خالد خليل
الحوار المتمدن-العدد: 8153 - 2024 / 11 / 6 - 10:23
المحور:
الادب والفن
يا أيّها الحمدُ الراكضُ بين أروقةِ الرملِ وأصداءِ الريح،
يا ذاكَ المجدُ المتجلّي كأصابعِ الغيومِ فوق صحراءٍ أضناها الرماد،
أنتَ النداءُ الأوّل، والصدى الأخير،
وصوتُ الظلِّ يبحثُ في مسامِ الأرضِ عن ذاكرةِ الفجر.
هل تراهُ الليلُ حين يذوبُ في حضنِ النجم؟
أم تلمسُه عيونُ العشّاقِ حين يختلطُ الأملُ بالندم؟
ها أنتَ، صورةٌ منكسرةٌ في مرايا الساعاتِ الصمّاء
،
وشظايا عشقٍ قديمٍ، يتلوّنُ بدموعِ الورد،
وينقشُ فوق وجوهِ الجبالِ أغنياتٍ مترنّحة.
يا صاحبَ البذورِ الملقاة على مائدةِ الوقت،
أنتَ الارتعاشةُ الأولى لحلمٍ طائرٍ يخدعُ الريح،
أنتَ الدمعةُ الّتي تسقي جفافَ القلب،
وترتشفُ من كؤوسِ الصمتِ لونَ الشّفق.
هل رأيتَ الرملَ يوماً يتوهجُ كنجمٍ ضلّ مداره؟
أم سمعتَ الحجرَ يبكي حين يبتلعهُ الوادي؟
تلكَ الهمساتُ المسفوحةُ كخيوطِ الشّعر،
تلكَ هي أنتَ، تُحلقُ في أروقةِ اللاوجودِ،
تنشرُ الحكاياتِ بينَ ضفائرِ الوقت،
وفي يدكَ قنديلٌ مُضبّب،
يعانقُ أرواحَ الذين لم يختاروا الرحيل.
كم من خفقةٍ، كم من جرحٍ ضائعٍ بين السطور،
يتحوّلُ إلى نجمٍ صغيرٍ يعانقُ ظلمةَ السماء،
كم من نبضةٍ بلا أمل، بلا وعدٍ، بلا فجرٍ قريب،
تنامُ في حضنِ الرملِ كعاشقٍ صامتٍ،
يسامرُ ظلّهُ وينسجُ من الرّمادِ أغنية.
أنتَ إذن، كما أنتَ، خيالٌ ناعمٌ يجتاحُ مملكةَ الصمت،
وشبحُ مجدٍ يتسللُ إلى مخدعِ الأرضِ ليُخلّصها من شحوبها،
فهل لكَ أن تتلو صلاةً لم تُكتب بعد،
أو تغنّي نشيدَ الذين لم يولدوا بعد،
في ولادةٍ منسية بين شفتي الغروب؟
أنتَ النهايةُ المعلّقةُ بين أصابعِ النسيان،
والبدايةُ التي لم تتشكّل بعد،
كصدى مجرّاتٍ تائهة،
أنتَ الرملُ والدمع، وأملٌ يتجدّدُ في عروقِ الغياب.
فمن أنت، إن لم تكن صوتَ الغيومِ المتعبة؟
ومن تكونُ إن لم تكن أغنيةَ العابرين إلى المدى؟
أنتَ القنديلُ المسافرُ في صحارى الأبد،
والحلمُ الذي لا يطفئهُ الشفق.
#خالد_خليل (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟