أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - أحمد رباص - جولة للبحث عن مفهومي الحقيقة والحرية في قارة الفلسفة (الجزء الخامس والخمسون)














المزيد.....

جولة للبحث عن مفهومي الحقيقة والحرية في قارة الفلسفة (الجزء الخامس والخمسون)


أحمد رباص
كاتب

(Ahmed Rabass)


الحوار المتمدن-العدد: 8171 - 2024 / 11 / 24 - 18:48
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


في إطار مواصلة سيريل أرنو تلخيصه لكتاب "فينومينولوجيا الروح" افترض أولا أنه إذا قام شيلينج بصياغة المبدإ العام للنسق "الكل هو واحد"، فهو لم يطوره. بعبارة أخرى، قدم مفهوم النسق، وليس النسق نفسه، في تطوره الملموس والتفصيلي. نبقى إذن في نوع من التجريد الذي لا يمكنه إقتاعتا:
"هذه الجدة [مساهمة شيلينج] ليس لها فعالية أكثر اكتمالا من الطفل الذي ولد للتو؛ وهذه نقطة لا بد من أخذها بعين الاعتبار. الدخول الأول إلى لمشهد ليس لحد الآن سوى فوريته أو مفهومه. كذلك لا تنتهي (أشغال) بناء بعد وضع أساسه، ومفهوم الكل الذي تم التوصل إليه ليس هو الكل نفسه. عندما نرغب في رؤية شجرة بلوط بكل قوة جذعها، وتفتح أغصانها وكتل أوراقها، فلن نكون راضين إذا عرضت علينا بلوطة بدلاً من ذلك. وكذلك العلم الذي تتوج أوراقه عالم الروح بأكمله، لا يكتمل في بدايته".
نعم، يقدم شيلينج صيغا حقيقية يمكن بناء المعرفة النسقية عليها وهي ما سوف يتناول هيجل لحسابه: "الكل هو واحد"، "في المطلق، أ = أ". لكن بما أن النسق الذي تشير إليه لم يتم بناؤه، فإنها تظل حبرا على ورق، مجردة، صورية، ولا يمكن لهذه النزعة الصورية أن تقنعنا:
"معارضة هذه المعرفة الواحدة - التي تفيد بأن في المطلق الكل متطابق - مع المعرفة المميزة (بكسر الباء وتشديدها) والمنجزة [...]، أو حتى إضفاء مطلقها على الليل، او كما نقول كل الأبقار سوداء، فذلك من سذاجة فراغ المعرفة".
هذه الاستعارة معبرة بشكل خاص: الفكرة المجردة، التي لم تتطور في معناها الملموس، لا يمكن تمييزها، في هذا الفراغ الدلالي، عن أخرى. عندما نقول "الكل هو واحد" دون أن نبين بدقة وبالتفصيل ما يعنيه هذا "الكل"، هذا "الواحد"، فإن هذا يعني قول "لا شيء هو واحد"، أو حتى قول لا شيء. وفي هذا التجريد الصوري، تختلط جميع الأفكار مع بعضها البعض، مثل أبقار في ليل مظلم.
هذه هي بالضبط مساهمة هيجل: اقترح تطوير النسق بشكل ملموس، وعرض مراحله المختلفة، وإثبات ضرورة الانتقال من شكل إلى آخر. هذه هي العلاقة بين هيجل وشيلنج: هذه الحركة التي تقود من المجرد إلى الملموس، وبالتالي إلى الحقيقة، المكشوفة في شكلها المناسب، حقيقة العلم النسقي.
تظهر لنا هنا سمة أساسية جديدة لفكر هيجل. لماذا ننتقل، في العملية الجدلية، من شكل من أشكال الحقيقة إلى شكل آخر؟ لماذا يكون كل منها مجرد "لحظة" بسيطة في تطور الكل، وليس حقيقته النهائية؟ ما هو التحديد الذي يختزلها إلى حالة "اللحظة" هذه؟ هذا يتوقف على الشكل المعني، لكن في كثير من الأحيان، سيشير هيجل إلى تجريده: غالبا لأن الشكل السابق يظل "مجردا"، ويبقى على مستوى المفهوم، فمن الضروري الانتقال إلى شكل جديد.
يشكل هذا التقدم نحو الملموس والفعال إحدى القوى الدافعة للعملية الجدلية، ويستخدمها هيجل كثيرا عندما يتعين عليه توضيح سبب وجوب التخلي عن شكل معين.
يشكل التجريد إذن شكلاً من أشكال الخطإ عند هيجل: إنه تفريق لما هو موحد في الواقع. يركز التجريد بشكل خاطئ على الاختلاف والانفصاب.
هيجل لا ينكر الاختلاف والانفصال، بل على العكس تماما. لكن هذه ليست سوى لحظة واحدة من العملية الجدلية، اللحظة الثانية. ويلي ذلك الحركة النهائية للتوفيق بين الأضداد، وهي التوليف، الذي يجد الهوية في قلب الاختلاف، من أجل تشكيل الكل.
يلخص هيجل هذه العملية على النحو التالي: "وحدها الهوية يعاد تشكيلها أو التفكير في الوجود – الآخر في ذاته – هو الحقيقة وليس الوحدة الأصلية أو المباشرة". لا يمكننا أن نقول بشكل أفضل ما هو الديالكتيك، الذي يمكن تقسيمه إلى لحظاته الثلاثة:
(أ) لحظة الهوية المباشرة: أ = أ، (ب) لحظة الاختلاف: يختلف الشيء عن نفسه ويبحث عنها في نقيضه، (ج) لحظة التركيب: يستعيد الشيء تطابقه مع ذاته، بما في ذلك نقيضها، ضمن مصالحة بين الأضداد.
إنما من خلال العملية الجدلية، والتطور الملموس للكل عبر التاريخ، البطيء والمؤلم أحيانا، يتشكل المطلق شيئا فشيئا، وليس في صيغة مجردة واردة في كتاب فلسفي. هذا هو الحد الأساسي لمذهب شيلينج، الذي ربما استهدفه هيجل عندما أكد أن "الفكرة تقع في التفاهة، عندما تفتقر إلى الجدية والألم والصبر وعمل السلبي".
من ناحية أخرى، عارض هيجل مقاربته مع مقاربة شيلينج حول نقطة أساسية: الكل، المطلق الذي يتشكل تدريجياً في التاريخ، ليس مجرد جوهر، بل ذات أي روح: حسب طريقتي في النظر [ …]، كل شيء يتوقف على ما إذا كنا نعقل الحقيقة ليس باعتبارها مادة، بل كموضوع أيضا".
بذلك يتميز أيضا عن كل نزعة سبينوزية. وهذا مهم لأن مذهب سبينوزا، في الوقت الذي كتب فيه هيجل هذه السطور، كان ما يزال يحدث ضجة بين العديد من المفكرين واللاهوتيين. في الحقيقة، من خلال تعريف الله (أو الكل) باعتباره جوهرا لا نهائيا له عدد لا نهائي من الصفات، يساوي سبينوزا بين الله والطبيعة؛ ولكن إذا لم يكن الله سوى الطبيعة، فلا يوجد إله في الحقيقة، وتصبح وحدة الوجود هاته نوعا من الإلحاد.
(يتبع)
نفس المرجع



#أحمد_رباص (هاشتاغ)       Ahmed_Rabass#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- جان فرانسوا دورتييه: هل خلقنا لنكون سعداء؟
- جولة للبحث عن مفهومي الحقيقة والحرية في قارة الفلسفة (الجزء ...
- العالم قاب قوسين أو أدنى من الحرب العالمية الثالثة
- جولة للبحث عن مفهومي الحقيقة والحرية في قارة الفلسفة (الجزء ...
- جولة للبحث عن مفهومي الحقيقة والحرية في قارة الفلسفة (الجزء ...
- جولة للبحث عن مفهومي الحقيقة والحرية في قارة الفلسفة (الجزء ...
- المحمدية: فيدرالية اليسار الديمقراطي يطالب بإقالة رئيس المجل ...
- عيد الاستقلال: مسيرة مستمرة لتحقيق سيادة وتنمية المغرب
- الكتابة والعزلة في كنف الصمت
- جولة للبحث عن مفهومي الحقيقة والحرية في قارة الفلسفة (الجزء ...
- بيان مشترك لهيئات سياسية ومدنية في اوربا الغربية حول أحداث ا ...
- جولة للبحث عن مفهومي الحقيقة والحرية في قارة الفلسفة (الجزء ...
- المغرب-الجزاىر: ماذا تتضمن الوثائق الحدودية التي وعد ماكرون ...
- من العبث أن يرجو العرب المعاصرون لأنفسهم نهوضا مالم يتخلصوا ...
- جولة للبحث عن مفهومي الحقيقة والحرية في قارة الفلسفة (الجزء ...
- فرانسوا هولاند : سيأتي يوم يتولى فيه اليمين المتطرف السلطة ف ...
- كيف قيمت المندوبية السامية للتخطيط على عهد الحليمي مخرجات مخ ...
- من أجل استعادة سياق غيبه المهدوي: جدلية القاعدة والقانون
- من أجل استعادة سياق غيبه المهدوي: جدلية القاعدة والقانون (2/ ...
- جولة للبحث عن مفهومي الحقيقة والحرية في قارة الفلسفة (الجزء ...


المزيد.....




- مصر: الدولار يسجل أعلى مستوى أمام الجنيه منذ التعويم.. ومصرف ...
- مدينة أمريكية تستقبل 2025 بنسف فندق.. ما علاقة صدام حسين وإي ...
- الطيران الروسي يشن غارة قوية على تجمع للقوات الأوكرانية في ز ...
- استراتيجية جديدة لتكوين عادات جيدة والتخلص من السيئة
- كتائب القسام تعلن عن إيقاع جنود إسرائيليين بين قتيل وجريح به ...
- الجيشان المصري والسعودي يختتمان تدريبات -السهم الثاقب- برماي ...
- -التلغراف-: طلب لزيلينسكي يثير غضب البريطانيين وسخريتهم
- أنور قرقاش: ستبقى الإمارات دار الأمان وواحة الاستقرار
- سابقة تاريخية.. الشيوخ المصري يرفع الحصانة عن رئيس رابطة الأ ...
- منذ الصباح.. -حزب الله- يشن هجمات صاروخية متواصلة وغير مسبوق ...


المزيد.....

- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي
- فلسفات تسائل حياتنا / محمد الهلالي
- المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر / ياسين الحاج صالح
- الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع / كريمة سلام
- سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري - / الحسن علاج


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - أحمد رباص - جولة للبحث عن مفهومي الحقيقة والحرية في قارة الفلسفة (الجزء الخامس والخمسون)