أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - ادم عربي - أنا أُفَكِّر لأنِّي موجود!














المزيد.....

أنا أُفَكِّر لأنِّي موجود!


ادم عربي
كاتب وباحث


الحوار المتمدن-العدد: 8157 - 2024 / 11 / 10 - 20:56
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


بقلم : د .ادم عربي
قالها الفيلسوف المثالي ديكارت: "أنا أُفَكِّرُ، فَأَنَا مَوجُودٌ". اللهُ، واستنتاجًا مِثَالِيًّا، مَوجُودٌ، لا أحدَ يَشُكُّ في عَظَمَةِ هذا القولِ الشهيرِ، لكنَّ! هذا القولَ ليسَ فيهِ من العَظَمَةِ شيءٌ. رغمَ كلِّ مُحَاوَلاتِ تَجمِيلِ هذا القولِ، وفي كلِّ مُحَاوَلَةٍ لِتَحمِيلِ هذا القولِ كثيرًا من المعاني العِظامِ، يَرتَفِعُ منسوبُ السَّخَافَةِ في القولِ نفسهِ. لُغَوِيًّا وبعيدًا عن الفلسفةِ، نَستَدِلُّ من هذا القولِ أنَّ التَّفكِيرَ هو الفاعِلِيَّةُ التي بها يَستَدِلُّ الشخصُ على وجودهِ. إنَّ قضيةَ الوجودِ كانتْ وما زالتْ تُشغِلُ عُقُولَ الفلاسفةِ، فالمثاليون، وتحديدًا الذاتيون، نَفَوا كلَّ وجودٍ للعالمِ الماديِّ في خارجِ الذِّهنِ وفي استقلالٍ عنهُ، فَحَبَّةُ الفاكهةِ التي أَهُمُّ بِقَضمِهَا لا تَتَوَاجَدُ حسبَ قولهم في خارجِ دماغي وفي استقلالٍ عنهُ، لأنَّها مُجَرَّدُ إحساساتٍ، وهذه الإحساساتُ ليست مادةً، ولذلكَ لا وجودَ لها خارجَ دماغي وفي استقلالٍ عنهُ. وبالتالي، يقولون لا وجودَ إلّا لِذِهنِي، والكونُ كلُّهُ هو إحساسي الذي لا يمكنُ أن ينفصلَ عن ذهني.

رينيه ديكارت، هذا الفيلسوفُ المثاليُّ واللاذاتيُّ، ليسَ من الفلاسفةِ الذاتيين، شَكَّ في وجودِ الوجودِ، وظَلَّ الشكُّ يُطَارِدُهُ إلى أنْ تَوَصَّلَ إلى ما يُشبِهُ اليقينَ، فقالَ: "ما دمتُ أُفَكِّرُ، والشكُّ تَفكِيرٌ، إذًا أنا موجودٌ". لكن، يبقى السؤالُ: "هل أنا موجودٌ لأَنِّي أُفَكِّرُ؟" كلاَّ؛ فأنا أُفَكِّرُ لأَنِّي مَوْجُودٌ، ومن المُحتَمَلِ أنْ لا أُفَكِّرَ ومع ذلكَ أَبقَى مَوجُودًا، لكن يَكفِي أنْ أَزُولَ من الوجودِ حتى أَكُفَّ عن التَّفْكِيرِ، والمَيتُ الذي ماتَ الآن كَفَّ عن التَّفكِيرِ على الرغمِ أنَّهُ مَوْجُودٌ بِمَعنًى ما.

هِيجل، أَبُو الفلسفةِ المثاليةِ الموضوعيةِ والجَدَلِيَّةِ، قد فَهِمَ الإنسانَ الناطقَ والواعيَ على أنَّه الكائنُ الذي فيهِ وبهِ وَعَتْ وأَدرَكَتِ الفكرةُ المُطْلَقَةُ نفسها وذاتها (الفكرةُ المُطْلَقَةُ هي اللهُ في الأديانِ). لكنَّ الطبيعةَ، والتي وُجِدَتْ قبلَ الإنسانِ والتي هي تَجَسُّدٌ للفكرةِ المُطْلَقَةِ في إحدى مراحلِ تطوُّرِهَا، ما كان بوسعِها أو مقدورِها أنْ تكونَ الكائنَ الذي بهِ وفيهِ وَعَتِ الفكرةُ المُط
لَقَةُ ذاتها. ولو كان هيجلُ فيلسوفًا ماديًّا لقال: "بالإنسانِ وفي الإنسانِ وَعَتِ المادةُ نفسَها ".
الفلسفة المادية، إذن، ترى أنَّ تفسير المثالي يكون بوساطة المادي، وليس العكس ،أي أنَّ المادي يُفسّر المثالي ، لنأخذ مثالاً بسيطاً: شجرة البرتقال التي في حديقتك موجودة بشكل مادي مستقل، وعندما تغلق عينيك وتستحضر صورتها، فإنّ ما في ذهنك ليس الشجرة نفسها بل صورة ذهنية لها. هذه الصورة الذهنية ليست سوى تمثيل فكري لشجرة البرتقال المادية الموجودة فعلياً في الحديقة؛ ولا يمكن لخيالك أنْ يغيّر في حقيقة وجودها. حتى إذا تخيّلت شجرة البرتقال وكأنَّها مصنوعة من الذهب، تظل الشجرة المادية ثابتة على حالها.

كلُّ فكرة تدور في ذهنك، إذن، ليست إلَّا صورة ذهنية؛ وهذه الصورة يجب أنْ يكون لها أصل واقعي. إذا كانت صورة ذهنية مُركبة، فهي نتيجة خيالك الذي يجمع عناصر مادية مختلفة لها أصل واقعي موضوعي في تركيب خيالي، مثل شجرة البرتقال المصنوعة من الذهب.



#ادم_عربي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أسباب فوز ترامب في انتخابات 2024!
- عالمٌ من شظايا!
- انفجارُ الصمت!
- ببساطة...تباطؤ الزمن!
- الأزمة في تعريف الحقيقة!
- في الشعر!
- الفلسفة: العلم الشامل لفهم الواقع وقوانين الكون
- لصوص الزمن!
- أُحجية وحُجج القضاء والقَدر!
- بَوْحُ الزهرات!
- الفقر ووعي الفقر !
- صرخةُ الظلام!
- كيف سرق الدولار العالم؟!
- أصداء الغياب!
- نساء ٢
- المظهريَّة!
- تحليل ظاهرة القضاء والقدر!
- مَاذَا بَقِيَ؟!
- ما هي المادة؟!
- عاتبيني!


المزيد.....




- قيل له إن جسمه -غير مناسب- لبعض الأدوار.. هذا ما يرويه تيموث ...
- أمريكا تعلن تفاصيل إحباط هجوم -حوثي- بالمسيرات والصواريخ على ...
- فوز ترامب يمنح -تيك توك- طوق النجاة في الولايات المتحدة
- حدث في دولة إفريقية.. ائتلاف الحكومة يحصد -صفر مقاعد- في الا ...
- جنازة جماعية في لبنان لتشييع 8 مسعفين ومدنيين بعد غارة جوية ...
- المزيد من القتلى في المواجهة المفتوحة بين إسرائيل وحزب الله ...
- سيناتور أمريكي: جيشنا الآن لا يستطيع هزيمة أحد
- رسميا.. ترامب يعين النائب والتز مستشارا للأمن القومي
- محلفون أمريكيون يمنحون ثلاثة ناجين من سجن أبو غريب بالعراق ت ...
- ألمانيا.. توجه حكومي لحظر استخدام غاز الضحك بعد انتشاره الوا ...


المزيد.....

- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي
- فلسفات تسائل حياتنا / محمد الهلالي
- المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر / ياسين الحاج صالح
- الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع / كريمة سلام
- سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري - / الحسن علاج
- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - ادم عربي - أنا أُفَكِّر لأنِّي موجود!