صوت الانتفاضة
الحوار المتمدن-العدد: 8181 - 2024 / 12 / 4 - 00:13
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
بدأت الأزمة في سوريا بحركة احتجاجات واسعة عام 2011، طالبت هذه الاحتجاجات بإطلاق سراح المعتقلين ورفع حالة الطوارئ، النظام في سوريا لم يستجب لتلك المطالب ولم يشكل لجان للحوار والتفاوض مع المحتجين، واستخدم اقصى ما يمكن من العنف، فقتل وأعدم الكثير من شبيبة سوريا، وملأ المعتقلات والسجون بهم.
شيئا فشيئا بدأ التدخل الخارجي تتوضح معالمه، فتحولت سوريا لساحة لتصفية الحسابات، أطراف إقليمية ودولية تريد بقاء الأسد ونظامه في السلطة، وتقابلها أطراف أخرى تريد ازاحته واسقاطه، هذه الأطراف رمت بكل ثقلها المالي والعسكري والايديولوجي، جاعلة من بقاء-اسقاط الأسد هدفها الأساسي.
الجماهير المحتجة انزاحت عن المشهد، فهي اما انها قتلت او اعتقلت او هٌجرت او انظمت لأحدى المعسكرات او الميليشيات، صار العنف هو المشهد السائد والمسيطر في كل أرض سوريا؛ تهدمت المدن وتحولت الى خرائب مهجورة، الملايين يسكنون في بلدان مجاورة، يعيشون في خيم متهالكة، والذين بقوا في سوريا فأنهم يعيشون الموت في كل لحظة، من الجوع والبرد والامراض وهجمات المسلحين والسلطة.
تحول المشهد من حركة احتجاجية سلمية وعفوية، تطالب بالخدمات والحريات وإطلاق سراح المعتقلين، تحول الى خطاب ديني-طائفي مقيت، الجميع أرسل مسلحيه وميليشياته، مدججين بالأسلحة العقائدية والطائفية، أصبح تجنيد الناس للقتال في سوريا على أساس حماية الدين-الطائفة؛ امتلأت سوريا ب "الشيشاني، التركي، التونسي، الافغاني، الباكستاني، الإيراني، العراقي، اللبناني، الفلسطيني" والعشرات من الجنسيات المختلفة، فالكل يدافع عن "دينه-طائفته"، ف "الدين-الطائفة" أهم من حياة الانسان في هذه المنطقة البائسة.
هذه الأيام تم تفعيل القضية السورية، فجأة نشاهد مدن كبيرة في سوريا تسقط بيد جماعات مسلحة عديدة وخلال أيام، يرافقها ظهور مقاطع فيديو تظهر اشخاص يتكلمون عدة لغات اجنبية وبملابس دينية توحي لمجاميع معينة معروفة، يتحدثون عن تحرير سوريا من الحكم البعثي؛ وحتى تكتمل الصورة التي رسموها لسوريا، فقد ظهرت مجاميع مسلحة أخرى، وهي أيضا لديها زيها الخاص يوحي لمجاميع معينة معروفة، تتحدث عن حماية "المقدسات" ونظام الأسد، وبهذه اللعبة الخطابية جروا الناس للقضايا الطائفية، وكأنهم يجهزون الأرض لسيناريو مشابه، ينشروه في عموم المنطقة، او على الأقل بعض البلدان.
هكذا يجري الصراع، أو لنقل هكذا يريدون شكل الصراع ان يستمر، ليغيبوا المحتوى الحقيقي له، ان المنطق يقضي بأن تكون هناك رؤية أخرى لهذه الصراعات المستمرة في هذه المنطقة.
طارق فتحي
#صوت_الانتفاضة (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟