محمد عبد حسن
الحوار المتمدن-العدد: 8171 - 2024 / 11 / 24 - 00:02
المحور:
الادب والفن
حين فتحتُ عينيّ.. لم يكنْ هناك أحدٌ. وباستثناء الضوء الشاحب المتسلّلِ من النافذة مثل اللص.. وبقايا صوتٍ تهرب عبر الخطّ المضاء أسفل الباب؛ كان كلّ شيءٍ في مكانه: صورة على الجدار المحاذي لرأس السرير، أراها بوضوحٍ في المرآة المهجورة أمامي. تجاورها ساعة متوقفة منذ زمن، لا أجد ضرورة لتغيير حجارتها كي تدور.
(- لنْ تحتاج أكثر من ذلك: صورة تذكّرك به.. وساعة ستتعلم، مع الوقت، قراءتها معكوسة في كلّ مراياك).
في المرآة الكبيرة المعلّقة وسط الجدار الطويل يسار السرير.. كنت أرى النافذة.. خزانة ببابين مفتوحين. وفيما يُظهر أحد طرفي المرآة جزءًا من إطار باب الغرفة.. يبدو واضحًا، على طرفها الآخر، كومدينو صغير ملاصق لرأس السرير تتوسطه كأس ماء لم يبقَ فيها الكثير.
(- اللعبة التي أنتَ فيها هي هكذا: أنْ تستدلّ على أشيائك وتصل إليها بواسطة مرايا ستجدها حيث تخطو. ومن خلالها ستفتح النوافذ، وتصل إلى الأبواب. وستنتهي اللعبة فقط عندما تصل باب الغرفة.. تفتحه وتخرج).
بعينين: واحدة ملتصقة بالمرآة الموضوعة أمام السرير.. وأخرى تراقب المرآة الجانبية الكبيرة؛ كرعْتُ ما تبقّى من ماءٍ في الكأس المستقرّة على الكومدينو.. ثم أدليتُ ساقيّ إلى الأرض.
وكما في كلّ يومٍ.. ستسلمني مرآة إلى مرآة.. نافذة لنافذة.. صورة بابٍ إلى أخرى تواجهها على الجدار المقابل. تُديرني يدٌ، لا أراها، مثل رحىً قديمة. أرى في الغرفة أبوابًا كثيرة.. خزائن لا تُحصى مشرعة كلّها.. نوافذ.. ساعات متوقفة.. صور لرجلٍ لا أعرفه.. وسرير واحد!
أتّجه إلى السرير. أنقلُ وسادتي إلى طرفه الآخر. وحين أضع رأسي عليها؛ تواجهني، على الجدار المقابل، مرآة كبيرة.. أرى عليها بوضوح صورة لرجلٍ، تجاورها ساعة متوقفة منذ زمنٍ لا أجد ضرورة لتغيير حجارتها كي تدور.
#محمد_عبد_حسن (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟