أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جعفر عبد المهدي صاحب - فصل من كتاب د. ديان ميروفيتش: كوسوفو فلسطين، نظام ترابط الأزمات- الحلقة السادسة















المزيد.....

فصل من كتاب د. ديان ميروفيتش: كوسوفو فلسطين، نظام ترابط الأزمات- الحلقة السادسة


جعفر عبد المهدي صاحب
متخصص أكاديمي في شؤون منطقة البلقان

(Jaffar Sahib)


الحوار المتمدن-العدد: 8172 - 2024 / 11 / 25 - 10:08
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


فصل من كتاب د. ديان ميروفيتش: كوسوفو فلسطين نظام ترابط الأزمات
الدور السعودي المغفل في تحمل تكاليف الحرب
السعودية وكوسوفو عام 1999: لقد استخدمت حكومة الرياض عام 1999 مختلف الوسائل من أجل صرف نظر الشعب السعودي عن فلسطين وعن خطة السلام النهائية.
وأقدمت سلطات الرياض على خطوة أخرى غير معهودة لدى المراقبين المحليين السياسيين العرب والأجانب، إذ أقامت احتفالات كبرى بمناسبة ذكرى اعتلاء أول ملك سعودي عرش المملكة منذ ان احتل الرياض عام 1902. وبدأ الإعداد والتنسيق للحفل منذ مطلع عام 1999 وصرفت من أجله الأموال الطائلة . وكان المراد من هذا الحفل إلهاء الرأي العام السعودي بالإضافة إلى لفت الانتباه عن مدى شرعية وجود السلطة.
عندما دار الحديث عن أزمة كوسوفو وميتوخيا، أعيدت نفس المسخرة التي حصلت أثناء حرب البوسنة والمتعلقة بمساعدة المملكة السعودية للولايات المتحدة بتحمل جزء كبير من نفقات الحرب بحجة أن الولايات المتحدة تدافع عن مسلمي البلقان في البوسنة وكوسوفو. فوصلت مادلين أولبرايت إلى عاصمة العربية السعودية الرياض في نهاية عام 1998 . وبعد هذه الزيارة صرح الناطق باسم الخارجية الأمريكية (جيمس روبين) قائلاً: "اتفقنا مع كل حلفائنا حول دعمهم لاستراتيجيتنا الخاصة بحل أزمة كوسوفو بما في ذلك استخدام القوى".
وبعد ذلك أوضح روبين بأن الخطوات التالية التي ستخطوها واشنطن تم تحديدها والتي لابد أن تتخذ ضد جمهورية يوغسلافيا الاتحادية، فقال: " إن وزيرة الخارجية أولبرايت سعيدة باللقاء الذي سيعقد الجمعة القادمة في لندن مع زملائها من مجموعة الاتصال، إذ من المؤمل أن يساعد اللقاء على تنفيذ استراتيجيتنا كاملة في البلقان" . كان قائد الأركان العامة للجيش الأمريكي هيو شيلتون قد زار هذه المملكة الخليجية في فبراير عام 1999. وساهم وزير الدفاع السعودي الأمير سلطان في مارس عام 1999 في التهديد بالحرب داعماً الموقف الأمريكي، فقد صرح الأمير سلطان بأن العالم الإسلامي لم يكن مكتوف الأيدي إزاء أزمة كوسوفو ويجب وضع حد للحملات العسكرية التي يشنها الجيش اليوغسلافي هناك( ).
رامبوييه: فيما يتعلق برامبويه ليس من الصعب أن نفهم لماذا تحولت المفاوضات في رامبويه إلى مسخرة. فالذي حدث هناك هو أن الأمريكيين قد تفاوضوا باسم الانفصاليين مع الأمريكيين (مفاوضات أمريكية ـ أمريكية) على غرار ما حصل في دايتون عندما أصبح الحوار يدور بين بيرل وهولبروك.
لقد حضرت إلى رامبوية مادلين أولبرايت في الـ(18) ساعة الأخيرة من المفاوضات التي جرت دون الاتفاق مع مجموعة الاتصال. و طلبت أولبرايت بشكل مفاجئ من بلغراد الموافقة على الفقرتين الجديدتين (2و5) والتي تطلب من جمهورية يوغسلافيا الاتحادية القبول باحتلال كل صربيا. ومن الطبيعي أن مثل هذا التحذير لم تقبل به أي دولة ذات سيادة.
العدوان على جمهورية يوغسلافيا الاتحادية: قامت الولايات المتحدة، وبعد انتظارها للرفض المتوقع للإنذار، بشن حملتها العسكرية ضد جمهورية يوغسلافيا الاتحادية، وصاحب الهجوم حملة إعلامية شعواء مليئة بالكذب وتزوير الحقائق وقلبها للوقائع رئساً على عقب بشكل مقصود وبنية شريرة.
فقد ادعت تلك الحملات الإعلامية وجود مئات الألوف من القتلى وقارنت ذلك بشكل سخيف مع الهولوكوست، علماً بأن بعض الأصوات في الغرب أعلنت عدم صحة تلك المعلومات وعدم صدق النوايا الأمريكية بشأن حماية حقوق الإنسان. فقد أشار نعوم تشومسكي بأن في تيمور الشرقية قتل مابين ( 300 الى 5000) إنسان للفترة من يناير حتى أغسطس عام 1999 وهذا العدد من القتلى يشكل أضعافاً مضاعفة لأعداد القتلى الذين سقطوا في كوسوفو من الجانبين لفترة سنة كاملة، أي إلى غاية اندلاع حرب الناتو ضد يوغسلافيا ) .
العربية السعودية والعدوان: كان الضجيج الإعلامي الغربي (كما كان أثناء الحرب الأهلية في البوسنة) يهدف إلى كسب تعاطف العالم العربي والإسلامي وبالشكل الذي يخدم الاستراتيجية الأمريكية. وتناغمت تلك الحملات الغربية مع الدعم السعودي وتصريحات المسؤولين السعوديين التي دعت الولايات المتحدة علناً إلى " الضرب وبدون رحمة "من أجل حماية الإسلام والمسلمين". وأصدرت العربية السعودية في مارس من عام 1999 بياناً كررت فيه العبارات الأمريكية المعروفة " المذابح التي تقوم بها القوات الصربية ضد آلاف المسلمين " و "العدوان الصربي " و "نظام بلغراد " . وأشار البيان نفسه إلى أن الملك فهد قد أمر شخصياً بإقامة جسر جوى من أجل مساعدة المسلمين في البلقان .
وصل إلى تيرانا في ابريل وفد عالي المستوى من منظمة المؤتمر الإسلامي والذي كان في استقباله هناك السفير السعودي . وضم الوفد ممثلين من إيران وقطر وباكستان ومصر والسنغال والعربية السعودية وبلدان أخرى. لقد فتح في مايو عام 1999 مخيم اللاجئين في الملعب الرياضي الرئيس في تيرانا وذلك استعداداً لاستقبال اللاجئين الكوسوفيين. وتبرع وزير الدفاع السعودي الأمير سلطان من "جيبه" الخاص مبلغ (1.3) مليون دولار من أجل مساعدة why do I do itالألبان في البلقان. ودعا الأمير سلطان إلى حملات عسكرية ضد الصرب "الأشرار ". وكانت كل هذه المصطلحات والتعابير القاسية ترددها وسائل الإعلام السعودية في منطقة الشرق الأوسط، وهو ترديد حرفي للحملة الإعلامية الأطلسية.
فيصل - خاتمي - أوبك: أخذت تتناغم سياسة أكبر دولتين في الأوبك مع سياسة الناتو في أثناء عدوان الحلف الأطلسي على جمهورية يوغسلافيا الاتحادية، الدولتان هما السعودية وإيران. وقد توصل وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل والرئيس الإيراني خاتمي الموالي للغرب آنذاك، في ابريل عام 1999 إلى ضرورة تنسيق وتعاون بلديهما في إطار الأوبك ومنظمة المؤتمر الإسلامي وبالشكل الذي يؤدي إلى انقاذ المسلمين وحل أزمة كوسوفو. وهذا يعني ان تدخلهما ليس صعباً ولا يتطلب منهما إلا تنفيذ السياسة الأمريكية الرامية إلى خفض أسعار نفط الشرق الأوسط.
تصدير المجاهدين: أثناء أحداث كوسوفو 1998 ـ 1999 أخذ يتزايد عدد المقاتلين الذين تم "تصديرهم" من منطقة الشرق الأوسط إلى البلقان، وذلك عبر ألبانيا وتحت رعاية وإشراف قوات حلف الناتو والولايات المتحدة والمخابرات البريطانية. وأخذ أولئك "المجاهدون" يتسللون بعض الأحيان إلى أراضي جمهورية يوغسلافيا الاتحادية.
وحسب المعلومات التي أعلنها الحزب الاشتراكي الألباني المعارض فأن أكثر من (1000) أجنبي خلال التسعينيات قد منحوا الجنسية الألبانية من بينهم عناصر مقربة لأسامة بن لادن مثل السعودي ياسين قاضي والذي هو وغيره كانوا يعملون، لغاية عام 2001، لمنظمة القاعدة تحت ستار(مؤسسة الحرمين غير الحكومية) العاملة في كوسوفو وميتوخيا، وهم يمارسون أنشطتهم حتى يومنا هذا وبمساعدة حزب الله وبمعرفة عصام الدين الجزيري من مدينة بريزرين - جنوب كوسوفو - وهو أحد قادة جيش تحرير كوسوفو منذ نهاية التسعينيات.
تل أبيب وعدوان عام 1999: كان سلوك الحكومة الصهيونية الإسرائيلية منافقاً بشكل فريد إزاء العدوان الذي شنه حلف الناتو ضد جمهورية يوغسلافيا الاتحادية عام 1999.
لم يتوقف شارون أو نيتنياهو يوما من الأيام من خرق حقوق الإنسان وتقتيل الشعب الفلسطيني من خلال استخدامهما لأشد وسائل الانتقام والتدمير في الأراضي المحتلة في غزة والضفة الغربية، فأنهما اليوم يحاولان أن يقفا إلى جانب " الأصدقاء" المسلمين في البلقان(؟ !). على سبيل المثال أخذ نتنياهو يربط جميع مجريات ومباحثات السلام الخاصة بالشرق الأوسط مع الوضع في كوسوفو وميتوخيا،وهو يطلق التصريحات بهذا الاتجاه عبر مختلف وسائل الإعلام. واستقبل نتنياهو شخصياً في ابريل من عام 1999 مئات اللاجئين من كوسوفو وميتوخيا والذين وصلوا إلى إسرائيل . وشارك في ذلك الاستقبال الدبلوماسيون الألبان ووافق ذلك اليوم مع ذكرى إحياء إسرائيل ليوم الهولوكوست (؟ !) وكان الألبان يرتدون القلنسوات اليهودية تعبيراً للتضامن مع أصدقائهم. وأعلن نتنياهو علناً دعمه لشن الحرب ضد يوغسلافيا الاتحادية. وصرح مجرم الحرب شارون في تلك الفترة قائلاً: " نحن على استعداد لإرسال مساعدات عاجلة إلى اللاجئين الألبان في كوسوفو. وحذر عدة أعضاء من حزب العمل الإسرائيلي الحكومة بقولهم: لا يمكن أن تبقى إسرائيل مكتوفة الأيدي إزاء استمرار الإبادات الجماعية أينما تحصل"( ).
ويمكن عد التصريح الصادق الوحيد الذي أطلقه شارون هو ذلك الكلام الذي قاله في مؤتمر اليهود الأمريكيين المنعقد في ابريل عام 1999 إذ لم يستطع أن يكتم سروره، وذلك لشعوره بزيادة أمن إسرائيل إذ قال: " إن كوسوفو ستصبح مركزاً للمتطرفين الإسلاميين . أي أن منظمة القاعدة والمنظمات الشبيهة بها سوف لا تنفذ هجماتها ضد إسرائيل والأهداف الأمريكية في المنطقة بل سيكون هدفها الجيش الصربي والشرطة والمدنيين في كوسوفو وميتوخيا".
أصحيح أن الولايات المتحدة "تحمي" المسلمين؟: فقد أخذت الولايات المتحدة، بعد أكثر من ثلاثة اشهر على الحرب الوحشية ضد بلد صغير كجمهورية يوغسلافيا الاتحادية، تعلن بأنها لوحدها تحمي الإسلام والمسلمين على مستوى العالم. وأخذ السياسيون الأمريكيون ووسائل الإعلام الغربية وما يطلق عليهم بالمثقفين في معظم دول الغرب يرددون وبكل بساطة تلك الأكاذيب والمهازل. وبذلك أخذ بيل كلينتون وخلال زيارته لباكستان (البلد الإسلامي) يذكر مضيفيه: "قلت إني جئت كصديق لباكستان والعالم الإسلامي وكرجل وقفت ضد المذابح التي ارتكبت ضد المسلمين في البوسنة وكوسوفو. وخطبت أمام المجلس الوطني الفلسطيني في غزة ومشيت بخطوات حزينة أمام قبري الملكين الحسين والحسن واحتفلت في البيت الأبيض بنهاية رمضان مع المسلمين الأمريكيين" .
وركزت أبواق وسائل الإعلام السعودية على عبارات مطولة من خطاب كلينتون الذي ألقاه كلينتون في باكستان فنقلت قوله "لدينا التزامات تاريخية تجعلنا أن نضمن أمن الشعب الإسرائيلي "وتابعت وسائل الإعلام السعودية عبارات كلينتون الأخرى، أن الولايات المتحدة تحتاج إلى إثبات أنها ليست بلد ضد الإسلام "وقد عبر كلينتون بشكل مؤثر بأن الولايات المتحدة ترغب بأن يصبح الناس أحرارا ً". وهذا ما فعلته واشنطن في البوسنة وكوسوف و. وأصبحت مادلين أولبرايت ممثله ناجحة لأداء دور "حامية" الإسلام في العالم. فبعد العدوان على يوغسلافيا كانت أولبرايت الضيفة الدائمة التردد على الحكومات الإسلامية في الشرق الأوسط. وبعد أن تركت منصبها في وزارة الخارجية فإنها قادت مشروع جمع ديمقراطيي العالم الثالث (انعقد المؤتمر في تركيا عام 2004) . ومع ذلك فأن "حامية الإسلام" هذه كانت تعرف أن الرواية الأمريكية لا يمكن أن يثق بها العرب بسهولة رغم إن بعض الحكومات قد تطوعت من نفسها للوقوف إلى جانب الطرح الأمريكي ومنها العربية السعودية. وفي هذا المجال أخذت أولبرايت تبرر فشلها في الشرق الأوسط وتعبر"تلقائياً" بنفس الوقت عن الأسباب المشروعة حسب رأيها والتي أدت بالعدوان على يوغسلافيا الاتحادية. وقالت ضمن مقابلة صحفية مع صحيفة (ويلت) الألمانية بأن هناك "تنافر روحي" عام في العالم العربي والإسلامي اتجاه الولايات المتحدة ولكن المسلمين في كوسوفو يحبون أمريكا ودعمت قولها بأن العديد من الشوارع في كوسوفو حملت اسم كلينتون .
المثقفون: هناك مقارنة عديمة المعنى لا يتناولها السياسيون فقط بل المثقفون المستقلون. أن البروفيسور(بيرنارد لويس) الأستاذ في جامعة برينستون وواحد من أكبر علماء التاريخ المتخصصين في الشرق الأوسط والحائز على جائزة (جورج بولك) بعد نشره مقالاً على صفحات (نيويوركر) بعنوان "التمرد الإسلامي" وفيما بعد أصبح هذا المقال عنوانا لكتاب لويس "مشكلة الإسلام" والذي حصل مرة أخرى على شهادة شكر من (النيويورك تايمس) ومجلة (ويل ستريت جورنال) وغيرها من وسائل الإعلام الأمريكية "الحرة" و "الديمقراطية" جداً. وجه بيرنارد لويس في كتابه هذا نقداً إلى الدول العربية والإسلامية في الشرق الأوسط لأنهم لم يقروا بأي اعتراف بالجميل إلى الولايات المتحدة بسبب وقوفها في إنقاذ المسلمين في البوسنة وكوسوفو. إن لويس ووسائل الإعلام الأمريكية " الحرة " قد انزعجوا لان الصراع العربي - الإسرائيلي وكما هو معروف قد جذب الاهتمام أكثر من كل الصراعات الأخرى.
ويروج هؤلاء بأنه كما في إسرائيل يوجد مجتمع مفتوح وديمقراطي، ففي أوروبا يوجد أيضاً ما يطلق عليهم (المثقفون المستقلون) من أنصار الولايات المتحدة والصهيونية، مثل ليفي وغلينكسمان وكوشنر (وغيرهم من "أكداس" المثقفين) يرددون أن الولايات المتحدة الأمريكية حامية الإسلام ويوجهون نقدهم للدول العربية و الإسلامية كدول ناكرة الجميل والتي تثور من أجل "صغائر" الأمور مثل عدم قيام الدولة الفلسطينية. أما احتلال الأراضي وحرق أقدم جامع في العالم، المسجد الأقصى، وسرقة الثروات الطبيعية في الشرق الأوسط وتدمير العراق وطرد عدة ملايين من الفلسطينيين من وطنهم وأرضهم التي كانوا يعيشون عليها منذ القدم، إن كل جرائم الحرب هذه يرغبون حجبها والتغطية عليها بما يسمى بحروب "التحرير" التي قادتها واشنطن في البوسنة وكوسوفو.
وفي الحقيقية أن شن الحرب الوحشية على يوغسلافيا من قبل أقوى حلف عسكري في العالم، أي شن الضربات الجوية العدوانية بقيادة الولايات المتحدة ضد الصرب، جعل المثقفين من أمثال ليفي أن يصفوها بجدارة "حروب التحرير"، ويعتقدون بأن البوسنة يجب أن تتم حمايتها من الاضطهاد الصربي وأن يكون نموذج الدولة البوسنية قابل للحماية ويمكن اتخاذه كدليل على وجود إسلام عالمي واحد ومعاصر.
ومن جانب ثاني انتقد ليفي مسلمي الشرق الأوسط لأنهم يحملون أمريكا مسؤولية كل ما حصل في الشرق الأوسط، وحسب تعبير ليفي: "أن إسرائيل وأمريكا ليس لهما يد بما حصل للعرب". ويختتم ليفي قوله " أغلب العرب يعيشون في العالم القديم وهم يؤمنون بمبدأ العلية إذ يقف عندهم وراء أي عمل شيطان شرير، وهذا ينطبق على أمريكا وإسرائيل فهما الشيطان الكبير والشيطان الصغير" .
الانهيار الكلي للحظة السلام عام 1999: كان لانطلاق الضجيج الإعلامي وتحريف الحقائق وقت العدوان وبعده هدف آخر، وهو أن يهيئوا الرأي العام العربي وبعض الحكام لخطوة لاحقة تقوم بها الولايات المتحدة وإسرائيل وذلك من أجل الانقضاض على مسيرة السلام في الشرق الأوسط وإنهائها كلياً، وكما مر علينا سابقاً وبموجب اتفاق اوسلو لعام 1993 تم تحديد نهاية سنة 1999 موعداً لوضع حل للقضية الفلسطينية من خلال إقرار الوضع القانوني للدولة الفلسطينية والأماكن المقدسة في القدس.
ولكن واشنطن وتل أبيب " اخترقا " هذه المدة المتفق عليها. وأول مبررات الاختراق الزمني كان شن الحرب ضد جمهورية يوغسلافيا الاتحادية. وبعد ذلك بأكثر من سنة اخذوا يتباطأون ويماطلون أمام الفلسطينيين والعالم الإسلامي والعربي ويتظاهرون بأنه سيتم استئناف مسيرة السلام لاحقا.
وهكذا قام بيل كلينتون من جديد بتنظيم لقاء بين رئيس الوزراء الجديد باراك وعرفات. وأخذت مادلين أولبرايت وزملائها يسافرون وينتقلون بين عواصم الشرق الأوسط بشكل يشبه انتقال مهرجي فرق " السيرك ".
مثلاً: - في 16/9/1999 زار السعودية وزير التجارة الأمريكي.
- وبتاريخ 19/10/1999 قام وزير الدفاع الأمريكي بزيارة السعودية.
- وفي 7/12/1999 قامت وزيرة الخارجية مادلين أولبرايت بزيارة السعودية. ووعدت المسؤولين فيها بان المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية بشان فلسطين والقدس وصلت إلى مراحلها الأخيرة.
- في فبراير عام 2000 قام وزير الطاقة الأمريكية بزيارة السعودية.
- في ابريل 2000 قام وزير الدفاع الأمريكي كوهين بزيارة أخرى للعربية السعودية.
- في مايو 2000 اتصلت وزيرة الخارجية الأمريكية مادلين أولبرايت هاتفياً بالأمير عبد الله وكان الاتصال يتمحور حول القضية الفلسطينية.
- في 16/9/2000 اجتمعت وزيرة الخارجية الأمريكية مع الأمير عبد الله في نيويورك، وحسب ما أعلنته السفارة السعودية بأن المحادثات دارت بشأن الأراضي الفلسطينية المحتلة .
ومع ذلك فأن كل هذا لم يكن كافياً لتضليل الرأي العام في الشرق الأوسط وكأن سحب الدخان الأمريكية بدأت في الشرق الأوسط لكي تبقى إلى الأبد. وحينما بدأت أسعار النفط في الارتفاع من جديد بدأت المصاعب تواجه الاقتصاد الأمريكي. يقول كلينتون: " تباحثت مع الملك السعودي فهد حول إمكانية زيادة إنتاج الأوبك، فقبل عام فقط هبطت أسعار النفط إلى (12) دولاراً للبرميل الواحد ورغم انخفاض الأسعار إلا أن عوائد الدول المنتجة للنفط كانت كافية لسد احتياجاتها الأساسية. أما الآن فقد قفزت الأسعار ما بين (31) إلى (34) دولاراً للبرميل الواحد وهذا الارتفاع في الأسعار يؤدي إلى نتائج سلبية تضر البلدان المستهلكة. أتمنى أن تقف الأسعار بين سعر (20) و (22) دولاراً للبرميل، ونأمل من الأوبك أن تزيد من إنتاجها، وبعكس ذلك فأن أمريكا سوف تواجه مشاكل اقتصادية جمة .
وأخيراً عندما طلب ياسر عرفات من الأمريكيين والإسرائيليين الوفاء بالتزاماتهم بشأن عملية السلام، أي السماح بقيام الدولة الفلسطينية وحل مشكلة اللاجئين ومشكلة الأماكن الإسلامية المقدسة في القدس فأن الولايات المتحدة وإسرائيل استمرتا بالمماطلة والتعمد بالاستفزاز لغرض اندلاع صدامات جديدة في فلسطين المحتلة. وهذا ما حصل بالفعل، فبعد (12) يوماً فقط من لقاء أولبرايت مع ولي العهد السعودي ،قام شارون بزيارته الاستفزازية التي ذكرناها سابقاً، ومن ثم هجومه الوحشي المسلح ضد الفلسطينيين المدنيين العزل أمام ساحة المسجد الأقصى في 28/9/2000. وبدأت منطقة الشرق الأوسط تتفجر من جديد بعد أكثر من (10) سنوات من الهدوء النسبي. واندلعت الانتفاضة الفلسطينية الثانية.
الى اللقاء في الحلقة السابعة.



#جعفر_عبد_المهدي_صاحب (هاشتاغ)       Jaffar_Sahib#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- فصل من كتاب د. ديان ميروفيتش - الحلقة الخامسة
- فصل من كتاب د. ديان ميروفيتش - كوسوفو فلسطين نظام ترابط الأز ...
- فصل من كتاب - الحلقة الرابعة
- الحلقة الثانية: الإسلام وفق الفهم الأمريكي :
- الحلقة الثالثة: فصل من كتاب دايان ميروفيتش هبوط سعر النفط خل ...
- الحلقة الأولى: فصل من كتاب (كوسوفو فلسطين – نظام ترابط الأزم ...
- عندما تتناغم القيادة الحكيمة والتجاوب الشعبي جمهورية صربيا ن ...
- من أوراق مذكراتي الليبية - موقف محرج ومهلك من الوزن الثقيل
- وداعاً أيها المفكر والأكاديمي والمناضل اليساري والناقد الأدب ...
- رحيل مفكر عربي كبير وأستاذ جامعي مرموق
- مداخلتي في ندوة الحوار الديني والإنساني
- في الذكرى الأولى لرحيل الشاعر الخالد مظفر النواب
- درس في المعاملات - كيف تقلب عدواً الى صديق؟
- الذكرى الثانية عشر لرحيل العلامة الأستاذ الدكتور فوزي رشيد
- حذاري من مستنقع الطائفية البغيض هل صحيح أن سفير العراق في صر ...
- من عشاق اللغة العربية البروفسور الصربي د. رادى بوجوفيتش
- صانعو القرار السياسي الخارجي الأمريكي وعقدة أوديب
- رحيل كوكب أكاديمي عربي ليبيى ساطع في سماء الطب العربي المعاص ...
- دروس وعبر من التاريخ
- لعنة البيروسترويكا: صعود غورباتشوف بداية النهاية لدولة عظمى


المزيد.....




- شاهد لحظة قصف مقاتلات إسرائيلية ضاحية بيروت.. وحزب الله يضرب ...
- خامنئي: يجب تعزيز قدرات قوات التعبئة و-الباسيج-
- وساطة مهدّدة ومعركة ملتهبة..هوكستين يُلوّح بالانسحاب ومصير ا ...
- جامعة قازان الروسية تفتتح فرعا لها في الإمارات العربية
- زالوجني يقضي على حلم زيلينسكي
- كيف ستكون سياسة ترامب شرق الأوسطية في ولايته الثانية؟
- مراسلتنا: تواصل الاشتباكات في جنوب لبنان
- ابتكار عدسة فريدة لأكثر أنواع الصرع انتشارا
- مقتل مرتزق فنلندي سادس في صفوف قوات كييف (صورة)
- جنرال أمريكي: -الصينيون هنا. الحرب العالمية الثالثة بدأت-!


المزيد.....

- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال
- الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية / خالد فارس
- دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني / فلاح أمين الرهيمي
- .سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية . / فريد العليبي .


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جعفر عبد المهدي صاحب - فصل من كتاب د. ديان ميروفيتش: كوسوفو فلسطين، نظام ترابط الأزمات- الحلقة السادسة