|
لم تتغيرأهداف الإستعمار ..تغيرت أساليبه
محمد حسين يونس
الحوار المتمدن-العدد: 8152 - 2024 / 11 / 5 - 06:38
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
الأنسة ندى .. شابة صعيدية في العشرينيات .. ذكية .. تريد أن تفهم .. ارسلت لي رسالة ((هي حالة الديون اللي إحنا فيها دى شبه حالة الخديوى إسماعيل .. طيب الخديوى حصلة تدخل أجنبي و تم عزله و سلم العرش لإبنة تحت وصاية الأجانب ..إذا إحنا مقدرناش نسدد الديون هل حيحطوا علينا وصاية ..و لا القوانين إتغيرت )) . الأوربيون و الأمريكان .. رغم تقدمهم العلمي و الفلسفي ..و السلوكي .. إلا أنهم يخضعون لنفوذ وسياسة الكرتيلات الإقتصادية متعددة الجنسيات .. التي تقوم علي الربحية ..و تحتقر ألقيم و العواطف الإنسانية هذا تراث إستعمارى مستمر لم يتوقف ( شكلا أو موضوعا ) منذ حملات غزو اسيا و إفريقيا و أمريكا اللاتينية و نهبها في القرن التاسع عشر ... دول أوروبا لا تستطيع أن توفر حياة رخية لسكانها .. دون قهر و نهب أبناء مناطق أخرى . اليوم بعد مرور قرنين و حربين عالميتين لم يتغير الامر .. الدول الصناعية الكبرى السبع ( كندا، وفرنسا، وألمانيا، وإيطاليا، واليابان، والمملكة المتحدة، والولايات المتحدة.).. يضاف لها روسيا و الصين و الهند ..تعيش في حالة تنافس يومي تستخدم فيه كل الوسائل الممكنة لخلق و ضمان وجود مجال حيوى لكل منها تسوق فيه منتجاتها خصوصا السلاح ..و تستورد منه مواد خام رخيصة . النظرة السريعة علي خريطة توزيع القوى في العالم ..تظهر ماذا يفعل الكبار بالشعوب الفقيرة و كيف يسحقونها سحقا ..يسيطرون علي سياستها و توجهاتها ..و يستنزفون ثرواتها بما في ذلك أموال المناجم وأبار البترول. . بمعني .. قوانين إخضاع الشعوب و سرقتها لم تتغير علي مدى التاريخ .. لقد أخذت أشكالا أخرى أكثر تعقيدا و خبثا..من الإستعمار المباشر في القرون السابقة. فصندوق الدين .. و الإحتلال العسكرى .. و النزف المباشر لإقتصاد البلاد المصابة (كان إذا تأخر القمح المصرى عن روما تحدث بها مجاعة ) .. أصبح يجرى عن بعد ( بالريموت كونترول )..بحيث لا يتورط الدائن في إستخدام القوة ..العسكرية .. و يحل محلها الحصار و السيطرة الإقتصادية ..و الفكرية ( العقائدية ) ..و إسقاط المجتمع من الداخل ليقبل كل ما يفرضه عليه الدائنون .( أنصح بقراءة كتابين ..بنوك و باشاوات دافيد س. لاندز.. و القرصان الإقتصادى جون بيركنز ) مصر ليست إستثناء .. لقد كانت هدفا لقوى الإستعمار الجديدة .. منذ اليوم الأول لرحيل جنود بريطانيا من ضفاف القناة .. ونقل تبعية المنطقة من سيطرة بريطانيا .. لأمريكا .. إستغرق الصراع عشر سنوات.. من( 1956 -1967 ) ..واجه عبد الناصر و المصريون التبعية بمقاومة إستخدمت أساليب مختلفة حتي لا يقعوا في خيتهم و لكن مع السبعينيات . إختلف الأمر فقد وجدوا أذانا صاغية .. بعد أن قرر السادات .. أن أمريكا بيدها 99% من أوراق اللعب ..و أن العدو الإسرائيلي اصبح صديقا .. يستشيره .. في كل ما يخص قضايا الوطن . المصريون المخفي عنهم الحقائق .. لم يقبلوا هذا التغير ..فإسرائيل في نظر رجل الشارع هي العدو الذى قتل الابن أو الأخ أو الأب ..و إندهشوا أن يروا علم العدو يرفرف في القاهرة ..وشارون (الثغرة ) يتجول بحرية و يخاطب الوزراء ..أو بيجن يحكي عن أن جدوده بنوا الأهرامات .. فقاطعوا كل ما يتصل بالعدو .. مؤسساته الثقافية ..و بضائعة ..بحيث تحول السلام ليكون بين عائلة السادات و شلته ..و بين رجال الموساد و الاعيبهم. ما علاقة إسرائيل بأعمال إخراب مصر بواسطة الديون. .إسرائيل من اليوم الاول لتواجدها بالمنطقة ..و هي تهدف إلي السيطرة عليها إقتصاديا ..و لعب دور المنسق بين الإمبريالية العالمية و الاسواق المهولة لناس لا تنتج و تستورد كل شيء..وتملك إحتياطيات البترول و الغاز .. حلم التوراة من الفرات إلي النيل .. لم يعد يناسبها إن الخريطة المستجدة .. تشمل كل الشرق الوسط .. و أجزاء مهمة من إفريقيا السوداء ..لذلك سنجد أن جزء اساسي من إستراتيجيتها ..كما عبر عنها القادة الأوائل .. كان إخراب دول الطوق ..و السيطرة الإقتصادية علي دول المنطقة المتخلفة علميا بما في ذلك مصر ... لقد تصوروا أن كامب دافيد و إتفاقيات السلام ستمهد لهم الطريق .. و فوجئنا بشارون .. يطور الزراعة ..و بإتفاقية الجات تشارك في الصناعة ..و بالبضائع الإسرائيلية في السوق ..و بتدخلهم في مناهج التعليم .. و بعقد صفقات للبترول و الغاز .. و بمرور سفنهم في قناة السويس ..و بنشاط مركزهم الثقافي و حفلات سفارتهم ..و ما خفي كان أعظم ..لقد كان النظام (ولازال ) يفرض السرية علي علاقتة بإسرائيل و يحصرها بين مؤسسات الأمن و رجالها .. لسة إمبارح شايف صورة لبنت السادات ..مع بنت بيجن يقفان بإسرائيل في حماية الموساد . و لكن مقاطعة المصريون أحبطت مخططاتها . .. لهذا لم تهدأ و لم تستسلم ..لمشاعر النفور الواضحة لتبدأ حربا إقتصادية من تلك التي وصفها جون بركينز متوارية خلف ستار أمريكا و دول الخليج و السعودية.....مستخدمة نفوذها علي البنوك و إدارة التمويل العالمية ..و علاقاتها بالحبشة و دول الخليج لتكسيح بلدنا . إسرائيل في البداية قامت بمحاولة إستقطاب إبن مبارك و لجنة سياساته لنشر فكرة الليبرالية الإقتصادية و جعلها خيارا محتملا ..و لكن لم يكتمل المخطط .. لسببين أحدهما أن القوى المعارضة كانت لاتزال لديها قدر من الطاقة التي تجعلها ترفض و ( تفضح ) . .و السبب الأخر أن الناس بدأت تعاني من الغلاء و سوء الأحوال المعيشية ..و طول فترة حكم المبارك .. قإنفجرت .. في إنتفاضات .. لم تستطع وزارة الداخلية كبحها . تم نقل العطاء علي الإخوان المسلمين .. لقد قر في روع الإسرائيليون و الأمريكان .. أن التيار الديني قادر علي ضبط الشارع .. أوباما الرئيس الأمريكي كان متحمسا لهذا الإتجاه .. هو و وزيرة خارجيته .. هيلاري كلينتون.و لكن .. حتي هذا الفصيل فشل لسببين .. عدم تحكمهم في البيروقراطية الحكومية .. و ضعف تعاون قيادات أجهزة السيطرة معهم ( مخابرات أمن دولة شرطة جيش ) الذين كان لديهم طموحات لم يحققها مرسي.. و السبب الأخر ميلهم ناحية قطر و حماس و تركيا .. وإستبعاد الخليج و السعودية .. من الكعكة . .. لقد كان الأمر شديد الخطورة .. في نهاية حكم الأخوان ..لا توجد سلطة ..أو امان أو قانون أو وسط يسمح بالعمل و الإستثمار .. و هكذا عندما ثارالناس ضدهم و حرقوا مقرهم في المقطم ..و تم سجن كوادرهم .. إعتبر المتظاهرون أنهم قد إنتصروا .. فإطمأنوا و سكنوا .. إن رجال القوات المسلحة .. سيعدلون المايلة .. وشجعت أمريكا هذا الإتجاه فمعظم القادة تعلموا في معاهدها و يعرفونهم جيدا ..و لم يعترض حلفاؤها في المنطقة ثم بدأت الأمور تتسارع .. صمت في الشارع يغلفة بعض الخوف .. أجهزة الأمن تتعلم من نكسة 2011 و تحسن من قواتها ..و قدرتها و أسلحتها ..و تملأ السجون بالمعتقلين الميديا و السينما يسيطر عليها بواسطة رقابة صارمة لا تحكي إلا بما يسمح به .. برلمان مختار افرادة بعناية .. يصدر القوانين التي تمهد للنظام الجديد .. قادة جيش متفهمين فلسفه النيوليبراليزم الأمريكية ..و يقومون علي تنفيذها بانفسهم من خلال مشاريع إقتصادية متعددة .. و وزارة كل أعضاؤها من المنفتحين علي منظمات البنك الدولي الإقتصادية مع منح بعض المميزات للعناصر المؤثرة في السياسة و قيادة الشارع مثل لعيبة كرة القدم و المعنيين الشعبين و بتوع حزب نكبة وطن . ثم مشاريع ضخمة ذات أولويات متأخرة ..يديرها رجال القوات المسلحة يشعر الناس معها بالفخر ..وتتجاوز قدرات المكان التمويلية..فتستهلك معونات ..و منح دول الخليج و أوروبا ..و امريكا .. يليها ديون علي إستحياء هنا يبرز من بين الأدغال .. الوحش المفترس .. صندوق النقد المسيطر علية بواسطة قوى الإستعمار العالمية .. يسهل الإستدانة ..و يعطي العلامة الخضراء لجهات تقديم القروض لقد أصبح المكان ممهدا.. لم نعد في زمن السادات أو مبارك أو الاخوان ..حيث ترتفع مطالب و ضغط المعارضة أو عدم قدرة الداخلية علي ضبط الشارع أو شطط البيروقراطية و عدم تعاونها .. لقد اصبحنا في مجتمع مستقر تعزف أجهزة السيطرة فيه لحنا موحدا يقوده مايسترو لا يقبل الإختلاف ..يبني ناطحات سحاب و قصور .. و مدن جديدة ..و مفاعلات نووية .. و قطارات فائقة السرعة .. و لا يعرف كيف يسدد قيمتها أو فوائدها .. و لنأمل في البركة ..ونسيبها علي الله يرزقكم من حيث لا تعلمون .. و أصبحت مصر بعد عقد من ثورة يناير .. في نفس موقفها بزمن الخديوى توفيق الذى حكي عنه. لاندز دون ..قوات إستعمار إنجليزى أو صندوق دين .. لقد حل محلهم أبناء الخليج و السعودية يشترون ( بما في ذلك قطر ) .. أرض و مرافق ..و منشئات كواجهه مقبولة من المصريين ... يسيطرون بها علي إلإقتصاد و السياسة .. و هم أمنين . يعملون.. بين ناس موحوسة .. بمصيبة إنخفاض قيمة العملة ..و الفرجة علي افراح بنات المليارديرات ..و مهرجانات الجونة .. و كل منهم يتخيل نفسه .. وقد اصبح (هب ) من الطبقة العليوى . الأنسة ندى .. لم تتغير القوانين منذ زمن الخديوى ..بل منذ زمن الإستعمار الروماني البيزنطي .. ما تغير هو إسلوب التعامل مع المصريين ...و الجهات التي تريد السيطرة عليهم (أمريكا ،الخليج ،السعودية وإسرائيل) ..لقد إنتهي الأمر بأن قادونا برفق إلي حقل ألغام لا نعرف متي ستنفجر فينا .. متوقفين عن الحركة خوفا من الخطر المحدق .. يتحكمون في مياة النيل بتمويل سد النهضة و تقوية دفاعات الحبش ..و يطالبون بفوائد الديون و مع العجز يشترون.مشئاتنا و أراضينا يوجهوننا سياسيا بالمحافظة علي شراكة وعلاقة سلام مع العدو الإسرائيلي مهما بدر منه في غزة و لبنان .. و يقننون حقوق الإنتفاع بثروات الوطن بعقود عالمية ..وبواسطة مشاركة أصحاب العقد و الربط بحربهم المعلنة والمستترة على الفقراء ، مستخدمين كل الأسلحة النفسية والإعلامية والسلوكية .. النظام نجح فقد عالج أسباب فشل من سبقوه ..و فرض علي الناس راسمالية متوحشة.. ولبي طلبات صندوق النقد و الرعاة (أمريكا الخليج ،السعودية وإسرائيل )..و ضمن الا يتكرر ما حدث للخديوى إسماعيل و إبنه توفيق .
#محمد_حسين_يونس (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
corruption.. الفساد
-
ما بعد الموت عند القدماء
-
الابراج العالية لا تصنع حضارة
-
إنهم يدمرون الأثار ..و سيدمرونها .
-
تدمير الاثار ليس خبرا جديدا
-
نصف قرن من الغربة
-
شهادتكم تهم الأجيال القادمة
-
إقتصاد حرب .. بدون حرب
-
هل مر القطار فلم نلحق به
-
عايز أعيش في زمن أخر
-
لماذا لم تطورنا الحرب
-
جد حضرتك كان شيخ منسر
-
الرؤيا
-
الأن تنتهي مرحلة الستينيات في مصر
-
فلنقرأ التاريخ الحقيقي
-
الحواس تتغير و تتطور أيضا بالتدريب
-
تفضلوا حضراتكم ..منتظر الحوار
-
إختار اليوتوبيا التي تناسبك
-
الجبل الاصفر .. رحلة حياة
-
لا أؤيد الإنقلابات العسكرية (72 سنة ) فشل
المزيد.....
-
-جزيرة النعيم- في اليمن.. كيف تنقذ سقطرى أشجار دم الأخوين ال
...
-
مدير مستشفى كمال عدوان لـCNN: نقل ما لا يقل عن 65 جثة للمستش
...
-
ضحايا الهجمات الإسرائيلية على قطاع غزة تتخطى حاجز الـ44 ألف
...
-
ميركل.. ترامب -معجب كل الإعجاب- بشخص بوتين وسألني عنه
-
حسابات عربية موثقة على منصة إكس تروج لبيع مقاطع تتضمن انتهاك
...
-
الجيش الإسرائيلي: اعتراض مسيرة أطلقت من لبنان في الجليل الغر
...
-
البنتاغون يقر بإمكانية تبادل الضربات النووية في حالة واحدة
-
الجيش الإسرائيلي يعلن مقتل أحد عسكرييه بمعارك جنوب لبنان
-
-أغلى موزة في العالم-.. ملياردير صيني يشتري العمل الفني الأك
...
-
ملكة و-زير رجال-!
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|