خالد خليل
الحوار المتمدن-العدد: 8165 - 2024 / 11 / 18 - 21:25
المحور:
الادب والفن
أيا أنت، أيها العابر بين مسافات لا تنتهي،
تأتي كحلمٍ في فوضى الوجود،
وتمرّ
كظلٍّ مكسور على حافة الضوء،
كأنك سرابٌ يعشق الأرض فيظل بعيدًا،
وكلما اقتربنا إليك، ازددت غموضًا.
كيف هي الأرض حين تُسافر فيها العيون،
تبحث عن جمالٍ لم يُحك،
وأسرارٍ تسكن في عمق الصمت؟
نحن، تلك الأرواح العارية،
نسير بخطى تتعثر بأوهامٍ عتيقة،
فكل خطوة منا حكاية، وكل لحظة قصيدة،
وكلما امتدّت بنا الطرق، وجدنا أنفسنا في درب آخر.
نسير في دروب لا ملامح لها،
أرضٌ تمتد بلا نهاية،
ندرك أنها لا تصل،
كأننا طيفٌ مرسوم على صفحات الغيب،
أو فكرة تائهة في ذهنٍ لا ذاكرة له،
نتشبث بالوهم كعاشقٍ يحترف الانتظار،
ونغني للحياة برغم جهلنا للحنها.
أيها الزمن المتردد في صمته،
أهي الحياة انعكاسٌ لأحلامنا الهاربة،
أم نحن مرآة لحكايات ننسجها وننسى أنها من صنعنا؟
ربما نحن لحظةٌ مأسورة في خضم السراب،
أو نبضٌ يشق الغمام ليمطرنا بالحيرة.
أيا ذاتي، أغسلي كيانك في نهر اللامعقول،
كوني نقطةً تتحدى حدود السؤال،
واحتضني الضياع كصديق قديم،
فربما في عري الحقيقة نجد فينا أفقاً أرحب من الحلم،
وربما في النهاية، يكون الانعتاق فقط بدء الحكاية.
أيتها الليالي المعلقة في السماء،
علمينا كيف نحبّ الغموض ونقتفي أثر الضباب،
كيف نرقص في الظل ونغني للشمس،
كيف نغرس قلوبنا كزهراتٍ في صحراء المستحيل،
علّنا نتفتح رغم الجدب، وننمو رغم الحيرة.
أيا أنت، يا حلمًا يتنفس في أعماق الليل،
تسكن كالنور في حنايا الظلمة،
وتُبصرنا حين نغمض أعيننا.
علّمتنا كيف نترقب الصمت كي نسمع همس الوجود،
وكيف نخشى النهايات لندرك أنّنا ولدنا للبدء.
يا ملاذ القلوب التائهة،
علمنا أن الحب أوسع من الأرض،
أننا حين نفترق نلتقي، وحين ننسى نكتشف،
وأنّنا حين نعانق الغياب، نحمل في قلوبنا أبدية الحضور.
فلتكن هذه الحياة دربًا من الشغف العابر،
ولنكن نحن كنجومٍ لا تخشى الاحتراق،
كي نضيء دروبنا بأنفسنا،
ونترك في الأفق بريقًا، لا يذبل، لا ينتهي، لا ينطفئ.
#خالد_خليل (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟