|
فيتنام وفلسطين : اين الاتفاق .. واين الاختلاف ؟!
أحمد فاروق عباس
الحوار المتمدن-العدد: 8165 - 2024 / 11 / 18 - 02:56
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
يتساءل كثيرون في العالم العربي .. لماذا لا تستفيد فلسطين من تجربة فيتنام ، وهي واحدة من اهم واعظم تجارب التحرر الوطني في العصر الحديث ..
والسؤال قديم ومتجدد ... والي درجة الإلحاح ..
فكيف لدولة فقيرة من دول العالم الثالث ان تهزم قوة أوربية كبري مثل فرنسا في الخمسينات ، ثم ان تجبر القوة الاعظم في عالمنا وهي الولايات المتحدة الامريكية - في الستينات والسبعينات - علي الانسحاب منها متخلية عن تحقيق اهدافها ...
ومنذ زمن بعيد والي اليوم كثيرون يقولون ذلك ويتعجبون ...
إن فيتنام استطاعت ان تهزم امريكا نفسها .. فكيف للعرب لا يستطيعون ان يقفوا لمجرد وكيلها في الشرق الأوسط .. وهي اسرائيل ؟!
ليس ذلك فحسب .. بل ان نموذج فيتنام استخدم في بعض المراحل في توريط العرب - قبل ان يستعدوا تماما - في حروب مع اسرائيل لم يكن أوانها - عربيا - قد أتي بعد ..
فبعض فصائل السياسة العربية استخدمت حجة وقوف فيتنام امام امريكا لضرب مصداقية جمال عبد الناصر في العالم العربي ، والقول انه لا يستطيع ولا يقدر علي حرب اسرائيل ، وانه يحتمي بقوات الطواري الدولية في سيناء .. وهو ما حاول عبد الناصر نفيه .. وكانت حرب يونيو ١٩٦٧ ..
ويظل السؤال مطروحا ... لماذا لا يعيد العرب تجربة فيتنام ؟! هل هو الخوف ؟! هل هو نقص الارادة ؟!
أم ان هناك أسباب موضوعية لا علاقة لها بالخوف او نقص الهمة ، فالعرب ككل الشعوب المكافحة لا تنقصهم الشجاعة ، وقد خاضوا الحروب فعلا ، وقدموا الشهداء فعلا .. قوافل وراء قوافل ..
فماذا اذن .. لماذا لا يعيدون في الشرق الاوسط تجربة ملهمة حدثت في جنوب آسيا منذ عقود ، وهي تمثل نبراسا لكل الأمم المناضلة ؟!
اين نقاط التلاقي بين قضيتهم وبين قضية فيتنام .. وأين نقاط الاختلاف ؟!
تكاد تكون نقطة الاتفاق الرئيسية بين فيتنام وفلسطين هي ان كلاهما من الشعوب الضعيفة المظلومة التي استغلتها ببشاعة أمم اقوي منها ، وان كل منهما حظي بتعاطف كل شعوب العالم لعدالة قضيتهم .. فلم تكن فيتنام ولا فلسطين تريد سوي الاستقلال والحرية ..
اما الباقي فكله نقاط اختلاف بين ظروف فيتنام خلال النصف الثاني من القرن العشرين وبين ظروف فلسطين خلال القرن العشرين كله وحتي اليوم .. ونحن علي وشك نهاية الربع الأول من القرن الواحد والعشرين ...
ونقاط الاختلاف بين ظروف فيتنام وبين ظروف فلسطين - والتي انتجت ظروفا موضوعية حالت دون تكرار العرب لتلك التجربة الناجحة - كالأتي :
١ - أن امريكا حاربت علي بعد ألاف الاميال من أرضها ، فلم تكن فيتنام جارة لها ، كما لم تكن فيتنام عند الامريكيين وعدا أعطاه الإله لشعبه المختار محبة لهم ، ولكن مطالب امريكا في فيتنام كانت مطالب السياسة وليست ادعاءات الدين ..
وبرغم من اننا لا نؤمن بتلك الاساطير التوارتية ، ويعدها اغلبنا مجرد تخاريف .. لكن هناك في اسرائيل يؤمنون بها ..
والنتيجة انه في حين حاربت امريكا في فيتنام بعيدا عن ارضها بألاف الاميال ولمطالب سياسية متغيرة فإن اسرائيل تحارب علي ما تقول انه ارضها ، وهي موجودة فعلا فيها ..
ومطالب السياسة - التي تحارب امريكا من اجلها - يمكن المناورة فيها ، او التراجع عنها او عن بعض جزئياتها ، أما ادعاءات الدين - في حالة اسرائيل - فهي بناء كامل اذا اهتز جزء منه تعرض البناء كله الي الضياع والزوال ..
ففي ادعاءات الدين لا ينفع التراجع ، والا تعرضت اسس الدين نفسه ومكانته في صدور المؤمنين به الي تساؤلات مقلقة ، ثم الي شكوك مضنية ، ثم الي تمزق كامل ...
ومن زاوية ثانية ... فقد احتاجت امريكا لاستكمال مجهودها الحربي في فيتنام في الستينات - وقبلها في حرب كوريا في الخمسينات - الي الاعتماد علي دول أخري في وسائل التموين والامداد والغذاء والراحة ..
وهناك من يري - وانا واحد من هؤلاء - ان اسس نهضة اليابان وكوريا الجنوبية وسنغافورة كانت في البداية مطلب امريكي حققه رأس المال والتكنولوجيا الامريكية بسبب اعتبارين هامين هما : الخوف من وقوعهم في قبضة عألم شيوعي بدا انه علي وشك ان يسيطر علي اسيا دولة وراء دولة ..
وثانيا .. باعتبارهما قواعد خلفية للمجهود الحربي الامريكي ومستلزماته واحتياجاته التي لا تنتهي في اسيا ..
لكن اسرائيل تحارب علي ما تقول انها أرضها ، وليس استخداما لأرض الاخرين وجهدهم في مجهودها الحربي كما فعلت امريكا ...
ومرة ثانية .. فإن هذه الاساطير الاسرائيلية اليهودية لا نؤمن بها نحن بالطبع في العالم العربي - كمسلمين أو مسيحيين - ولكن علي الناحية الاخري من الصراع يؤمنون بها ..
والمشكلة ان تلك الادعاءات الدينية التوراتية ليس في كونها عقيدة دينية منحرفة ، فالعقائد المنحرفة تملأ العالم ، ولكن هي عقيدة دينية مسلحة نوويا !!
٢ - ان فيتنام كان وراءها بالسلاح والسياسة دولتين عظمتين ، لهما مقعد دائم في مجلس الامن ومسلحتين نوويا ، وهما الاتحاد السوفيتي - روسيا الآن - والصين ..
وأصل القصة ان الشيوعيين في فيتنام حاربوا المستعمر الفرنسي حتي تمكنوا من طرد الفرنسيين في معركة ديان بيان فو الشهيرة عام ١٩٥٤ ، وقد قسمت فرنسا قبل انسحابها فيتنام الي قسمين : فيتنام الشمالية والتي سيطر عليها الشيوعيين بقيادة القائد العظيم هوشي منه ، وفيتنام الجنوبية ، وكانت خاضعة للمعسكر الغربي التي كانت فرنسا تمارس سيادتها علي فيتنام نيابة عنه ..
وكان الاتفاق ان يحدث استفتاء لضم الجنوب الي الشمال ، وكان ان تدخلت الولايات المتحدة سياسيا ومنعت اجراء استفتاء كان الاعتقاد انه سوف يوحد فيتنام تحت قيادة شيوعية ، تكون مدخلا الي وقوع باقي جيران فيتنام - لاوس وكمبوديا وتايلاند وغيرهم - في قبضة معسكر الشرق الشيوعي .. طبقا لنظرية الدومينو الشهيرة ..
وتحول التدخل الامريكي السياسي في الخمسينات وبداية الستينات الي تدخل عسكري عام ١٩٦٥ مع حادثة خليج تونكين ..
والشاهد من ذلك ان فيتنام كانت تحارب امريكا ووراءها معسكر دولي بأكمله ، وفيه دولتين من الدول العظمي .. وقد أمدت تلك الدولتين - روسيا والصين - فيتنام بكل ما كانت تحتاجه من دعم .. بالسلاح والمال والرجال ..
اما في حالة فلسطين ، فلم تكن فلسطين يوما - ولا العرب - جزءا من معسكر ما ، ربما كانوا اصدقاء لهذا المعسكر او ذاك ، ولكن لم يكونوا يوما جزءا كاملا وعضويا - مثل فيتنام الشمالية - من معسكر ما ...
وابلغ دلالة علي ذلك ان الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي معا كانتا اول دولتين تعترفان بإسرائيل يوم اعلان قيام الدولة اليهودية مساء يوم ١٥ مايو ١٩٤٨ ..
وربما كانت تلك من المرات القليلة التي اتفقت فيها امريكا وروسيا علي شئ ما في ذروة سنوات الحرب الباردة بينهما !!
ولم تكن أمريكا قادرة علي ايذاء روسيا او الصين - وهي دول مسلحة نوويا - علي مساعدتها لفيتنام بالسلاح والمال والرجال ، قصاري ما امكن لأمريكا فعله انها - بعد عقد من الزمان - دبرت للاتحاد السوفيتي فخا يغوص فيه في افغانستان كما غاصت هي في فيتنام قبل ذلك ..
ومولت فصائل افغانستان التي حاربت روسيا بالمال والسلاح ، واطلقت عليهم اسم المجاهدون الافغان ، تماما كما ساعدت روسيا ثوار الفيتكونج في فيتنام ..
ولكن في حالة فلسطين الأمر يختلف تماما ..
فاذا سلحت مصر او سوريا او العراق الفلسطنيين او تركتهم ينطلقون من اراضيهم لقتال اسرائيل فان بمقدور امريكا ضربهم - أي ضرب تلك الدول - فهي ليست دول عظمي مثل روسيا او الصين ، ولا هي مسلحة نوويا تستطيع رد الضربة بمثلها ، اما الصين او روسيا فهناك ألف حساب يجب ان يحسب قبل ان تقدم امريكا علي خطوة كهذه ..
وقد فهم جمال عبد الناصر - وهو اهم وأكثر زعيم عربي تصدي لإسرائيل - هذه الحقيقة ، ومنع استخدام الفلسطينيين للأرض المصرية في حربهم مع اسرائيل عند تكوين منظمة فتح في اوائل عام ١٩٦٥ او بعد ذلك ، ولكن اشترط عليهم ان يعتمدوا علي انفسهم اولا ، ثم ان تكون الارض المحتلة قاعدتهم وليس ارض دولة عربية معينة ..
وكان هو من اوقف نزيف الدم بين الجيش الاردني والمقاومة الفلسطينية ، ووافق علي مغادرة المقاومة الفلسطينية للاردن - الذي كانت تقوم منه بعمليات ضد اسرائيل - بعد احداث أيلول الاسود في سبتمبر ١٩٧٠ .
خلاصة الامر أن فيتنام دولة كانت تنتمي الي معسكر عالمي يساعدها بكل طاقته وهو المعسكر الاشتراكي الشيوعي ، وهو معسكر كان يسيطر علي نصف العالم مساحة وسكانا ، من الصين وفيتنام وشمال كوريا في أسيا ، الي روسيا وكل دول شرق أوربا - يوغسلافيا وبولندا ورومانيا وبلغاريا وتشيكوسلوفاكيا والمجر والبانيا ... الخ في اوربا ، ومن كوبا في امريكا الجنوبية الي انجولا واثيوبيا - في بعض المراحل - وغيرهم في افريقيا .. وكل هؤلاء كانوا يساعدون ..
اما فلسطين فلم تكن تنتمي - وهي الي اليوم لا تنتمي - الي معسكر سياسي يساعد ويدعم بكل طاقته ، ولا العرب ينتمون الي معسكر ما من مصلحته ان يساعدهم بكل طاقته ، ويعتبر ان هزيمتهم هي هزيمته ..
ومرة ثانية .. كان العرب اصدقاء لهذا المعسكر او ذاك ، ولكن لم يكونوا يوما أعضاء في هذا المعسكر أو ذاك ..
فلم يكن العرب يوما - او أي دولة من دولهم - شيوعيين ، من مصلحة وواجب روسيا او الصين مساعدتهم حتي النهاية ومهما كانت المخاطر ... مثل فيتنام ..
ولم يكن العرب يوما - أو اي دولة من دولهم - أعضاء في حلف الناتو ، مثل تركيا مثلا ، يكون دليلا نهائيا علي اعتبارهم جزءا من معسكر الغرب .. العكس هو ما حدث ، فقد قاوم العرب بضراوة احلاف الغرب ومشاريعه في منطقتهم ، من حلف بغداد والحلف المركزي قديما الي مشروع الشرق الأوسط الكبير في العقد الاول من القرن الواحد اولعشرين ..
٣ - وكان للجغرافيا أيضا دورها .. ففيتنام هي بلد الجبال والغابات والاحراش ، والتي وفرت للمقاتلين فرصة تطبيق اكمل صور حرب العصابات في العالم الحديث ، وهو ما استغله مقاتلو فيتنام جيدا ، وبرغم خسائرهم الكبيرة في حربهم مع الأمريكان الا أنهم استطاعوا قتل عدد كبير من القوات الامريكية ، وهو ما قلب الداخل الأمريكي علي قادته السياسيين ، وكان عامل ضغط كبير علي الداخل الامريكي الذي كانت المظاهرات المناهضة الحرب لا تتوقف فيه يوما ، وهو ما كان له أبلغ الأثر في انسحاب الولايات المتحدة من فيتنام عام ١٩٧٣ ثم انتصار فيتنام الشمالية علي قوات الجنوبيين ودخول ثوار الفيتكونج العاصمة سايجون ونهاية الحرب عام ١٩٧٥ ..
بخلاف فلسطين .. فليس في فلسطين جبال او غابات او احراش يمكن منها ادارة حروب العصابات واستنزاف العدو وتكبيده خسائر تكون ضاغطا علي اعصاب قادته وجماهيرهم ...
ففلسطين كلها أرضا منبسطة ، جزء منها ارض خصبة صالحة للزراعة او الرعي والباقي أرض صحراوية ، وهي - فلسطين - مساحة ضئيلة ، مكونة من مجموعة من المدن والبلدات المتجاورة المكتظة بالسكان ، وهي لا تصلح لحرب العصابات أو لحرب المدن بدون تعريض المدنيين لخطر كبير ...
٤ - وبرغم ذلك فإن فيتنام لم تنتصر علي امريكا عسكريا ، علي العكس ، فما قتلته أمريكا من الفيتناميين أضعاف ما قتله الفيتناميين من الأمريكيين ، ولكن أمريكا لم تحقق كل اهدافها في فيتنام .. فاعتبرت انها خاسرة ..
مثال ذلك تجربة اسرائيل وفرنسا وانجلترا في العدوان الثلاثي علي مصر عام ١٩٥٦ ..
لقد انتصرت الدول الثلاث علي مصر عسكريا ، ولكن - ومع ذلك - اعتبرت مصر هي منتصرة واعتبرت الدول الثلاث انها قد هزمت ..
فهدف الحرب من وجهة نظر فرنسا وبريطانيا واسرائيل - وهو منع مصر من تأميم قناة السويس وعودتها الي حضن فرنسا وانجلترا - لم يتحقق ، وكذلك احتلال اسرائيل لسيناء - والذي تحقق فعلا - لم يستمر وانسحبت اسرائيل .. ومن هنا اعتبرت الدول الثلاث انها هزمت في الحرب ، لإنها لم تحقق أهدافها من الحرب .. واعتبرت مصر فائزة .. لإنها حققت أهدافها في الحرب ، وهو بقاء قناة السويس تحت سيادتها ..
وهو ما ينقلنا الي معني النصر والهزيمة في العصور الحديثة ، وفي حروب وصراعات بين دولة نووية ودولة تحارب بالحجر او بأسلحة بدائية مثل أهل فلسطين ، فيكفي - في هذه المرحلة - ان امنع عدوي وهو اسرائيل من تحقيق اهدافه لكي اقول انني انتصرت ..
ففي هذه المرحلة من تاريخ العالم وتحكم دولة واحدة في اقداره من الصعب ان احقق كل أهدافي ، بل يكفي - مؤقتا - أن أمنع عدوي من تحقيق أهدافه ...
وذلك يستدعي - أولا - فهم العدو جيدا وفهم طبيعة أهدافه ومطالبه ، ويستدعي - ثانيا - أن أمنعه من تحقيق أهدافه علي حسابي .. سواء بوسائل القتال - لو توفرت أسبابه - او بوسائل السياسة ..
وذلك بالضبط ما فعلته فيتنام .. وذلك ما لم تستطع فلسطين من فعله ..
فهمت فيتنام مطالب العدو ومنعته بالسلاح ثم بالسياسة والمفاوضات من تحقيقه ... ولم يفهم الفلسطينيون والعرب - او جزء كبير منهم - عدوهم وطبيعة اهدافه ومطالبه ولم يستطيعوا بالتالي منعه من تحقيقها ...
لم يفهم الفلسطينيون والعرب - او جزء كبير منهم - ان مطلب عدوهم الرئيسي هو التوسع .. ولم يستطيعوا ان يتفقوا علي وسيلة محددة - بالقتال او السياسة - تمنعه من تحقيق هدفه الوجودي ، وحصره في تلك الرقعة الصغيرة تمهيدا لمجئ زمان يمكن استخدام وسائل اخري للتخلص منه ...
٥ - ان فيتنام كانت بصورة او بأخري تحقق تقدما في حربها مع امريكا ، اقله - كما قلت -انها استطاعت منع امريكا من تحقيق اهدافها في فيتنام وبالتالي في اسيا ، اي ان المقاومة كان لها نتيحة ملموسة هي منع الاستيلاء علي ارض جديدة ومنع تصفية قضية فيتنام ..
اما في الصراع الحالي في فلسطين فالواضح امامنا هو تضحيات عظمي من الشعب الفلسطيني لا يقابلها تقدم واضح او نصر ولو بسيط ، بل علي العكس يقدم الفلسطنيون كل يوم قوافل الشهداء ، ويفقدون مع ذلك ارضا ، والخطط المعلنة تطلب طردهم من بلادهم ..
وهنا نأتي الي فارق جوهري ... هو الفرق بين قيادة شعب فيتنام وقيادة شعب فلسطين ..
٦ - وحدة القيادة .. فيتنام كان لها قائد واحد يعبر عن سياسة البلاد ، سواء في جانبها السياسي او العسكري ، وهو القائد الاسطوري هوشي منه ، وقد عين هوشي منه لقيادة الجيش الجنرال الذي لا يقل شهرة عنه وهو فونجوين جياب ..
اذن ..معارك الصراع والحرب في فيتنام كان يقودها قائد واحد ، يدير معارك السياسة ويسيطر علي معارك السلاح ، هو هوشي منه .. وقد اختار هوشي منه قائد عسكري يدير معارك الجيوش هو الجنرال جياب ، الذي استخدم تكتيكات حرب العصابات في هزيمة وطرد الفرنسيين من فيتنام في معركة ديان بيان فو عام ١٩٥٤ ، ثم حرب الامريكيين بدءا من منتصف الستينات ..
وهو غير المتوفر في التجربة الفلسطينية ...
فحتي مع وجود قيادة واحدة للفلسطنيين شبه معترف بها ايام المرحوم ياسر عرفات كان هناك تنظيمات لها كلمتها المنفصلة ، بعض هذه التنظيمات كان يساريا مثل الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين وقائدها جورج حبش ، والجبهة الديموقراطية لتحرير فلسطين وقائدها نايف حواتمة ، بالاضافة الي تنظيمات الاسلام السياسي كحركة حماس وحركة الجهاد الاسلامي ...
والمشكلة ان كل فصيل من هؤلاء كان له ارتباط خارجي ، ولم تجمعها رؤية واحدة او خطة متفق عليها للكفاح الفلسطيني !
ففي الوقت الذي تمتعت فيتنام بوحدة القيادة السياسية والعسكرية تشرذمت القيادة الفلسطينية - السياسية والعسكرية - علي مجموعة من التنظيمات والحركات مختلفة المشارب وذات التحالفات الخارجية المتناقضة ، مما كان له ابلغ الاثر - بالسلب - علي الكفاح الفلسطيني ..
٧ - والان وقد عرفنا أوجه الاختلاف بين تجربة فيتنام وتجربة فلسطين .. هل يمكن لفلسطين ان تستفيد من فيتنام .. رأيي الشخصي ان ذلك صعب ، لاختلاف ظروف كل بلد عن الأخر ، وتغير الظروف العالمية بشدة ..
ورأيي أن التجربة المناسبة لفلسطين - في هذه المرحلة من تطور قضيتها - هي تجربة جنوب افريقيا وتجربة الهند ..
اي الكفاح السلمي والمقاومة السلبية ، وذلك حتي يأتي وقت السلاح ..
ومشكلة الفلسطينيين والعرب الكبري انهم لا يقسمون نضالهم الي مراحل وخطوات ، تقود كل واحدة منها الكفاح فترة ما مخلية طريقها لوسيلة أخري ، ومستفيدة من تغير الظروف والبيئة الدولية ، كما فعلت كل التجارب الناجحة من قبل ، بل وكما بفعل عدوهم ذاته اسرائيل ..
وربما كان أنسب وسيلة للكفاح الفلسطيني في هذه المرحلة هو النضال السلمي .. بالاحتجاجات والمظاهرات والاعتصامات والاضرابات .. وكل وسائل المقاومة المدنية ..
وهي وسيلة تبقي قضيتهم حية علي أجندة العالم وفي ضمير شعوبه ، وفي الوقت نفسه لا تفقدهم أرضا ، او تقتل لهم أحدا ، او تطرد شعبا او جزء منه من بلاده ...
ومرة ثانية وثالثة - لهواة حمل السلاح قبل اوانه - هي وسيلة مرحلية حتي يجئ زمان يكون الاحتكام فيه الي السلاح ممكنا .. ومجديا ..
#أحمد_فاروق_عباس (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
لماذا لا تدخل مصر الحرب ؟!
-
الي أين اخذت حماس القضية الفلسطينية ؟!!
-
لماذا أرادت النخبة الامريكية الحاكمة مجئ ترامب مرة أخري ؟!
-
الحزب السياسي في الحياة السياسية الأمريكية...
-
الحياة السرية لرؤساء أمريكا...
-
هل هناك في أمريكا ديموقراطية ؟!
-
السيد حسن نصر الله ...
-
أيام حزينة ...
-
لماذا تطيع ألمانيا أمريكا وهي مرغمة.. وبدون كلمة اعتراض؟!!
-
هل نحن ضد من يقاوم الاحتلال الإسرائيلي؟!!
-
وضع غريب آن له أن ينتهي ؟!
-
كورسك ... لماذا وكيف غزا الجيش الأوكراني الاراضي الروسية ؟!
-
ساعات مع أسمهان ...
-
جارية القصر ...
-
العصر الامريكي ...
-
هنيئا لكم ...
-
هل كان ما قبل ثورة 23 يوليو 1952 حكما مدنيا ؟! وهل كان في مص
...
-
هل كانت هناك ديموقراطية في مصر قبل 23 يوليو 1952 ؟!
-
لماذا يتعرض ترامب للاغتيال؟!
-
انتخابات فرنسا وبريطانيا ... وانتخابات مصر
المزيد.....
-
لماذا يتهرب زيلينسكي من المفاوضات؟
-
الإعلام التركي يؤكد رفض أنقرة طلب عبور طائرة الرئيس الإسرائي
...
-
فريق ترامب يعلق على أنباء عن سماح بايدن لنظام كييف بضرب عمق
...
-
سفارة الصين بواشنطن تعليقا على قرار بايدن: لا تصبوا الزيت عل
...
-
مشروع قرار بريطاني في مجلس الأمن الدولي لوقف الأعمال القتالي
...
-
مشرعون: ضرب عمق روسيا بأسلحة أميركية قد تشعل حربا عالمية
-
عواقب الإفراط في استخدام قطرات الأنف
-
علامات القلق الوظيفي وكيفية التعامل معه
-
علماء الفيزياء يكتشفون وجود -ظل- لشعاع الليزر
-
مخاطر -سمنة القلب- على منظومة المناعة
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|