام شخص مباشرة ونحن نوجه عدسة الكاميرا إليه ثم نضغط على الزر". (ص75)
أما فيفيان فتقول مستغربة مصطلح صور الشارع: "صور شارع! يالهم من سُذَّج! إنه مصطلح غريب! " وتمضي قائلة "الشارع هو الصخب، والبشر، والحيوانات، والمتاجر، والطرقات، والأرصفة ، والأشياء، والسماء، والمطر، والشمس، والقمر، والنجوم"
ثم تتساءل:"متى يمكنهم أن يعلموا أنني أخرج لأصور الحياة؟" ص(60)
وتمضي فيفيان في تفسير فلسفتها في التقاط الصور فتقول :"لا ألتقط صورا لأشخاص سعداء؛ فالسعادة لحظية، شعور مؤقت سرعان ما ينتهي، وأنا أريد أن أخلد الحقيقة، وأقبض على اللحظة بجميع مكنوناتها وبكامل جماليتها. ربما يجعلنا الحزن والألم والتفكير نبدو أكثر جمالا".
بهذا الشغف راحت فيفان تصور الحياة من حولها، حدا كاد يودي بحياتها في مواجهة مع مؤسسة أمنية سخرتها لتوظف قدراتها في التصوير ، لم تكن الفترة طويلة على ما يبدو ولكنها لم تكن الصور التي تريد، ولا بالشغف الذي لازمها خلال ما تبقى من حياتها، فهل كان هذا كل شيء عن فيفيان ماير أم أن ثمة "جزء ناقص من الحكاية؟" أترك للقارىء البحث عن الجواب في ثنايا السرد.
وماذا عن سيف، الضابط المصري الوسيم الذي التقى بفيفيان صدفة ، هل حقا كانت صدفة؟! ومهما يكن من أمر فقد كان اللقاء كافيا لالتقاط اللحظة، لحظة لقائه بالفتاة المخطوبة في قبلة حميمة، ولحظة ركوبهما معها في القارب الشراعي وهي التي التقطتها حفيدته "روان" من بين كل صور المعرض في نيويورك، وأرسلتها لوالدتها "ناني" التي حملتها إليه فعرفها وإن بإسم مختلف" قبل أن يجهز الزهايمر على ما تبقى من ذاكرته.
مثلت شخصية سيف ذاكرة مصر في النصف الثاني من القرن العشرين، بحروبها، وثورتها، ونكستها و"انتصارها"، ومن ضمن هذا محاولته مع مجموعة صغيرة القيام بعملية محدودة فقد ساقه على إثرها وفقد الكثير من طاقته النفسية التي لم تتعافى إلا بعد حرب اكتوبر 1973، هذا القدر من الطاقة السلبية التي يستشعرها القارىء ذكرني بقصة بطولة خاضها أحد الطياريين السوفييت بعد أن سقطت طائرته وفقد ساقيه، إلا إنه واصل تكيفه ومن ثم تدريباته حتى عاد إلى الحياة بقوة بل عاد إلى طائرته في ساحة الحرب جاء ذلك في "قصة إنسان حقيقي" للكاتب الروسي بوريس بوليفوي.
ترى أين كان الجزء الناقص من حكاية سيف هل هو ساقه الذي فقده ؟ أم صلته بفيفيان أم إنه فقد كل الحكاية نتيجة إصابته بألزهايمر؟
وانتصار "ناني" التي نالت اسمها تخليدا لذكرى حرب اكتوبر وانجازات أخرى كانت لها قصتها، وكان لها جزء ناقص من حكايتها، حكايتها التي بدت من خلالها مظلومة بفعل هجر الزوج المفاجىء وغير المبرر في رأيها بعد كل التضحيات التي قدمتها للعائلة، والتي هبت من نكستها لتظهر في المجتمع إمرأة "مؤثرة" من خلال رسائل تبثها عبر وسائل التواصل الاجتماعي، تقدم النصائح للناس وتسعد بمتابعتهم ، وتزايد أعدادهم، إلا إن ثمة من ركب الموجة وجعل من ناني مشروعا يسير بغير إرادتها اكتسبت الشهرة والمال والمتابعين ولكن فقدت بوصلتها، باتت غير قادرة على مقاومة أفكار لا ترتضيها ولا تقبل الحديث عنها، تحاول المقاومة ويأتيها الرد بأن الوقت قد مضى كمن وصل إلى الساعة الخامسة والعشرين.
كانت ناني عبر برامجها وعروضها ولقاءاتها في الدفة المقابلة لرؤية فيفيان ماير عن التصوير فكل الصور والمظاهر والحركات كانت خاضعة للتدريب ، ومحسوبة بدقة، وليس ثمة لحظة عفوية كنبض الشارع يمكن التقاطها .
كان في رواية ناني جزءا ناقصا من حكايتها يبين مسؤوليتها عن تصرفات زوجها وابنتها التي طالما حاولت ترويج التظلم والشكوى ، والدعوة ل"الإنعتاق"، فماذا حدث عندما تناولت هذا الجزء بالحديث والتفسير؟
وماذا عن قصة "روان" التي فرت بداعي الدراسة؟ وكوليت التي فرت دون بيان الأسباب ، أدركت كاميرا فيفيان كوليت، ولكنها لم تدرك روان.
ترى كيف تقاطعت قصة روان مع قصة والدتها؟ وهل كانت جزءا من الحكاية؟



#رشيد_عبد_الرحمن_النجاب (هاشتاغ)       Rasheed_Alnajjab#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بين معرض الكتاب في عمان وشيكاغو.. رواية -الخروبّة- للكاتب رش ...
- رواية -الخرُّوبة- لرشيد النجّاب* بين توثيق المكان والتاريخ و ...
- مصائد الرياح،،، وتعاقب أجيال المواجهة وأزمانها
- مــنــزل الـــذكــــريـــات
- حانة فوق التراب
- أنا يوسف يا أبي.....قراءة مشهدية للواقع ...بحثا عن جيل ضاعت ...
- الساعة الخامسة والعشرون - قراءة حديثة في رواية قديمة
- شغف
- الدم لا يتكلم
- الــمــولـــودة
- سوداد (هاوية الغزالة)
- قناع بِلَون السماء
- مذكرات القائد الشيوعي محمود الأطرش المغربي
- غالب هلسا: روح ناقدة بدأت بنقد الذات
- حمزة شحاتة: مِن أخلاق البيت إلى المدرسة إلى الزقاق.
- بندلي جــــوزي:رائد الاتجاه القومي الماركسي
- د.سيد القمني: من التقليد إلى التجديد في الفهم الديني
- صادق جلال العظم: المادية والتاريخ
- هادي العلوي: جدلية الفكر الديني
- طنطورية رضوى عاشور وهذا النداء للتوثيق


المزيد.....




- مترجمون يثمنون دور جائزة الشيخ حمد للترجمة في حوار الثقافات ...
- الكاتبة والناشرة التركية بَرن موط: الشباب العربي كنز كبير، و ...
- -أهلا بالعالم-.. هكذا تفاعل فنانون مع فوز السعودية باستضافة ...
- الفنان المصري نبيل الحلفاوي يتعرض لوعكة صحية طارئة
- “من سينقذ بالا من بويينا” مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 174 مترج ...
- المملكة العربية السعودية ترفع الستار عن مجمع استوديوهات للإ ...
- بيرزيت.. إزاحة الستار عن جداريات فلسطينية تحاكي التاريخ والف ...
- عندما تصوّر السينما الفلسطينية من أجل البقاء
- إسرائيل والشتات وغزة: مهرجان -يش!- السينمائي يبرز ملامح وأبع ...
- تكريم الفائزين بجائزة الشيخ حمد للترجمة والتفاهم الدولي في د ...


المزيد.....

- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير
- مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب- / جلال نعيم
- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رشيد عبد الرحمن النجاب - جزء ناقص من الحكاية،،، شغف اصطياد اللحظة