الدولة العميقة (ديرين دولت) - الكسندر دوغين (08)

نورالدين علاك الاسفي

الحوار المتمدن-العدد: 8164 - 2024 / 11 / 17 - 04:51
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

الدولة العميقة (ديرين دولت) - الكسندر دوغين (08)
THE DEEP STATE (DERIN DEVLET)

Alexander Dugin
الكسندر دوغين

ترجمة : نورالدين علاك الاسفي
[email protected]

الدولة الأوروبية العميقة

الآن دعونا نفكر في ما قد تعنيه الدولة العميقة في حالة الدول الأوروبية. في الآونة الأخيرة، بدأ الأوروبيون يلاحظون أن شيئا غير عادي يحدث مع الديمقراطية في بلدانهم. يصوت السكان وفقا لتفضيلاتهم، ويدعمون بشكل متزايد مختلف الشعبويين، وخاصة اليمينيين. ومع ذلك، فإن بعض الكيانات داخل الدولة تضغط فورا على المنتصرين، وتخضعهم للقمع، وتشوه سمعتهم، وتزيلهم قسرا من السلطة. في فرنسا؛ التي يتزعمها ماكرون مع حزب مارين لوبان نرى هذا، وفي النمسا؛ مع حزب الحرية، وفي ألمانيا؛ مع حزب البديل لألمانيا وحزب سارا فاجنكنيشت/ Sahra Wagenknecht ، وفي هولندا؛ مع خيرت فيلدرز/ Geert Wilders، من بين آخرين. إنهم يفوزون في انتخابات ديمقراطية؛ ولكن بعد ذلك؛ يتم تهميشهم من السلطة.
وضع مستباح? نعم، إنه يشبه إلى حد كبير تركيا والجيش الكمالي. هذا يشير إلى أننا نتعامل مع دولة عميقة في أوروبا أيضا.
يتضح على الفور أنه في جميع البلدان الأوروبية، هذا الكيان ليس وطنيا؛ ويعمل وفقا لنفس القالب. إنها ليست مجرد دولة فرنسية عميقة، أو دولة ألمانية أو نمساوية أو هولندية. إنها دولة عميقة لعموم أوروبا، وهي جزء من شبكة عولمة موحدة.
يقع مركز هذه الشبكة بالدولة العميقة الأمريكية، في المقام الأول بمجلس العلاقات الخارجية/ CFR ، ولكن هذه الشبكة تلف أيضا بإحكام أوروبا. هنا، تشكل القوى اليسارية الليبرالية، في تحالف وثيق مع الأوليغارشية الاقتصادية ومثقفي ما بعد الحداثة - دائما تقريبا من خلفية تروتسكية - الطبقة الحاكمة غير المنتخبة والشمولية في أوروبا.
هذه الطبقة ترى نفسها كجزء من مجتمع الأطلسي الموحد. في الأساس، هم نخبة الناتو/ NATO. مرة أخرى، يمكننا أن نتذكر الجيش التركي. فالناتو هو الإطار الهيكلي للنظام العالمي بأكمله، و البعد العسكري للدولة العميقة بالغرب الجماعي.
ليس من الصعب تحديد موقع الدولة العميقة الأوروبية في هياكل مماثلة لمجلس العلاقات الخارجية، مثل الفرع الأوروبي للمفوضية الثلاثية، ومنتدى دافوس لكلاوس شواب/ Klaus Schwab’s Davos Forum ، وغيرها. هذه هي السلطة التي تصطدم بها الديمقراطية الأوروبية عندما تحاول، مثل ترامب في الولايات المتحدة، اتخاذ خيارات تعتبرها النخب الأوروبية "خاطئة" و "غير مقبولة" و "مستهجنة".
الأمر لا يتعلق بالهياكل الرسمية للاتحاد الأوروبي فقط. القضية تكمن في قوة أكثر بأسا وفعالية لا تتخذ أي شكل قانوني. هؤلاء هم حاملو القانون الأيديولوجي، الذين، وفقا للقوانين الرسمية للديمقراطية، لا ينبغي ببساطة أن يكونوا موجودين. إنهم حراس الليبرالية العميقة، ويستجيبون دائما بقسوة لأي تهديد ينشأ من داخل النظام الديمقراطي نفسه.
كما في حالة الولايات المتحدة، المحافل الماسونية لعبت دورا مهما في التاريخ السياسي لأوروبا الحديثة، حيث كانت بمثابة مقر للإصلاحات الاجتماعية والتحولات العلمانية. اليوم، لم تعد هناك حاجة كبيرة للجمعيات السرية، لأنها تعمل علانية منذ فترة طويلة، لكن الحفاظ على التقاليد الماسونية يظل جزءا من الهوية الثقافية لأوروبا.
و هكذا، نصل إلى أعلى مستوى في كيان؛ غير ديمقراطي و عميق أيديولوجيا؛ يعمل في انتهاك لجميع القواعد والمعايير القانونية؛ و يحرز سلطة كاملة بأوروبا. إنها سلطة غير مباشرة، أو ديكتاتورية خفية.
إن الدولة الأوروبية العميقة؛ وكجزء لا يتجزأ من النظام الموحد للغرب الجماعي، مرتبطان سويا بالناتو.

#نورالدين_علاك_الاسفي (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات