مريم نجمه
الحوار المتمدن-العدد: 1781 - 2006 / 12 / 31 - 11:13
المحور:
اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم
بطاقة حب ومعايدة .. في العام الجديد
الألغام الألغام .. الألغام
الألغام , الهزّات , المفاجاّت ؟
الألغام تحيط بنا من كل جانب
في كل خطوة , ومساحة , لا يعرف الواحد منا متى سينفجر هذا اللغم فيه , هذه العبوة الناسفة أو تلك ..
متى ..؟ وكيف ..؟ وأين ..؟ وبمن ....؟ ولماذا.....؟
كم جحيم يدور في أوطاننا , من المحيط إلى الخليج , وما وراء البحار والمحيطات , تدور فينا خرائط الألغام من كل حجم ونوع ؟
أين سيقام الفرح .. والأعياد .. وكيف ؟ وبأي جوّ , ومناخ ؟ وبأي دمعة , وابتسامة ؟
كم جحيم يدور في أوطاننا ؟ من العراق وسوريا , إلى لبنان وفلسطين ؟ ووووووو...... إلى خطّ الإستواء والقرن الأفريقي ؟
تقول الحكاية اليابانية القديمة : إن محاربا من " الساموراي " تحدّى أحد حكماء " الزنّ " أن يصف له الفردوس , والجحيم , فأجاب الحكيم في ازدراء : ما أنت إلا حثالة , ولن أضيّع وقتي مع أمثالك " .
اشتعل غضب الساموراي لجرح كرامته , وعلى الفور أشهر سيفه صارخا : " والاّن يجب أن تموت جزاء وقاحتك " .
وأجاب الحكيم بوداعة : " " ذلك هو الجحيم " .
هدأ الساموراي إذ رأى الحقيقة واضحة في قول الحكيم عن الغضب الذي تأجّج داخله , وكاد يحوّله إلى قاتل , فأغمد سيفه وانحنى شاكرا الحكيم على هذا الدرس . فأجاب الحكيم :
___ " وذلك هو الفردوس " .
أردت في هذه الحكاية أن أقارن وضعنا الحالي بها , حبّذا لو نتعلّم من هذه القصّة المعبّرة . هذا الدرس الذي لقّنه حكيم الزنّ للساموراي المحارب المغرور والذي لا يعرف سوى لغّة السيف والحرب والقتل مقابل ( الكلمة ) أو ( الموقف ) المسئ .
والذي يعني أن النعيم النفسي يكمن في الإنتباه إلى نيران الغضب التي تشتعل في داخلنا , وعدم ترك هذه النيران تحرقنا وتحرق ما حولنا . ولا تترك سوى الندم والحزن والخراب والدمّ .... وهو جحيم اّخر يكوي ويحرق النفوس , ويترك التشوّهات والعاهات الدائمية والمؤقّتة في النفس والجسد والروح .. يحرق الشعوب والتاريخ ببطء , ومثابرة لتأجيج العصبيّات التي تمزّق وحد, كجمر تحت الرماد ..؟
**
يحتفل العالم العربي .. والإسلامي .. والعالمي , في هذه الأياّم بأعياد الميلاد المجيد .. والأضحى المبارك .. والعام الجديد ..
ليس صدفة أن تأتي الأعياد الدينيّة معا هذا العام .. ومتقاربة أحيانا لعدّة سنوات مضت .... بل أن الطبيعة , والتاريخ , والزمن , يعطينا درسا ويؤشّر لنا بالكثير ....!؟
التنوّع في الفصول .... التنوّع في الأزهار والورود والأعشاب والنبات .. ثم الأشجار ..
التنوّع .. في الرائحة والطعم والنكهة .
التنوّع .. في الكواكب , الأشكال , الأحجام , وفي الوظائف , والألوان .. والأدوار .
التنوّع في التراب .. والصخور وووووو .... الخ
التنوّع في الأديان .... والأفكار .. والأحزاب .. والعقائد .. في الأسماء والأعراق .. والقوميّات ..
هكذا الأرض والطبيعة والكون والمجتمعات حولنا .. مختلفة , ومتنوّعة .. أليس كذلك ..؟
فتقبّل يا أخي الإنسان تنوّع الأشياء , تنوّع الاّخر .. دين الاّخر ومعتقداته .. إختلاف الاّخر ..
ولا تجعله خلافا ورفضا , حربا واعتداء عليه , لأنه يختلف عنك ولا يفكّر مثلك , ولا يؤيّدك بكلّ ما تقول وتعمل . ما أجمل ما نتعلّم نحن البشر .. من الطبيعة الجميلة حولنا , من الحياة , من الوجود وأسراره ..
تعلّم تعلّم .. تعلّم يا أخي في الإنسانية , عش كما ولدت حرّا .. نظيفا ..
عش يوما واحدا .. سنة .. وأكثر .. . تعرّف جيّدا على أخيك , رفيقك , جارك , أخوك , زميلك , أبناء بلدك .
تحاور معه إحترمه , تعرّف عليه , إحترم قناعاته واّرائه ..
لتكن هذه الأعياد .. عامل توحيد .. وحبّ .. وتضامن .. ومناسبة تلاقي وتعارف ومحبّة والعمل معا لخير وإنقاذ الوطن والشعب .. والإنسانية بأسرها من براثن الظلم والعدوان والفقر والفساد ..
وإقصاء تجّار الأسلحة .. تجّار الحروب والموت والفناء ..
لننهي ( الشحاذة ) على أبواب دول النفط , والدول الخارجية , وننتقل إلى مرحلة الإكتفاء الذاتي . لنناضل ضد سلطة ميليشيات الدينية التي أحدثت وعمّقت الشرخ بين المذاهب والشعب الواحد وأرجعتنا إلى عصور الظلام .
بلادنا منبع الخيرات والنفط والغذاء .. لنصنع ثورة التغيير الشعبي وننتخب حكّامنا بأصواتنا الحرّة ليكون القرار وطنيا وحرّا ..
لتكن هذه الأعياد مناسبة لنشر ثقافة السلام ..
ثقافة المحبّة .. والحياة .. والقانون .. وحقوق الإنسان
ونشر العدالة .. والمساواة .
لنفتح صفحة جديدة في عام 2007 ..
صفحة جديدة في علاقاتنا وحوارنا وسياساتنا وعطائنا
لنمدّ الأيدي لبعضنا البعض , لنتضامن , لننسى خلافاتنا القديمة والجديدة .
لندفن أفكار الثأر والجهل والتخلّف والجرائم التي تقتل الناس بالمئات يوميا نتيجة العقد والغرائز وبيع الضمائر , لندفن الأفكار الشريّرة وعبادة المال والأنانية وحب السيطرة والإعتداء على الاّخر .
لنوجد القواسم المشتركة التي توحّدنا ... ليعطي المناضل الحقيقي درسا ومثالا للسياسي الحقيقي , في هذا الجوّ والمناخ الموبؤ , والمقفل . لننمو في المحبّة .. لنتغيّر نتطوّر .. نتقدّم .. ليكن عام 2007 عام الإنفتاح وعلامة النصر ( فيكتوري ) السبعة المفتوحة إلى الأعلى .. علامة العطاء والصعود والإنفراج السياسي والأقتصادي ... والرقي والحرية والاّراء المنفتحة للحياة ... وبناء دولة القانون ومؤسسّات المجتمع المدني وفق دستور جمهوري علماني ديمقراطي ... وفصل السلطات واستقلال القضاء .... ليعود المنفي والمبعد ويتحرّر المعتقلون السياسيون .. ليتحرّر جولاننا وأرضنا من الأسر والإغتصاب .. والإحتلال .
أمنياتنا بعام جديد يحمل الحرية والأمن لشعبنا وجميع شعوب الأرض , وينهي نظام الحزب الواحد , والعائلة الواحدة , والفرد الأوحد ............ النظام القمعي البوليسي والغير شرعي .
التجديد والتغيّير ضروري وهام في حياة المرء , فكيف في حياة دولة وشعب بقي رئيسه 40 عاما في سدّة الحكم محتكرا وسارقا حقّ الاّخرين !؟
التشبّث بالسلطة ولو علىحريةو صراخ ودماء وأشلاء الناس . لا تكن عنيدا متوحّشا تقضم غيرك ..
لا تجعل إرث الثأر يسيطر عليك ك " الوثن " والتمسّك بالسلطة ل 10 سنوات و 20 – 40 سنة .. كسّر هذا الصنم الذي تعبده وانزل إلى الشعب أعطه حق الإختيار والإنتخاب واعترف له بكل الأخطاء , إفسح المجال لغيرك أعطه فرصة .. محاسبة الشعوب لحكّامها الظالمين قادمة لا محالة مهما تأخّر العقاب ..
لنتعلّم من الطبيعة من الكون الذي نحن جزء منه , هذا الكون الذي يمشي بتوازن وتناغم رغم كل هذا التنوّع .. والسحر والأسرار والإختلاف ...
لنبرهن لذاتنا أوّلا , وللعالم ثانيا , أننا بشر وليس اّلات تحرّكها الغرائز والأنانية والغرور ..
لنبرهن أننا أقرباء وأبناء إنسانية واحدة .. ننتمي إلى جيلنا , وعصرنا , ونرتقي باللغّة والخطاب .. والمخاطبة .
التباري ضروري للنشاط والحركة وتحفيز الأفكار والعقول وإغناء التجارب . الإختلاف طبيعي وضروري لا الخلاف والعداء , إختلافنا يوحّدنا ولا يباعدنا .
لم يعد الإنسان يكتب لذاته , أو يقرأه أبناء بلده فقط – بل العالم أجمع ..
فلنعط أجمل ما نملك من فكر وتجربة ومعرفة للاّخر .. لتغتني البشرية من بعضها . لنساهم في صنع الحضارة الجديدة ..
ألم تكن حضارتنا القديمة هي نتاج ووليدة جهود وفكر جميع شعوب المنطقة .. ؟ .. أجل
أجل .. لننسى الماضي وتشوّهاته , والبقع السوداء فيه ,
لنأخذ من هذه الصدف – صدف الأعياد الواحدة – الجميلة درسا لنا للوحدة وتقبّل الاّخر رغم أخطائه وعثراته .
لينتقد كل واحد منا أخطاءه . لتكن لدينا الشجاعة الكافية , الشجاعة الوطنية والأخلاقية والتربوية , لنصارح شعبنا بما قدمّنا وما لم نقدّم وننفّذ . أين أخطأنا وأين أصبنا وصححّنا . لنكرّس علمنا وثقافتنا وتجاربنا الغنيّة داخل الوطن .. والغربة , لخدمة الأجيال , لخدمة أوطاننا وشعوبنا . كل فرد يعمل من موقعه ووظيفته ودوره ... وهذه مسؤولية تاريخية ستحاسبنا الأجيال عليها , سيحاسبنا التاريخ كذلك ..
أتركوا الأوثان .. والصناديق الخشبية أو الكرتونية التي تحبسون عقولكم بها ..
اّن لنا أن نقفل فوهة الجحيم ... وهل هناك جحيم ..؟
دعوا الأرض للجمال .. للحياة .. للنعيم .. للفرح ...
دعوا الإنسان للأعياد .. للتعارف .. للحكمة .. والتعقّل .
المحبّة ثم المحبّة ..
ثم المحبة .. والسلام العادل الحقيقي في منطقتنا وشرقنا .. والعالم ..
ختاما ..
أتقدّم بالشكر الجزيل لكل من أرسل لنا إيميلات المعايدة والتهنئة بهذه الأعياد والمناسبات السعيدة من الأصدقاء والقرّاء الأعزّاء .. مع كل الحب .. وورود الوفاء زز وكل عام وأنتم بألف خير ..
#مريم_نجمه (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟