أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - قضايا ثقافية - صلاح الدين الغزواني - الهوية تحث مجهر أمين معلوف















المزيد.....

الهوية تحث مجهر أمين معلوف


صلاح الدين الغزواني

الحوار المتمدن-العدد: 8159 - 2024 / 11 / 12 - 08:19
المحور: قضايا ثقافية
    


لطالما تساءل أمين معلوف كما يتساءل كل شخص عن ما الذي يحدد الهوية والانتماء . إن اندلاع الحرب الأهلية اللبنانية وهجرته إلى فرنسا والحصول على جنسيتها والكتابة بلغتها وتدينه بالمسيحية...، كلها أحداث من حياة معلوف جعلته يقف وقفة ناقد ومحلل لما يسمى بالهوية منطلقا من ما عاشه ومن معاينته لمجموعة من الأحداث التاريخية والمعاصرة التي تنشأ نتيجة خلافات هوياتية. كل هذا دعا المفكراللبناني-الفرنسي بأن يخلخل المعتقدات حول هذا المفهوم المنفلت، ومحاولة الإجابة عن أهم سؤال قد يراود أي انسان كيف ما وأين ما كان، وهو سؤال من أنا؟ وما هي هويتي؟.
إن الهوية اليوم يمكن أن نرصدها باعتبارها محركا للتاريخ، كيف لا وهي التي باسمها قامت دول وسقطت أخرى، وباسمها ماتت الملايين من الناس عبر التاريخ، وباسمها مازالت الأحداث الشائكة حول العالم قائمة وستستمر إلى أبد الخالدين. إنه لمن الصدفة اليوم أن نطرح هذا المفهوم المنفلت، الغامض، الغير المحدد في خضم صراعات سياسية لكن بخلفيات تاريخية هوياتية. ولعل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي أبرز ما يمكن استحضاره للحديث عن الهوية، وكيف للفهم المنحرف لها أن يساهم بشكل أو بآخر في تحديد مصير الشعوب والتسبب في مشاكل سياسية عظمى قد تستمر في الزمان والمكان لمدة طويلة.من وجهة نظر خاصة، أمين معلوف تبنى نظرة إنسانية، وذلك عندما لم يحصر الهوية في مكون واحد بل وضع مفهوم التعددية كصفة للهوية وبكون هذه الأخيرة غير ثابتة وعملية تكوينها تستمر طوال حياة الشخص. لقد كان يعرف ماذا يفعل هذا المفهوم الملتبس بالشعوب كيف لا وهو الذي عاش الحرب الأهلية اللبنانية التي مزقت هذا البلد، ولذلك فهو قد فهم انحرافات خطابات الهوية لذلك سعى من خلال أفكاره حول الهوية في كتابه الهويات القاتلة الى تحديد للهوية من غير مغالطات قد تأدي شعوبها الثمن غاليا.
انطلق أمين معلوف في تحديده للهوية من تجربته الشخصية واعتبر كل من المسيحية والشخصية العربية والجنسية الفرنسية...، خليط يكون هويته وأن الهوية لا يحددها ما هو ديني أو سياسي أو اجتماعي أو ثقافي بل هي خليط بين كل هذه المكونات وأخرى حسب التجربة التي مر منها الشخص وأن هذه الهوية ليست ثابتة ومحددة بل هي سيرورة من التجارب التي يمر منها الشخص ويكتسبها، وأن القلق على العالم حسب معلوف يبدأ حينما تصبح ملزما بأن تختار جزء من هويتك وتتخلى عن باقي مكوناتها مجبرا مما يؤدي إلى اعتقادات باطلة قد تجر الشخص أو المجموعات إلى ارتكاب جرائم فضيعة وهذا ما يسميه معلوف بالهويات القاتلة. إن بمجرد شعور شعب ما بالتهديد في عقيدته، يصبح الدين هو المحدد للهوية ولكن لو كانت لغتهم الأم ومجموعتهم الاثنية هي المهددة لقاتلوا بعنف ضد إخوتهم في الدين، نموذج الأكراد والأتراك فكلاهما مسلم ولكنهما يختلفان في للغة، والتاريخ يشهد على الصراع الدموي الذي دار بينهم، مما يعني أن عناصر الهوية دائما متغيرة ومتقلبة. لذلك انطلق أمين معلوف من وجهة نظر انسانية محاولا ايجاد حل توفيقي ليعتبر الهوية مجموعة عناصر فيها ما هو اثني، جنسي، لغوي، عائلي، مهني مؤسساتي، رياضي...، وبأن هذه الهوية هي شخصية تتعلق بالفرد الواحد دون سواه فهي التي تميزه عن الآخرين من حوله حتى إذا كان أخوه التوأم. وبالتالي فالفرد فريد ومركب ولا يمكن الخلط بينه وبين اي شخص آخر. وهذا ما جعل البعض ينتقد معلوف كونه لا يميز في الهوية بين ما هو اجتماعي وما هو فردي.
بالإضافة إلى هذا كله، فإن معلوف يعتبر أن وجود عنصر فطري في الهوية هو أمر مستبعد إلى أبعد الحدود وبالتالي فهي تحدد اجتماعيا، فالمحيط العائلي والاجتماعي والثقافي هو الذي يحدد الرغبات والانتماءات واللغات والأديان وعادات الأكل والملبس...وبالتالي فمعلوف لم يجد عنصرا فطريا يحدد الهوية، والدليل على ذلك هو إذا قمنا بعزل رضيعا عن محيط ولادته فهو لن يتذكر لا ديانته ولا أمته ولا لغته...، وفي لحظة من اللحظات قد يجد نفسه يحارب من كان يجب أن يكونوا أهله.
وبالعودة لمفهوم الهويات القاتلة فإن من يصنع هذا النوع من الهوية هو ذلك الاعتقاد السائد بأن الهوية يحددها مكون واحد وبالتالي تتشكل الطوائف التي يجمع بينها هذا المكون ويصبح همهم هو الدفاع عن هويتهم ضد الهويات الأخرى مما يصنع التشدد والدوغمائي، لاكننا بمجرد أن نعي أن الهوية خليط من مكونات متعددة تبدأ في تكوين شخصية الفرد منذ ولادته عن طريق وسطه وعائلته ووطنه وتجاربه...، يبدأ الوعي بجوهر الهوية والوعي بكوننا نعيش في عالم مختلفين عن بعضنا البعض، لكن نشترك في بعض الاشياء القليلة مع البعض ونشترك في مجموعة من الأمور مع البعض الآخر.
وعلى طول صفحات الكتاب يستحضر الكاتب نفسه كنموذج لتوضيح مجموعة أفكاره. فعندما يترك أحدهم بلده الأصلي وينتقل إلى بلد آخر، فإن عملية تشكل الهوية لا تبدأ من جديد أو أنها اكتمت قبل الهجرة، بل عملية تشكلها هي عبارة عن سيرورة تستمر مدى الحياة، وبالتالي فالمهاجر، بالإضافة إلى مكونات هوية بده الأصلي، تتعزز هويته بعناصر أخرى من البلد المضيف وهذا بالذات ما وقع مع معلوف حينما هاجر إلى فرنسا وتعلم لغتها وأخد من ثقافتها وبالتالي، حسب رأيه، فهويته تعززت بعناصر جديدة وهذا أمر ايجابيي، بل ويجب أن يحدث ولا ينبغي أن تصبح الهوية أداة للحرب والقتال.
أما في حديثه عن العولمة فقد قال عنها بأنها أدت إلى خلق وفرة من المعلومات وساهمت في الانفتاح الثقافي، لكن رغم ذلك فقد حذر منها لأنها في الوقت الذي قد يظهر لنا أنها تخلق تنوعا ثقافيا ووفرة للمعلومات فإنها في الواقع تؤدي بفضل قانون خفي إلى التماثل مثال( ارتداء السراويل الممزقة فقد أصبح موضة عالمية هددت ثقافات ارتداء الملابس المحلية)، بالإضافة إلى هذا فإن انتشار ثقافة الصورة أدى إلى غياب الحس النقدي مما قد يهدد هذا التنوع في الهوية الموجود ويؤدي إلى التماثل وهيمنة الثقافة الأقوى. وفيما يخص هذا الشأن دعا معلوف إلى التحلي بالحس النقدي مع ضرورة الانفتاح على الغرب وحضارته لكن شريطة العمل بمبدأ التبادل الذي يسمح بالانفتاح على الثقافات الأقوى والأخذ منها مع الحفاظ على مقومات ثقافتك الأصلية. وبالتالي وجب الحذر من العولمة لكي لا ندمر التنوع الثقافي الموجود عند بني البشر وبالخصوص تنوع اللغات وأنماط الحياة.



#صلاح_الدين_الغزواني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العولمة كبراديغم للتفكير


المزيد.....




- سفير أمريكا الجديد لإسرائيل يدعو لـ-إعادة ضبط كاملة- للعلاقا ...
- بعد -Gladiator II-.. دينزل واشنطن يعلن عن أدواره الأخيرة قبل ...
- لماذا يحدّ موقع بومبي الأثري في إيطاليا من عدد زواره اليومي؟ ...
- -لا يوجد شيء اسمه فلسطيني-.. شاهد ما قاله السفير الأمريكي ال ...
- مراسلنا: مقتل 11 فلسطينيا بغارات إسرائيلية على مناطق عدة في ...
- إيلون ماسك رسميًا في البيت الأبيض.. ترامب يفي بوعده للمليارد ...
- الهروب من الحرب.. الجسد في القاهرة والقلب في غزة
- دور الإجهاد الذهني في خلق شخصية -عدوانية وغير متعاونة-
- الجيش الإسرائيلي يعلن مهاجمة أكثر من 120 هدفا لـ-حماس- و-حزب ...
- تايوان تسلم أوكرانيا دفعة جديدة من منظومات Hawk التكتيكية لل ...


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - قضايا ثقافية - صلاح الدين الغزواني - الهوية تحث مجهر أمين معلوف