أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - حمدي سيد محمد محمود - أزمة ما بعد الحداثة: بين سطوة الواقع الفائق وشبكات السلطة الخفية في عصر الاستهلاك اللامتناهي 2/1















المزيد.....

أزمة ما بعد الحداثة: بين سطوة الواقع الفائق وشبكات السلطة الخفية في عصر الاستهلاك اللامتناهي 2/1


حمدي سيد محمد محمود

الحوار المتمدن-العدد: 8163 - 2024 / 11 / 16 - 07:56
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


في عالمنا المعاصر، يبدو أن الإنسانية دخلت مرحلة جديدة من التعقيد الفكري والاجتماعي، حيث أصبح ما يُعرف بـ"أزمة ما بعد الحداثة" يحكم تفاصيل الحياة اليومية ويُعيد صياغة علاقات البشر مع أنفسهم ومع الآخرين. إنَّ هذه الأزمة ليست مجرّد تحول بسيط عن الحداثة وأسسها الفكرية والعلمية، بل هي قلبٌ عميق ومؤثر للمفاهيم التقليدية التي طالما حكمت الفكر الغربي، كالحقيقة، والسلطة، والهوية، وحتى الواقع نفسه. ما بعد الحداثة تقدّم لنا نظرة مغايرة للوجود البشري وللأسئلة الفلسفية الكبرى، محاولةً تحدّي مفهوم الحقيقة الواحد، وطرح رؤية متعددة للواقع، بل وصناعة "واقع فائق" يتجاوز حدود المادة ويستبدل الحقيقة بتمثيلات زائفة قد تصبح أقوى من الواقع نفسه.

الواقع الفائق، كما طوّره جان بودريار، يمثل حالة من الاندماج بين الصورة والحقيقة إلى حدٍّ يجعل التمييز بينهما شبه مستحيل. في ظل هذا المفهوم، يصبح الواقع مجرّد محاكاة لا صلة لها بالمادة أو الحقيقة الموضوعية، حيث يُقدَّم للأفراد عالم من الصور والإعلانات والرموز الإعلامية التي تُصوِّر واقعاً مصنوعاً يخدم مصالح القوى الاقتصادية والثقافية المسيطرة. هذا "الواقع الفائق" يُعمِّق من أزمة ما بعد الحداثة، حيث لا يعود الأفراد قادرين على التمييز بين الحقيقي والزائف، بل يعيشون في دوامة من الصور والأوهام التي تقودهم للتحرك بناءً على رغبات محددة ومدروسة، تخدم أولاً وأخيراً منظومة الرأسمالية العالمية.

ومع هذا الواقع الفائق، تدخل الرأسمالية في عصر جديد تصبح فيه أكثر تعقيداً وفاعلية، حيث لا تكتفي فقط بالإنتاج والاستهلاك على المستوى الاقتصادي، بل تسعى إلى تشكيل هويات الأفراد وتوجيه تطلعاتهم وحاجاتهم من خلال الاستهلاك المفرط. وفقاً لما بعد الحداثة، تتحول الرأسمالية إلى نظام شامل يُغرق الأفراد في ثقافة الاستهلاك ويغرس فيهم مفاهيم مادية تجعلهم يعيدون تعريف أنفسهم من خلال ما يستهلكونه وليس ما يملكونه من قيم أو أفكار. يتحول الاستهلاك إلى أداة قوية للسيطرة، حيث تُصمم السلع لا لتحقيق الحاجة فقط، بل لخلق رغبات لا تنتهي، تجعل الفرد حبيساً لدوامة استهلاكية لا خلاص منها، مما يعزّز من سيطرة الرأسمالية على حيوات الأفراد من أعماقها.

أما السلطة، فقد تخلت عن أدواتها التقليدية المتمثلة بالقوانين الصارمة والمؤسسات، لتتحول إلى شبكة ناعمة ومتداخلة تخترق نسيج المجتمع دون حاجة إلى القمع أو الإكراه المباشر. إنَّ السلطة في سياق ما بعد الحداثة، كما يرى ميشيل فوكو وجيل دولوز، تتحول إلى "سلطة حيوية" تتدخل في تفاصيل الحياة اليومية للأفراد، تراقبهم وتؤطر سلوكياتهم بشكل غير مرئي. هذه السلطة لا تعمل بشكل مركزي، بل تنتشر عبر وسائل الإعلام والتكنولوجيا، وتصبح جزءاً من الثقافة الشعبية، تجعل الأفراد يقبلون قواعدها ومعاييرها طوعاً ويخضعون لها دون إدراكهم لآليات السيطرة المحيطة بهم. في هذا السياق، يصبح الإنسان مراقباً ومستهدفاً طوال الوقت، حيث يتم تحليل بياناته وتوجيهها لخدمة الأهداف الاقتصادية والثقافية التي تُعزّز من استمرارية النظام الرأسمالي.

من هنا، يتضح أن أزمة ما بعد الحداثة تمثل ليس فقط نقداً للحداثة وأسسها، بل أيضاً إعادة تشكيل جذرية لمفاهيم السلطة والاقتصاد والمعرفة. إنها مرحلة تجعلنا نعيد التفكير في كلّ شيء، في واقعنا، وهوياتنا، وعلاقاتنا الاجتماعية، وتحدينا لسلطات غير مرئية ولكنها شديدة التأثير. هذه الأزمة تدفعنا للسؤال: كيف يمكن للإنسان أن يواجه نظاماً يعيد تشكيل واقعه، ويستهلك ذاته من أجل الربح، ويقيده بقيود غير مرئية؟ وهل ثمة سبيل للتحرر من هذه الحلقة اللامتناهية من السيطرة والاستهلاك في عصر لا يعترف بالثوابت ويحتفي بالفوضى والنسبية؟

في النهاية، تعد أزمة ما بعد الحداثة إشارة إلى واقعٍ جديد، واقعٍ يحمل في طياته تناقضات عميقة وصراعاً داخلياً يعيشه الفرد بين بحثه عن المعنى في عالم متشظٍ، وبين خضوعه لسلطات ناعمة تسيطر على كل جوانب حياته. إنها أزمة تعكس مأزقاً وجودياً يعانيه الإنسان المعاصر، وتجعلنا ندرك أنَّ التحديات الفلسفية التي تواجهنا اليوم تتجاوز الأسئلة التقليدية، لتضعنا أمام اختبار لإرادتنا وقدرتنا على التأمل وإعادة النظر في أساسيات حياتنا ومجتمعنا.

أزمة مابعد الحداثة

أزمة ما بعد الحداثة تعد واحدة من أهم الأزمات الفلسفية في السياق الغربي المعاصر، حيث نشأت كردة فعل على الحداثة والنظريات الشمولية التي رافقتها، مثل التقدمية العلمية، والعقلانية، والتكنولوجيا. وهذه الأزمة تتجاوز مسألة النقد إلى أزمة أعمق تتعلق بفقدان اليقين والمعنى. لنستعرض أبرز مظاهرها وأبعادها.

1. خصائص ما بعد الحداثة وأسباب الأزمة:

النقد للميثولوجيات الكبرى: الفيلسوف الفرنسي جان فرانسوا ليوتار كان من أوائل من وصفوا ما بعد الحداثة بأنها "حالة من الشك إزاء السرديات الكبرى". وقد هاجمت ما بعد الحداثة المعتقدات الشمولية، مثل التقدم العلمي، والدين، والأيديولوجيات السياسية، معتبرةً أن هذه السرديات فرضت هيمنتها على الأفراد وقللت من حريتهم في التفكير.
النسبية واللايقين: بُنيت ما بعد الحداثة على أساس النسبية، مشيرةً إلى أنه لا توجد حقيقة مطلقة، وأن كل الحقائق والمعاني تعتمد على السياق. أدى هذا إلى أزمة في تصور الحقيقة، حيث بات من الصعب التوصل إلى إجماع حول ما هو صواب أو خطأ، أو ما هو حقيقي.
الشك في العقلانية والعلم: رغم أن الحداثة احتفت بالعقلانية والعلم كسبيل للتقدم، رفضت ما بعد الحداثة هذا التصور الأحادي للعقل. فهي ترى أن العلم والعقل ليسا محايدين تماماً، بل يعكسان انحيازات وأجندات السلطة.

2. الآثار على الثقافة والمجتمع:

تعددية الحقيقة وتفكيك الهوية: عكست ما بعد الحداثة صورة للعالم مكونة من حقائق متعددة وأصوات متنافسة، مما أثر على مفهوم الهوية. يرى البعض أن هذه التعددية تسمح بحرية التفكير وتقبل الاختلاف، بينما يرى آخرون أنها تخلق فراغاً فكرياً ووجودياً.
اللامعيارية والقيم: واحدة من الأزمات الكبرى التي أحدثتها ما بعد الحداثة هي التحول إلى "اللامعيارية"؛ بمعنى أن الأخلاقيات والقيم ليست ثابتة، بل مرنة تتغير وفقاً للسياق والظروف. أدى ذلك إلى تراجع السلطة التقليدية للمؤسسات الدينية والاجتماعية، مما أثار أزمة في الأخلاق والمعايير المجتمعية.
الفن والأدب وتفكيك المعنى: اتسمت الفنون والأدب في فترة ما بعد الحداثة بالتجريبية والتشظي. لم يعد الأدب والفن يلتزم بالمعايير التقليدية للوضوح أو السردية المنطقية، بل بات يعتمد على الغموض وتعدد التأويلات، مما أدى إلى فقدان المعنى والانتماء.

3. الانتقادات الموجهة إلى ما بعد الحداثة:

فقدان اليقين وتآكل الثقة: يرى بعض النقاد أن ما بعد الحداثة دمرت الثقة في الأفكار الأساسية، وأدت إلى حالة من الشك المطلق، ما أضعف قيمة العلم والعقلانية والتقدم.
النسبية المفرطة: تنتقد ما بعد الحداثة لأنها تروّج للنسبية المفرطة، ما يعني ضمنياً قبول كل الآراء بغض النظر عن مدى دقتها أو صحتها. وقد قاد هذا إلى ظهور موجة من "ما بعد الحقيقة"، حيث لم يعد هناك تمييز واضح بين الحقيقة والخطأ.
الفراغ الثقافي: يرى البعض أن ما بعد الحداثة تولّد ثقافة سطحية، تميل إلى التركيز على الصورة والشكل أكثر من المحتوى، وتهتم بالمظاهر بدل المعاني، ما يؤدي إلى أزمة في الإبداع وغياب العمق الفكري.

4. أزمة ما بعد ما بعد الحداثة: ماذا بعد؟

البحث عن اتجاه جديد: بدأت تساؤلات تتصاعد حول ما إذا كانت ما بعد الحداثة نفسها قد أصبحت عائقاً فكرياً. حيث يسعى مفكرون اليوم إلى تطوير نماذج فلسفية جديدة تتجاوز ما بعد الحداثة، وتعيد الاعتبار للمعنى والقيم، وتحاول استعادة نوع من اليقين دون الرجوع إلى المطلقات التقليدية.
ما بعد ما بعد الحداثة (أو "الميتامدرنية"): يعد بعض المفكرين أن مرحلة "ما بعد ما بعد الحداثة" أو "الميتامدرنية" هي محاولة للموازنة بين التشكيك واليقين. إذ تهدف إلى التوفيق بين البحث عن المعنى والتعددية، ومحاولة إيجاد قيم إنسانية مشتركة دون تجاهل تعدد وجهات النظر.

5. أبرز الفلاسفة والمفكرين في أزمة ما بعد الحداثة:

جان بودريار: طرح مفهوم "الواقع الفائق"، حيث اعتبر أن وسائل الإعلام والثقافة تخلق حقائق افتراضية تفوق الحقائق الواقعية، مما يؤدي إلى ضياع الإنسان في متاهة الصور والأوهام.
فريدريك جيمسون: ناقش أثر ما بعد الحداثة على الرأسمالية والاستهلاك، مشيراً إلى تحول الثقافة إلى سلعة وعالم من المحاكاة، حيث تُسلب الفردانية ويستبدل الواقع بالأشياء المقلدة.
جيل دولوز وميشيل فوكو: قدّما تحليلات عميقة لأشكال السلطة والنظام ضمن سياق ما بعد الحداثة، حيث يرفض دولوز وفوكو مفهوم "المؤسسة الشمولية"، ويركزان على القوى الصغيرة التي تشكل الحياة اليومية للفرد.

وهكذا، تمثل أزمة ما بعد الحداثة حالة من الانقسام الفلسفي حول ماهية الحقيقة والمعنى والقيم في عالم يتسم بالتعقيد والتنوع. إنها حالة من النقد والتفكيك المتواصل للأفكار السائدة، لكنها تعاني من محدودية في تقديم بدائل إيجابية وشاملة. يطرح هذا تحدياً للمفكرين المعاصرين لإيجاد طرق تجمع بين تعدد الأصوات والأفكار وبين البحث عن هوية أو هدف مشترك، في مواجهة عالم سريع التغير وأزمة هوية متزايدة في المجتمعات الغربية.

مفهوم الواقع الفائق

مفهوم "الواقع الفائق" (Hyperreality) هو فكرة فلسفية طورها الفيلسوف الفرنسي جان بودريار، ويعد من أبرز المفاهيم المرتبطة بتيار ما بعد الحداثة. يعبر "الواقع الفائق" عن مرحلة متقدمة من تلاشي الحدود بين الواقع والخيال، حيث تصبح الوسائل الإعلامية والصور المنتجة عبر وسائل التكنولوجيا الحديثة ليست مجرد انعكاس للواقع، بل تخلق بديلاً عنه.

1. الواقع الفائق: المفهوم والتعريف

الواقع الفائق، بحسب بودريار، هو حالة تصبح فيها المحاكاة أكثر واقعية من الواقع نفسه، أو بمعنى آخر، يكون الواقع الموجود هو تمثيل منسوخ بدقة بالغة للواقع الأصلي إلى درجة أن التفرقة بين الأصل والصورة تصبح غير ممكنة.
في هذه الحالة، لا يتبقى من الواقع الأصلي إلا صورته أو علاماته، ونتيجة لذلك يتلاشى "المعنى الحقيقي" ليحل محله ما يمكن أن نسميه "واقعاً بديلاً" أو واقعاً مركباً من الصور والتصورات التي يتقبلها الناس بوصفها الحقيقة.

2. المحاكاة (Simulacra) كمفهوم مركزي

قبل الوصول إلى "الواقع الفائق"، ينظر بودريار إلى المحاكاة كعملية تدريجية تتغير فيها طبيعة التمثيل عبر أربعة مراحل:
النسخة الواضحة: حيث تكون المحاكاة مجرد نسخة تعكس الأصل بشكل صريح وواضح.
التشويه المتعمد: حيث يتم تغيير بعض ملامح الأصل لأسباب معينة.
التمثيل الزائف: حيث يصبح التمثيل مجرد رمز أو علامة لا تربطه علاقة قوية بالأصل.
الواقع الفائق: حيث تختفي أي صلة بين الأصل والصورة، ويصبح التمثيل أكثر حضوراً من الأصل لدرجة أنه يطغى عليه.
يرى بودريار أن الوسائط الحديثة، مثل الإعلام والإنترنت، تلعب دوراً محورياً في إنشاء هذه المحاكاة، ما يسهم في الوصول إلى مرحلة "الواقع الفائق".

3. السمات الرئيسية للواقع الفائق

اندماج الواقع والخيال: تصبح الصور الإعلامية والإعلانات والألعاب وأفلام هوليوود أشكالاً من "الواقع" الذي يعيشه الأفراد. في هذا السياق، لا يكون الواقع شيئاً يُكتشف بل يُصنع وفقاً لنماذج محددة سلفاً.
زوال الأصل: في حالة الواقع الفائق، قد لا يكون هناك أصل واضح أصلاً، حيث يكون الأصل قد ضاع، أو يكون غير ذي معنى. تصبح المحاكاة حقيقية بحد ذاتها بدون أي حاجة للإشارة إلى شيء خارجها.
الاستبدال المتواصل للمعاني: في عالم الواقع الفائق، تتبدل المعاني باستمرار وتصبح غير ثابتة. يمكن للرموز أن تحمل معاني متناقضة أو تتغير وفقاً للسياق، بحيث يصبح من الصعب الوصول إلى معنى ثابت.

4. أمثلة وتطبيقات للواقع الفائق

وسائل الإعلام والترفيه: يشير بودريار إلى أن التلفزيون والإعلانات والأفلام تعمل كوسائل تعزز فكرة الواقع الفائق. فمثلاً، تُظهر الإعلانات منتجات في صور خيالية تتجاوز واقعيتها، ويتم الترويج لصورة معينة عن الحياة اليومية تتضمن أبعاداً مثالية أو خيالية.
الواقع الافتراضي والألعاب الإلكترونية: من أبرز تجليات الواقع الفائق اليوم هو الواقع الافتراضي والألعاب الإلكترونية. ففي هذه البيئات الرقمية، يعيش الأفراد في عوالم مصطنعة يشعرون بها وكأنها حقيقة، بل ويصبح لبعضهم الاندماج في هذه العوالم أكثر إشباعاً من التفاعل مع الواقع الفعلي.
العلاقات الاجتماعية عبر الإنترنت: ساهمت وسائل التواصل الاجتماعي في خلق واقع فائق للعلاقات الإنسانية، حيث يعيش الأفراد في عوالم "افتراضية" من خلال صور ومحتوى قد لا يكون حقيقياً تماماً، لكنه يخلق واقعاً بديلاً.

5. الأبعاد النفسية والفكرية للواقع الفائق

التشويش على الهوية: في الواقع الفائق، يصبح الإنسان محاطاً بصور رمزية وواقعية هجينة تشوش على هويته الحقيقية، حيث لا يعرف أين تنتهي الصورة وأين يبدأ الواقع.
الشعور بالفراغ: من نتائج الواقع الفائق فقدان الإنسان لمعنى التجربة الحقيقية. عندما تكون الصور والتجارب مختلقة ومفبركة، يصبح من الصعب التمييز بين ما هو حقيقي وما هو مصطنع، مما يؤدي إلى شعور بالفراغ وعدم الرضا.
التأثير على القيم: يرى بودريار أن الواقع الفائق يضع القيم الأخلاقية موضع تساؤل، حيث تصبح الحقيقة شيئاً غير ثابت وقابلاً للتغيير والتلاعب، مما يؤدي إلى تدهور القيم التقليدية.

6. نقد الواقع الفائق

التلاعب والإيهام: ينتقد الكثير من الفلاسفة مفهوم الواقع الفائق باعتباره يمثل وسيلة للتلاعب بوعي الأفراد وإيهامهم بواقع غير حقيقي. فهم يرون أن هذا "الواقع" يخدم مصالح القوى المسيطرة، ويُفقد الإنسان حريته في التمييز بين الواقع والمظهر.
تدمير التجربة الحقيقية: يرى النقاد أن الواقع الفائق يدمر التجربة الإنسانية الأصيلة، حيث يتحول الإنسان إلى مستهلك للصور والأوهام بدلاً من كونه فاعلاً في الواقع. إنه يعيش في "واقع مُعدّ سلفاً" ومبرمج لا يسمح له بتجربة الحرية بشكل كامل.

7. الواقع الفائق ومستقبل الإنسانية

يعبر مفهوم الواقع الفائق عن تحولات كبيرة في المجتمع المعاصر، حيث تتحكم الصور والنماذج المصطنعة بحياة الأفراد وتؤثر في قيمهم ورؤاهم. يطرح هذا الواقع أسئلة جوهرية حول معنى "الحقيقة" وماهية "الواقع"، كما يثير مخاوف فلسفية بشأن الحرية الفردية وقدرة الإنسان على التمييز بين الواقع والوهم.
من منظور مستقبلي، قد يؤدي تزايد هيمنة الواقع الفائق إلى تشويه التصورات البشرية للحقيقة، ويمثل تحدياً هائلاً للعقل الإنساني في استعادة معنى وجودي وواقعي. يطرح مفهوم الواقع الفائق بذلك ضرورة ملحة للتفكير في كيفية عيش الإنسان في عالم تتلاشى فيه الحدود بين الحقيقة والصورة.



#حمدي_سيد_محمد_محمود (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الأمن القومي العربي: تحديات العصر وفرص التحول الاستراتيجي
- اليسار في العالم العربي: قراءة نقدية لتراجع المشروع الاشتراك ...
- دور الفلسفة في تفسير التاريخ: من بن خلدون إلى هيجل وماركس
- موت الإله: جدلية الفراغ والمعنى في الفكر الأوروبي والإسلامي
- إشكالية الصلب والفداء: مقاربة فلسفية للعلاقة بين المسؤولية ا ...
- فلسفة التاريخ: أسئلة حول الزمن ومعنى الوجود الإنساني
- الإنسان بين الجبر والاختيار: قراءة مقارنة في رؤى المعتزلة وا ...
- الفلسفة النسوية في العالم العربي: جدلية التحرر والتحديات الث ...
- فلسفة ما بعد الحداثة: من التفكيك إلى إعادة تعريف العقل والحق ...
- الليبرالية عبر العصور: فلسفة الحرية وتحديات التطبيق
- صراع الهوية والمصير: جدلية التوجهات القومية والإسلامية في ال ...
- الهوية العربية على مفترق الطرق: تحديات الحاضر وآمال المستقبل
- نحو حكم رشيد: تحديات الديمقراطية في العالم العربي
- الخضوع الطوعي للسلطة: دراسة فلسفية في العبودية الذاتية
- الاستشراق الجديد: قراءة نقدية في خطاب الهيمنة الثقافية
- إحياء الذات والأمة: فلسفة محمد إقبال في التحدي والتجديد
- السياسة بين الدين والفلسفة: قراءة معمقة في النظريات السياسية ...
- أزمة المعنى في الواقع العربي المعاصر: بحث في الهوية والقيم و ...
- الصمت كوسيلة للاعتراض: دراسة في عمق السياسة العربية
- الوعي العربي في مواجهة أزماته الوجودية: قراءة فلسفية


المزيد.....




- وسط عدم اليقين مما ستجلبه إدارة ترامب القادمة.. ما الذي تحاو ...
- غارات جديدة على الضاحية وحزب الله يستهدف قاعدتين إسرائيليتين ...
- -فايننشال تايمز-: ترامب سيضغط على إيران لإجبارها على إبرام ا ...
- عالم يكشف عن المخلوق الذي -سيحكم الأرض- في حال انقراض البشري ...
- أسلوب شائع في المراسلة قد يجعلك أقل مصداقية
- الأطعمة الضارة بالكلى
- روسيا تحتج على الانتهاكات الجسيمة التي ارتكبتها الرئاسة الدن ...
- الشرطة التركية تضبط عيادة متنقلة يديرها -خبير تجميل مزيف-
- مع ثلة من كوادر الحركة.. -الجهاد الإسلامي- تنعى قياديين بارز ...
- روسيا تكشف عن كاميرا مميزة تعمل بالأشعة ما تحت الحمراء


المزيد.....

- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي
- فلسفات تسائل حياتنا / محمد الهلالي
- المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر / ياسين الحاج صالح
- الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع / كريمة سلام
- سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري - / الحسن علاج


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - حمدي سيد محمد محمود - أزمة ما بعد الحداثة: بين سطوة الواقع الفائق وشبكات السلطة الخفية في عصر الاستهلاك اللامتناهي 2/1