|
الأمن القومي العربي: تحديات العصر وفرص التحول الاستراتيجي
حمدي سيد محمد محمود
الحوار المتمدن-العدد: 8162 - 2024 / 11 / 15 - 10:04
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
في عالم يشهد تزايدًا متسارعًا في التحديات والتهديدات، وأمام قوى عالمية وإقليمية تسعى لتحقيق مصالحها على حساب استقرار الدول، أصبح الحديث عن الأمن القومي العربي ضرورة ملحة يتجاوز الحدود الجغرافية والسياسية ليطال قلوب وعقول أبناء الأمة العربية كافة. فالأمن القومي العربي لم يعد مجرد قضية تخص الأنظمة السياسية أو المؤسسات الأمنية، بل غدا مسألة وجود وركيزة أساسية لضمان الاستقرار، وعمادًا لبناء مستقبل يحفظ السيادة والاستقلال ويصون الكرامة والهوية.
يمر العالم العربي اليوم بمنعطف تاريخي تحفّه مخاطر داخلية وخارجية، بين أزمات اقتصادية خانقة وتحديات اجتماعية متفاقمة، وأخرى ثقافية تهدد الهوية والترابط الاجتماعي. هذه التحديات المتعددة الأوجه تتشابك لتشكل ضغوطًا تضعف القدرة على الحفاظ على وحدة القرار وتؤثر على فرص التنمية المستدامة. إلى جانب ذلك، تتعاظم التهديدات العسكرية والسياسية من قوى إقليمية وعالمية تسعى لتحقيق أهدافها عبر تقويض استقرار المنطقة وزعزعة تماسكها الداخلي، ما يجعل من السعي لتحقيق أمن قومي عربي فعّال ضرورة ملحة تتطلب تحالفًا قويًا وتخطيطًا استراتيجيًا.
لقد بات واضحًا أن الحفاظ على الأمن القومي العربي يتطلب رؤية استراتيجية متكاملة، تبدأ من تحقيق التكامل السياسي والاقتصادي، وتمر بتعزيز التعاون الأمني والعسكري، وتصل إلى بناء مجتمع متماسك قائم على العدالة الاجتماعية والتربية الوطنية، يعزز من الهوية ويصون القيم الأصيلة. إن تحقيق الأمن القومي العربي هو مسؤولية جماعية تتطلب من الدول العربية التعاون بصدق وفاعلية، لتجنب الانزلاق نحو مستقبل مضطرب قد يهدد الأجيال القادمة ويُفقد الأمة العربية مكانتها بين الأمم.
إن هذه المقالة تنطلق من ضرورة استكشاف أبعاد الأمن القومي العربي، وتسليط الضوء على التحديات المعاصرة التي تواجهه سواء كانت سياسية، اقتصادية، اجتماعية، ثقافية، أو عسكرية، وتقديم رؤية شاملة لسبل التعامل معها. نسعى من خلالها لبلورة استراتيجيات تدعم استقلال القرار العربي وتعزز من قدرته على مواجهة التدخلات الخارجية، وتضع أساسًا قويًا للتكامل بين الدول العربية لبناء مستقبل يليق بأبناء هذه الأمة العريقة.
تعريف الأمن القومي العربي
يمكن تعريف الأمن القومي العربي على أنه هو مجموعة التدابير والسياسات التي تتبناها الدول العربية مجتمعة لضمان استقرارها وحماية مصالحها القومية من التهديدات الداخلية والخارجية، بما يسهم في حفظ سيادتها ووحدة أراضيها وضمان استدامة التنمية والرفاه الاجتماعي لمواطنيها. يقوم هذا الأمن على ركيزة أساسية هي التعاون والتضامن العربي، حيث تتضافر جهود الدول العربية لمواجهة التحديات التي تتعدى الحدود الوطنية وتؤثر على الأمن العربي المشترك، مثل الإرهاب، والتدخلات الخارجية، والنزاعات المسلحة، والتهديدات الاقتصادية والبيئية.
يشمل الأمن القومي العربي عدة أبعاد متكاملة، منها السياسي، والعسكري، والاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، ويهتم بمواجهة القضايا التي تهدد استقرار الدول العربية بشكل مباشر أو غير مباشر، مثل الأطماع الخارجية، والصراعات الإقليمية، والتغيرات المناخية، وأزمات الطاقة والمياه. كما يسعى إلى تعزيز التعاون بين الدول العربية عبر مؤسسات إقليمية، مثل جامعة الدول العربية، لتنسيق السياسات الدفاعية والأمنية وتطوير استراتيجيات فعالة للحفاظ على الأمن والاستقرار في المنطقة. بالتالي، يعتبر الأمن القومي العربي هدفًا استراتيجيًا يسعى إلى تحقيق التكامل العربي في مواجهة التحديات الأمنية المشتركة، ويتطلب تكثيف الجهود
التحديات السياسية والأمنية الداخلية والخارجية التي تواجه الأمن القومي العربي
تواجه الدول العربية في الوقت الراهن تحديات سياسية وأمنية متعددة ومتداخلة، تؤثر على استقرارها وسيادتها وتنعكس سلبًا على الأمن القومي العربي ككل. فيما يلي تحليل مفصل لأبرز التحديات السياسية والأمنية الداخلية والخارجية التي تؤثر على الأمن القومي العربي:
أولاً: التحديات السياسية والأمنية الداخلية
الصراعات والنزاعات الأهلية:
تعاني بعض الدول العربية من نزاعات داخلية ذات طابع عرقي أو مذهبي أو سياسي، أدت إلى انقسامات حادة داخل المجتمع، كما في سوريا، وليبيا، واليمن. تساهم هذه النزاعات في زعزعة الاستقرار، وتستنزف الموارد الوطنية، وتضعف قدرات الدول على التصدي للتحديات الخارجية.
الإرهاب والتطرف:
تعد الجماعات المتطرفة والإرهابية تهديدًا خطيرًا للأمن الداخلي في العديد من الدول العربية. تتغلغل هذه الجماعات داخل المجتمعات الهشة وتستغل النزاعات والأزمات الاقتصادية لنشر أفكارها. وقد أدت عملياتها إلى خسائر بشرية ومادية كبيرة، مما يعوق مسيرة التنمية ويضعف الجهود الرامية لتحقيق الاستقرار.
التحديات الاقتصادية والاجتماعية:
يعاني العديد من الدول العربية من أزمات اقتصادية ناتجة عن انخفاض أسعار النفط، وارتفاع معدلات البطالة، والفقر، وضعف الاستثمار. تسهم هذه الأزمات في تفاقم التوترات الاجتماعية، وتشكل ضغطًا على الأنظمة السياسية لتلبية تطلعات السكان، مما قد يؤدي إلى احتجاجات وأزمات سياسية جديدة.
ضعف النظام السياسي الداخلي:
تواجه بعض الدول ضعفًا في النظام السياسي، وغياب المؤسسات الفاعلة، أو هيمنة الأنظمة الاستبدادية، مما يعزز النزاعات ويمنع الإصلاحات السياسية والاقتصادية. هذا الضعف الداخلي يضعف الدولة أمام التحديات ويحد من قدرتها على صياغة سياسات أمنية وطنية متينة. التحديات الديموغرافية والهجرة الداخلية:
تتسبب النزاعات والهجرة الداخلية والنزوح الجماعي في تغيير التركيبة السكانية في بعض الدول، مما يؤدي إلى ضغوط على البنية التحتية والخدمات الأساسية، ويهدد التماسك الاجتماعي.
ثانيًا: التحديات السياسية والأمنية الخارجية
التدخلات الأجنبية:
تعاني المنطقة العربية من تدخلات القوى الدولية والإقليمية التي تسعى إلى تحقيق مصالحها على حساب الاستقرار العربي، مما أدى إلى زيادة حدة التوترات والنزاعات. تُعد دول مثل إيران وتركيا وقوى غربية أخرى، ذات تأثير كبير على الأوضاع الداخلية لبعض الدول العربية عبر دعم أطراف معينة، أو عبر سياسات اقتصادية وأمنية تؤدي إلى عدم الاستقرار.
الصراع العربي-الإسرائيلي:
يعد الصراع العربي-الإسرائيلي من أبرز التحديات الأمنية للمنطقة، حيث لم يتم التوصل إلى حل شامل للصراع، ما زال يمثل عاملًا رئيسيًا في زعزعة الاستقرار، ويعوق فرص تحقيق السلام والأمن المستدام.
التهديدات الحدودية والأمن المائي:
تواجه بعض الدول العربية تحديات أمنية متعلقة بحماية حدودها من التهريب والجماعات المسلحة. كما تعتبر قضايا الأمن المائي مشكلة رئيسية، خصوصًا مع توترات حول مياه نهر النيل بين مصر والسودان وإثيوبيا، ومشاكل ندرة المياه في مناطق أخرى.
الحروب السيبرانية:
يشكل الأمن السيبراني تحديًا حديثًا للمنطقة، حيث تزداد الهجمات السيبرانية على البنى التحتية في الدول العربية، سواء لأغراض تجسسية أو تخريبية. وتساهم هذه الهجمات في تهديد الاستقرار الاقتصادي والسياسي للدول المستهدفة، وتؤدي إلى خسائر مادية كبيرة.
التحالفات الإقليمية المعادية:
يتنامى نفوذ بعض التحالفات الإقليمية المناوئة للمصالح العربية، مما يزيد من حجم الضغوط الخارجية على الدول العربية. فالتنسيق العسكري والأمني بين دول مثل إيران وتركيا قد يؤثر سلبًا على استقرار المنطقة العربية.
سبل مواجهة هذه التحديات
لمواجهة هذه التحديات، يتطلب الأمن القومي العربي تبني استراتيجيات تكاملية، تشمل تعزيز التعاون الإقليمي بين الدول العربية في المجالات السياسية، والأمنية، والاقتصادية، والثقافية. ومن أبرز السبل الممكنة:
- تعزيز التكامل الأمني العربي عبر تبني استراتيجية موحدة لمكافحة الإرهاب والتطرف. - تحقيق الإصلاحات السياسية والاقتصادية الداخلية لضمان التماسك الاجتماعي وتقليل الهشاشة أمام التدخلات الخارجية. - تنمية التعاون العسكري والدفاعي العربي للتصدي للتهديدات العسكرية والتدخلات الإقليمية والدولية. - دعم مؤسسات إقليمية فاعلة مثل جامعة الدول العربية لتنسيق الجهود وحل النزاعات بطرق سلمية ومستدامة.
وبشكل عام، تتطلب مواجهة التحديات الداخلية والخارجية للأمن القومي العربي تعزيز التعاون والتضامن بين الدول العربية، وتقوية المؤسسات الوطنية، والعمل على استراتيجيات تنموية شاملة لتحسين الاستقرار السياسي والأمني في المنطقة.
التحديات الاقتصادية التي تواجه الأمن القومي العربي
التحديات الاقتصادية تعد من أبرز المخاطر التي تهدد الأمن القومي العربي، فهي تؤثر بشكل مباشر على استقرار المجتمعات وتضعف من قدرة الدول على الاستجابة للتحديات الأخرى كالأمن العسكري والسياسي. فيما يلي توضيح للتحديات الاقتصادية التي تواجه الأمن القومي العربي وسبل مواجهتها:
الاعتماد على النفط كمصدر رئيسي للإيرادات:
تعتمد العديد من الدول العربية، وخاصة دول الخليج، على النفط كمصدر رئيسي للدخل، مما يجعل اقتصاداتها عرضة للتقلبات في أسعار النفط العالمية. الانخفاض في أسعار النفط يؤدي إلى عجز في الميزانية وصعوبات اقتصادية تقلل من قدرة هذه الدول على تمويل مشاريع التنمية وتوفير الوظائف.
ارتفاع معدلات البطالة والفقر:
تواجه الدول العربية معدلات بطالة مرتفعة، خاصة بين الشباب، مما يؤدي إلى تزايد مشاعر الإحباط واليأس. هذه الأوضاع تزيد من احتمالية النزاعات الاجتماعية والتوترات الداخلية، والتي قد تؤثر سلبًا على الاستقرار. تحديات الأمن الغذائي:
تعاني العديد من الدول العربية من نقص في الموارد الزراعية والمائية، مما يعيق قدرتها على تحقيق الاكتفاء الذاتي الغذائي. تعتمد معظم الدول العربية على استيراد الأغذية، مما يجعلها عرضة للتقلبات في الأسعار العالمية ولأزمات سلاسل التوريد.
التبعية الاقتصادية للخارج:
تعتمد بعض الدول العربية بشكل كبير على الاستثمارات الأجنبية والمساعدات الخارجية، ما يجعل اقتصاداتها هشة أمام الضغوط الخارجية. هذه التبعية تؤثر على سيادة القرارات الاقتصادية وتجعل الأمن القومي عرضة للتأثر بالسياسات الخارجية للدول الكبرى.
تراجع الاستثمار في القطاعات الإنتاجية:
تعاني بعض الدول العربية من ضعف الاستثمار في القطاعات الإنتاجية، مثل الصناعة والزراعة، لصالح القطاعات الاستهلاكية. هذا يؤدي إلى ضعف الاقتصاد الوطني وزيادة الاعتماد على الخارج لتلبية الاحتياجات الأساسية، مما يؤثر على الأمن القومي.
التفاوت الاقتصادي بين الدول العربية:
هناك تفاوت كبير في الثروات بين الدول العربية، مما يخلق تحديات في التكامل الاقتصادي الإقليمي ويؤدي إلى تفاوتات في مستويات التنمية والاستقرار الاقتصادي والاجتماعي بين الدول.
الديون الخارجية وتراكم العجز المالي:
العديد من الدول العربية تعاني من ديون خارجية كبيرة، مما يضعها تحت ضغوط لخدمة الدين ويقلل من قدرتها على تمويل مشاريع تنموية ضرورية لتحسين الأوضاع المعيشية لمواطنيها.
التحديات البيئية والتغير المناخي:
تؤدي الأزمات البيئية، مثل التصحر ونقص المياه، إلى تراجع الإنتاجية الزراعية وتفاقم الأزمات الاقتصادية. التغيرات المناخية تزيد من حدة هذه التحديات وتؤثر على قدرة الدول العربية على ضمان أمنها الغذائي والاقتصادي.
سبل تعزيز الأمن القومي العربي من منظور استراتيجي
تعزيز الأمن القومي العربي من منظور استراتيجي يتطلب نهجًا شاملاً يأخذ بعين الاعتبار مختلف الأبعاد السياسية، والاقتصادية، والعسكرية، والاجتماعية، والثقافية. إليك بعض سبل تعزيز الأمن القومي العربي من منظور استراتيجي:
1. تعزيز التعاون والتكامل العربي:
- التنسيق السياسي والدبلوماسي: تعزيز التنسيق السياسي بين الدول العربية عبر جامعة الدول العربية والمنظمات الإقليمية الأخرى لمواجهة القضايا الأمنية المشتركة. - التكامل الاقتصادي: تطوير مشاريع اقتصادية مشتركة تدعم التنمية وتقلل الاعتماد على الاستيراد من الخارج، وتدعم الاستثمار المشترك، وتعزز التجارة البينية. - التعاون الأمني والعسكري: إنشاء قوات عسكرية عربية مشتركة للتصدي للتهديدات الخارجية ولتحقيق الاستقرار الداخلي، مع تطوير مركز أبحاث ودراسات أمنية عربية لتعزيز الاستعداد والقدرات الأمنية.
2. التنوع الاقتصادي والحد من الاعتماد على النفط:
- العمل على تنويع الاقتصادات العربية بعيدًا عن النفط عبر الاستثمار في الصناعات الأخرى مثل الزراعة، والسياحة، والتكنولوجيا، مما يقلل من تأثير التقلبات الاقتصادية العالمية ويزيد من الاستقلال الاقتصادي.
3. مكافحة التطرف والإرهاب:
- استراتيجيات توعوية: نشر التوعية وتطوير المناهج التعليمية التي تعزز من قيم التسامح والاعتدال، وتكافح الفكر المتطرف. - التعاون الأمني والاستخباراتي: تنسيق جهود الاستخبارات العربية وتبادل المعلومات لتعزيز فعالية مكافحة التنظيمات الإرهابية والتصدي للأفكار المتطرفة.
4. تعزيز السيادة والحد من التدخلات الأجنبية:
- تطوير سياسات تضمن استقلالية القرار السياسي العربي: وتقلل من الاعتماد على التدخلات الخارجية في الشؤون العربية. - بناء تحالفات عربية: تطوير علاقات قوية بين الدول العربية بشكل يحافظ على الاستقلالية والقدرة على مواجهة القوى الإقليمية والدولية التي تسعى لتحقيق مصالحها على حساب الأمن القومي العربي.
5. التكامل الثقافي والاجتماعي:
- تعزيز الهوية العربية: تبني برامج ثقافية مشتركة بين الدول العربية لتعزيز الهوية والثقافة العربية، وللتصدي لمحاولات التغريب أو نشر الأفكار التي تهدد التماسك الاجتماعي. - التعليم والتدريب: تحسين جودة التعليم وربطه بسوق العمل لتقليل البطالة وتعزيز دور الشباب في التنمية.
6. تحقيق الأمن الغذائي والمائي:
- التعاون الزراعي: إقامة مشاريع زراعية مشتركة بين الدول ذات الموارد الزراعية، وتطوير التكنولوجيا الزراعية لتعزيز الإنتاجية. - الحفاظ على الموارد المائية: تنسيق استراتيجيات لتأمين الموارد المائية، خاصة في ظل النزاعات حول مياه الأنهار الرئيسية مثل نهر النيل، والعمل على توفير حلول مبتكرة كتحلية المياه والاستفادة من الموارد المشتركة.
7. تعزيز الأمن السيبراني:
- تطوير بنية تحتية قوية للأمن السيبراني في الدول العربية: للتصدي للهجمات الإلكترونية وحماية المعلومات الحيوية من الاختراق. - التعاون الإقليمي في الأمن السيبراني: تبادل الخبرات وتطوير برامج حماية سيبرانية مشتركة لمواجهة التحديات الإلكترونية المتزايدة.
8. تطوير القدرات الدفاعية الذاتية:
- التحديث العسكري: الاستثمار في تطوير الصناعات العسكرية العربية والتقليل من الاعتماد على الخارج في التسلح. - التدريبات العسكرية المشتركة: إجراء تدريبات عسكرية مشتركة بين الجيوش العربية لتعزيز الكفاءة القتالية، وبناء قوة دفاعية عربية قادرة على مواجهة التحديات.
9. إدارة النزاعات وحل الأزمات الداخلية بطرق سلمية:
- الحوار الوطني والمصالحة: تشجيع الحوارات الوطنية داخل الدول التي تعاني من انقسامات، وتعزيز سياسات المصالحة لإعادة بناء التماسك الاجتماعي. - الدور العربي في حل الأزمات: تقديم الدعم العربي المشترك للمساهمة في حل الأزمات الداخلية في الدول العربية المتضررة مثل ليبيا، وسوريا، واليمن، بما يعزز الاستقرار الداخلي.
10. التخطيط الاستراتيجي طويل الأمد:
- إعداد استراتيجيات بعيدة المدى: تهدف إلى استدامة التنمية في الوطن العربي، مع إعداد خطط للطوارئ لمواجهة الأزمات المفاجئة، سواء كانت اقتصادية أو بيئية أو اجتماعية. - إنشاء مراكز أبحاث استراتيجية: دعم مراكز الأبحاث العربية لتقديم دراسات وتوصيات مبنية على الأبحاث لتطوير استراتيجيات الأمن القومي العربي.
11. التواصل مع العالم وتطوير الدبلوماسية العربية:
- بناء شراكات استراتيجية مع دول كبرى: بناءً على المصالح المتبادلة، مع الحفاظ على استقلالية القرار العربي. - الدبلوماسية العامة: تعزيز الدبلوماسية العامة لتحسين صورة العالم العربي عالميًا، وزيادة التواصل الثقافي والتعليمي مع العالم لتعزيز الفهم المتبادل. وفي المجمل، يتطلب تعزيز الأمن القومي العربي إطارًا استراتيجيًا شاملًا يعتمد على تعزيز التعاون والتكامل، وتطوير السياسات التنموية، وتعزيز القدرات الدفاعية والأمنية، بالإضافة إلى دعم الهوية العربية ومواجهة التحديات الاقتصادية والاجتماعية.
ختامًا، لا شك أن الأمن القومي العربي يمثل الشريان الحيوي الذي يربط مصير الأمة بوجودها واستقرارها وقدرتها على مواجهة التحديات المتزايدة في عالم متقلب ومعقد. إن التحديات التي تواجه الأمن القومي العربي ليست مجرد أحداث عابرة، بل هي انعكاس لتشابك المصالح الإقليمية والدولية، وتأثير العولمة التي فرضت نفسها على كافة الأصعدة الاقتصادية، والسياسية، والاجتماعية. وفي ظل هذا الوضع، تبرز الحاجة إلى وعي جماعي يعيد للأمة العربية زخمها ووحدتها، ويجعل من قضية الأمن القومي العربي هدفًا يلتف حوله الجميع كقضية وجود ومصير.
لم يعد بالإمكان ترك الأمن القومي العربي عرضة للتهديدات، بل أصبح من الضروري تبني استراتيجيات شاملة ومتكاملة تضع مصلحة الأمة فوق كل اعتبار، وتستند إلى التعاون الجاد بين الدول العربية. عبر تعزيز التكامل السياسي والاقتصادي، وتطوير قدرات دفاعية ذاتية، والاهتمام بالجوانب الثقافية والتعليمية، يمكن إرساء أسس قوية لمواجهة التحديات وتحقيق الاستقرار والازدهار. كما يجب علينا، كعرب، بناء جسور من التواصل والتفاهم تعزز من وحدة الصف، وتتيح لأبنائنا مستقبلًا تظلله السيادة والعزة.
إن استشراف مستقبل الأمن القومي العربي يتطلب رؤية تتجاوز المصالح الضيقة، وتعلي من شأن الوحدة العربية، مستندة إلى وعي عميق بدروس الماضي وإرادة صلبة لمواجهة تحديات الحاضر. ولعل هذه الرؤية تشكل النواة لنهضة عربية تستعيد للأمة مجدها، وتعزز مكانتها، وتثبت للعالم أنها أمة قادرة على حماية نفسها وصون كرامتها، متحديةً كل محاولات الاستضعاف والهيمنة. فالأمن القومي العربي ليس مجرد خيار، بل هو ضرورة وجودية وأمانة تاريخية تحملها الأجيال، وتطمح من خلالها إلى بناء غدٍ عربي مشرق، قوي، وراسخ.
#حمدي_سيد_محمد_محمود (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
اليسار في العالم العربي: قراءة نقدية لتراجع المشروع الاشتراك
...
-
دور الفلسفة في تفسير التاريخ: من بن خلدون إلى هيجل وماركس
-
موت الإله: جدلية الفراغ والمعنى في الفكر الأوروبي والإسلامي
-
إشكالية الصلب والفداء: مقاربة فلسفية للعلاقة بين المسؤولية ا
...
-
فلسفة التاريخ: أسئلة حول الزمن ومعنى الوجود الإنساني
-
الإنسان بين الجبر والاختيار: قراءة مقارنة في رؤى المعتزلة وا
...
-
الفلسفة النسوية في العالم العربي: جدلية التحرر والتحديات الث
...
-
فلسفة ما بعد الحداثة: من التفكيك إلى إعادة تعريف العقل والحق
...
-
الليبرالية عبر العصور: فلسفة الحرية وتحديات التطبيق
-
صراع الهوية والمصير: جدلية التوجهات القومية والإسلامية في ال
...
-
الهوية العربية على مفترق الطرق: تحديات الحاضر وآمال المستقبل
-
نحو حكم رشيد: تحديات الديمقراطية في العالم العربي
-
الخضوع الطوعي للسلطة: دراسة فلسفية في العبودية الذاتية
-
الاستشراق الجديد: قراءة نقدية في خطاب الهيمنة الثقافية
-
إحياء الذات والأمة: فلسفة محمد إقبال في التحدي والتجديد
-
السياسة بين الدين والفلسفة: قراءة معمقة في النظريات السياسية
...
-
أزمة المعنى في الواقع العربي المعاصر: بحث في الهوية والقيم و
...
-
الصمت كوسيلة للاعتراض: دراسة في عمق السياسة العربية
-
الوعي العربي في مواجهة أزماته الوجودية: قراءة فلسفية
-
الليبرالية الأوربية على مفترق الطرق - صراع القيم ومستقبل الأ
...
المزيد.....
-
سلسلة من الغارات الإسرائيلية على حارة حريك في الضاحية الجنوب
...
-
في لقاء حاسم: بايدن يضغط على الصين لتحجيم دعم كوريا الشمالية
...
-
روسيا تستخدم طائرات مسيرة حرارية وأخرى خداعية لاستنزاف دفاعا
...
-
قتلى وجرحى جراء القصف الإسرائيلي على غزة ولبنان وحزب الله يط
...
-
-وين صرنا؟-.. حين يشتاق نازحون من غزة لأيام لم تكن الأجمل!
-
الصين تطلق مركبة الشحن -تيانتشو-8- إلى محطتها الفضائية (فيدي
...
-
صحيفة: جماعات الضغط في واشنطن تعارض تعيين روبرت كينيدي جونيو
...
-
-حتى لو كانت مناورة من جانبه-.. برلمانية ألمانية ترحب باتصال
...
-
فيدان: دمشق تواجه حاليا تأثيرات توسع إسرائيل وموسكو تقف على
...
-
بري: لبنان سيكون آخر دولة في المنطقة توقع اتفاق سلام مع إسرا
...
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|