|
فيلم - بذرة التين المُقدّسة- نقدا لاذعاَ للنظام الإيراني ودعوة لإنتفاضة سياسية
علي المسعود
(Ali Al- Masoud)
الحوار المتمدن-العدد: 8165 - 2024 / 11 / 18 - 21:18
المحور:
الادب والفن
فيلم " بذرة التين المُقدّسة" نقدا لاذعاَ للنظام الإيراني ودعوة لإنتفاضة سياسية فيلم " بذرة التين المُقدّسة" إخراج وكتابة الإيراني محمد رسولوف ، عرض الفيلم لأول مرة في مهرجان كان السينمائي مع هروب رسولوف من بلاده . وعلى السجادة الحمراء رفع رسولوف الذي قضى سابقا عقوبة السجن في إيران بسبب الطبيعة السياسية لأفلامه صورا للنجمتين المعتقلين في إيران سهيلة غولستاني وميساغ زاره اللذين لم يتمكنا من مغادرة إيران لحضور العرض الأول . بالإضافة إلى الحكم عليه بالسجن كانت السلطات الإيرانية تضغط عليه لسحب فيلم "بذرة التين المقدسة" من مهرجان كان ومضايقة منتجي الفيلم وممثليه . العنوان إشارة واضحة الى الدولة أو أية مؤسسة أو أجهزة قمعية تابعة للسلطة . التينة المُقدّسة المعنيّة شجرةٌ تنشر بذورها في أغصان الأشجار المجاورة، وتمدّ أغصانها إلى الأرض، بحيث تخنق الحياة ببطء من حولها وتقتل الأشجارالتي كانت مساعدة لها . نشأت فكرة فيلم"التين المقدس" من سجن رسولوف في عام 2022 ، كانت إيران وعلى أعتاب انتفاضة المرأة والحياة والحرية التي ألهمها موت أميني في سجن إيفين في طهران . سجن المخرج بسبب التحدث ضد الحكومة الإيرانية . الذي كتب السيناريو أيضا وصور هذا الفيلم سرا بالكامل معرضا حياة الممثلين للخطر ، يبدأ الفيلم مع إيمان (ميثاق زيارة ) الممنوع حاليا من مغادرة إيران) . أب لثلاثة أطفال راسخ بعمق في إيمانه وولائه للحكومة ، حيث تم تعيينه للتو في المحكمة الثورية نفسها التي حكمت مؤخرا على رسولوف نفسه . زوجته نجمة (سهيلة غولستاني) ممنوعة أيضا من مغادرة إيران وسجنت هي نفسها قبل عامين وسط احتجاجات النساء والحياة والحرية) . لأكثر من عقدين من الزمن، عمل إيمان كموظف حكومي في خدمة النظام والولاء له بكل إخلاص . ويقوم بعمل يخجل منه أطفاله الذين يمثلون جيل الشباب في إيران . في منصبه الجديد ( بعد حصوله على ترقية) يتطلّب منه تصديق بعض القضايا، والحكم بالإعدام فيها ليس فقط ضد قناعته، بل من دون الاطّلاع عليها. في هذا الموقع الوظيفي ( قاضي تحقيقي ) يتطلب القسوة و أستجواب الطلاب والطالبات في سن بناته عندما يتم القبض عليهن بسبب الاحتجاج وإنتزاع أعترافاتهم ، وهم الذين يوقعون على أحكام الإعدام للمعارضين المزعومين. إيمان لا يعمل فقط لصالح النظام الإيراني بل يدافع عنه . بالنسبة له ولزوجته نجمة، هذه الترقية التي طال انتظارها مرادفة للصعود الاجتماعي. وتأمر البنتان ( ريزفان وسناء) الامتثال بشكل أكثر صرامة في إحترام منصب الأب الجديد ومكانته الاجتماعية . الزوجة نجمه (سهيلة غلستاني) سعيدة وفخورة بترقية زوجها التي ستوفر لها امتيازات مثل مسكن مسؤول كبير ، وفي نفس الوقت ، تأمرإبنتيها ريزفان (مهسا روستمي) وسناء (ستاره مالكي) بالتكتم والسرية والألتزام والدقة في أختيار الصديقات . يعيش الوالدان والمراهقون بشكل أساسي في عوالم مختلفة تتداخل فقط في شقتهم في طهران ، كيف يتصرفان، وكيف يرتديان ملابسهما، ومع من يرتبطان . إنها تستهجن صديقتهم الأكثر حرية صدف (نيوشا أخشي). والآن بعد أن تمكنوا من الترقية إلى شقة من ثلاث غرف نوم، فإن أدنى زلة يمكن أن تجلب ليس فقط العار للعائلة ولكن نهاية لمسيرة إيمان، ولن تسمح نجمة بذلك . لكن وظيفة إيمان الجديدة، التي تهدف إلى التحقق من صحة أحكام الإعدام بشكل تعسفي، يمكن أن تكون خطيرة. لذلك تم تسليمه سلاح ( مسدس شخصي ) ، من أجل سلامته وسلامة عائلته . مع اشتداد غضب الشارع في اليوم التالي لمقتل الشابة مهسى أميني، يكتشف إيمان أن سلاحه قد اختفى . في 16 سبتمبر 2022 ألقي القبض على الطالبة الشابة مهسا أميني بتهمة الحجاب وضربت حتى الموت. أثار اغتيالها الشارع الايراني وخرجت مظاهرات مكبوتة بعنف . في فيلمه يأخذ محمد رسولوف الصور الحقيقية لهذه الانتهاكات ويدمجها في دراما عائليه. وبالتالي يفحص المخرج بعمق المنزل المتحلل ، بينما يريد الآب إيمان التزام العائلة بالخطاب الرسمي، في الوقت الذي ينقل الأطفال الحقيقة لبعضهم البعض على هواتفهم . ومع تزايد عبء عمل إيمان مع كل موجة من حملات اعتقال المتظاهرين مما يتطلب منه إصدار عدد لا يحصى من الأحكام الرهيبة يوميا . تبدأ بناته في التمرد على قيود منزلهن وبلدهن . ريزفان (مهسا رستمي) في سن الجامعة وسناء الأصغر (ستاره مالكي)، ملتصقتين بمقاطع فيديو على وسائل التواصل الاجتماعي لهجمات رجال الحكومة على المتظاهرين، والتي تظهر مرارا وتكرارا في مقاطع مروعة في لقطات عمودية للهاتف المحمول . لا تزال عائلتهم عائلة محبة مع ذكريات دافئة. في أحد المشاهد المريحة ، تعتني أمي وبناتها وتدردش معهما . لكنهن مستعدات لصدام بين الأجيال، ويصبح التنافر المتصاعد بين وجهات النظر الديمقراطية للشابات و تشدد الوالدين نموذجا مصغرا للنظام الاستبدادي القديم الذي يتجاهل إرادة مواطنيه في أن يكونوا أحرارا . أخيرا ، يتعاطف ريزفان وسناء مباشرة مع الاحتجاجات الأخيرة . وعندما أصيبت صديقة ريزفان صدف (نيوشا أخشي) بطلق ناري وتلجأ الى صديقاتها (ريزفان) أبنة قاضي التحقيق . تظهر في لقطة مقربة ، وجهها مغطى بالدماء مع عيون منتفخة . وبعد رفض الأم لوجودها في المنزل قامت ريزفان بتهريبها إلى الشقة من أجل سلامتها . ولكن يقبض عليها وتودع الشابة صدف السجن . أصدقائها عاجزين عن إنقاذها . لكن تأتي لحظة الاصطدام مع ديكتاتورية الأب عندما تواجه الأبنة ريزفان والدها على مائدة العشاء وتقول له بصراحة ، إنه مخطئ بوقوفه مع السلطة ، وقريب جدا من المشكلة بحيث لا يراها . تتحدى الابنة ريزفان صراحة وجهات نظر والديها المعادية للنساء والطرق التي يضطهد بها النظام الايراني النساء فحسب، بل ينشر الأكاذيب أيضا من خلال وسائل الإعلام. تحكي مقاطع الفيديو التي تشاهدها على وسائل التواصل الاجتماعي قصة مختلفة وأكثر وحشية، قصة عنف الدولة ضد الشابات اللواتي يرفضن ارتداء الحجاب. نشهد مقاطع الفيديو من خلال هاتف الابنة ريزفان جانب حيث يقوم رسولوف بتضمين لقطات حقيقية من الهاتف المحمول للاحتجاجات الفعلية طوال الفيلم. تعد لقطات هؤلاء النساء ، وهن أشخاص حقيقيون قاتلوا بشجاعة من أجل حقوقهم ، تحدث الأنعطافة الكبيرة في الفيلم بعد إختفاء مسدس إيمان – وسيلة لسلطته المصرح بها من الدولة ونذير عدم استقراره بمجرد اختفاء السلاح الناري . يزداد قلق إيمان من أي وقت مضى ووعيا شديدا بعقوبة السجن التي سيواجهها إذا أبلغ عن السلاح الناري المفقود ، ويعيد عمله إلى المنزل ، ويحاكم عائلته كمحاولة أخيرة للعثور على الجاني وحفظ ماء الوجه. الأصدقاء القدامى يتحولون إلى قساة المحققون بينما تأكل وحدة الأسرة نفسها . إذا كان الفصل الأول يجلب ثورة الشباب إلى الداخل ، فإن الفصل الثاني يجلب المحكمة الثورية الى داخل البيت . من بين أكثر اللحظات تأثيرا في الفيلم . لكن الضغوط تتصاعد عندما يختفي مسدس خدمته. إنه ليس في المنضدة، حيث وضعها نجمة، ولا في كومة من الغسيل، حيث يخبئه رضا في وقت ما. ويعاقب على وضع السلاح في غير مكانه بالسجن لمدة تصل إلى ثلاث سنوات على الأقل، ومن الواضح أنه يعرض تعيين إيمان في المحكمة للخطر . يؤدي اختفاء المسدس إلى إصابة إيمان بالذعر بجنون العظمة ، مما أجبر بناته وزوجته أولا على استجواب منظم بشكل مروع معصوب العينين لكشف الجاني . في فيلم " بذرة التين المقدسة " يشرع المخرج في الخروج من حدود الدراما المحلية - التي يتم تنظيمها وتجسيدها بالتأكيد بإيماءات ونظرات معبرة - مع تطورات تفتح العين تعبر عن قسوة الأب إيمان وقمعه الذي أرضعه النظام الديكتاتوري والذي يعمل لصالحه وآثاره المدمرة. وتشمل هذه المنعطفات المستوحاة من النوع استجواب الفتيات من قبل صديق للعائلة يعمل كمحقق عن إختفاء مسدسه . وبعد أن أصبح إيمان هدفا للمتظاهرين بعد توقيعه على لوائح اتهام بالإعدام ضد معارضين مفترضين، ونشر صورته على مواقع التواصل الأجتماعي ، مما يجبر العائلة على الفرار إلى خارج مدينة طهران . وتتبدأ مرحلة أخرى من الفيلم ، في الطريق، يلاحق سيارتهم اثنان من المتظاهرين اللذان يطاردان ن إيمان ، وينجح القاضي الجلاد في التخلص منهما . ويأخذهم إيمان في النهاية إلى منزل طفولته المهجور والبعيد عن العاصمة لحمايتهم و لجعلهم يعترفون بسرقة سلاحه في نفس الوقت . يأخذنا المخرج رسولوف الى مسار أكثر إثارة للدهشة في هذا المكان الغريب والمقفر من خلال الاقتراب من نفسية الأب ( إيمان ) المضطربة . بعد مواجهة مع العائلة ( الزوجة والبنات ) يفشل خلالها في الحصول على اعترافات عن إختفاء مسدسه ( سوط السلطة ) ، يحبس الأب الأم نجمة وريزفان والصغيرة سناء في سجون تماثل سجون النظام ألايراني . لكن الأبنة سناء، تهرب من غضب والدها. ثم تحدث مواجهة ذات مناظر خلابة نهائية بين الداخل والخارج: في مشهد باهظ إلى حد ما، تستخدم البنت المراهقة المراهق مكبرات صوت في جميع أنحاء المنزل لإخراج المعذِبِ الجلاد وحبسه بدوره في السقيفة، وتحرير والدتها وأختها بنفس الإيماءة. الاستعارة مرة أخرى قابلة للقراءة للغاية - تشير مكبرات الصوت إلى اللواتي يحملنً تلك المكبرات في الشارع ويمثل صوت النساء المتمردات . مع خصوصيات الفضاء الخارجي تنجح الشابة سناء في الإطاحة بهيمنة ديكتاتور الأسرة . فيلم شجاع يجسد نضال الشعب الإيراني لا يمكن فصل عمل فني عن ظروف إنتاجه ، عند الكتابة عن فيلم "بذرة التين المقدسة" للمخرج محمد رسولوف ببساطة لن يسمح بذلك. كيف استطاع المخرج الأيراني تصوير هذا الفيلم سرا بعد خروجه من فترته الثانية في السجن؟ ، وكيف استطاع الفرارعندما حاول النظام الذي اتهمه بالتحريض على الفتنة أيضا ومحاولة منع العرض الأول في مهرجان كان السينمائي؟ . لكن رسولوف نجح من الافلات من قبضة النظام القمعي الأيراني والفرار من بلاده وحكم جديد بالسجن لمدة ثماني سنوات مع الجلد هذه المرة ، ناضل من أجل السير على السجادة الحمراء حاملا صورا لجميع ممثليه الذين لم يحالفهم الحظ في الخلاص كابوس قمع النظام الأيراني لمثقفيه ومعارضيه . في صميم قوتها، الجمهورية الإسلامية ضعيفة وغير مستقرة، وتفتقر إلى الشرعية والشعبية بين غالبية الناس. على مدى عقود، كانوا يحكمون إيران من خلال القمع الوحشي، الذي يعتمد على إثارة الأزمات من أجل بقائها. ومع ذلك ، تتراكم هذه الأزمات بمرور الوقت. أدت أحداث غير متوقعة مثل حركة حرية حياة المرأة والسعي الشجاع للنساء للمطالبة بحقوقهن إلى تعطيل تحليلات من هم في السلطة. في عام 2022 أطلقت في جميع أنحاء إيران حركة ثورية تميزت بشعار "المرأة والحياة والحرية " . تحركت الحكومة بسرعة لقمع الاحتجاجات في المدن في جميع أنحاء إيران، واعتقلت أكثر من 20 ألف شخص وقتلت أكثر من 500 متظاهر شاب . إستخدم النظام بعد ذلك تقنية التعرف على الوجه لفرض قوانين صارمة على ارتداء الحجاب . وعلى الرغم من هذه الحملة القمعية والشراسة ، لا تزال حركة "المرأة والحياة والحرية" حية اليوم ــ تتويجا لتحول تدريجي في النموذج الثقافي الذي تكشف على مدى السنوات الأربع والأربعين الماضية . في حين فيلم "بذرة التين المقدسة" لم يذكر صراحة اسم الشابة التي ماتت ، كما هو موضح في نشرات الأخبار وعبر لقطات الاحتجاج الفعلية ، إلا أنه بديل لأميني شخصية صدف (نيوشا أخشي) صديقة ريزفان ابنة القاضي أيمان . الأم نجمة تحرص على إبقاء وجودها في منزلهم سرا عن الاب إيمان عشية ترقيته، لكنها تعتني بجروح الفتاة بعد أن تعرضت لهجوم وحشي من قبل الشرطة الأيرانية ، بعد طردها من بيت إيمان يتم اعتقالها ثم أختفاءها . في خضم الفوضى يعمل رسولوف، مع المصور السينمائي بويان أغابائي في خلق مشاهد التي لا تزعج مشاهد الشاشة ، ويمسك الكاميرا بالقرب من وجه صدف المشوه، وعينها اليسرى مصابة بكدمات ودماء وتورم . هذا هو رسولوف الذي يوضح لنا بعبارات عميقة ما حدث على الأرجح لأميني نفسها ، التي نسبت سلطات وفاتها إلى سكتة دماغية أثناء وجودها في المستشفى . يذكر الفيلم أيضا، حزمة من الأكاذيب التي تغذيها السلطة التي تحرص نجمة على تصديقها . أثناء قضاءه عقوبة السجن في عام 2022 ، شاهد المخرج الإيراني محمد رسولوف الأنتفاضة الشعبية في إيران ، لكن القمع والسجن والأضطهاد لم يمنع المخرج من التقرب الى الشارع الايراني من خلال فيلم الإثارة المفعم بالحيوية " بذرة التين المقدس " يرد المخرج محمد رسولوف على سجنه في عام 2022 ، من خلال فحص التوترات الإيرانية في سياق عائلة طهران ذات مكانة جيدة . الشخصية الرئيسية ليست إيمان بل زوجته الخاضعة والملتزمة بالقواعد الأم نجمة (سهيلة جولستاني). تصدق نجمة كل ما تراه على شاشة التلفزيون، وتوبخ بناتها في أي وقت يظهرن فيه أدنى استقلالية. والـتاثر بالشابات الثائرات اللواتي يصرخنً بهتافات : "تسقط الثيوقراطية! تسقط الديكتاتورية!" وتقول لهما ، "إنهن فاقدات التربية وخارج سيطرة الأهل " . لكن العشرات من مقاطع الفيديو الواقعية المقلقة وهي أدلة حقيقيةعلى انتفاضة الشعب التي تتخلل عرض الفيلم وتشير إلى خلاف ذلك . عند سؤال المخرج عن فيلمه وهل يساعد في ممارسة المزيد من الضغط على إيران؟ ، رد رسولوف قائلاُ : " وقبل كل شيء، آمل أن تحدث تغييرات داخل المجتمع الإيراني وأن أطرح أسئلة على أولئك الذين، عن علم أو عن غير علم، يخدمون السلطة الحاكمة. لقد أظهرت لي التجربة أن أفلامي تصل في نهاية المطاف إلى جمهورها الإيراني. من ناحية أخرى، تعكس أفلامي التزامي بتصوير صورة واقعية للعصر الذي أعيش فيه على الرغم من الرقابة والقمع الواسع في إيران " . قصة ومخيفة عن تفكك العائلة والسلطة داخل هذه العائلة ( عائلة المحقق إيمان) ، يمكننا أن نرى نفس التوترات التي حفزت الكثيرين في إيران بالتمرد . تؤمن إيمان ونجمة بكل من النظام والتعاليم الدينية التي تأسس عليها إماناً مطلقاً، والتي تضفي إحساسا مخيفا بالصلاح على قناعاتهما. "أنا أخضع لمن يخضع لك . أنا أحارب من يحاربك، حتى اليوم الأخير"، يكرر إيمان لنفسه. لكن هذه الترقية الأخيرة كانت تلتهمه بطرق غريبة. زميله غديري (رضا أخلاغي) يعطيه إن مسدسا عند ترقيته – من أجل "الدفاع عن النفس"، كما يقول. لكن السلاح لا تؤدي إلا إلى جعل إيمان أكثر عنفا وقمعاً، خاصة بعد اختفائه من منزله. ينقلب إيمان على عائلته ، وهو أمر مرعب للمشاهد ، حيث يجر ابنتيه وزوجته إلى زميله علي رضا (يفضل الممثل عدم الكشف عن هويته) للاستجواب. يخبرنا رسولوف أن الطلاب، عندما تقبض عليهم الشرطة بسبب الاحتجاج، يتم إعتقالهم في الحبس الانفرادي حتى يوافقوا على تسجيل اعترافهم أمام الكاميرا. في مواجهة علي رضا - الذي كانت تعتبره دائما صديقا - تعترض نجمة على معاملته وقسوة الأاستجواب . يجيب: "لم يسبق أن عومل شخص يجلس هنا بمثل هذا الاحترام". إنها لحظة تقشعر لها الأبدان، ولكن لا شيء مقارنة بما يخبئه إيمان عندما يقود العائلة إلى منزل طفولته. يتضمن الفصل الأخير من هذا الفيلم الطويل بكل أنواع التقلبات والمتغيرات ، حيث يصل يأس إيمان إلى النقطة التي يبدأ فيها في حبس أحبائه وأهل بيته . يمثل هذا المكان المهجور أنقاض ما كانت عليه إيران ذات يوم: متاهة متداعية حيث تتعثر سناء على كومة من الأشرطة القديمة، بما في ذلك أغنية محظورة منذ نصف قرن، تحتفل فيها امرأة بجمال شعر الأنثى . اليوم ، يمكن أن يؤدي الكشف عن خصلة منه الى مقتلها . وبينما يعامل النظام الأبوي مواطنيه، يتعامل هذا الأب مع زوجته وأطفاله - بشك متزايد وقوة غير معقولة. هذه لحظة حزينة ومخيفة عن تفكك عائلة والسلطة التي يمثلها الأب إيمان ، لكن رسولوف يبعث بعض الأمل أيضا. وهو يصور لقطات حقيقية للاحتجاجات الأخيرة طوال الفيلم . وقد أشار ذلك إلى رسولوف بأن حركات مثل "النساء، الحياة"، الحرية لديها بعض الفرص للنجاح ضد القمع، وأن الحكومة سوف تستسلم في نهاية المطاف لمطالبهم . في النهاية ، أصبح إيمان صراحة وحش هذا النظام الاستبدادي، وفقا لكلمات نجمة، إنه وجه لزوجها الذي تعرفه، لكنها كانت تريد ألا تراه بناتها. ولكن عندما يصبح النص والكاميرا بارعين، تولي الشابة سناء أصغر بنات إيمان زمام الامور وتنهي قمع الأب ويكون خلاص العائلة على يديها. إنها بطلة الفيلم ورمز جيلها، وترفض أي حل وسط مع فاشية هذه الحكومة التي تتمثل في شخصية والدها في عنفها وحاجتها الماسة للتحرر ،إنه تدفق بركاني يحدث أمام أعيننا، مثل صرخة الغضب التي تعني "لم نعد نقبل عنفك، نريد أن نكون أسياد مصائرنا ". الفيلم هو إدانة لا هوادة فيها لقمع النظام الايراني وتكريم لحركة "المرأة والحياة والحرية". لكنرسالة المخرج تذهب إلى أبعد من ذلك بكثير حين يكشف عن هذيان الاستجوابات، ويقدم مطاردات مثيرة للإعجاب وسردا بجنون الديكتاتور حين يقترب من نهايته بشكل متزايد، ويقودنا إلى فيلم مثير لا هوادة فيه، مرآة لنظام شمولي يتعثر في مواجهة قوة وذكاء المرأة في النضال . البذور الشهيرة لشجرة التين عنوان الفيلم تعكس حالة النظام الإيراني الذي يتعفن من الداخل. إنها مسألة ولادة جيل جديد يكبر بمفاهيم تقدمية ومنفتحة على العالم . فكرة مشرقة أخرى تسمح لنا بقياس مدى ولادة الفن من القيود، استخدام الصور من الشبكات الاجتماعية، وهواتف محمولة، لإظهار صور المظاهرات وقمعها الدموي. إن التباين بين الراحة النسبية والوهمية للعائلة داخل شقة المحقق إيمان والشارع الذي تلون دماء الشابات الإيرانيات ملفت للنظر ويعطي ثورة الفتيات الصغيرات ضد والدتهن ( نجمة) ثم والدهن( إيمان) قوة ثورية حقا. إنه ليس وعياً طارئاً للشابات ولكنه ثورة حقيقية في مواجهة "ديكتاتورية " قبلها الجميع، حتى جاءت وفاة مهسا أميني لتشعل الشرارة .
#علي_المسعود (هاشتاغ)
Ali_Al-_Masoud#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
فيلم - فرويد الشاب في غزة - يروي قصص البؤس الذي لا ينتهي للش
...
-
-عطر العراق-: فيلم وثائقي فرنسي عن ضباب الطفولة ومطحنة الحرو
...
-
الفيلم الوثائقي -أنا سون مو- يسلط الضوء على محنة الفنان في ظ
...
-
قصص غير محكية من غزة في فيلم -من المسافة صفر -
-
-فيلم - الرجل الذي لم يستطع أنْ يظلّ صامتاً يطرح أسئلة مهمة
...
-
فيلم - العظيمة ليليان هول - حكاية ممثلة أضاءت روحها ظلام مسر
...
-
-الإمام الشاب- فيلم صورة حقيقية ودقيقة عن الإسلام في فرنسا
-
الطقوس الدينية والردات الحسينية في الحان الراحل كوكب حمزة
-
ليلة القبض على صدام في فيلم المخرج الكردي هيلكوت مصطفى ( إخف
...
-
-تاتامي- فيلم رياضي إيراني - إسرائيلي ملغوم سياسيا
-
فيلم - ليس بدون أبنتي - قصة الجحيم الذي عاشته أم احتجزها زوج
...
-
نقد حاد لنظام الرعاية الصحية الأميركي في فيلم ( قلوب أرجواني
...
-
إستكشاف مروع لحياة امرأة إيرانية معنّفة في فيلم -شايدا-
-
فيلم - حرية - يؤرخ سقوط نظام نيكولاي تشاوشيسكو عام 1989
-
فيلم - بالتيمور- حكاية روز دوغديل ، البورجوازية ا التي تحولت
...
-
- حياة الماعز- فيلم يكشف الوجه الآخر للعبودية المتمثل في نظا
...
-
الفيلم الأسباني -كل أسماء الله - استكشافًا مواضيع عميقة مثل
...
-
سيرة ذاتية لمبتكرة التجريديةا في الفيلم السويدي -هيلما-
-
فيلم - ما وراء الجدار-..يروي كابوس الدولة البوليسية الإيراني
...
-
الفيلم الوثائقي السويدي - بليكس ليس قنابل - يستعيد حقيقة ما
...
المزيد.....
-
ليلة مرصعة بالنجوم في الرياض ونجوم القاهرة السينمائي يتوشحون
...
-
(المدى) تناقش مع السفيرة الأمريكية تعزيز التعليم والشراكة ال
...
-
المفكر الصادق الفقيه: على العرب استكشاف إستراتيجيات للتغلب ع
...
-
رجل لا يتحدث اللغة يفوز ببطولة العالم الإسبانية للكلمات المت
...
-
-إعادة العرض-: لوحات فنية ترصد مأساة العراق
-
جائزة الأدب العربي لعام 2024 : أميرة غنيم تفوز بالجائزة الفر
...
-
-الرواية تموت أم تترنح؟-... كتاب لكمال رياحي يضم مقاربات نقد
...
-
(المدى) تناقش مع السفيرة الأمريكية تعزيز التعليم والشراكة ال
...
-
كوبا تختتم فعاليات -المواسم الروسية-
-
لأطفال كلها هتفرح.. تردد قناة ميكي الجديد 2024 على نايل سات
...
المزيد.....
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
-
السيد حافظ أيقونة دراما الطفل
/ د. أحمد محمود أحمد سعيد
-
اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ
/ صبرينة نصري نجود نصري
-
ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو
...
/ السيد حافظ
المزيد.....
|