|
هل تجاوزت التغييرات الميدانية الدراماتيكية سقف أهداف تعديل حدود خارطة حصص السيطرة على سوريا
نزار فجر بعريني
الحوار المتمدن-العدد: 8183 - 2024 / 12 / 6 - 12:28
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
أحاول تقديم إجابة موضوعية على تساؤل الأمس : هل تجاوزت التغييرات الميدانية الدراماتيكية سقف " تعديل " حصص السيطرة التي استقرّت بين ٢٠١٩ ٢٧ نوفمبر الماضي؟ المزاج العام و النخبوي السوري ، سواء المنتشي بنتائج الانتصارات الأخيرة، أو القلق من احتمالات تعزيزها ، يعتقد أنّها قد تجاوزت سقف أهداف إعادة رسم خارطة التحاصص ، وتسعى الى تغيّر نظام الحكم !(١) بعيدا عن هذا المزاج النخبوي الرومانسي، (الذي أثبتت مسارات ونتائج الصراع في أعقاب حراك ربيع ٢٠١١ لا موضوعيته ، وانفصال الثقافة السياسية التي يقوم عليها عن حقائق الصراع الرئيسية في مصالح وسياسات الولايات المتّحدة الأمريكية، المتحكّم الرئيسي برسم خرائط السيطرة السياسية محليّا وإقليميّا منذ مطلع خمسينات القرن الماضي) وعن مشاعر القلق المشروعة في مناطق سيطرة النظام ، لنتساءل: كيف نحدد مآلات الحرب الراهنة ؟ من خلال معرفة طبيعتها؟ وكيف نفهم طبيعتها السياسيّة؟ سقف أهدافها السياسية، ومآلات معاركها العسكرية ؟ ثمّة أربع عوامل : ١ما تقدمه ثقافة الوعي السياسي النخبوي المعارض . ٢ الأهداف المُعلنة للدول المتورّطة. ٣ نشاط المؤسسات الدولية ... ٤ طبيعة مصالح وسياسيات القوّة الرئيسية المتحكّمة ، وهي الولايات المتّحدة الأمريكية. أعتقد جازما في ضوء عوامل سياق مشروع السيطرة الإقليميّة الأمريكية لحقبة ما بعد الحرب العالمية الثانية أنّ الخيط الرئيسي لمعرفة طبيعة التطوّرات هو إدراك ماذا تريد الولايات المتّحدة ، ويتوافق مع مصالح تركيا نسبيّا وإسرائيل بشكل كامل، في هذه المرحلة الأخيرة من الصراع على سوريا . فتركيا ليست العامل الرئيسي، وما يقوم به الجولاني أكبر من إمكانيات تركيا ، التي كان أقصى ما يمكن أن تحلم به هو السيطرة على حلب، وقد كان حتى تحقيق هذا الهدف مستحيلا خارج سياق سياسات واشنطن. لنحاول مسك الخيط في ضوء معرفتنا أنّ الجولاني، وكانتونه ، هو بالجوهر وظيفة أمريكية، وقد كان الهدف من وجوده أنّ يبقى حاجز صد، لحماية خاصرة كانتون قسد الجنوبية الغربية ، في مواجهة محاولات النظام وروسيا وإيران للتقدّم باتجاه الكانتون الأمريكي. لا ينقص من موضوعية هذا الاستنتاج أن تكون قد استفادت منه تركيا إيضا لنفس الهدف المرتبط بمناطق سيطرتها . المؤكّد انه ليس ورقة تركية ، رغم بعض التقاطعات ...وهو استنتاج مهم لكي نفهم مسارات ومآلات التغييرات القادمة . نتائج حروب نتنياهو على مرتكزات إيران، وضعف العامل الروسي، هي أيضا عامل رئيسي ، لكنّها تأتي تحت مستوى وسقف الأهداف الأمريكية. التساؤل الذي يطرح نفسه : ماذا تريد الولايات المتّحدة في هذه الحرب ، التي اخذت مسارات واهداف تغيير حدود السيطرة التي فرضتها بين ٢٠١٩ و٢٧ نوفمبر الماضي، قبل أن تتجاوز هذا السقف في معارك السيطرة الجزئية على حماه ؟ يجب الاعتقاد انّ جهودها تصب في إطار ، وتأخذ بعين الاعتبار تحقيق مجموعة أهداف مترابطة: ١ ..تعزيز كانتون قسد، على صعيد التمكين الجغرافيا والديمغرافي والعسكري، ولهذا الهدف الاستراتيجي الأولوية المطلقة .(٢). ٢ احتواء مخاوف تركيا ، التي وجدّت في استقرار وتثبيت حصص السيطرة السابقة ، خاصة على صعيد تأهيل سلطة قسد والنظام ، وما نتج عنه من غياب مسار سياسي شامل، يتضمّن إيجاد حلول لقضايا تركيا المعلّقة، كمسألة المهجّرين ، والمخاوف تجاه قسد ...ومسألة الميليشيات.(٣). ٣ إرضاء إسرائيل، التي فرضّت حروبها ضد مرتكزات النظام الإيراني على الولايات المتّحدة التخلّي عن الشريك الإيراني في الحصّة السورية السابقة لبدء حروب إسرائيل في الثامن من أكتوبر ٢٠٢٣. فهل يتجاوز سقف الحرب الحالية الأمريكية تلك الأهداف التي لا توجّب تغيير نظام دمشق ؟ يعتقد الرأي العام ، المبهور بنتائج الحرب الجولانيّة الاوليّة ، أنّ الهدف هو تغيير سلطة النظام في دمشق. دعونا نتساءل: ما هي مصلحة الولايات المتّحدة في تغيير نظام دمشق ؟ هل لها مصلحة في قيام دولة ممتدّة من حدودها مع قسد، حتى الحدود الإسرائيلية التركية والأردنية، وتملك إمكانيات قيام توحيد السوريين، وتحشيد طاقاتهم في إطار مشروع وطني ... كما يمكن أن تكون على علاقات جيدة مع تركيا والمحيط العربي، وبالتالي تشكّل خطرا على كانتون قسد ..وتتحوّل إلى لاعب إقليمي في مواجهة إسرائيل؟ أبدا !! ضمن سقف أهداف الحرب الأمريكية، يمكن توقّع مسارات ومآلات الحرب ، وهدفها الأمريكي الإسرائيلي الرئيسي. ------------------يُتبع -------------------------- ١في واقع تخندقات السوريين المعروفة، وما نتج عنها من انقسامات، نادرا ما نجد قراءة موضوعية، تبيّن طبيعة الصراع، وتكشف حقائقه.لاتخرج ردود الأفعال النخبوية التي تحاول فهم ما يحصل عن هذا السياق. على العموم ، غالبية الآراء هي انعكاس لسير معارك الحرب الميدانية ، وتعتقد انّ هذه التقدّم السريع للقوّات التي تحارب جيش النظام سيستمر حتى دمشق، وسيؤدّي إلى تغيير سياسي نوعي . الموقف النقيض، هم الذين يعتقدون بقدرة الهجوم المضاد على وقف زحف تقدّم الهجوم على الأقل عند أبواب حماه . البعض يشكّك بنوايا تركيا ، ويعتقد أنّ ما يحصل هو امتداد للسياسات وأطماع تاريخية في الجغرافيا السورية، خاصة تجاه مدينة حلب .ثمّة من يشكّك بنوايا " هتش" ويؤكّد عجزها عن تغيير جلدها! في تصريحٍ ثوريٍّ مليء بالأمل والعزيمة، أطلق رئيس الائتلاف الوطني السوري، السيد هادي البحرة، تصريحاتٍ حاسمةً تجدد الأمل في قلوب ملايين السوريين، مؤكدًا أن تحرير الأراضي السورية من قبضة ميليشيات النظام الطائفية والميليشيات الانفصالية ليس مجرد حقٍّ للشعب السوري بل واجبٌ ديني ووطني. “التحرير قادم لا محالة”، هكذا صدح البحرة في حديثه عن جهود الأحرار والمقاومين من أبناء سوريا في المضي قدمًا لتحرير الأرض وبناء المستقبل. في بيان إلى " أبناء الطائفة العلويّة في ريف حماه " بتاريخ ٤ ديسمبر ، أكّدت " إدارة الشؤون السياسية في حكومة الإنقاذ " بأنّ الوقت قد حان لطي صفحة الآلام التي عانى منها الشعب السوري على يد نظام الأسد ".و" أنّ سوريا المستقبل ستكون سوريا موحّدة بأبنائها جميعا، حيث يتمكّن كل فرد من العيش بكرامة وأمان ، بعيدا عن القمع الذي مارسه النظام طيلة عقود "." وحيث إنّ الثورة السورية هي كلمة جامعة تحت سقف سوريا ،تهدف لنيل الحرية والعدالة والكرامة،فأننا ندعو أبناء الطائفة العلويّة لفك أنفسهم عن هذا النظام ..." بيان باسم الدكتور رياض حجاب ، أكّد على " أنّ وحدة الأراضي السورية واستقلالها هي خط أحمر ، ولا يمكن القبول بأيّة مشاريع تقسيمية تحت أيّة ذريعة كانت ،وعلى حرمة الدم السوري ،ومنع التعدّي على الأموال والحرمات والممتلكات ".وانّ الهدف الأسمى من حركنا هو تحقيق العدالة وحرية الشعب السوري، وصيانة كرامته عبر تأسيس نظام حكم يصون الحقوق والحريات الأساسية لجميع المواطنين ضمن إطار الهوية الجامعة ، والوطن الواحد...." ليس خارج السياق ، أصدر البيت الأبيض بيانين، الأول يوم 30 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، وجاء فيه أن واشنطن تراقب الوضع في سوريا عن كثب. وألقى بمسؤولية تدهور الأوضاع على الرئيس بشار الأسد لرفضه المتواصل المشاركة في العملية السياسية الموضحة في قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2254 واعتماده التام على موسكو وطهران. وأكد البيان "عدم وجود أي علاقة لواشنطن بهذا الهجوم الذي تقوده هيئة تحرير الشام، وهي المنظمة التي توجد ضمن قائمة المنظمات الإرهابية لوزارة الخارجية الأميركية". ووعد "بالدفاع عن الجنود الأميركيين والمواقع العسكرية الأميركية وحمايتها بشكل كامل لضمان عدم عودة تنظيم داعش للظهور في سوريا مرة أخرى". (٢)- بيّنت ُفي اكثر من دراسة أنّ الهدف الاستراتيجي للولايات المتّحدة في مواجهة عواقب الصراع على السلطة السورية ، الذي تفجّر في حيثيات ربيع ٢٠١١، هو بناء قاعدة ارتكاز وتحكّم استراتيجية دائمة في مثلث التخوم السورية التركية العراقية، تمكّنها من السيطرة على سلطات النظم السياسية في هذه الدول والتحكّم في مآلات الصراع عليها ، وبالتالي تعزيز قبضة هيمنتها الإقليميّة، وقد حققت في نهاية حروب " إعادة تقاسم الحصص " بين ٢٠١٥ ٢٠١٩، أكثر من ذلك، عندما ربطت وليدها الجديد بقاعدة التنف ، وعززت وسائل تحكّمها بمجريات التطوّرات السياسية في الأردن و" إسرائيل ". من المؤسف أن يجهل هذا العامل المركزي في تحديد طبيعة سياسات واشنطن الوعي السياسي النخبوي المعارض...ويبني وعيه ومواقفه على أساس عوامل ثانوية! (٣)- لنلاحظ عجز الوعي السياسي النخبوي اليساري المؤدلج عن إدراك طبيعة الصراع ( قوّته المحرّكة الرئيسية ، والمصالح العميقة التي تحدد أهداف السياسات، وطبيعة الأدوات ، والمآلات ) والاقتصار على رؤية تمظهراته: "...لقد أطلقت حكومة حزب العدالة والتنمية، بالاشتراك مع إسرائيل والولايات المتحدة والمملكة المتحدة وفرنسا، عملية شاملة في سوريا. ......منذ أشهر، يؤكد الحزب الشيوعي التركي أن الاستعدادات جارية لمهاجمة سوريا تحت ذريعة “التهديد الأمني”، ويحذر من أن هذا من شأنه أن يجر المنطقة إلى حروب دموية جديدة لا نهاية لها. ومرة أخرى، يتبين أن حكومة حزب العدالة والتنمية لا تتعب من العمل بالتنسيق مع إسرائيل. إن العلم التركي في حلب والتفاخر بالغزو من قبل الكتاب المؤيدين لحزب العدالة والتنمية لا يغيران من حقيقة أن تركيا، جنباً إلى جنب مع الولايات المتحدة وإسرائيل، منخرطة في جهد لتفكيك دولة مجاورة. " إننا نتحدث عن عملية قد تتحول إلى خسارة بل وحتى دمار لكل شعوب المنطقة. فالدول المتنافسة فيما بينها تستمر في صب الزيت على النار بما يتماشى مع مصالح طبقاتها المستغلة وليس مصالح الشعوب. ولا ينبغي لمواطنينا أن ينخدعوا بصيحات النصر. ولا ينبغي لنا أن ننسى أن تحالف الإمبريالية الأميركية والصهيونية والعثمانية الجديدة لن يجلب لتركيا سوى الكارثة." اللجنة المركزية للحزب الشيوعي التركي.٥ ١٢.
#نزار_فجر_بعريني (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
في حيثيات وأهداف هجوم- رد العدوان -!
-
كيف يمكن للسوريين الخروج من نفق عواقب الخَيار العسكري الميلي
...
-
في ابرز عوامل وأهداف هجوم - فجر الحرية -!
-
في ابرز عوامل الهجوم على حلب !
-
هل انتصر حزب الله ؟
-
قراءة أولويّة في نتائج صفقة وقف إطلاق النّار بين إسرائيل وحز
...
-
في دوافع التصعيد في الحرب الأوكرانية الروسية. ج٢.
-
في حيثيات و دوافع التصعيد الأخير في الحرب الأوكرانية الروسية
...
-
في نقد رؤية الأستاذ أكرم حسين حول متطلّبات الشروط السورية ال
...
-
دور - قسد- و وظيفة - مسد- في إطار مشروع السيطرة الإقليميّة و
...
-
دور - قسد- و وظيفة - مسد- في إطار مشروع السيطرة الإقليميّة و
...
-
حول طبيعة المأزق البنيوي في سياسات السيطرة الإقليميّة الأمري
...
-
في أبرز حقائق حروب ما بعد طوفان الأقصى !
-
كيف تؤثر نتائج الانتخابات الأميركية على جبهات الصراع الإقليم
...
-
في حيثيات وأهداف مؤتمر بروكسل المسدي، ٢٠٢&
...
-
دراسة في حيثيات وأهداف مؤتمر بروكسل للمسار الديمقراطي ج£
...
-
دراسة في حيثيات وأهداف مؤتمر بروكسل ٢٠٢
...
-
في طبيعة استعصاء الدبلوماسية الأمريكية تجاه مسارات السلام ال
...
-
طبيعة التحدّيات الإقليميّة التي تواجهها إدارة بايدن في سباق
...
-
محطّات نوعية في مسارات كفاح الشعب الفلسطيني.
المزيد.....
-
عارضة الأزياء باميلا أندرسون بإطلالة يغيب عنها المكياج..ما ا
...
-
محلل لـCNN: الدبابات الإسرائيلية على بعد 30 كيلومتر من دمشق
...
-
احتجاجات طلابية تشل التعليم في صربيا
-
ترامب: هذا يوم عظيم لأمريكا
-
الصين تخطط لإطلاق قطار -أسرع من الطائرات-!
-
روسيا.. إصدار كتب حول الذكاء الاصطناعي لطلاب المدارس
-
حمية غذائية تساعد على تخفيف الألم المزمن
-
اغتيال حسن نصر الله أم سقوط بشار الأسد؟.. إيران تكشف أي الحد
...
-
تقارير غربية: حماس تبدي مرونة بشأن اتفاق وقف النار وتوافق عل
...
-
-منصة القاهرة- للمعارضة السورية تعلن موقفها من حكومة البشير
...
المزيد.....
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
المزيد.....
|