رفعت مرهون الصفار

مقداد مسعود

الحوار المتمدن-العدد: 8163 - 2024 / 11 / 16 - 13:27
المحور: الادب والفن
    

رفعت مرهون الصفار(تراثيون في الذاكرة)
في كل خريف اعملُ ترشيقا لمكتبة البيت، وما لا احتاجه، أهبهُ لمن يحتاجه ُومع الترشيق كنت ابحث عن (مَن هو؟) كتاب صدر في عهد الملكية، الكتاب يشتغل على وجيز سردي نطلق عليه الآن في عصر النت (نظام معلوماتي) وقبل الوجيز، هناك نص الصورة. صورة شخصية عراقية. وكان المطبوع فاخرا وأنيقا والورق صقيلا.. وأثناء البحث في المكتبة :صار بين يديّ كتاب من نفس الطراز لكن مكرّس لفئة معينة من الناس تميزت بمزدوج القيمة (الأطباء.. الأدباء) تأليف الدكتور فخري الدباغ/ دار الشؤون الثقافية العامة- بغداد/ط1/ 1990.. وهو من الكتب الموسوعية يحتوي عينات من الأطباء المسلمين مثل ابن سينا والأصفهاني ثم ينتقل للمعاصرة فيتناول الأطباء الأدباء في روسيا و فرنسا وبريطانية والولايات المتحدة والدول العربية..
(*)
يبدو الكتاب الضالة المنشودة، توارى في المكتبة. فظهر أمامي كتاب (تراثيون في الذاكرة) تأليف الأستاذ الباحث الكبير رفعت مرهون الصفار. والكتاب من اصدارات الاتحاد العام للأدباء والكتاب في العراق- وهذه هي الطبعة الثانية للكتاب يتناول الباحث ( 170) شخصية عراقية
(*)
تراتبية الكتاب على حروف الهجاء، والشخصية الأولى شقيقته (ابتسام مرهون الصفار) يتحدث عنها من خلال مؤلفاتها الأكاديمية الرصينة
وحين يذكر كتابها (أبو تمام ثقافته من خلال شعره) تداعت ذاكرتي نحو 1971 وأنا في المتوسطة حيث اشتريت معظم كتب هذه السلسلة الذهبية اللون والمصنفة (كتاب الجماهير) وعلى قفا الكتاب نقرأ (الثمن (50) فلساً، لم يبق لي من هذه السلسلة الآن سوى الكتب التالية محمد مبارك (الكندي فيلسوف العقل) ..عبد الجبار عباس (السياب).. عبد الجبار البصري( نازك الملائكة، الشعر والتجربة) وكتاب فوزي كريم (من الغربة حتى وعي الغربة) وقد كتبتُ عن كتاب فوزي مقالة وهي منشورة في المواقع الثقافية بتاريخ 9 تشرين أول 2017 . . وحين عدت بعد سنوات إلى كتاب(أبو تمام ثقافته من خلال شعره) أدركتُ أهمية هذا الكتاب النوعي مقارنة بالكتب التي تناولت شعر أبي تمام، فالمؤلفة.. كأنها فعلت تبئيراً نقديا ألقت نظرة ً معرفية ً على شعر أبي تمام لتصل إلى ثقافته ضمن زمنه ... وكتابها عن أبي تمام أعادني إلى كتابٍ لها عنوانه (مالك ومتمم إبنا نويرة اليربوعي) الصادر في 1968 عن جامعة بغداد، وفي 2009 قرأت لها (الأمالي في الأدب الإسلامي) الصادر في عمان 2006
(*)
يقول الأستاذ رفعت مرهون الصفار، عن شخصية البطل العسكري توفيق وهبي 1891- 1984 (شارك مع الجيش العثماني في الحرب العالمية الثانية ..أرسل إلى جنوب العراق للمشاركة في الحرب ضد القوات البريطانية في الشعيبة وفي عام 1918 شارك في حرب فلسطين)!! طبعا المؤلف يقصد (شارك في الحرب العالمية الأولى.. أرسل إلى جنوب العراق للمشاركة في الحرب ضد القوات البريطانية في الشعيبة 1918).. والخطأ حدث كما يبدو أثناء طباعة المخطوطة..
(*)
تستوقفني جملة جميلة تختزل مسافة زمنية كبيرة مقارنة مع أعمارنا حين يتناول المؤلف شخصية معلم الابتدائية مربي الأجيال (جبار عبدالله الجويبراوي) يقول عنه(أمضى أربعة عقود في البحث والتنقيب في تاريخ ميسان وتراثها الشعبي) ويخبرنا عن الموسيقار العراقي الكبير(سالم حسين الأمير)..عن هذا الجهد الفردي المشرّف للعراق وأهله (أكتشف النوطة الموسيقية القديمة التي كانت تستعمل أيام العباسيين..) ثم يذكر مؤلفات سالم حسين الموسيقية : أعمال الملا عثمان الموصلي الموسيقية/ قياسات النغم عند الفارابي/ دليل سلالم المقامات العراقية.. وهو يتناول سيرة المناضلة والأديبة سافرة جميل حافظ التي تخرجت في جامعة بغداد ، قسم اللغة العربية 1956
توقفتُ عند هذه العلامة السيئة والقاسية في العهد لملكي(ولعدم تمكنها على الحصول على شهادة حسن السلوك التي كانت تصدرها مديرية الأمن العامة لذا لم يصدر أمر تعيينها كمدرّسة في المدارس العراقية..)!! وشهادة مديرية الأمن العامة، تعني أن هذه المرأة شيوعية ولا يحق لها أن تكون مدرّسة، وحسن السلوك يعني بلغة مديرية الأمن (مو من جماعتنا). في زمن البعث كان طالب الدراسات العليا مطالب بالحصول على (السلامة الفكرية) ومن لا يملك هذه السلامة فهو من أعداء الحزب والقائد.
(*)
حين يذكر الأستاذ رفعت: مؤلفات الدكتور عماد عبد السلام رؤوف، لا أدري كيف غائب عن ذاكرة المؤلف الأستاذ رفعت مرهون الصفار هذا الكتاب الضروري وهو من تحقيق عماد عبد السلام وسهيلة عبد المجيد القيسي (مطالع السعود- تاريخ العراق من سنة 1774- 1826 تأليف عثمان بن سند الوائلي البصري) وزارة الثقافة والإعلام العراقية 1991... والمؤلف حين تناول المؤرخ البصري حامد البازي، ويكتفي به !!
(*)
يضخ علينا الباحث الصفار معلومات في غاية الأهمية عن فخري حميد القصاب كتب َ في الأغنية مقالات منها رأيه (في الأغنية العربية الحزينة) و(طابع التذلل والعبودية في الأغنية العراقية) وكتبَ في الفولكلور مقالات (المرأة في الأمثال الشعبية العراقية).. والأهم بالنسبة لي كقارئ هي كشوفاته التراثية في المقال المعنوّن (لعبة الطاولي التي سبقت لعبة الشطرنج) ليتنا نطلع على هذا المقال الذي لا سابقة له..
(*)
يخبرنا الصفار عن الطاقات الإبداعية التي كان يمتلكها فؤاد عباس(1911- 1979) وهو الحاصل الليسانس من الجامعة الاميركية في بيروت والذي عمل في التدريس ومشرفاً اختصاصيا للغة العربية، الأهم من كل هذا حين ينقل الأستاذ الصفار لنا، رأي الدكتور صفاء خلوصي، عن فؤاد عباس وهو كالتالي (كان فؤاد أقرب إلى الحديث والخطابة الارتجالية البليغة منه إلى الكتابة والتأليف) ويضيف الدكتور خلوصي المعلومة الأهم عن فؤاد ( لعل لسحر صوته الذي لا يمكن أن يدون على قرطاس أثراً في هذا المنحى الذي انتحاه) ثم يقترض خلوصي رأيا عن فؤاد من خلال شهادة الأستاذ جعفر الخليلي(أن لفؤاد عباس في مكتبته تسجيلات الإذاعة والتلفزيون وفي أشرطة الاندية ما يقارب ب50 مجلداً لور أردنا أن ننقله على الورق).
(*)
كتاب (تراثيون في الذاكرة) للأستاذ الباحث رفعت مرهون الصفار وثيقة ثقافية، نضّدت جهود وجوه عراقية بشكل وجيز وبديع وأثناء القراءة يتنقل القارئ بين أمكنة وأزمنة تجعله لا يشعر بالملل بل ينتظر المزيد من الوجوه المعرفية الساعية لخير العراق وأهله.
.

#مقداد_مسعود (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات