|
فصل من كتاب كوسوفو فلسطين الحلقة السابعة
جعفر عبد المهدي صاحب
متخصص أكاديمي في شؤون منطقة البلقان
(Jaffar Sahib)
الحوار المتمدن-العدد: 8172 - 2024 / 11 / 25 - 15:14
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
الحلقة السابعة كوسوفو- البوسنة – 2007 التغيرات في الجبل الأسود: كانت الأمور في منطقة البلقان تسير على خط آخر فقد طبقت العقوبات ضد صربيا ثم عانت من تدمير كبير نتيجة للقصف الجوى وشن العدوان عليها من قبل حلف الناتو. وما أن حل عام 2000 إلا وبدأت بالهبوب ما تسمى برياح "الديمقراطية". ولأن الشعب لم يستطع أن يتحمل أكثر مما تحمل لمدة عشر سنوات من العذاب على أيدي واشنطن. (ذلك يشبه بما حصل مع السانديانية في نيكاراغوا نهاية الثمانينيات) وبذلك انتشرت أصوات المعارضة في الداخل الموالية للغرب والتي تفيد بأن الانتخابات ستؤدي إلى وقف الضغط على صربيا ويجعلها تقترب من الغرب. وفي حقيقة الأمر أن ذلك لا يدل إلا على أمل كاذب. لأنه مع الأسف دخلت صربيا اللعبة الغربية دون أن تحقق التقارب مع الغرب. إن الشيء الوحيد الذي تبدل هو استبدال الناس الوطنيين والجديين الذين كانوا على رأس السلطة في صربيا بأفراد لا يهمهم سواء تحقيق مصالحهم الشخصية. وأخذت المعارضة "الديمقراطية" تنفذ كل مطالب الغرب (وتتملق من خلال تنفيذ حتى الأمور غير المطلوبة منها). انتقلت، في هذا الجو، أوضاع صربيا من الصعبة إلى الأسوأ ففقدت كرامتها القومية ومكانتها كما فقدت روح الثقة في النفس. ووصل "الديمقراطيون" الموالون للغرب إلى السلطة ولم يحصل أي تبدل في البلاد بل على العكس قد زاد نشاط الانفصاليين في الجبل الأسود حتى بلغ أوج عظمته وتحقق لهم ما أرادوا إذ انفصلت هذه الجمهورية عن يوغسلافيا الاتحادية عام 2006 وبدعم واضح وتحريض من الغرب، رغم أن (000 260) من أبناء الجبل الأسود الموجودين في صربيا لم يعط لهم حق التصويت في الاستفتاء. لقد اجبر الغرب في ذلك الحين بأن يخرج (55%) فقط من مجموع السكان ليقرروا مصير الدولة و هذا حصل خلافاً لقرار البرلمان الأوروبي (رقم 1459). وكانت القيادة في بلغراد منذ عام 2003 قد توقعت حدوث تلك النشاطات الانفصالية التي تستهدف إنهاء يوغسلافيا الاتحادية، لذلك سارعت إلى التوقيع على ميثاق بلغراد الذي يرى ان أي إجراء من هذا النوع يتطلب القيام باستفتاء وفق الأصول الدستورية المعمول بها. وشهدت البلاد، مع هذا كله، انتشار الفقر وانهيار النظام الاقتصادي والمالي والبدء بالاقتراض من الخارج. لقد أطلق رجال " الديمقراطية " الجديدة واحدة من الوعود الكاذبة التي تتعلق بتحسين موقع يوغسلافيا الاتحادية في السياسة الخارجية، ولكن ذلك لم يحصل إطلاقاً، بل حصل العكس إذ برزت مشكلة كوسوفو وميتوخيا من جديد عام 2002 وبدعم واضح وتحريض علني من الإدارة الأمريكية. تجاهل واشنطن- 1999- 2002: لم تتخذ الولايات المتحدة أي خطوات من شأنها أن تساعد على حل الوضع القانوني لكوسوفو وميتوخيا طيلة الفترة 1999 ـ 2002 ولم تقدم أي اقتراح بشأن الموضوع. وكأن السياسة الخارجية الأمريكية قد "نست" ذلك الإقليم من جنوب صربيا. ولم تجهد نفسها في قراءة نص قرار مجلس الأمن الدولي المرقم (1224) والذي يؤكد مبدأ سيادة ووحدة أراضي جمهورية يوغسلافيا الاتحادية، وهو يؤكد أيضاً في الفقرة (10) منه على أن كوسوفو وميتوخيا جزءً لا يتجزأ من وحدة الأراضي اليوغسلافية (وهذا المبدأ تمت الإشارة إليه بشكل واضح وجلي ولا لبس فيه) إذ تم ذكره أكثر من مكان في نص القرار. الصراع في الشرق الأوسط: لقد استمر الصراع العنيف في الشرق الأوسط في الوقت الذي كانت تسود في البلقان "هدنة" دبلوماسية. ووصلت أعداد القتلى والجرحى خلال الانتفاضة الثانية بالآلاف. كانت شعوب البلدان العربية والإسلامية غاضبة بسبب ما تعرض من صور تنقل ممارسات الجنود الإسرائيليين وهم يمارسون أشد أنواع القمع بشاعة ضد المدنيين الفلسطينيين. وأخذت بعض القنوات الفضائية العربية مثل الجزيرة تنقل صور مباشر من الأراضي المحتلة وبذلك فإن مثل هذه الفضائيات قد كسرت الاحتكار الإعلامي والرقابة الإعلامية التي كانت تنفرد بها وسائل الإعلام الغربية. لقد اضطرت بعض الحكومات العربية مثل حكومة الرياض والقاهرة وغيرهما أن تعمل شيئاً ما وذلك بسبب الغضب الشعبي العارم في البلدان العربية. أطلق في هذا الصدد ولي عهد السعودية عبد الله وبقية المسؤولين السعوديين تصريحات يعلنون فيها "دعم الفلسطينيين" وإدانة "الأعمال الإرهابية الإسرائيلية البشعة ضد الأطفال والنساء والشيوخ الفلسطينيين" ووجهوا استصراخاً غير مكشوف للولايات المتحدة يقولون فيه: "بأننا سوف ننسق مع أولئك الذين يحترموننا" . لقد قام بذلك الأمير عبد الله وهو الحاكم الفعلي للسعودية آنذاك (لان الملك فهد كان قد أقعده المرض) بهذه الحملة وهو يرى في نفسه أقوى رجل مؤثر في العالم الإسلامي (ليس بفضل شخصيته وإنما بفضل البترودولار). وقد وجه ولي العهد السعودي انتقاداً شديداً لشارون وذلك خلال المقابلة الصحفية التي أجرتها معه صحيفة (نيويورك تايمس) إذ قال: " لقد قام شارون بأعمال عنف إلى الحد الذي لا يمكن السكوت عنها" وكذلك أدلى بتصريح آخر في فبراير 2002 يقول فيه: "ينبغي على الولايات المتحدة أن تتدخل أو تترك الآخرين أن يتدخلوا" . فقد وقعت السعودية في فبراير عام 2002 مذكرة تفاهم مع إيران ولاقت تلك الخطوة دعماً من قطر و بقية دول الخليج النفطية. وكانت السعودية قد قدمت مشروع مبادرة دبلوماسية تهدف إلى حل الصراع الفلسطيني- الإسرائيلي. ولاقت تلك المبادرة تأييدا من البلدان الإسلامية وذلك بسبب جرائم الحرب التي ارتكبها شارون والتي لا يمكن السكوت عنها. الخطة السعودية: تحركت الولايات المتحدة في نهاية ابريل 2002 لاتخاذ بعض الإجراءات التي من شأنها تخفيف السخط الذي حل في العالم العربي الإسلامي من جراء الممارسات الإرهابية ـ الإسرائيلية. لذا قام جورج بوش بتوجيه دعوة إلى ولي العهد السعودي عبد الله لزيارة الولايات المتحدة، وفيما بعد استقبله في مزرعته الخاصة في (كروفورد ) ومثل هذه الدعوة نادر ما تقام بهذا المكان على شرف رؤساء الدول فقط. كان الموضوع الرئيس في المباحثات القضية الفلسطينية. وبعد شهرين من ذلك الاجتماع، أي في يونيو عام 2002 قدم الرئيس الأمريكي "رؤيته حول إقامة الدولة الفلسطينية" ولم يكتم المسؤولون الأمريكيون بأن " الرؤية" الأمريكية تتضمن جوهر الخطة السعودية لحل الصراع الفلسطيني ـ الإسرائيلي . ويبدو من ذلك بأن هناك تشاوراً أمريكيا سعودياً كان يجري في الخفاء. وفيما بعد حول الرئيس جورج بوش "الرؤية" إلى خطة أطلق عليها "خارطة الطريق" والتي لاقت دعما من روسيا والمجموعة الأوروبية ومنظمة الأمم المتحدة. تتضمن المرحلة الأولى من خارطة الطريق نبذ العنف وتطبيع الحياة في الأراضي الفلسطينية( ). أما المرحلة الثانية فيتم فيها وجوب "نقل السلطة" ، في حين تنص المرحلة الثالثة والأخيرة على إنشاء الدولة الفلسطينية. وان الفترة المحددة لتحقيق قيام تلك الدولة ستكون خلال سنة 2005. (وتتضمن الخطة كذلك تجميد إقامة المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية وحل مسألة اللاجئين الفلسطينيين والوضع القانوني لمدينة القدس). فشل خارطة الطريق: كانت التوقعات تشير إلى فشل خطة الطريق مسبقاً وذلك استناداً إلى جميع التجارب السابقة التي يتم فيها توزيع الأدوار مابين الأمريكيين والإسرائيليين. تأخذ فالولايات المتحدة دائما على عاتقها إطلاق الوعود وتنظيم الاجتماعات، أما إسرائيل فإنها تقوم بإجراءات قليلة على ارض الواقع تكون كافية لإفشال أي خطة كانت، لتخادع وتراوغ من أجل استمرار احتلالها للقدس وتعطيل المفاوضات المتعلقة بعودة اللاجئين الفلسطينيين. نظم الرئيس الأمريكي جورج بوش في يونيو 2003 اجتماعاً في الأردن جمع بين شارون، ورئيس الوزراء الفلسطيني آنذاك، محمود عباس. وأعلن كولن بأول أثناء جولته في بلدان الشرق الأوسط في مايو 2004 بأن الرئيس الأمريكي يرغب أن يكون عام 2005 عاماً لإنشاء الدولة الفلسطينية. وتزعم الولايات المتحدة بأن ليس لها تأثير مباشر لتحديد مسارات الحل للقضية الفلسطينية، وتدعي أن قضية الوضع النهائي يمكن أن تقرر فقط من قبل طرفي النزاع المتفاوضين . وهذا ما حصل في البلقان أيضاً إذ تتصرف الولايات المتحدة تصرفاً ينتج عنه "إقرار الأمر الواقع" وبعد ذلك تدعي بأنها لا تملك قوة التأثير على سير المفاوضات. وصرح جورج بوش إلى صحيفة الأهرام المصرية بأن الولايات المتحدة تدعم خطة السلام ولكن (حسب رأيه عام 2005) في حين أن الوعد بإقامة الدولة الفلسطينية قد مضى منذ سنتين ولم يتحقق. ومع ذلك يجب أن نعلم ونسرع باتجاه إقامة الدولة. وقد أعلنت بأني سأرسل رسالة إلى رئيس الوزراء الفلسطيني أعلن فيها إخلاصي للخطة ومن جانب آخر فأن رئيس الوزراء الإسرائيلي شارون لم يستر نيته فقال نحن لا نتبع خطة السلام ولست مستعداً لذلك . وأعرب شارون بأنه مطمئن لدعم واشنطن ولندن غير المشروط. وقد تكلم بـثقـة "بان القدس ستبقى عاصمة أبدية موحدة للشعب اليهودي ولن تكون مقسمة" . ومن جانب آخر، الفلسطينيون لديهم أمل أيضاً، فقد تكلم رئيس الوزراء الفلسطيني مع جورج بوش أمام الصحفيين فقال: " اعتقد بأن لدينا وقت كافي منذ هذه اللحظة حتى نهاية 2005 وهذه فرصة مناسبة لكي نتفاوض بجد ولنصل إلى اتفاق شامل ونهائي ودائم. فإذا نحن نطرح الموضوع بهذه الصورة فينبغي أن ننتظر من الجانب الإسرائيلي أن يسلك سلوكا مماثلاً، إلا أن الحقائق تشير عكس ذلك حيث نرى أن الحكومة الإسرائيلية ترغب في إطالة المفاوضات والإسهاب بها وممارسة التسويف والإبطاء والمماطلة لمدة عشر سنوات أو خمس عشرة سنة. هذا ما سمعته أكثر من مرة من وسائل الإعلام الإسرائيلية" . الانسحاب من غزة: أخذ الإعلام الإسرائيلي والسياسيون الإسرائيليون يتحدثون طيلة العام 2004 بتبجح عن الانسحاب "التاريخي" من غزة ولم تخف السلطات الإسرائيلية بذلك فقد صرح مستشار شارون (دوف وايسكلاس) إلى صحيفة (ناريزت) بأن "الانسحاب" لن يتم وفق إجراء سياسي مع الفلسطينيين لأن مصطلح مسيرة السلام يعني حزمة من المفاهيم. ويجري كل هذا من أجل صرف النظر عن الفشل الذي انتهت إليه خارطة الطريق. وتتضمن مسيرة السلام إنشاء الدولة الفلسطينية وهذه الخطوة لا تخلو من المجازفات الأمنية الواضحة حسب الطرح الإسرائيلي. إن جلاء المستوطنيين الإسرائيليين غير بعيد عن موضوع تقسيم القدس أو موضوع عودة اللاجئين، ولكن جمدت الآن جميع هذه الأمور ويجري السكوت عنها وذلك بالاتفاق مع الإدارة الأمريكية. وحسب الادعاء الإسرائيلي: "تبقى بعض أجزاء من الضواحي اليهودية التي لم تدخل ضمن الانسحاب، سيبقى سكانها طالما ان الفلسطينيين باقيين على تصلبهم ومن أجل ذلك قمنا بهذا العمل . إن أحسن جواب على هذه الحكاية الفارغة التي تتحدث عن "انسحاب" نجده من خلال المعلومات التي تتحدث عن عدد سكان غزة والتي تعد من أكثر مناطق العالم اكتظاظاً بالسكان والتي ينبغي فعلا الانسحاب منها وهي كأرض محتلة بهذه الصورة. يتعلق موضوع الانسحاب من الجانب الإسرائيلي بحوالي (7000) إلى (8000) مستوطن والتي رتبت لهم إسرائيل خطة استيطانية خاصة، أما الذين تم استيطانهم على مشارف غزة بعد عام 1967 لم يستطيعوا العيش هناك. إذن يدور موضوع الانسحاب برمته حول عدد من الناس لا يتعدى عدد نفوسهم عدد سكان ضاحية صغيرة من ضواحي بلغراد. والحقيقة إن الذي دفع إسرائيل على هذه الخطوة هو دافع الإعلام والدعاية الإعلامية. وهناك سبب أهم يشير إلى أن الانسحاب لا يتعدى كونه إعادة لانتشار الجيش الإسرائيلي في خطته لتطويق الأراضي المحتلة وفرض سيطرته عليها. لا يؤثر الانسحاب الإسرائيلي من غزة على استراتيجية إسرائيل في العدوان فهي تستطيع قصف غزة (من الجو أو من الأرض) أو تقوم بتنفيذ عمليات اغتيال ضد السياسيين الفلسطينيين المدنيين ومراقبة المجموعات المسلحة وتنقلاتها وغيرها. وحصلت هذه الأمور كلها عام 2006 لذا فإن الانسحاب من غزة لا يعني شيئاً. مداهنة الدول الإسلامية: لقد أدركت واشنطن بأن الفلسطينيين يعانون من خيبة أمل ولذلك سعت الإدارة الأمريكية إلى التخفيف من حالة عدم الرضا في الشرق الأوسط. قام مساعد وزير الخارجية الأمريكية نيكولاس بيرنس في سبتمبر من عام 2005 بمد يده "للمعتدلين" الإيرانيين وقال: "إن إيران دولة مهمة ومقتدرة وأتمنى أن لا تنعزل دولياً" . دعا في أكتوبر عام 2005 أن تكون إيران الإسلامية أكثر مرونة في علاقاتها الدولية. وزارت كوندريزا رايس العربية السعودية في نوفمبر 2005 فكان موضـوع مباحثاتها يتعلق مع المـسؤولين السـعوديين بتطبيق خارطة الطريق . وأقدمت الولايات المتحدة على خطوة تتصورها وكأنها محاولة مداهنة تقدمها للعالم الإسلامي وذلك حينما وافقت على قبول العربية السعودية في عضوية منظمة التجارة العالمية واعتبر ذلك أول تنازل منها منذ قيام المنظمة قبل (12) عاما. وقد وقع وزير الدفاع البريطاني في أكتوبر 2005 اتفاقية بعدة مليارات من الدولارات مع العربية السعودية. وفي نفس الشهر قال اللورد تريزان (من مكتب الخارجية) بأن الولايات المتحدة قد أوصت لندن بعدم قطع العلاقات مع إيران . وواصل المسؤولون الأمريكيون في يناير وفبراير عام 2006 "نشاطاتهم" الدبلوماسية في الشرق الأوسط إذ زار نائب الرئيس الأمريكي ديك تشيني السعودية وكان من بين المباحثات التي تناولها مستقبل تطبيق خارطة الطريق. وبعد ذلك زارت المنطقة كوندليزا رايس وشملت جولتها اللقاءات مع حكومات مصر ولبنان والإمارات لعربية المتحدة والعربية السعودية. وتكلمت كوندليزا رايس بأسلوب تمثيلي خلال المؤتمر الصحفي الذي عقد في السعودية في فبراير 2006 ظهرت فيه وهي تتحدث بخشوع وتجرد حول حل الصراع الإسرائيلي الفلسطيني،وتقدم نفسها وكأنها صاحبة موقف محايدة أمام أصدقاء الولايات المتحدة في المنطقة . وفي تلك الفترة صرح، الدبلوماسي البريطاني والوزير السابق في حكومة بلير، دينيس ميكين قائلاً:" يجب أن لا ينظر إلى إيران كدولة إسلامية عادية مثل تركيا" واقترح اقتراحاً يشبه اقتراح كلينتون الكاذب حول حماية الإسلام، وذلك عندما قدم نفسه كوسيط لفتح مفاوضات مع إيران . وقد أعرب زبيغنيف بريجنسكي في مارس 2006 عن رأيه بأن تطبيع العلاقات مع إيران يتطلب من "كلا الجانبيين الابتعاد عن الأسلوب الخطابي غير النافع وعلى الولايات المتحدة وإيران أن يشعرا بأن ذلك لن يجد نفعاً، عند ذاك فإن الجلوس على طاولة المفاوضات يمكن تحقيقه . وصرحت كوندليزا رايس في مايو 2006 قائلة: "سيكشف الوقت وحده فيما إذا كانت إيران جدية في استعدادها للمفاوضات" . لقد اقترحت رايس مرة أخرى في يونيو 2006 استئناف المفاوضات مع إسرائيل وتبعها جورج بوش بتصريح مماثل . أولى المقترحات للحل المؤقت الوضع القانوني لكوسوفو وميتوخيا: قدم جورج بوش "رؤيته" لإقامة الدولة الفلسطينية، في نفس الوقت الذي بدأت فيه مداهنة الولايات المتحدة لدول الشرق الأوسط. وظهرت أولى الاقتراحات الأمريكية حول تحديد الوضع القانوني لكوسوفو وميتوخيا. فتم إعداد الاقتراح الأمريكي من قبل ما يسمى المعهد الأمريكي للسلام وذلك في يوليو عام 2002. وضعت هذا المقترح مجموعة "خبراء" بقيادة دانيال سيرفير وهو دبلوماسي ورئيس سابق لأحد الأقسام في وزارة الخارجية الأمريكية وجاء في المقترح:" ينبغي من المجتمع الدولي بأن يقرر الوضع القانوني النهائي لكوسوفو ضمن مراحل زمنية محددة. على سبيل المثال في السنوات الثلاث الأولى لا يتم تغيير حدود كوسوفو مع التحرك نحو الاستقلال. ويتم الاتفاق خلال الثلاث سنوات اللاحقة على تحديد الفترة الزمنية اللاحقة لتصل كوسوفو لمرحلة الدولة المستقلة ضمن الحدود الموجودة . أي تبقى السيادة اسميا لصربيا. إذن تتطابق الفترة الزمنية لإنشاء الدولة الفلسطينية مع الحل النهائي للوضع القانوني لكوسوفو وميتوخيا. لم يكن هذا الربط بين الأزمتين صدفة، كما يبدو في مقترح معهد السلام الذي " أقحم" شرط الاستقلال بهذه الصورة العديمة المعنى. (رغم أن الاستقلال لا يمكن أن يتم بشروط لأن هذا المفهوم غير معترف به وفق القانون الدولي). ونعتقد أن عبارة "الاستقلال المشروط" لا معنى لها. فما معنى القول: صربيا ستبقى تمارس سيادتها الاسمية وكوسوفو تمارس فعاليتها كدولة مستقلة. قام سيرفير بعد إعلان مقترحه بخطوة إضافية محيرة تؤدي إلى الاضطراب وذلك حينما ربط مسألة كوسوفو بموضوع دخول يوغسلافيا الاتحادية بالمجموعة الأوربية. وبذلك صرح بأن: " لهذا الأمر أهمية خاصة وذلك أن صربيا أعلنت رغبتها بتقديم طلب حول دخولها للوحدة الأوروبية عام 2004 عند ذاك على الوحدة الأوربية أن تعرف وتتأكد فيما إذا كان الطلب اليوغسلافي يتضمن إن كوسوفو جزء من يوغسلافيا أو بدون كوسوفو". اعتقد سيرفر، وهو لم يقدم أي دليل يؤيد اعتقاده، بأن مجموعة الوحدة الأوروبية ستقبل يوغسلافيا الاتحادية بسهولة في حالة طلبها العضوية من غير أن تكون كوسوفو جزءً منها. واستمر "الباحث" المذكور في تسويق الخداع عندما افترض عدم وجود ربط بين الحكومة الأمريكية وبين أزمة كوسوفو. وادعى بأنه توصل "صدفة" إلى نتيجة مفادها أن الحل النهائي لقضية كوسوفو وميتوخيا سيتم بحلول يوليو من عام 2002. تفسر لنا "نظرية الصدفة" التي جاء بها سيرفير ما يبررها على الوجه التالي: " على جانبي الأطلسي هناك سلسلة من الأفكار والنظريات حول كوسوفو ومستقبل وضعها القانوني. وحسب رأينا، أود إعلان فكرتي تلك، من خارج نطاق النظرية الحكومية الأمريكية، ويشاطرني الرأي، من بين صفوف الباحثين، عدد كبير من يدعم فكرة الاستقلال مستقبلاً . ويعد معهد السلام أداة من أدوات السياسة الكونية الأمريكية. ومعهد السلام هو ليس منظمة مستقلة على الإطلاق بل أداة عادية من أدوات السياسة الخارجية لواشنطن. تأسس هذا المعهد عام 1984 في عهد ما تسمى بإدارة ريغان باقتراح من الكونغرس، ويرأس المعهد المسؤول الأمريكي السابق كولومون . يختص المعهد بتناول المشكلات العالمية من بينها مشكلة الشرق الأوسط والبلقان. و يشغل سيرفر موقع رئيس قسم البلقان في المعهد المذكور وكان الممثل الشخصي للرئيس الأمريكي خلال الحرب الأهلية في البوسنة. عام 2002: بدأت أزمة كوسوفو إلى الظهور مرة أخرى في عام 2002 وبشكل روتيني وذلك أن مسؤولاً من الاونميك - وهي الإدارة الدولية المدينة في كوسوفو- ميخائيل ستايز صرح في برلين بتاريخ 13/11/2002 بأن الحل النهائي لحسم الوضع القانوني لكوسوفو سيكون في غضون الثلاث سنوات أو أربع سنوات القادمة . الى اللقاء في الحلقة الثامنة
#جعفر_عبد_المهدي_صاحب (هاشتاغ)
Jaffar_Sahib#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
فصل من كتاب د. ديان ميروفيتش: كوسوفو فلسطين، نظام ترابط الأز
...
-
فصل من كتاب د. ديان ميروفيتش - الحلقة الخامسة
-
فصل من كتاب د. ديان ميروفيتش - كوسوفو فلسطين نظام ترابط الأز
...
-
فصل من كتاب - الحلقة الرابعة
-
الحلقة الثانية: الإسلام وفق الفهم الأمريكي :
-
الحلقة الثالثة: فصل من كتاب دايان ميروفيتش هبوط سعر النفط خل
...
-
الحلقة الأولى: فصل من كتاب (كوسوفو فلسطين – نظام ترابط الأزم
...
-
عندما تتناغم القيادة الحكيمة والتجاوب الشعبي جمهورية صربيا ن
...
-
من أوراق مذكراتي الليبية - موقف محرج ومهلك من الوزن الثقيل
-
وداعاً أيها المفكر والأكاديمي والمناضل اليساري والناقد الأدب
...
-
رحيل مفكر عربي كبير وأستاذ جامعي مرموق
-
مداخلتي في ندوة الحوار الديني والإنساني
-
في الذكرى الأولى لرحيل الشاعر الخالد مظفر النواب
-
درس في المعاملات - كيف تقلب عدواً الى صديق؟
-
الذكرى الثانية عشر لرحيل العلامة الأستاذ الدكتور فوزي رشيد
-
حذاري من مستنقع الطائفية البغيض هل صحيح أن سفير العراق في صر
...
-
من عشاق اللغة العربية البروفسور الصربي د. رادى بوجوفيتش
-
صانعو القرار السياسي الخارجي الأمريكي وعقدة أوديب
-
رحيل كوكب أكاديمي عربي ليبيى ساطع في سماء الطب العربي المعاص
...
-
دروس وعبر من التاريخ
المزيد.....
-
التهمت النيران كل شيء.. شاهد لحظة اشتعال بلدة بأكملها في الف
...
-
جزيرة خاصة في نهر النيل.. ملاذ معزول عن العالم لتجربة أقصى ا
...
-
قلق في لبنان.. قلعة بعلبك الرومانية مهددة بالضربات الإسرائيل
...
-
مصر.. غرق لانش سياحي على متنه 45 شخصًا ومحافظ البحر الأحمر ي
...
-
مصدر يعلن موافقة نتنياهو -مبدئيًا- على اتفاق وقف إطلاق النار
...
-
السيسي يعين رئيسا جديدا للمجلس الأعلى لتنظيم الإعلام
-
ثلاثة متهمين من أوزبكستان.. الإمارات تكشف عن قتلة الحاخام ال
...
-
واشنطن تخطط لإنشاء قواعد عسكرية ونشر وحدات صاروخية في الفلبي
...
-
هايتي: الأطفال في قبضة العصابات مع زيادة 70% في تجنيدهم
-
تحطّم طائرة شحن في ليتوانيا ومقتل شخص واحد على الأقل
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|