أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - كرم نعمة - ابتذال المحلل السياسي














المزيد.....

ابتذال المحلل السياسي


كرم نعمة
كاتب عراقي مقيم في لندن

(Karam Nama)


الحوار المتمدن-العدد: 8177 - 2024 / 11 / 30 - 16:12
المحور: الادب والفن
    


لم يشهد تعريف “المحلل السياسي” هذه الدرجة من الابتذال إلا بعد أن استحوذ قطاع طرق القنوات الفضائية على موجات البث، وصار التلفزيون ناطقا باسم قدسية الحكومات والتغاضي عن فساد الأحزاب وتجار السياسة ولصوص الدولة.
مهلا! لكن كم نتحمل نحن الصحافيين من مسؤولية شيوع هذا الابتذال؟ هناك الكثير جدا من الأسباب التي تجعلنا نعترف بتحمل المسؤولية في مجملها عندما نتهاون بإطلاق تعريف مفخم، بل يكاد ينفجر بوجه المشاهد “خبير، محلل سياسي، مرموق…” على أشخاص يعبرون عن عجزهم اللغوي والمعرفي في صناعة الأفكار والتوصل إلى خلاصات من هذا المزيج المربك والمتناقض في الأحداث.
إن المهتمين بالسياسة، مثلهم كمثل غيرهم من المهتمين بعلوم الاجتماع والطبيعة، يجمعون البيانات ويصلون إلى الأفكار التي تبدو لهم مفيدة. لكنهم أكثر حذرا من تحويل التنبؤات إلى حقائق وكأنها ستحدث غدا، كي لا تتحول خلاصاتهم إلى مجرد وعود زائفة، مما يؤدي إما إلى جمع افتراضات غير ذات صلة أو إلى بناء نظريات مضللة.
ظهر التحليل السياسي جنبًا إلى جنب مع دراسات الثقافة السلوكية، على اعتبار أن النظام السياسي يدمج جميع الأنشطة التي تتم من خلالها صياغة السياسة الاجتماعية وتنفيذها. سبق وأن عرّف عالم السياسة الأميركي ديفيد إيستون السلوك السياسي بأنه “التخصيص السلطوي للقيم”، والمحلل السياسي وفق التخويل الأخلاقي الذي يحصل عليه من القناة الفضائية يخضع لسلطة القيم أيضا.
ذلك ما لا يحصل غالبا عندما يتحول “المحلل السياسي” إلى مجرد ناطق آخر باسم الحكومات ورجال الإعمال، بل يصبح مبتذلا عندما يبرر الخدمات الصحفية مدفوعة الأجر التي تقدمها القناة الفضائية للسياسيين أو الحكومات.
السياسة ربما تكون أكثر الظواهر الاجتماعية صعوبة في صياغة نظريات حولها. مع ذلك لا تنقصنا النظريات. بل إن هناك نظريات عديدة تتنافس على تفسير الخيارات السياسية أو توجيهها. وما يزيد الأمور صعوبة، وفق تحليل منهجي يدرسه طلاب جامعة كامبريدج، أن النظريات المتعلقة بالسياسة تتراوح بين النظريات المعيارية “ما ينبغي أن يكون” والنظريات الإيجابية “ما هو كائن”. ولأن السياسة معقدة، والنظريات السياسية تشتمل على عناصر إيجابية وأخرى معيارية، فإن الوافدين الجدد لا يستطيعون أن يحددوا من أين يبدأون أو بماذا يؤمنون.
كانت المدرسة الفكرية السائدة في العلوم السياسية هي نظرية الاختيار العقلاني التي ترى أن التاريخ والثقافة لا علاقة لهما بفهم السلوك السياسي؛ بدلا من ذلك، تكفي معرفة مصالح الجهات الفاعلة والافتراض بأنها تسعى إلى تحقيقها بعقلانية. لكنها تعرضت إلى انتقاد عاصف وتم التخلي عنها عمومًا باعتبارها مجرد تجريدات غير قابلة للتحقق ولا تتمتع بقوة تفسيرية أو تنبؤية كبيرة. فالساسة انتهازيون إلى ما لا نهاية، ولا ينبغي على من يضع أداءهم تحت المجهر أن يكون أكثر انتهازية منهم!
أما التلفزيون فقد كان أداة للحكم حينما كان محليا، الحكم بطريقة التحذير والتخويف الذي تستخدمه الحكومات، أما حين أصبح فضائيا فقد أصبح أداة للثرثرة الفارغة وسباقا للإمساك بالهراء وإذلال اللغة. يشترك في كل ذلك لسوء حظ مدونة القيم الصحفية المستضيف والضيف على حد سواء.
فهل دخل العالم العربي عصر التحليل السياسي من باب الإذعان للحكومات وتجار السلطة والطوائف والأديان وحفاري القبور وتجار الدعارة وأصحاب الثراء الفاحش، بعد أن صار التلفزيون بيدهم بلا قيمة معرفية أو صناعة رأي على درجة من المنطق المقبول.
مع كل خيبة الأمل تلك، صار الجمهور لا يشاهد التلفزيون بعيونه بل بغريزته، ويكاد المشاهد يتصرف وكأنه شريك فعلي لما يبث عليه، وإذا كان الحوار سياسيا فإنه لا يتوقف عن مقاطعة المتكلمين وتسفيه كلامهم أو اتهام أحدهم بالجهل والكذب، وكأن المشاهد أحد المشاركين في داخل أستوديو البث!



#كرم_نعمة (هاشتاغ)       Karam_Nama#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- غرائزية ترامب وماسك تصبح “الحنجرة العميقة”
- ترامب يدخل السياسة قسرا للبيوت العربية
- لندن ترفع القبعة لأوركسترا عمانية
- هل سحقت رجولة إيران الجيوسياسية؟
- أصحاب كاظم الساهر
- كم صوتًا ستجمع تايلور سويفت؟
- اقتباس لا ينتهي من أورويل
- من يترقب الحرب العالمية الثالثة؟
- مشاهير المنصات يمسكون بالهراء
- بلير خرقة مبللة بالنفط وليس مصنع مُثل
- أين تتجه أخلاقيات الصحافة؟
- ذاكرة الألم في -كلنا مريم-
- مَن يحكم العالم بايدن أم نتنياهو؟
- أمضّ من أسى جيسيكا لانج
- لأنه… الحاكم المطلق للعراق!
- لماذا لا تكتب عن ماجد المهندس؟
- بلينكن غير المحظوظ بأسوأ وظيفة في العالم
- غناء عربي في زنجبار
- معركة دون كيشوتية مع التلفزيون
- هل حقا تريد إيران عراقا قويا؟


المزيد.....




- مسلسل الطائر الرفراف الحلقة 85 مترجمة بجودة عالية قصة عشق
- الكويت تسحب الجنسية من المطربة نوال والفنان داود حسين
- موقع: اعتراف بوريس جونسون بتنظيم حرب بالوكالة ضد روسيا أمر م ...
- برنامج أمير الشعراء يختتم بث الحلقات التسجيلية لموسمه الجديد ...
- اتحاد أكسفورد: إسرائيل دولة فصل عنصري ترتكب إبادة جماعية
- افتتاح مهرجان الفيلم الدولي بمراكش في حضور نخبة من نجوم السي ...
- دوين جونسون يكشف عن ارتدائه بدلة جسم في فيلم -موانا-
- فلسطين تلهم فنانا ثمانينيا لإقامة معرض يجسد نضال غزة
- السرد المزدوج بين عمر وغابرييل.. رواية جون وايت -غزة: هذه ال ...
- بريطانيا.. القبض على نجمة -نتفلكس- بتهمة تهريب 40 كغ من المخ ...


المزيد.....

- مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب- / جلال نعيم
- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - كرم نعمة - ابتذال المحلل السياسي