|
حول الاعتراض على عبارة -المعارضة السورية المسلحة-
علاء اللامي
الحوار المتمدن-العدد: 8179 - 2024 / 12 / 2 - 12:05
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
يُنسب إلى الإمام علي بن أبي طالب قولٌ أجاب به على سؤال أحد أصحابه سأله؛ إنْ كان الخوارج (الذين سيغتالون علياً لاحقا وهو يصلي) والذين قاتلوهم وقتلوا منهم كثيرا، إنْ كانوا كفاراً أم لا، فقال الإمام "هم إخواننا بغوا علينا - وسائل الشيعة - الحر العاملي – ص83- مج 15": البعضُ - وأخص بكلامي هنا المؤدبين منهم وليس أولئك الذين يشككون في ضمائر المختلفين معهم - على طريقة قساوسة محاكم التفتيش- والذين يستعملون عبارات وكلمات سمجة يخجل من كتابتها أراذل القوم - البعض وفي فورة احتدامهم دفاعا عن النظام السوري وتبرير إخفاقاته وهزائمه الكارثية بعد انهيار قواته في جبهة القتال على الطريقة الموصلية، يشتطون بعيدا ويرفضون منح معارضيه المسلحين صفة "معارضين مسلحين" بل هم يتكرمون عليهم حينا بلفظ الجماعات والحركات التكفيرية أو العصابات الوهابية وإذا بالغوا في الكرم سموهم الفصائل! *معروف تأريخيا أن الأنظمة الحاكمة الاستبدادية وقوات الاحتلال الأجنبية لا تعترف بوجود أي نوع من المعارضة وبالأخص المعارضة المسلحة، أو المقاومة، وهذا مفهوم لأن تسميتهم معارضة ينزع عن الحكم الاستبدادي أو الاحتلال الأجنبي شيئا من شرعيتها وشرعية خطابها، فهي تسميها مثلا "المخربين" أو الإرهابيين أو تصفهم على طريقة إعلام البعث العراقي "الخونة – وكيس أزبال"، وصار من المعتاد، أن تلزق أية معارضة سياسية أو مسلحة بدولة اجنبية وتتهم بالعمالة لها حقا أو باطلا، حتى ولو كانت تلك الدولة ترتبط بأوثق العلاقات مع هذه الدولة. أما التشكيك في شرف ونوايا وأخلاق المعارضين وتشويه سمعتهم وحتى السخرية من أشكالهم وطول أنوفهم أو جحوظ أعينهم وتحريف أسمائهم الشخصية ونبش أصولهم وجذورهم العائلية والبحث عن بعض الجذور اليهودية أو الماسونية أو الصليبية لهم ...إلخ فحدث ولا حرج! وقد برزت خلال الحرب الأهلية الطائفية في العراق بعد الاحتلال الأميركي مباشرة مصطلحات خاصة بكل طرف مقاتل، فالإعلام الطائفي الشيعي يسمي مسلحي السنة "الجماعات المسلحة" أما الإعلام الطائفي السني فيسمي خصومه من المسلحين الشيعة "المليشيات"، وما يزال الساسة الشيعة والكرد يتحسسون بل ويغضبون من كلمة "مليشيات" حتى الآن ويعتبرونها سُبة رغم أن الكلمة مصطلح سياعسكري عالمي تنص عليه دساتير بعض البلدان مثل سويسرا التي تفاخر في المادة 8 من دستورها بأن "جيشها الشعبي يقوم على أساس تنظيم المليشيات". *على الصعيد الشخصي، لا يهمني النقد التهجمي كثيرا لأنه فارغ المحتوى وأقرب الى الضجيج، ولكنني أحيانا أرد عليه بقسوة إن جاء على صفحتي واستهدف شخصي وليس كتاباتي، وأرحب بالنقد الرصين دائما ولكني، وقد اخترت غالبا طريقة توزيع اللعنات وليس الأوسمة والتبريكات على جميع أطراف الصراع فعلي أن أكون مستعدا لتلقي الغضب والتهجمات إلى جانب النقد الهادئ والرصين. وما كتبته يوم أمس حول أحداث الشمال السوري وتوقعت له رفضا وسوء فهم واسعين فاجأني بحجم التجاوب معه والتفهم له أولا، وبرصانة التعليقات المخالفة لما ذهبت إليه ثانيا، وقد رددت عليها جميعا تقريبا بهدوء إلا في حالة واحدة رددت عليهما بشيء من الحدة لأن المعقب بدا وكأنه لا يريد حوارا بل الإساءة الشخصية لي وباستعلائية ممجوجة ثم يصمت، أو أن يعلق على تعليق آخر لصديق آخر محاولا النيل مني ثم يصمت أيضا. *أعود إلى عبارة "المعارضة المسلحة" وإلى أصلها في القاموس السياسي السائد لنرى أن المشهد السياسي في كل بلد ينقسم إلى موالين وهم أهل الحكم وحاشيتهم والمستفادون والممولون منه وهؤلاء يرون الحكام ملائكة معصومين ومباركين وناجحين في كل خطوة يخطونها حتى لو كانت باتجاه جهنم! والى معارضين وهم الذين يعارضون وينتقدون الحكم ويرون في كل ما يفعله خطأ وكارثة. وفي حالات أخرى تتطور المعارضة السياسية أو التحركات المعارضة السلمية السياسية إلى معارضة مسلحة بدعم داخلي وخارجي ويبدأ عندها الاقتتال الأهلي أو الحرب الأهلية. كل ما هو خارج هذا التوصيف السياسي التقريري - مع استثناء قلة من المستقلين والمستقيلين من كل صراع - يغدو نافلا وإنشاء إعلاميا لأحد الطرفين المتقاتلين أي النظام الحاكم ومعارضيه السلميين أو المسلحين من قبيل مصطلحات الحكم التي يطلقها على معارضيه من قبيل مخربين تكفيريين، عملاء، خونة، عصابات ومتطرفين لا يوجد معتدلون بينهم وكلهم ذباحون...إلخ، أو من مصطلحات يطلقها المعارضون على نظام الحكم من قبيل الزمرة الحاكمة، العصابة، الجلاد، الهدام، الشرذمة والدكتاتورية... فهذه كلها صفات إنشائية قد تصح وقد لا تصح، أما الذي يصح دائما فهو وجود نظام (منظومة) حكم ومعارضين لنظام الحكم، ولا علاقة لأوهامنا وعواطفنا بهذه الصفات والمصطلحات... وآسف جدا لهذا الاستدراك الطويل والذي كنت أظنه من بديهيات الأمور ولا يقبل الاستثناءات! عموما لن أكرر هنا ما قلته في منشوري السابق، عن وجود الأصابع الصهيونية والتركية والخليجية والأميركية في هجوم المعارضة السورية المسلحة الأخير، ولا عن صفاتها السلبية ومسؤوليتها إلى جانب النظام عن كل ما حل بسوريا وشعبها من تدمير وقتل ومجازر، ولا عن تقاعس الحكم في سوريا عن إبداء المرونة المطلوبة والاستعداد المخلص للتخلي عن حكمه الأمني الاستبدادي وسلطة الحزب الواحد إنقاذا لشعبه الذي تشرد نصفه في المنافي ونصفه الآخر يعاني الأمرين من فساد مؤسسات الحكم واستبدادها في الداخل؛ بل سأكرر هنا جوهر ما كتبته في منشوري السابق: "إن دوامة الدماء والتدمير في سوريا ستستمر للأسف الشديد حتى لو تم إفشال هجوم المعارضة المسلحة الجديد وحتى لو تمكنت المعارضة من السيطرة على الشمال السوري ومناطق أخرى ولا بد من كسر هذه الدوامة. ولكن كسرها لن يتحقق بالقوة العسكرية من أي طرف بل من خلال اجتراح حل تصالحي سوري استقلالي تتوافر لإسناده قوة هائلة هي قوة الشعب السوري في الوطن وفي المنافي ولا يتطلب من القيادات سوى الشجاعة والإخلاص ومغادرة العقلية الحربية والاستبدادية نحو مشروع حقيقي للحوار والمصالحة وكل من يرفض هذا الطريق إنما يدفع نحو الدوامة.. دوامة الدماء والتدمير"! *سؤال صغير: ماذا يسمي أنصار الحكومة السورية الآن فصائل قوات سوريا الديموقراطية "قسد" التي سلمتها القوات السورية الحكومية بعض المناطق قبل أن تنسحب منها؛ هل هي قوات تخريبية عميلة لواشنطن يقودها خونة ومرتزقة كما دأبوا على تسميتها، أم هي قوات وطنية سورية حليفة؟ أنا ما أزال أسميها باسمها السياسي؛ "قوات معارضة مسلحة سورية" ولكنها عميلة للولايات المتحدة وقد عقدت صفقة سريعة مع حكومة دمشق! تعليقان: 1-لم أجمع قط بين الوطنية والتكفيرية، ولا بين الوطنية والعمالة، ولا بين الوطنية والطائفية، بل قلت وكررت هي "معارضة سورية مسلحة"، وهناك من يعتبر عبارة "معارضة مسلحة" تشريفا لها أو مديحا غير جائز وهي لا هذا ولا ذاك .. أما العمالة للأجنبي فهي نقيض الوطنية بمعنى الاستقلال والولاء للوطن والشعب وما تبقى من صفات تلحق بها أو بالنظام هي مجرد صفات بلاغية لا محتوى سياسيا لها، ورفضتُ في أكثر من تعليق - خصوصا على الصديق ق.م- وصفها بالمعارضة الوطنية إذا كنا نعني بالوطنية الاستقلالية الوطنية والمبادئ الوطنية التي نعرفها وبهذا المعنى فحتى الطائفي الشيعي أو السني أو المسيحي الذي يعطي ولاءه للطائفة على حساب الوطن والهوية الرئيسية ليس وطنيا. 2- أتفق معك صديقي في القول إن على "السوريين الوصول إلى حل يحفظ وحدة سوريا ولكن التدخل الخارجي يمنع ذالك"... ولكني لا أصف المعارضة السورية المسلحة بالوطنية لأن كلمة الوطنية في اللغة السياسية العربية على الأقل تحمل شحنة تقييم إيجابي يصطدم بحقيقة تعاملها وخضوعها للدول الأجنبية وعدم استقلال قرارها السياسي والعسكري ... ولكنها كما قلت "معارضة سورية مسلحة". أما تدخل الجماعات المسلحة الشيعية العراقية او غير العراقية فيمكن احتسابه ضمن دائرة التدخلات الأجنبية ومن جماعات قوقازية وتركية ومن دول عديدة أخرى لمصلحة المعارضة السورية المسلحة وأنا ضد أي تدخلات أجنبية بما في ذلك وخصوصا التدخلات الأميركية والتركية والروسية والإيرانية وقد بينت موقفي هذا مبكرا جدا وفي سنوات الحرب السورية الأولى *ملاحظة أخيرة لست معنيا بأن يشمل كلامي هنا أشخاصا آخرين كرروا ما فعله أحد أصدقاء صفحتي الذي انتقدني بطريقة مستهجنة على استعمالي لعبارة "المعارضة السورية" واتهمني بالجهل ...إلخ فالتقاطع أي "التلاقي" في الآراء بين الناس سواء كانوا من مؤيدي النظام الحاكم أو معارضيه المسلحين ليس مشكلتي بل هو من طبيعة الأمور.
#علاء_اللامي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
لماذا حدث ما حدث في شمال سورية؟
-
جغرافيا التوراة والجوهر الإبادي التوراتي للحركة الصهيونية
-
انتصار أم هزيمة، صمود المقاومة وخيبة العدو!
-
بين التوراة والعلوم الحديثة: جنوب لبنان جزء من -إسرائيل- أم
...
-
بين أكذوبة بوابة إسرائيل وأنقاض -صقلغ- المزعومة
-
مشروع قانون هليفي لسرقة آثار الضفة وتلفيقات أركيولوجية أخرى
-
نتنياهو وترامب؛ الرجل وظلُّ ذيله
-
الإنسان المقاتل أولاً وليس الصواريخ
-
حظروا الكحوليات ليتاجروا بالمخدرات ويهرِّبوا الكحوليات!
-
تحميل: كتاب وودورد كشف تآمر الحكام العرب ضد المقاومة
-
العدوان الإسرائيلي على جبهة التراث والآثار: قنابل وأكاذيب!
-
الصوت العربي في الانتخابات الأميركية والتخويف بترامب
-
ترامب ليس جديدا على شعوبنا!
-
لماذا طالب السيستاني الآن بحصر السلاح بيد الدولة؟
-
مقابلة مع فنكلستين: إسرائيل تريد إبادة الفلسطينيين
-
لماذا يدفع البعض السعودية دفعاً إلى التطبيع ويسكت على الإمار
...
-
لماذا يعادي البعث العراقي المقاومة الفلسطينية واللبنانية؟ جر
...
-
محارق نتنياهو: الردع النكبوي الصهيوني وجه آخر للقتل النكائي
...
-
بصراحة :مواقف قطر أفضل من العراق والجزائر
-
رداً على تخطئة المقاومة بحجة مجازر العدو!
المزيد.....
-
-تعرضوا لقسوة لا تتصور-.. شاهد بايدن يتحدث عن تاريخ العبودية
...
-
قرب حدود سوريا.. فيديو يظهر تدريبات قوات عراقية يثير تكهنات
...
-
عالمة روسية: الرغبة في الحفاظ على النظام والاستقرار ساهمت في
...
-
المغرب.. تفاعل كبير مع واقعة الاعتداء على سائق تاكسي كان يق
...
-
استسلام جنود أوكرانيين من اللواء الرئاسي عند وصول الجيش الرو
...
-
مقتل طبيب فلسطيني واحتراق أكثر من 15 خيمة بقصف إسرائيلي على
...
-
كوريا الجنوبية.. البرلمان يستعد للتصويت على عزل رئيس البلاد
...
-
مراسلتنا: الجيش السوري يفشل هجوم التنظيمات المسلحة على مدينة
...
-
محكمة أمريكية ترفض الدعوى المرفوعة ضد هانتر بايدن بعد العفو
...
-
زعيم المعارضة في كوريا الجنوبية يحذر من استفزاز محتمل ضد الج
...
المزيد.....
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
المزيد.....
|