أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رشيد عبد الرحمن النجاب - بين معرض الكتاب في عمان وشيكاغو.. رواية -الخروبّة- للكاتب رشيد النجّاب| رنا أبو حنا















المزيد.....

بين معرض الكتاب في عمان وشيكاغو.. رواية -الخروبّة- للكاتب رشيد النجّاب| رنا أبو حنا


رشيد عبد الرحمن النجاب
كاتب وباحث

(Rasheed Alnajjab)


الحوار المتمدن-العدد: 8175 - 2024 / 11 / 28 - 22:17
المحور: الادب والفن
    


الصديقة الكاتبة رنا أبو حنا تحدثت عن رواية الخروبة فقالت:

أنْ تحمل "خروبة"على متن طائرة بوينج 727 في رحلة جوية طويلة ما بين عمان وشيكاغو.. يعني أن تقرأ كتاب الصديق رشيد النجّاب الصادر حديثًا في عمان عن “الآن” ناشرون وموزعون.

والخرُّوبة في القرية الصغيرة "جيبيا" القريبة من بير زيت، كما شجرة الزيتون والعنّاب والتوت في سائر قرى فلسطين، أشجار أسطوريّة تحتضن الناس بصمتٍ وجلال من جيلٍ إلى جيل.. وتكتب على جذعها العريق العتيق مثل معبد قديم، قصّة حياة كل إنسان، من البداية إلى النّهاية.. وتمشي في جنازات من ماتوا ورحلوا عن الدنيا بهدوء، بعد أن تحفر أسماءهم على جذعها.. فيما حملَت بين فروعها الكثيفة و أوراقها الخضراء.. حملَت تنهدّات عائلات ولوعات آباء وتضرعات أمهات.

"فدمعة الأب شديدة الألم" (ص 21 ) كدموع الأمهات اللواتي يربين الأمل في ربوع فلسطين.

"كانت الخروبة صومعتها، معبدها، وموئلها اليومي الذي تلجأ إليه في العصاري كأنها تعد نفسها لمراسم الإستقبال الموعودة.." (ص 104 )

ويبقى أمر "خروبة النحلة" القديمة "أمرًا مجهولاً حتى غابت، بعد ما يقرب من قرن من الزمان عن الوجود".(ص 56)

وتبقى النسائم الرقيقة لشجرة "الكينا" و " الفلفل البري" وغيرها من الشجيرات التي تمنح الناس الطيبين "فرصة للُقمة هنيئة يتبادلون تحت ظلالها الأحاديث والنوادر التي لا تخلو من مبالغة بطبيعة الحال" ناهيك عن ذكر الكروم وثمار الصبر والتين ومفاخرتهم "عنب جيبيا غير، وهذا الصبر ما في مثله في المنطقة، كلها وصحتين وعافية".(ص59)

نحن نكتبُ ما نشعر به، وقد يكون أحلامًا وأماني..

لكننا وعلى الأرجح نكتبُ ما يجول في خلجات النفس ووهج الروح وثنايا القلب..

نكتبُ ما فات وانتهى..

نكتبُ وفاءً للأهل والأحباب.

نكتبُ لأنفسنا بحروف لا يقرأها إلا من يشعر بنا.

نكتبُ حتى نحفظ قصتنا، وننقلها من الأجداد للأحفاد.

كذا هو رشيد النجّاب ينتقي أمرًا من وقائع حياته وخبراته الشخصيّة ويبني عوالمه السرديّة بلغة عصرية ويوحدها ضمن الحكايّة المحوريّة الرئيسة، التي تعتمدها الرواية، من جهة جانبها الفني التقني.

رشيد الجَد يساق إلى الجندية قبل قرن ونيف في أواخر فترة الحكم العثماني في فلسطين على الرغم من أنه وحيد الوالدين.

ولنا أن نتخيّل وقع هذا الأمر على الأب عبد الرحمن والأم مِصلحة والأختين فاطمة وحمدة.

"وهمسٌ بين النساء يحملُ سؤالاً واحدًا مفاده:- كيف كان وضع أم رشيد حين فارقها وحيدها؟" (ص 33)

ويحضرني السؤال حول تصنيف هذا العمل وإدراجه في باب السيرة الذاتية - إن جاز التعبير- كونه سرد عائلي سهل، يخضع إلى تدفق الصور والذكريات، لتاريخ حدثت وقائعه مع "الجَد" ذي السيرة.. وفي السرد أمكنة وتواريخ وأحداث عامة وخاصة تخضع إلى التكوين الفني الذي تُكتب بموجبه الرواية، التي تتطلب توفر الشروط التقنية في الكتابة.. والتي من الممكن أن تُكتب عدة مرات، وفق عامل التخييل لدى الكاتب.

كتابة السيرة على شكل رواية تتطلب مهارة خاصة من المؤلف، حتى يعيد صياغة الأحداث والمواقف، ويوحدها ضمن الحكاية المحورية بعد أن يتقمص هو نفسه أدوارها.

صدقًا، لا يجيد كل الكتاب هذه اللعبة، لكن كاتبنا سار بها ونجح. كيف لا؟!

وهو يحمل جينات الجَد، إسمه وهويته.. وعنده فهم عميق أصيل للمكان الذي ينتج العلامات والرموز الثقافية للوطن ويولد في أعماقه الحنين المستمر لبلدته جيبيا.

يأخذ البحث عن دلالة المكان في هذه الرواية دوره البارز في التشكيل الفني الداخلي لهذا العمل. فقد وظّف الروائي المكان على أنه مكان حقيقي، فكانت القرى الفلسطينيّة والمواقع الكثيرة المحدودة بعوالمها وآفاقها كوبر - برهام- بايزيد - كفر إشوع (إم صفا) - خربة صيّا - عطارة- بيت صفافا وغيرها من الأسماء المنسيّة التي لم يرد لها ذكر في غيرها من الروايات..

ناهيك عن أحياء القدس (البقعا - البقعا الفوقا - القطمون).. وسائر المدن والأمكنة في الطريق الطويل حيث مسار القطار في خط حديد الحجاز بين القدس ودمشق "مرورًا بجسر المجامع وواودي اليرموك، وصولاً إلى سَمَخ القرية الصغيرة الوادعة.."

"إتجه القطار بعد محطة سَمَخ نحو الشرق بعد أن عبر محطات الحِمّة وزيزون وتل الشهاب والمزيريب وصولاً إلى درعا في منطقة أخرى في سوريا الكبرى.." (ص 64).

"وأخيرًا إلى محطة الحجاز دون المرور بمدينة دمشق ولا التجوال في معالمها، فضجيج طبول الحرب بات يعلو، وليس ثمة فرصة للتراخي والإنتظار.." (ص 69)

ونتابع مع الجَد رشيد الرحلة المثيرة وتصرفاته الأصيلة وأخلاقه الحميدة.. حتى وصلَت به ناقلات الجند إلى بعلبك "موطن إله البقاع".

مما لا شك فيه أنّ هذه الأسماء والمواقع الجغرافية الواقعية لأكثر من ثلاثين بلدة، أعطت الرواية مصداقية كبيرة وجعلت المتلقي قادرًا على قبول ما يجري من أحداث.

وإذا كنا لا نقيم وزنًا للحجم في تقييم الأعمال الروائية، فإنّ رواية"الخروبّة" رواية قصيرة لا تتعدى 110 صفحات من القطع المتوسط، لكنها تقدّم عالمها للقارئ دون تطويل أو زيادة، وينحصر فضاؤها غالبًا في مكان وزمان محددين وفي هذا ميزة عن غيرها.. ولا تأخذ وقتًا عند الإنسان المعاصر في قراءتها.

وإذ تجسد هذا الفهم فيما ورد عن العرب في قولهم "إن خير الكلام ما قل ودل" و "ان كل صغير جميل" فقد حملت هذه الرواية العديد من الأمثلة الشعبيّة والأقوال المأثورة في اللغة العربيّة .

لطش المجيدي وقال لي أنتِ فراري (ص11)

إن لم يتوفر الضاني عليك بالقطاني (ص13)

بيت البنات خراب (ص 24)

أول الغيث قطرٌ ثم ينهمر (ص 30)

مثل خبز الشعير مأكول مذموم (ص 40)

من سَرى باع واشترى (ص 56)

هذه الأمثال الشعبية وغيرها الكثير مرآة صادقة لحكمة الناس وتجاربهم الحياتيّة ومستودع للعادات والتقاليد والتجارب الإنسانية الأخلاقيّة والإجتماعية في تلك الحقبة التي وقعَت فيها أحداث الرواية.

وبعد، لن أخوض في الأحداث لئلا أفقد القارئ متعة القراءة وحميمية الأجواء العائلية والإجتماعية آنذاك، لكنني وبحقٍ ذرفتُ دمعة مع مِصلحة حين عاد رشيد "عمود الدار" إليها.. بل كدت أسمع صوت الزغرودة.

حتى تذكرت حكاية "يوسف" جَد زوجي من كفرياسيف.. والذي سيق هو الآخر في تلك الفترة إلى التجنيد الإجباري في صفوف الجيش العثماني.

وباتت أمه منذ الصباح وحتى المساء تتلو الصلوات وترفع الأدعيه "يا رب رجّع يوسف، يا الله يوسف يرجع"

وطال الوقت والإنتظار.. حتى أخذت الأم قِدرًا من النحاس، إعتبرته مكبرًا للصوت، وصعدت إلى سقف البيت، ليعلو صوتها أكثر وأكثر.. ويصل مباشرة على حد إعتقادها وشدّة إيمانها إلى إله السماء "يا رب رجّع يوسف، يا الله يوسف يرجع" وما أن نزلت إلى البيت حتى رأت يوسف أمامها وقد عاد من التجنيد.

ما أشبه حال رشيد بيوسف وحال يوسف برشيد ومعهما العديد من قصص هؤلاء الأجداد المناضلين والأمهات الصابرات صانعات الرجال في كل الأوقات، اللواتي تَحملن أولادهن مرتين في فلسطين.

وتبقى.. على حد قول الشاعر اللبناني حسن عبدالله:-

"أجمل الأمهات التي انتظرت ابنها
أجمل الأمهات التي انتظرتهُ،
وعادْ…
عادَ مستشهداً.
فبكتْ دمعتين ووردة
ولم تنزوِ في ثياب الحداد

لم تَنتهِ الحرب
لكنَّهُ عادَ
ذابلةٌ بندقيتُهُ
ويداهُ محايدتان…."

الناصرة



قصة الخرُّوبة في القرية الصغيرة "جيبيا" القريبة من بير زيت



#رشيد_عبد_الرحمن_النجاب (هاشتاغ)       Rasheed_Alnajjab#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رواية -الخرُّوبة- لرشيد النجّاب* بين توثيق المكان والتاريخ و ...
- مصائد الرياح،،، وتعاقب أجيال المواجهة وأزمانها
- مــنــزل الـــذكــــريـــات
- حانة فوق التراب
- أنا يوسف يا أبي.....قراءة مشهدية للواقع ...بحثا عن جيل ضاعت ...
- الساعة الخامسة والعشرون - قراءة حديثة في رواية قديمة
- شغف
- الدم لا يتكلم
- الــمــولـــودة
- سوداد (هاوية الغزالة)
- قناع بِلَون السماء
- مذكرات القائد الشيوعي محمود الأطرش المغربي
- غالب هلسا: روح ناقدة بدأت بنقد الذات
- حمزة شحاتة: مِن أخلاق البيت إلى المدرسة إلى الزقاق.
- بندلي جــــوزي:رائد الاتجاه القومي الماركسي
- د.سيد القمني: من التقليد إلى التجديد في الفهم الديني
- صادق جلال العظم: المادية والتاريخ
- هادي العلوي: جدلية الفكر الديني
- طنطورية رضوى عاشور وهذا النداء للتوثيق
- أنا و الكتابة ، من ألف باء اللغة إلى بحر الكلمات


المزيد.....




- المسرح الروسي يزين مهرجان قرطاج
- الممثل اللبناني نيقولا معوض يتحدث بالتركية.. ما القصة؟
- فنانة كازاخية تهدي بوتين لوحة بعنوان -جسر الصداقة-
- تطورات في قضية اتهام المخرج المصري عمر زهران بسرقة مجوهرات
- RT Arabic توقع مذكرة تعاون مع مركز الاتحاد للأخبار في الإمار ...
- فيلم رعب لمبابي وإيجابية وحيدة.. كواليس ليلة سقوط ريال مدريد ...
- حذاء فيلم -ساحر أوز- الشهير يُطرح للبيع بعد 20 عاما من السرق ...
- تقرير حقوقي: أكثر من 55 فنانا قتلوا منذ بدء الحرب في السودان ...
- -وتر حساس- يثير جدلا في مصر
- -قصص من غزة-.. إعادة صياغة السردية في ملتقى مكتبة ليوان بالد ...


المزيد.....

- مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب- / جلال نعيم
- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رشيد عبد الرحمن النجاب - بين معرض الكتاب في عمان وشيكاغو.. رواية -الخروبّة- للكاتب رشيد النجّاب| رنا أبو حنا