|
المحامي طالب بدر والشاعر مظفر النواب والعبور الأخير .. الحلقة الثانية
فائز الحيدر
الحوار المتمدن-العدد: 8165 - 2024 / 11 / 18 - 07:20
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
الحلقة الثانية
بعد ذلك الهروب لتلك المجموعتين لابد التركيز وتسليط الضوء على شخصيتين مناضلتين مميزتين من ضمن الهاربين هرباً من العراق الى إيران اثر الأنقلاب الفاشي ودخلوا السجون الأيرانية وتعرضوا الى التعذيب على يد السافاك الأيراني، وهما الفقيد( المحامي الفقيد طالب بدر جابر والفقيد الشاعر مظفر النواب) ونستعرض حياة كل منهما...
1ـ المحامي طالب بدر جابر
المحامي طالب بدر شخصية مندائية وطنية معروفة، نصيرا" ومدافعا" عن الفقراء والفلاحين، شجاعا"، حكيما"، مثقفا"، محدثا"، مستمعا"، حلو المعشر، ترك بمن عاشره اطيب الذكريــات واروع التجارب النضالية والمواقف البطولية، كان طالب بدر ينظر من بعيد بحرقة وهو يغادر الوطن الى قضاء (قلعة صالح) في جنوب العراق، تلك المدينة التي امضى فيها ايام طفولته وصباه وطورا" من شبابه عسى ان يعود لها قريبا". طالب بدر نشأ بين الفلاحين متنقلا" بمهماته النضالية بين ( قلعة صالح والجبايش وضواحي مدينة العمارة وازقة البصرة ) وساحات بغـــداد، فمنذ بداية وعيه السياسي شرع هذا الانسان بايقاظ الفلاحين، وقادهم في تظاهرات كبيرة، ليحثهم على المضي في تنظيم انفسهم، والمطالبة بحقوقـــهم المشروعة، فساهم في ظهـور البـذرات الاولى للعمل الثوري في الريف العراقي، لتنبثق اولى مظاهر الوعي الوطني بين الفلاحين في جنوب العراق وصولا" الى تحقيق الانتفاضات الوطنية التي كانت له مساهمة فعالة في تحريكها واشعال لهيبها. لقد جند طالب بدر نفسه منذ صباه ضد الظلم، فتكونت لديه شخصيته الخاصة في علاقاته الاجتماعية مع وجهاء العشائر في أرياف ونواحي وأقضية محافظة الناصرية، وسخّر هذه العلاقات لصالح الدفاع عن المظلومين والمضطهدين لكن هذا الحال لم يدم طويلا" مع جلاوزة الدوائـر الامنيـة في محافظـة الناصـرية لا سيما بعـد ان إتضحت هويتـه السياسية اليسارية وأصبح من الناشطين المستهدفين منذ نهاية الاربعينات من القرن الماضي حيث جعلوا منه زبونا" للمعتقلات والملاحقات الأمنية. بعد ان انهى دراســته الاعـدادية إلتحق بكليـة الحقـوق في بغـداد، فكان طالبـا" مجتهـدا" ومتميــزا" بنشـاطه الطلابي والسياسي لذلك لم يسلم من حملات القمع والاعتقال، وبعد ان انهى دراسة الحقوق عاد الى اهله في (سـوق الشيوخ والجبايش والناصريـة) ليمارس مهنـة المحاماة وسجل نجاحا" وشهرة في اوساط المحاكم ودوائر العـدل فاضاف رصيـدا" آخـرا" لسمعته الطيبـة وشـهرته ولكن ذلك لم يرق لجـلاوزة السلطات الامنية والشرطة السعيدية فإستمرت في مضايقته وملاحقته حتى اضطـر الى ان يشـد الرحال وعائلته الى البصرة وبدأ فيها مرحلة جديدة من حياته في المحاماة والحياة الاجتماعية بعد زواجه واستقراره هناك ...
وجاءت الديكتاتوريات لتنال من طالب بـدر وعائلته، لكـونه شيوعيا" نبيلا" يؤمن بخلاص الوطن وتحريره بالعقل والعمل البناء والحوار، فقد نال الرجل الكثير من الأعتقالات والسجون، إلا انه ازداد حزما" وقوة وتصميما"، ودخل من جديد في ساحة الصراع الذي تمرس فيه، وهو يزداد ثقة وتفاؤلا" كلما ادمى اعداء الشعب بالثقافة الوطنية التي خربوها وقمعوها. وبعـد حدوث أنقـلاب البعث الفاشي في 8 شـباط عام 1963 وتعرضـه للخـطر غـادر الوطن بصحبة عـدد من المناضلين الى ايران، ولهـذا حكاية طريفة يذكـرها رفاقـه تتعلق بمجازفتة للعبور إلى الضفة الشرقية من شط العرب، حيث إلتجـــأ الى رفاقـه الفلاحـين الشيـوعين في ابي الخصيب، فرحبــوا به و كتموا خبــر وجـوده بينهم ومن ثم نقلــوه الى ناحيـه ( السيبة) المقابله الى (عبـدان) وحرصـا" منهم على سـلامته وسـرعه وصـوله الى الأراضي الأيرانيــة ولكونه خفيف الوزن هيئــوا له (صفـريـه- جدرًا- قزان) كبيـرا" بـدلاً من الزورق، ووضعــوه فيه، وباشر بدفع القزان أحد رفاقه من الفلاحين سابحاً في الماء ليلاً لعبور شط العرب الى الجهه الشرقيه حتى وصوله الى الشاطىْ ألأيراني بعد ان نجا باعجوبه من رشقات رصاص الحرس القومي لأكتشاف امره وهو في منتصف الطريق حتى وصوله سالما" الى ( الخفاجية ) حيث رحب به اقاربه من عائلته (البريجية). اعتقال طالب بدر
يذكر الهارب السيد ( زكي فرحان ) بأن العدد الأكبــر من الهاربين من الأنقلاب الأسود قد تجمع في الأهـــواز، فرحبت بهم العوائل المندائية المقيمة هناك ومنهم عائلة ( اَل خشان حسن أبو كريم وابو يحى )، أسكنتهم وهيئت لهـم كل وسائل الراحه، وبعـد فتــرة اتصل بهم شخصا" يدعى ( أحمدي ) إدعى أنه احد رفاق الحزب الشيوعي الأيراني ( تودة ) ومكلف من قبل الحــزب لغـرض مساعدتهم ومد يد العون لهم ونقلهــم الى طهــران بواسطه القطار، ثم الى إحـدى دول الخليج لغرض العمل هناك، ونقل ( أحمدي ) قبلهـم مجموعات من العراقيين المتواجدين في عربستان الى طهران، وبعثوا لهم رسائل بواسطة ( أحمدى ) تبين سلامتهم بالوصول والأمان، كان ( طالب بدر ) بذكاءه وتجاربه لم يقتنع بخطــة أحمدي ولازمه الشــك، فسأل أحمدي لمَ السفر الى طهــران ودول الخليج أقرب الى الأهــواز؟ أجابه أحمدي ان خط طهران أكثر أمنا" لكم وللحزب، ركب الجميع القطار، وكانوا خمسة اشخاص وهم ( المرحوم كوتي عبد، المرحوم المتفائل طالب بدر، طارق طرفي السليم، گيوز، لازم كريم، وزكي فرحان ). ومن جانب آخر تم القاء القبض على الهارب ( وليد الجادر ) واودع سجن الاهواز، استمر مكوث الهاربين لغاية شهر نيسان / 1964، اما الهارب السجين ( كلدان كبيص) فقد فر من سجن قرب الأهواز بعد ان قطع ثلاثة اعمدة من شباك غرفة السجن في عملية استغرقت ثلاثة اشهر ووصل الى (قرية الحايي ) .
وصل الجميع لمحطة طهران مساءً وجلسوا في مقهى المحطة للاستراحة، في تلك الساعات طلب منهم (احمدي ) ان يكتبوا رسالة الى رفاقهم الباقين والموجودين في الاهواز يخبروهم بسلامة الوصول الى طهران وحال استلامهم الرسالة تم ألقاء القبض عليهم جميعا" من قبل الأمن بقيادة الشقي ( شعباني ) ويعتبر شعباني من اشهر مجرمي وشقاوات ايران، وهو الذي أغتال الشخصية الوطنية الايرانية الدكتور( حسن فاطمي ) وزير الخارجية الايرانية بعد الانقلاب الدموي الذي قاده الجنرال ( زاهدي ) وأسقط حكومة ( مصدق ) الوطنية عام 1952 ولذلك كرم شاه ايران المجرم ( شعباني ) وأعطاه رتبة عسكرية. والحقيقه كان شك ( طالب بدر ) وأرتيابه من هذة العمليه غير المقنعة والمكشوفة كان صحيحاً.
يتبع في الحلقة الثالثة
#فائز_الحيدر (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
المحامي طالب بدر والشاعر مظفر النواب والعبور الأخي
-
قناديل مندائية
-
المندائيون واستعمال الألقاب العلمية والعائلية والعشائرية
-
المندائيون ويوم الشهيد الشيوعي
-
أمي مخلص خير من مثقف هدام
-
هل عبد الرزاق عبد الواحد خط أحمر لا يمكن تجاوزه
-
الطائفة المندائية ... تحديات كبيرة ومستقبل مجهول/ الحلقة الأ
...
-
الطائفة المندائية ... تحديات كبيرة ومستقبل مجهول/ 6
-
الطائفة المندائية ... تحديات كبيرة ومستقبل مجهول / 5
-
الطائفة المندائية ... تحديات كبيرة ومستقبل مجهول / 4
-
الطائفة المندائية ، تحديات كبيرة ومستقبل مجهول / 3
-
الطائفة المندائية ، تحديات كبيرة ومستقبل مجهول ، إنقراض اللغ
...
-
الطائفة المندائية ، تحديات كبيرة ومستقبل مجهول
-
أيام في كوبا ، الثائر تشي جيفارا ، الحلقة الأخيرة
-
أيام في كوبا ، هافانا مدينة التراث والأعمدة ، الحلقة الخامسة
-
أيام في كوبا ، الحصار الإقتصادي ، الحلقة الرابعة
-
أيام في كوبا ، التوجه إلى هافانا ، الحلقة الثالثة
-
أيام في كوبا ، منتجع فاراديرو ، الحلقة الثانية
-
أيام في كوبا ، الحلقة الأولى
-
ذكريات أنصارية ، المناضل توما توماس كما عرفته ، الحلقة الخام
...
المزيد.....
-
إطلالة الملكة رانيا والأميرة رجوة الحسين تخطف الأنظار خلال خ
...
-
نتنياهو: ضربات إسرائيل أصابت عنصرًا من البرنامج النووي الإير
...
-
مراسلة RT: دوي انفجار ضخم يهز تل أبيب (فيديو)
-
طائرة محملة بمساعدات إماراتية تهبط في مطار دمشق
-
انطلاق قمة العشرين.. الفقر والحروب وعودة ترامب تهيمن على أعم
...
-
الحزب الحاكم في السنغال بصدد الحصول على أغلبية برلمانية
-
إفلاس شركة الخطوط الجوية الأميركية سبيريت إيرلاينز: هل تنقذه
...
-
رغم أزمة الميزانية.. ألمانيا تتعهد بالملايين في قمة المناخ
-
قمة العشرين: رئيس البرازيل يطلق التحالف العالمي ضد الجوع
-
رغم خلافاتهم.. معارضون روس يتحدون بوتين من برلين
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|