سعود سالم
كاتب وفنان تشكيلي
(Saoud Salem)
الحوار المتمدن-العدد: 8171 - 2024 / 11 / 24 - 22:00
المحور:
الادب والفن
في زاوية الغرفة المعتمة
يستلقي التمساح بتعب على السرير
يحدق في السقف
ويمضغ ذكرياته القديمة
على ضفاف النيل
الفيل الأزرق
كان محاصرا في برواز
معلقا بمسمار على الجدار
والذئب المرقط
جالسا على الكرسي العتيق
مرفقيه على الطاولة
يتحدث بصوت خافت
وينظر خلسة من النافذة
إلى الطريق
ينتظر الفضيحة القادمة
يتلذد بساعات الفراغ
يشعل عود ثقاب في العتمة
لإشعال سيجارة
ويطلب قهوة
وكأس من الماء
من صورته في المرآة
دون أن ينتظر إجابة
وجاءه فجأة صوت بعيد
من وراء النافذة :
أنا الذي لا يؤمن بالله ولا بالشيطان
أنا الذي لا يؤمن بالجنة ولا بالنار
أنا الذي لا ينام بالليل ولا بالنهار
انا الذي لا وجه ولا إسم لي
سوى أناي اللزجة
وصدى صوتي في المزمار
أغني لكم من وراء الستار
في الليل أو في ضوء النهار :
نزل الوحي علي من وعيي
ونزل علي الحق من عقلي
وتجلى النور من عيني
دموعا متلألئة
على هامش الصفحة
نبوءة ورؤيا
ولم أر في اليقظة أو في المنام
فأنا لم أنم بالليل ولا بالنهار
إنما رأيت الكارثة في عيون الأطفال
ذات مرة عندما كنت جالسا أشرب الشاي في مقهى شعبي في شارع الإستقلال، وربما شارع الحرية أو شارع الثورة أو شارع آخر بإسم أحد الأبطال، شارع صلاح الدين، شارع الرشيد، وربما عنترة أو جمال، رأيت أن عالمكم المهزوم لن ينقذه المهدي المنتظر، وأن عالمكم المثقوب لن يرقعه الإمام الغائب ولا الشيخ الحاضر، وأن عالمكم المجنون لن ينقذه الملك العجوز ولا الرئيس الجديد ولا الجنرال المتقاعد، وأن عالمكم المريض لن يشفيه الإله ولا النبي ولا مفتي الديار، وأن عالمكم لن ينجوا من الكارثة، لأن الكارثة قد حدثت منذ قرون ولا مجال للرجوع. ما زلتم تسقطون في غياهب الظلمات بسرعة الضوء، ومع ذلك نستطيع أن نقول، قبل أن تموتوا، قبل أن تنقرضوا، كان بالإمكان فعل هذا الشيء أو نقيضه، قبل الموت كان بالإمكان تجربة الحياة.
تثائب التمساح فوق السرير
تململ الفيل الأزرق
في بروازه الضيق
سقطت الصورة
تهشمت على الأرض
وتناثرت قطع الزجاج
وقام الذئب متثاقلا
أقفل النافذه وهو يتمتم
أعوذ بالله أعوذ بالله
#سعود_سالم (هاشتاغ)
Saoud_Salem#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟