|
التَّعدد والتَّنوُّع في المجموعة القَصصيَّة -طَرْقٌ على جدار الذَّاكرة- للأديب مصطفى عبد الفتاح
رائد الحواري
الحوار المتمدن-العدد: 8172 - 2024 / 11 / 25 - 20:32
المحور:
الادب والفن
التَّعدد والتَّنوُّع في المجموعة القَصصيَّة "طَرْقٌ على جدار الذَّاكرة" للأديب مصطفى عبد الفتاح
المجموعة تتكوّن من اثنين وعشرين قصّة، أستخدم القاّص العديد من (أشكال) فنيّة القصَّة، فهناك تعدد في اللّغة، وتعدد في أشكال القصص بين القصَّة التَّقليديّة، والقصّة القصيرة جدًا "قصة حب أبدية"، وهناك تعدّد في أشكال السّرد، منها ما جاء بصيغة أنا القاص، وأخرى بصيغة السَّرد الخارجي، ونجد تباين في المواضيع: الوطني والاجتماعي، وهذا يشير إلى أنَّ القاص (لم يلتزم) بوحدة معيّنة في مجموعته، وهذا الأمر يلبي طموحات كلّ القرَّاء، إن كانوا يعتمدون على فنّية وجماليّة القصّة، أم أولئك الذين يريدون قصصًا (واقعيّة) تخدم المُجتمع وتُعالج همومه ومشاكله. ونُلاحظ أنَّ القاص يُعالج موضوع الصِّراع (الفكري) عند الفلسطيني وطريقة تعامُله مع دولة الاحتلال كما هو الحال في قصَّة "الأحرار والعبيد" ونفسيّة الفلسطيني الّذي يعمل في دولة الاحتلال: "أمَّا أنت فقد تحوَّلت إلى عبدٍ ذليل، تَجلد ذاتك، تتكلَّم بكلماتهم، وقد أقنعوك بدونيتك، عليك أن تستفيق مِن سُباتك" ص179، فمثل هذا التّناول يحسب للقاص الذي أدخلنا إلى طبيعة دولة الاحتلال التي تنظر إلى الفلسطيني كعبد/كخادم ليس أكثر. سنحاول التَّوقف عند بعض القصص والطّريقة التي جاءت فيها، ونبدأ بالقصّة الأولى "حُب قاتل" حيث يستخدم القاص السَّرد الخارجي، ونلاحظ أنَّ لغة القصّة سهلة وسلسة، أحداثُها للوهلة الأولى تبدو (عاديّة) "سعاد" فتاة جميلة تعمل في مطعم على شاطئ البحر، وتخدم الزبائن حسب طلب صاحب المطعم، يُعجب بها أحدهم، فيأتي يوميًا إلى المطعم ليحصل على خدماتها ويستمتع بجمالها، لكن تكرار حضوره للمطعم جعل "سعاد" تسأله عن السّبب فيقول لها لأني أحبّك، وهنا تبدأ العلاقة بينهما في التّطور، لكن كلما حاول الاقتراب من جسدها ـ رقبتها تحديدًا ـ تصدّه بقولها: "هذه المنطقة من المُحرّمات حتى تُثبت أنَّك تستحقها" ص10، إلى هنا كانت الأحداث عاديّة، لكن نتفاجأ عندما تُخبره بأنّ عليه إثبات قدرته على لمس رقبتها يكمن في (تأديب) سرحان الّذي (أدّعت) أنّه حاول اغتصابها، ممَّا دفع (الزبون/الحبيب) إلى الهجوم على "سرحان" صاحب العضلات والجسم القوي، فما كان من الزبون إلا أن تعرَّض للضّرب المبرح، حينها أخرج الزبون/الحبيب سكين وطعن "سرحان" عدة طعنات أدَّت إلى موته، وعندما سألت الشّرطة "سعاد" عمّا جرى قالت: "ـ قلت له أكثر من مرَّة، إنَّ مَن يقوم بالقتل عليه أن يتحمَّل السَّجن مدى الحياة" ص13، وبهذا انتهت القصَّة. فالنّهاية تدفعنا للتَّوقف عند الأحداث، هل هُناك (تواطأ) بين سعاد وبين صاحب المطعم الّذي كان يختار فتيات جميلات بمواصفات محدّدة يخدمن الزّبائن؟ أم أنَّ "سُعادة" أرادت الانتقام من سرحان فعلًا؟، أعتقد أنَّ إثارة هذه الأسئلة تُحسب للقاص الّذي (استفزّ) القارئ بأحداث القصّة وبنهايتها. قصّة "ثلاثون ثانية تكفي" جاءت بصيغة السّرد الخارجي، وهي تتحدّث عن مدينة حلب، اللافت في القصّة أسماء الشّخصيّات: "شام، باسل، العم صادق" فالأسماء لها معناها الوطني والإيجابي، وهذا ما نجده في أحداث القصّة الّتي تتحدَّث عن عملية إنقاذ طفلة من تحت الرّكام، كما أنّ الحوار الذي تمّ بين باسل والعم صادق عن الابتلاء وإرادة الله يستوقف القارئ: "كيف يكون هذا ابتلاء يا عم صادق، هل موت الإنسان تحت الأنقاض، وترك عائلته تموت أمام عينيه هو ابتلاء؟" ص36، وتجعله يبحث عن الأسباب الموضوعيّة والحقيقيّة لما يجري في حلب وسورية وفلسطين وكل أقطار (الخراب العربي). الفانتازيا: في قصّة "عُقلة الأصبَع بين طيرول والغول" يأخذنا القاص إلى عالم الخيال والفانتازيا، فالقصّة جاءت بصيغة أنا السّارد وهذا من باب جذب القارئ للقصّة وجعله (يقتنع) بحقيقة أحداثها، يتحدث القاص عن سفره إلى بلاد لم يحدّدها، لكنه يحدد قصّة شعبية فيها ""طيرول" الذي ينقذ الناس ويساعدهم رغم شكله المخيف والمُرعب. في المقابل هناك "عُقلة الأصبع" الذي حضر معه في حقيبة سفره دون أن يعلم أو يدري به، وهنا يجري حوار فانتازي بين عقلة الأصبع وبين "طيرول" حول ثقافة الشّرق والغرب، ثقافة الشّرق التي جعلت الغول مُرعب ومُخيف وشرير، وثقافة الغرب التي جعلت الوحش المُرعب مُفيد ويمثّل الخير، بمعنى أنَّ هُناك فرق بين المظهر/الشّكل وبين الجوهر/المضمون، فمن خلال الأسئلة الّتي جاءت على لسان "عُقلة الأصبع: "يا إلهي كم تشبه الغول بالمظهر، وكم تختلف عنه بالجهور، هل أنتما أقرباء، هل ولدتما معًا متى وكيف؟ لماذا هو مخيف للإنسان ويرهبه الجميع وأنت طيب ورقيق ويحبّك الجميع، رغم بشاعتك؟ ما علاقة الشكل بالجوهر؟ هل أنتم تتقاسمون الأدوار، كل واحد منكما يبحث كيف يسيطر على شعبه؟" ص19و20، يمكننا التوقّف والتّساؤل والتّفكير في طريقة تعاملنا مع (التُّراث) مع الماضي، وهذا ما أكَّده السَّارد حينما قال: "نحن الوحيدون في العالم لم نتغير، بقينا نجتر الماضي، لا يعنينا أن ننفض الغُبار عن ماضينا، ونجد حاضرنا، ونستعد لمُستقبلنا" ص23و24، وهنا تكمن أهمّية القصّة، رغم أنَّ شخصياتها (حقيقية) في الأدب، في التّراث، إلا أنَّ الغرب مزج بين القُبح وبين الخير، بمعنى أنَّ مِن (الشَّر) يمكن أن تُخرج منه الخير، فلا يوجد شرٌ مُطلق، فعندما ندخل إلى تفاصيل الشيء/الحدث يُمكننا فهمه ومعرفته، ومن ثم (استخراج) ما هو مفيد منه أو من تجربته، بينما نحن بقينا متمسكين بالقُبح كما هو دون أن نكلّف أنفسنا البحث عن أسباب وتفاصيل هذا القبح. الرَّمزيَّة وقصّة الأطفال قصَّة "ليلة القبض على الدِّيك" عرَّفنا القاص أنها قصة أطفال، فكل أبطال القصّة مِن الحيوان، باستثناء اسم "أم عرب" صاحبة الدّيك" ويحدِّد القاص مكان الأحداث، القرية "عين الرُّمَّانة" اللّافت في القصّة أنَّها تأخذنا نحن (الكبار) إلى ما جري في فلسطين المُحتلّة، فمن خلال منع الدّيك من الصّياح صباحًا واعتقاله من قِبل الثَّعالب والذِّئاب، يمكننا أخذ هذا الحدث إلى مَنع الاحتلال الآذان في المساجد، مما حدا بكل الفلسطينيين/الحيوانات الأليفة ـ على اختلاف طوائفهم ومللهم ـ يقفوا صفًا وحدًا ومعًا ضد هذا الإجراء، مَّما جعل "سيّد الغابة"/الاحتلال يتراجع عن قراره، ليعود الدّيك إلى صاحبته "أمّ عرب" ويصيح كيفما يشاء. الواقعيَّة يتناول القاص حالة أكثر من أسير فلسطيني في سجون الاحتلال، متحدثًا عن دور "المحامي حسن عبّادي" في خدمة الأسرى ثقافيًا وأدبيًا، من خلال مبادرته "لكل أسير كتاب" الّتي تم تطويرها إلى "كتاب لكل أسير" فكان هناك العديد من الإنتاجات الأدبية للأسرى على مساوئ الكميَّة والنَّوعيّة، فتجاوز عدد الكتّاب والأدباء السّبعين كاتبًا وكاتبة، من هنا وجد القاص الذي كان يرافق المحامي تلك الزّيارات مكانًا لها في مجموعته القصصيّة "طَرْقٌ على جدار الذَّاكرة" من هذه القصص قصَّة "عيد ميلاد" فهي قصّة واقعيّة بكل معنى الكلمة، الشَّخصيات حقيقيّة "القاص، المحامي حسن عبادي، الأسيرة أماني حشيم" وكتابها "العزيمة تربّي الأمل" حتى أنَّ القاص أقتبس منه العديد من الفقرات، اللَّافت في القصّة استخدام القاص مُفردات أدبيّة تجميليّة، فمثلًا يستحضر أغنية "ناظم الغزالي" "أي شيء في العيد أهدي إليك يا ملاكي، لا أحب القيود في معصميك" ص42و43، ليعطي القصَّة وبطلتها لسمةً جمالية، وبما أنَّ القصّة تتحدَّث عن الأم "أماني حشيم" وعن كتابها "العزيمة تُربي الأمل" نثر القاص مجموعة من فقرات كتابها في القصة: "جاءَ القلم وفك قيدي وقالت الورقة هيا انطلقي، وثق قلمي بصوت العزيمة وآمنت ورقتي بأمنياتي" ص44، كل هذا يجعل القارئ يتعرف على أماني وكتابها، ويتشوق/يندفع لمعرفة المزيد عنها من خلال قراءة كتابها. ونجد في القصَّة رؤية القاص "للمحامي حسن عبادي" وعمله في خدمة الأسرى والأسيرات وتقديمهم من الكتابة والأدب فيقول عنه: "يا إلهي كم أحببت الرّسالة السّامية التي يحملها حسن بين جناحيه في دعم معنويّاتهم، ورصد حركتهم، وإعطائهم جذوة العزيمة، ورسم الأمل رغم الألم. فهو يعمل كالنَّحلة ينتقل من زهرة إلى أخرى، يجلب الرّحيق الصَّافي من عقول وقلوب سجناء الحريَّة، ويصبَّه شهدًا صافيًا أمام القارئ" ص41، فهذه الأدبيّة ما كانت لتكون دون إيمان القاص بدور "حسن عبادي" في (خلق) كتّاب وأدباء من الأسرى. وفي قصَّة "خمس دقائق هزَّت كياني" يتناول فيها الأسير الشَّاعر "ناصر الشّاويش" حيث يفتتح القاص القصّة بلغة أدبية رفيعة: "وقف ناصر وسط زنزانته "كشواهد القبور المنتصبة في وجه الأنواء" منذ عشرين شتاء، وهو يبحث عن زمانه ومكانه الطّبيعي، فلا يجد غير صوته يأتيه باردًا من خلال هذه الجدران الصّماء، ينظر إلى صمت جدرانها الكالحة، بعيون مُتعبه تبحث عن منفذ لاختراق مساماتها، فلا يجد غير خيال يخترق الجدران ويحلق عبر الأثير في سماء الوطن" ص85، اللافت في هذه القصَّة أنَّها أوَّل قصة يستخدم فيها الشاعر الصّور الأدبيّة، وكأن العقل الباطن عنده أعطاه إشارة إلى أنَّ موضوع القصّة هو شاعر وأسير، فكان لا بدّ من استخدام لغة تناسب/توازي لغة الشّاعر، وهذا يقودنا إلى أنَّ القاص يتقن فنّية كتابة القصّة، ويعرف اللغة المناسبة لكل قصة. وبما أنَّ هناك أسير وشاعر فلا بدّ من حضور "حسن": "تذكر صديقه حسن القادم من زمن الأحرار، يأتيه بقبس من نور، يُخرجه من زنزانة القهر إلى عالمه المشتهى" ص52، بعدها يدخلنا القاص إلى الحوار الذي جرى بينهما، وكيف أتت (إشراقة) الكتابة على "ناصر" وكتب قصيدة عن الكرمل وزعتر الكرمل: "خمس دقائق كافية لأزور مجازًا ذاتي وأعرّي نسب اللّقطاء إلى كرملنا بشهادة زعترنا البري وأعصر ليمون التَّاريخ العربي على خبيزة جدَّتنا في حيفا يكتبها عكوب الأرض ولا يكتبها الغرباء" ص91و92. مثل هذه الواقعيّة التي نجدها في أكثر من شكل وطريقة، الأحداث والشخصيّات، اللغة القص المتماثلة مع لغة الشاعر، تضمين القصّة قصيدة للشاعر وختمها بها، كل هذا يجعلنا نقول إنّ قصّة "خمس دقائق هزت كياني" قصة (تعلمية) يستفيد ويتعلم منها كل من يريد معرفة فنّية كتابة القصة. من القصص الأخرى التي تتحدث عن الأسرى قصّة "صفحة وطن" حيث تناول القاص حال الأسير "كميل أبو حنيش" وكما كانت لغة قصّة "خمس دقائق هزت كياني" متألق، جاءت هذه القصة أيضا بلغة أدبية عالية: "في لحظة الصفاء المنسية من عمري، تركت روحي تسبح في فضاء العالم على هواها، جلست متأمّلا الوجود على صخرة ملساء، ونسائم الربيع تداعب خصلات شعري كيفما شاءت بعشق إلهي" ص104، وكما ختمت القصة بما كتبه/قاله ناصر، أيضا ختمت هذه القصة بما قاله كميل: "إنها يا صديقي صفحة الوطن، إنها الوطن يعيش فينا ونعيش فيه" ص109، وأيضا يذكر القاص "حسن عبادي" مفتاح الأسرى نحو الأدب والمثقفين" كان حسن فراشة الحقل التي لا تهدأ، تنتقل من حقل إلى آخر تداعب في طريقها خيوط الأمل" ص6، وهذا يؤكد أن القاص يستخدم لغة أدبية تليق بالأسرى الأدباء، وأيضا يؤكد تمسكهم بالمبادئ التي أسروا من أجلها. ومن القصص الواقعية قصة "انتصرت غلى الوزيرة" حيث يحدّثنا القاص بلسان أنا السارد عن عمله في السوبر وتعليمه في الجامعة، ومن خلال تعليمه نتعرّف على رفاقه الذين أمدّوه بالمعرفة اللازمة لمواجهة عنصريّة الاحتلال، فالقصة إلى هنا كانت (عادية) لكن عندما أدخلنا القاص إلى (صراعه الدّاخلي) واللّحظات الحرجة التي مرّ بها عندما جاءت الوزيرة العنصريّة إلى مكان عمله، وطلب منه حارسها الخاص أن يحاسبها، ومشاعره وحالة الاضطراب التي مر بها، أعطت القصّة سمات إنسانية، كما أنّ موقفه وحسمْ أمره برفض طلب حارس الوزيرة، ومواجهة الوزيرة بحقيقتها العنصريّة: "ـ لن افعل بإمكانها التوجه إلى أي حاسبة أخرى في السوبر! ...أنت الوزيرة الّتي طالبت بطردنا من وطننا، وعليك أن تتراجعي عن مواقفك المتطرّفة" ص57، جعل القصّة تأخذ منحى إيجابي، وإيجابي إنساني، فالبطل ارتبك في البداية لكنّه تجاوز حالته وتقدّم من مواقفه، وتحدّث بصلابة مع الوزيرة العُنصريّة. قصة "ورقة سيجارة" تأتي ضمن القصص الواقعيّة، حيث تتحدث عن "محمود" الذي يعمل عند "أليكس" اليهودي الروسي الذي يعامله بجلافة وفوقيّة وعنصريّة، يبقى هذا الوضع قائم إلى أن يقرر "محمود" مواجهة "أليكس" فلم يعد يحتمل الإهانة: "يلعن أبوها لقمة الخبز المغموسة بالذّل، بعد عليّ ابن شعب مقطّع جاي يعمل علينا زلمة" ص64، بعدها يأخذ في لف سيجارته "وأليكس" يراقب ذلك مدهوشًا، إلى أن يتقدّم ويخاطب "محمود" بخطاب عنصري: "أنتم مثل الحمير بتفهموش إشيء" ص66، وهنا يرد عليه "محمود" ببرودة أعصاب وهدوء، ويتحداه بلف سيجارة واحدة، يقبل أليكس" التّحدي، لكنه يفشل فيه، وهنا يخاطبه "محمود" بمنطق المنتصر: "هل عرفت الآن من منّا الحمار؟" ص67، فالقصّة جاءت سلسة وسهلة التناول، وبما أن نهاياتها جاءت إيجابية وتخدم فكرة مواجهة سلوك المحتلين العنصري، وهذا ما أسعد المتلقي وجعله يستمتع بما جاء فيها. الواقعيَّة والرَّمزيَّة قصّة "تينة أبي ليست حمقاء" تجمع بين الواقعيّة والرَّمزيَّة، فالقصّة تتحدّث عن تينة الجد التي كانت تُبهر النَّاظرين إليها واللذين كانوا يتناولون حباتها "المشطبة" يأتي قرار من سلطات الاحتلال بإزالتها، لكن الوالد يوصي القاص بالمحافظة عليها: "إياك أن تفرّط بشجرة التين التي في ساحة البيت، حافظ عليها يا بني" ص112، فرغم أنَّ القصة تبدو واقعية لكن وصية الأب ورمزيَّة التين جعلت القصّة تأخذ بعدًا آخر، أبعد من قصة تتحدث عن قلع شجرة تين. فرغم محاولات القاص العديدة والمتنوعة لمنع سلطة الاحتلال من قلعها إلا أنَّه قلعها وأزالها من الوجود، وهذه إشارة أخرى إلى طبيعة الصّراع بيننا وبين الاحتلال الذي يعمل على محو كل ما هو فلسطيني. المرأة في قصة "موت جديد" يتقمَّص القاص شخصيَّة امرأة، وتسرد الأحداث بصيغة أنا السَّاردة، فهي مهندسة، وزوجها "عماد" الطّبيب، تهتم بعملها ونجاحها أكثر من أسرتها وأولادها، إلى أن يأتي يوم ويتم فيه قتل أحد أبنائها من قبل عصابات الإجرام، مما جعلها تُصاب بحالة نفسيَّة صعبة، حتى أنَّ القصَّة تنتهي وهي في حالتها المرضيَّة.، القصّة تبيّن تواطُؤ دولة الاحتلال مع العصابات التي تتركها تعمل دون ملاحقة، وأيضًا تبيّن أنَّ على الأم أن تكون أمًا لأولادها مهما كان عملها، فالأسرة أهم من العمل. وأيضا في قصة "هذا أحبه وهذا أريده" يتقمّص القاص شخصية المرأة التي تتحدث عن أحلامها في الزواج من فارسها، لكن الواقع تجعلها تقبل بزوج يعمل في الحدادة، وهنا تتفاجأ في برودة أعصابه رغم انَّه غير مُتعلِّم، فيعطيها المجال لتختار أثاث البيت، وعندما ترتدي فستانها الجديد والجميل، لا يبدي أي انفعال، وعندما تتعرض لمضايقات من زميلها في العمل يظهر ثقافته بقوله لها: "كوني قوية لا تبدي له ضعفك" ص120، وعندما يكسر ابن صديقتها الإبريق يقوم بتجميعه من جديد، وهنا تصل إلى فكرة أن الحب هو زوجها بذاته: "فزوجي لا يجيد هذا الكلام في الحب وإنما يصنعه" ص124. المجموعة من منشورات دار الهدى. الطبعة الأولى 2024.
#رائد_الحواري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
دفء الآباء عبد السلام عطاري
-
المكان في رواية -كرك موبا، رسائل المدينة- عبد الهادي المدادح
...
-
التميز في رواية خزانة الأحذية تغريد أبو شاور
-
الأحداث السورية في رواية -مدائن الرب-[*] للكاتبة هند زيتوني
-
الموت الناعم في قصيدة نوستالوجيا بعلية مهدي نصير
-
الثبات في ديوان غيم على قافية الوحيد محمد لافي
-
المكان في قصيدة -وردة على باب الحبيبة- علي البتيري
-
البعل والخصب في ديوان -في ظل آب- سلطان الزغلول
-
الحرب والأحداث في رواية أخبار نصف جيدة المتوكل طه
-
السرد وشكل التقديم في رواية أخبار نصف جيدة المتوكل طه
-
طوفان الأقصى في رواية -أخبار نصف جيدة- للمتوكل طه
-
كتاب الصهيونية في أمريكيا محمد حافظ
-
تألق الطفل في رواية حمروش جميل السلحوت
-
الرمزية في رواية أحلام وغيلان محمد السماعنة
-
القسوة والجمال في قصيدة -غرفة الكولونيل- علاء حمد
-
الأصالة في مجموعة -حمالة التعب- سرمد فوزي التايه
-
التميز في رواية -آخر نزيل- هاني الريس
-
تعدد القراءات في -عبق الريحان قصائد هايكو- ميسر أبو غزة
-
التراث والمعاصرة في كتاب -ثمرة الأصحاب- مأمون دويكات
-
التماهي في قصيدة -يحيا يحيى- لعصام الأشقر
المزيد.....
-
الحكم بسجن الفنان الشعبي سعد الصغير 3 سنوات في قضية مخدرات
-
فيلم ’ملفات بيبي’ يشعل الشارع الاسرائيلي والإعلام
-
صرخات إنسانية ضد الحرب والعنف.. إبداعات الفنان اللبناني رودي
...
-
التراث الأندلسي بين درويش ولوركا.. حوار مع المستعرب والأكادي
...
-
الجزيرة 360 تعرض فيلم -عيون غزة- في مهرجان إدفا
-
من باريس إلى عمّان .. -النجمات- معرض يحتفي برائدات الفن والم
...
-
الإعلان عن النسخة الثالثة من «ملتقى تعبير الأدبي» في دبي
-
ندوة خاصة حول جائزة الشيخ حمد للترجمة في معرض الكويت الدولي
...
-
حفل ختام النسخة الخامسة عشرة من مهرجان العين للكتاب
-
مش هتقدر تغمض عينيك “تردد قناة روتانا سينما الجديد 2025” ..
...
المزيد.....
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
-
السيد حافظ أيقونة دراما الطفل
/ د. أحمد محمود أحمد سعيد
-
اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ
/ صبرينة نصري نجود نصري
المزيد.....
|