|
انی اعترض اعدام صدام وفن الحكم
نجاح محمد علي
سياسي مستقل كاتب وباحث متخصص بالشؤون الايرانية والإقليمية والارهاب وحركات التحرر
(Najah Mohammed Ali)
الحوار المتمدن-العدد: 1783 - 2007 / 1 / 2 - 11:07
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
فليحذر من يحارب الوحوش أن يتحول الى وحش!!
هل أن مايجري في العراق يؤكد ما يردده البعض من أن الشيعة الذين رفضوا معظم النظم وعهود الحكم منذ زمن السقيفة ومرورا بالعهود الأموية والعباسية ومابعدها الى الخلافة العثمانية وأنظمة الحكم المتعاقبة في العراق الحديث، وغيره من البلدان، يجيدون فقط فنون معارضة الحكام في بلدانهم، ويتقنون كل مايوصلهم الى الاستشهاد كقرابين فداء على مذبح الحرية ولكنهم لايحسنون أن يكونوا حاكمين؟.. هذا السؤال يجيب عليه - حتى الآن على الأقل- الواقع العراقي الراهن الذي يعكس أن الشيعة الذين كانوا ضحايا القتل والاعدامات والتغييب والارهاب ،وهم يقتلون يوميا حتى في يوم عيد الأضحى المبارك ،لا يعرفون بالفعل أساليب الحكم وتكتيكاته بالرغم من التجربة الايرانية الناجحة في التعامل مع الحكام السابقين في عهد الشاه المخلوع!.
ومبدئيا نسجل أن التعاون مع الولايات المتحدة لاسقاط النظام السابق، والقبول بمبدأ المحاصصة الطائفية والأثتية، ومجرد الوثوق بواشنطن ،هوم خطيئة سياسية كبرى ارتكبها بعض زعماء الشيعة نشاهد آثارها كل يوم في عراقنا الذبيح..
وفي قضية "إعدام صدام" من بدء المحاكمة حتى التنفيذ،لابد أن نؤكد هنا أن التوقيت في يوم عيد الأضحى – أو في يوم عرفة - كان فخّا أمريكيا وقع فيه الأخوة الحكام ،إذ تؤكد معطيات عدة أن الحكام العراقيين(الشيعة طبعا)، اقتنعوا بواسطة تسريبات أمريكية مدروسة ومقصودة، أنهم إذا لم ينفذوا حكم الاعدام يوم السبت، فانهم لن ينفذوه الى الأبد"لأن الأمريكيين سيقومون بتهريب صدام من سجنه الى خارج العراق،أو أنهم-أي الأمريكيين- سيرضخون للضغوط الدولية والاقليمية التي ستزيدها شحنا الماكنة الدعائية غير الودية مع الشيعة، الى أن يُصبح من الصعب على واشنطن الموافقة على إعدامه".
الحكام العراقيون الشيعة، تعاطوا مع الأسف الشديد،إعدام صدام من خلفية ثأرية ، وهذا حقهم كمواطنين تضرروا في حقبة صدام، ولايملكون هذا الحق .. حاكمين. وجاء تصويرُ الواقعة بالجرأة التي ظهر فيها الرئيس السابق وتحوله الى بطل بعد أن كان المفروض معاقبته على مااقترف!، والهتافات التي أُطلقت من قبل بعض من سُمح لهم بحضور الواقعة، لتزيد من ضبابية المشهد العراقي المنقسم طائفيا منذ مؤتمر لندن منتصف ديسمبر 2002 برعاية السفير زلماي خليل زادة ، ويسميه بعض الشيعة الحاكمين "أبو عمر" للتأكيد على نزعته الطائفيّة!.
كذلك فان هروب "الرئيس الكردي" من التوقيع على الحكم لاصدار مرسوم بتنفيذه كاجراء شكلي نص عليه الدستور وقانون المحكمة الخاصة، وقبول رئيس الوزراء القيام بالمهمة وهوالمستعجل جدا لابلاغ عوائل ضحايا صدام " فرحة العيد" : إعدام صدام،جاء ليدثر هذه القضية بلباس طائفي يُضاف له أن مكان الاعدام كان الشعبة الخامسة لمخابرات النظام السابق المعنية باعدام الاسلاميين الشيعية خصوصا من حزب الدعوة الاسلامية الذي ينتمي له رئيس الوزراء ومستشاروه.
إعدام صدام في يوم عيد الأضحى – أو في يوم عرفة ،يُكسب رئيس الوزراء نوري الماكي شعبية لدى الرأي العام الشيعي داخل العراق وربما خارجه، لكن جعله يخسر الرأي العام العربي والاسلامي المتعاطف في أغلبيته مع صدام أثناء حكمه وبعد سقوطه بعملية الغزو العسكري الأجنبية، وقبل تنفيذ حكم الاعدام فيه..وهذا ما يجب أن يشرحه للمالكي مستشاروه..ويحذروه من عواقبه..
ومن السهل أن تُنفذ الحكومة العراقية حكم الاعدام، وأن نشاهد مستشاري المالكي على الفضائيات،ونستمع لهم في الاذاعات ونقرأ لهم في بقية وسائل الاعلام وهم يدافعون عن " قرار التنفيذ"..نعم ليس صعبا عليهم أن يشتموا معارضيهم ويسخروا ممن بكى أو تباكى على صدام- وفيهم عدد كبير من الاعلاميين العرب – لكنهم أي مستشاري الماكي ، فعلوا ذلك ونسوا أنهم ماعادوا اليوم في خانة "المعارضة " لصدام وحكمه الذي ذهب مع الريح بغزوة أنجلو امريكية، وتحولوا هم الى حكامٍ لشعب يعترفون هم أنه يتألف من "مكونات " عديدة!!.
لن أدخل في تأريخية، وفقهية الخلاف حول تحديد " هلال العيد" في شهر رمضان بشمل خاص، ولكن ما أريد قوله هنا هو ان الحج الذي يؤدي الى عيد الأضحى،إنما هو مواقيت وأمكنة، وأن إعدام صدام تمّ في يوم العيد أو في يوم عرفة بحسب التوقيت الشيعي، وهو يوم من أيام الله خصوصا إذا عرفنا أن من لم يدرك عرفة لم يحج، والحج عرفة.. وهنا أشير الى أنني من دعاة توحيد العيد خصوصا الأضحى لأن حجاج المسلمين الشيعة والسنة متوحدون فيه: ينحرون الأضاحي في يوم واحد!. ولن أدخل في جدلية الاحتلال و مشروعية المحكمة التي أصدرت حكم الاعدام على صدام-وأنا وأسرتي وأسرة زوجتي وأسرة خالي وخالتي وبعض أبناء عمومتي من ضحاياه-، كما لن أخوض في تحميل فريق الدفاع عن صدام الموهوس بالاعلام والبحث عن الشهرة، والذين أوقعوا بموكلهم عندما تركوه يتحدث ليقدم للمحكمة وعلى طبق من ذهب اعتراف بالقتل، وكانوا يتعاملون معه كرئيس وليس كمتهم يبحث عن براءة، أي أنهم رضوا بأن يحدد هو مايريد قوله في المحكمة، بينما هم مشغولون بالشكليات ولعبة الانسحاب المتكررة من القاعة،فساهموا مع الاحتلال،في أن لايحصل صدام على محاكمة عادلة!. لن أدخل في تفاصيل كل ذلك –الآن على الاقل- لكن ....ما أود قوله هنا في هذه العجالة هو ان صدام كان سنيا ويوم عيده هو السبت والقانون لايجيز اعدامه في يوم عيده، وإن الشيعة الحاكمين، لم يجيدوا حتى الآن لعبة الحكم ومافيها من مرونة ودبلوماسية والتعاطي مع " الآخر " ومع الوقائع من باب "لكل مقام مقال" و "نحن معاشر الأنبياء نكلم الناس على قدر عقولهم"... فهل تحقق ذلك في إعدام صدام؟.... وقبل ذلك لماذا أختيرت قضية الدجيل "الشيعية"...لتكون الحبل الذي التفّ حول عنق صدام ... صبيحة عيد الأضحى المبارك، ولتفجر معها ذلك الانقسام الطائفي البغيض الذي زرع بذرته الأمريكان؟.. لقد كان بامكان المحكمة اذا كانت مستقلة أن تبدأ بالقضايا الكبرى التي تحرك عواطف الرأي العام العربي والاسلامي لصالح ضحايا " الأنفال وحلبجة " بشكل خاص ،دون الشروع في قضية تُعدُّ سهلة في حسابات عدد الضحايا،وأن يصدر حكم الاعدام في تلك القضايا الكبرى التي لاترتبط من قريب أو بعيد بشيعة العراق،ولاتثير شبهات-يبدو أنها مقصودة- حول ....الانتقام الطائفي!! فليحذر من يحارب الوحوش أن يتحول الى وحش!! فردريك نيتشه أليس كذلك؟ دبي - نجاح محمد علي
#نجاح_محمد_علي (هاشتاغ)
Najah_Mohammed_Ali#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
مطالب العرب في إيران بين الشرعية والواقعية
-
انتخابات الإمارات.. خطوة انتقالية نحو مشاركة سياسية أوسع
-
إيران: هل هي جزء مِن حَل أَمْ أن الأزمة مستعصية في العراق؟
-
البعث وحلم العودة الى الحكم في العراق!
-
ماذا يجري في العراق؟
-
تجربة انتخابية بحرينية مثيرة للإهتمام
-
العراقيون وعقدة صدام !
-
إني أعترض...بدون- الإمارات.. مواطنون بلا هوية
-
انقلاب عسكري في العراق!
-
دخان النووي الإيراني.. من لبنان!
-
عندما يُعلنُ حزبُ الله ..النصر!
-
خارطة طريق عراقية يرسمها حزب الله في لبنان!
-
النصر الذي وعد به حزب الله
-
عنف العراق: حرب طائفية أم حرب الآخرين؟
-
قانا ..النصر مرّ من هنا.
-
-حزب الله- ...منتصرا..
-
فشل اسرائيلي آخر ... في لبنان
-
إنّي أعرض ..حزب الله ... وحده!
-
المواقيت الايرانية!
-
إنّي أعترض...بوتين يأمر بتصفية قتلة دبلوماسييه في العراق!!
المزيد.....
-
أمريكا تكشف معلومات جديدة عن الضربة الصاروخية الروسية على دن
...
-
-سقوط مباشر-..-حزب الله- يعرض مشاهد استهدافه مقرا لقيادة لوا
...
-
-الغارديان-: استخدام صواريخ -ستورم شادو- لضرب العمق الروسي ل
...
-
صاروخ أوريشنيك.. رد روسي على التصعيد
-
هكذا تبدو غزة.. إما دمارٌ ودماء.. وإما طوابير من أجل ربطة خ
...
-
بيب غوارديولا يُجدّد عقده مع مانشستر سيتي لعامين حتى 2027
-
مصدر طبي: الغارات الإسرائيلية على غزة أودت بحياة 90 شخصا منذ
...
-
الولايات المتحدة.. السيناتور غايتز ينسحب من الترشح لمنصب الم
...
-
البنتاغون: لا نسعى إلى صراع واسع مع روسيا
-
قديروف: بعد استخدام -أوريشنيك- سيبدأ الغرب في التلميح إلى ال
...
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|