أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - آرام كربيت - هواجس أدبية وإنسانية ــ 338 ــ















المزيد.....



هواجس أدبية وإنسانية ــ 338 ــ


آرام كربيت

الحوار المتمدن-العدد: 8152 - 2024 / 11 / 5 - 02:55
المحور: الادب والفن
    


التغريبة الغجرية
تسلل الليل الحنون, خدره فوق البوادي, والغابات, والأنهار, والتلال والجبال والنفوس المتعطشة للأمل. تخلل هذا الخدر اللذيذ أصوات الضفادع والصمت, وصياح الديكة وخرير الماء المتسلل في الساقية القريبة من البيت.
الأشجار تتمايل مع رشاقة العتمة, المتناغمة مع حفيف الأوراق واهتزاز الأغصان. سمعت وشوشة, ترنو نحو أذني:
ـ ولدي الحبيب, صغيري, انهض, لقد اقترب بزوغ الفجر.
تململت في فراشي الدافئ, بقيت راقدًا في صفاء الزمن الحنون, طفلاً, يحنو نحو الكسل والبقاء في وهاد هذا الخدر الحنون. سكب الليل روحه في جسدي, كي أبقى في حدوده, بوهيميته, صرت ملفوفا به, نعسان. تأخذني الغفوة اللذيذة إلى الخلود, إلى حدود الأبدية. كان الله معي, يقظًا, يجوس بأنفاسه حولي, يلملم يديه ويضعها تحت وسادتي, بالقرب من صدري وقلبي. أحببت أن أبقى هكذا, بين يديه الحنونتين, أن أنام وأبقى في يقظته, وبين الحين والأخر تمتد يد والدتي إلى ذاكرتي, لتزيح هذا الخلود وتعيدني إلى الأرض, لأعود إلى العتمة السوداء الداكنة. صوتها الرخو, المشفوع بالتضرع:
ـ اتفقنا البارحة, أن ننطلق قبل الفجر, قبل أن تشرق الشمس إلى نهر دجلة. سنسلم عليه عندما يكون بكرًا, ملفوفًا بالحبال والأحجيات والأسرار. قبل أن تمتد إليه يد الإنسان. نريد الوصول إليه عندما يكون نائمًا, يتنفس الهوينا ضفاف الزمن. قم يا ولدي, لا تتكاسل. لقد وعدتني البارحة أن تأتي معي.
جلست في فراشي, نصف نائم, نصف مستيقظ. فركت عيني بيدي الصغيرة, مددت بصري إلى امتداد المكان, محاولا أن أبدد العتمة السارحة حولي.
كان والدي فوق السرير الخشبي الذي صنعه بيديه, غاطًا في نوم عميق, صوت أنفاسه الرتيبة تتنافس مع صوت الضفادع البعيدة, لدفع الإيقاع ذاته بعيدًا. بجانبه أخواتي البنات, البقرة النائمة في الزاوية القريبة من الباب الرئيسي للحوش, الديوك والدجاج والبط والوز في القن. الهدوء يخيم على المكان باستثناء صياح الديك الكبير.
ـ سأجهز الحصان, في هذه الأثناء أرتدي ثيابك وجهز نفسك. يجب أن لا نوقظ والدك, علينا بالصمت , سيذهب إلى الحقل بعد قليل. عليه أن يشبع نومًا ليبقى قويًا طوال النهار ويقوم بواجبه.
وضعت والدتي السرج على ظهر الحصان وربطت الحبال به, ببعضهم, ثم وضعت اللجام في فمه. وأخذت البارودة الكندية ووضعتها فوق كتفها.
مسكت اللجام بيدها بقوة وخرجت مع الحصان, عبر الباب الخشبي العتيق الضيق, وأنا بالقرب منها, إلى جانبها. اتمايل في مشيتي بالرغم عني, اتململ من شدة الضجر لإنزياح النوم عن أجفاني، كان البرد يراودهما إلى أن أصبحنا في زقاق القرية الصغيرة المتناثرة البيوت.
وضعت يداها بالقرب من قفصي الصدري, تحت الإبطين وحملتني ووضعتني على ظهره الحصان ثم ركبت هي أيضًا عليه.
مضى الحصان يمشي الهوينا بعد أن لبطته والدتي تحت خاصرته بقدميها عدة مرات برقة وحنان. كانت الروابي مبددة, وبيوت القرية صامتة, والظلام يرخي سدوله على هذه الأماكن الظليلة الناعسة.
كنت أجول بنظري عبر المدى المغلق البعيد, أراقب المدى وظلمة الكون وأنزياح بريقه في هذه الأونة الرخوة من عمر القدر.
مضيت استرق السمع للهاث الحصان وضربات حوافره, وهو يسير خبباً, على الحصى والتراب والأرض العرجاء المتمايلة الأطراف. كان هذا المخلوق الجميل واللطيف ينقل خطواته بتناغم حذر, يمد خطاه دون شكوى أو تذمر. يهتز جسده مع إيقاع التضاريس الذي رسمه الزمن على هذه البقة من العالم.
كنا أنا ووالدتي نهتز, ونتمايل, نعلو ونهبط كلما سار إلى الأمام.
مدنا الصمت الذي يلف الكون بالخوف من حركة الزمن, من المجهول القادم من بعيد. أمسك خصر أمي, أشده إلى قلبي, لأخذ من ثنايا روحها الأمل والشجاعة. أدس يدي في جيبيها الكبيرين لاقنع نفسي أنني في أمان. واللهفة المجنونة للتأمل يشد ذهني ويربطني به, لمعرفة أبعاد المكان.
كنت سيد الخوف, مثقل بالهموم والهواجس, تأتيني صور مرعبة من ثنايا الظلام, من عمق الليل المجهول أثناء التمرد في داخل الظلام. ضربات قلبي في صدري كان يلتهم الأشجار الباسقة المنتصبة برشاقة في العراء, المختبئة خلف الظلمة المجنونة. أرى تمايلهم, إنحناء الخجل في عيونهم عندما يسددونها إلي.
كان الربيع في فصله وأيامه الأخيرة, الندى يسترخي, يفرش رذاذه فوق الأعشاب والأشجار فيرمي الرطوبة القلقة في جوار المكان وحوله, فوق المنحدرات والتلال والوديان الغريبة.
خوفي لم يكن من الخارج, كان يخرج من داخلي, قابعًا فيه منذ جذور الأزمنة ونشأة الكون والمكان والزمن, كامنًا في صدري, في مكان ما مني, ربما في تلافيف مخي أو في أوتار أعصابي, يراقب المجهول, ككائن قائم بذاته في ذاكرتي ويريد أن يسترجعه ويعيده إلى حقيقته.
ففي اختراقنا للمجهول كنت أسمع صوت السماء, الليل والضوء المظلم, والنجوم البعيدة المختبئة في الليل البعيد, قادم من الكون, يدلف إلى الأعماقي ويناجي الروح, تلك الإيقونة النائمة بعيدًا عن المدارك لهذا تبقى هائجة, خالدة.
سألت والدتي في تلك اللحظات الأثيرة الموجعة:
ـ إلى أين سنذهب يا أمي؟ ولماذا؟
ـ قلت لك سابقًا, سنذهب إلى نهر دجلة. أما لماذا, فهذه حكاية طويلة يا ولدي.
بقيت متمسكًا بخصرها, نسائم نهايات الربيع تهب علينا, مع القليل من البرد الجبلي القارس.
ـ المجهول مخيف يا أمي. واللهفة لمعرفة النهاية مؤلم. أريد أن أقطف النهاية, أن أكون فيه, أشعر أن البعد بعيد, واحترق شوقًا للمعرفة, وكيف يمكن الوصول إلى هناك يؤلمني.
ـ علينا بالصبر. تجاوز الزمان والمكان لا يتم إلا بالصبر.
كانت تلهث مع حركة حوافر الحصان, من استنشاق كميات كبيرة من الهواء الرطب, من القشعريرة الرطبة, اللذيذة التي تبلل وجنتيها وفمها. تنظر إلى الأمام, إلى الأرض المتعرجة, الملتوية. نتسلق الجبل, عبر طريق متعرج يعرفها الحصان, ينتقل من موضوع لموضوع تبعًا لقدرة المكان على امتصاص ثقلنا. مرة يصعد ومرة يهبط. قلت لنفسي:
ـ الحيوان يعرف الطبيعة أكثر من البشر, ويعرف كيف يمد حوافره وجسده على الأرض, ويمتص الفراغ, في مكان مملوء بالأشواك والأشجار المتناثرة المرمية هنا وهناك, ضمن خضرة كثيفة وضباب يهب علينا ويرحل.
صوت وقع الحوافر بدد الكثير من الخوف من قلبينا. تأتينا أصوات الحيوانات الراجفة من الغابة الملتصقة بالجبل, عواء الذئاب, أولاد أبن آوى. حفيف الأشجار, عند حدود المطاردة بين الحيوانات البرية, بين الخائف والمخيف في ثنائية مستمرة إلى ما لا نهاية له. قلت:
ـ أماه, أنا خائف. الليل أنثى ذئب سكران يريد أن يلتهمني. أخاف من الليل, من غربته, من بحثه القلق عن الضوء.
ـ لا يبدد هذا الوحش يا ولدي إلا الأغاني, الموسيقى والكلمات. عندما نغني يرقص الليل, وتطرب الوحوش, نحلق معًا ونطير من هذا الثقل الموجع.
ومضت تدندن بصوت حزين, فيه رنة راجفة. عندئذ سمعت صوت خرير ماء, شلال, أصبح صوت أمي أكثر رقة وجمال, أرتفع الموال عاليًا, تناثر في الفضاء كالغيوم العالية. قلت في نفسي:
ـ لماذا يتغير الإنسان عندما يغني في احضان الطبيعة؟ لماذا يرق قلبه كثيرًا, يمتلأ بالحنان والحب, ينفصل عن القسوة ويتحول تحولا نوعيًا في علاقته بنفسه, بالأغنية. هل الأصوات العذبة النائمة في حضن الكون مهذبة, تهذب الروح أم أن الإنسان يلتصق بالوجود عندما يغني؟
شعرت برذاذ الدموع يهب على وجهي, دموع والدتي, ممزوج بالوجع. كنت أعرف أن أمي امرأة صلبة, قاسية, قوية, ليس بالسهولة التي يجري عليها هذا التحول الخطير, أن تنتقل من حالة لحالة, أن ترق, وتتحول إلى كتلة أحاسيس ومشاعر. ثم انتبهت, بضعة كلمات من الأغنية وشوشت في أذني وذاكرتي:
ـ ولدي, يا كوكب السماء, أيها الجميل, يا نبل الحياة, يا مجرة في الأعالي.
كانت منتشية, منفصلة عني, عن الخوف. لا أعرف كيف خطر ببالها هذه الأغنية, ولماذا تغيرت وأختارت هذه الكلمات؟ ولماذا بكت؟ كأن روحها كانت تتطهر, تتطير، ترتقي, تتكامل مع النفس, تفرغ شحنة, رغبات مكبوتة. شيء من مكنوناتها ارتقى وصعد فوق الكلمات ومضى بها إلى الأعالي. لا أعرف إن كانت تحلم أو تهرب من حلم. لم أكن أرغب أن تتوقف. كنت في قرارة نفسي أحب أن تتابع الغناء, أن تبدد خوفي, أن تبقى طافحة بالطاقة الخلاقة, أن ننسى ونحلق في الفضاء بدلاً من النزول إلى أرض الواقع الثقيل. ولإنها شريكتي في هذه الرحلة يتوجب على كلانا أن نتعاون لنكمل الطريق في هذا المكان الصعب. اتركتها تتلذذ بنطق الكلمات, ببث لواعجها, جنونها, تفريغ صلابتها, قسوتها, حملها الثقيل ورميه في الفراغ. وأريد لهذه الشفاه, شفاه أمي أن تبقى متناغمة مع أوجاعها الذي لم ولا أريد أن أعرفه. ولإني كنت صغيرًا, لهذا لم أكن أعرف ما بها. فالجهل قيد, أسر, لهذا تركت نفسي, أذني يسمعان صوتها الرقيق المتساقط على وقع حوافر الحصان برتابة, أثناء صعوده أو هبوطه, ارتفاعه وانخفاضه.
لم يكتمل الفجر, كان بعيدًا, يحاول أن يشذب الكون, يرتق خيوط السماء, يجمع البقع المتناثرة هنا وهناك. فجأة قلت:
ـ من هو الذي غنيت له يا أمي؟ لماذا تغنين وتبكين؟ الغناء خلق للفرح, للزمن القادم, للمستقبل. أنت تبكين لتستحضري الماضي, قسوته. دع تلك المواجع بعيدًا عن قلبك.
ـ لا زلت صغيرًا على معرفة هذه الحكاية, بيد أني سأتكلم عنه بعد قليل. تذكر يا يا ولدي أن الإنسان ولد غريبا على هذه الأرض. إنه غريب. لهذا يتلذذ بالألم والبكاء, ليحرر نفسه من الوجع. البكاء حرية. عندما ننفث كمية الأحزان عن أنفسنا بالبكاء, نشعر بانزياح الألم جانبًا مدة من الزمن, نشعر كأننا رمينا كثافة كبيرة من الغربة جانبًا, عدنا أطفالًا صغار, براءتنا مثل براءة الوجود.
ـ إنها كلمات غامضة علي يا أمي. لا أفهم ما تقولين.
ـ ستعرف مع الأيام. سنذهب إلى نهر دجلة, سنشعل الشموع هناك, نرميهم للنهر. بجانب النهر مزار, تلال من الأشجار الغريبة ملتفة على بعضها البعض مركونة هناك. سنرابط هناك بضعة أيام, نغني لدجلة, لجريان الحياة في الماء, لتبقى الروح كامنة في الأنهار والنار والماء والجمال.
بقيت متمسكًا بخصر والدتي, التحف الشجاعة والتيقظ. أراقب الهمسات القادمة من الطبيعة. خائفًا.
اجبرتني والدتي أثناء خروجنا من البيت على ارتداء الكثر من الثياب مخافة البرد, وتقلبات الجو والطقس الجبلي الغامض.
كلمات أمي أدخلت النشوة إلى قلبي, جعلتني أسرح مع غموض الكلمات وتقلبات الحياة. أفكر في جمال وجهها, هيبة صمتها وكلامها.
كم جميل الإنسان من الخارج, إنه فرجة, زينة الحياة, بيد أنه متقلب, قلق, غامض من الداخل, لا يستقر على ناموس أو حد. دائم الشغف للوصول إلى النهايات. أحلامه منفصلة عنه, لا يعرف من أين تأتيه وإلى أين تأخذه. ولا يعرف ماذا يريد من نفسه.
تذكرت عندما قالت لي:
ـ عندما يغيب وجهك عني, يمر علي الدهر كالليل العجوز, كبحر لا رائحة حلوة له ولا موج يرفعه أو يحطه على مرسى, كإنحسار حلم لا يقين له. هذه الكثافة من الكلمات من أين تأتي, وكيف يستطيع أن يقولها أو يكتبها الإنسان. أي فيض يقبع في داخله؟
بقينا في الدرب, نصعد الجبل وننزل إلى الوادي مرة آخرى تبعًا لقدرة الحصان على خط سيره واختياره الأرض أو قدرة الأرض على مساعدتنا في التسلق إلى الأعلى لنأخذ الطريق السليم. كنت استغرب من قدرة والدتي على معرفة الطريق في هذا الليل المظلم, فالغيوم مسترخية فوقنا, والنجوم متعبة, نائمة في أسرتها.
سمعت والدتي تتحدث لوحدها:
ـ نستطيع أن نفرح, نتأمل, نرتقي بالكلمات الجميلة إلى الأعلى بالرغم من الألم والضياع الذي نعيشه.
ـ اتتحدثين معي؟
أستيقظت من غفوتها, انتبهت إلي, وكأنها نسيت أنني معها. ربما كانت شاردة, تفكر لوحدها. وربما اعتقدت أنني صغير السن لا أفهم معنى الكلمات, فنطقت بهذه العبارات التي كانت تجول في خاطرها.
ـ كنت أتحدث مع نفسي يا ولدي. لا تقلق. أفكر بك, أنت وحيدي. لقد ماتوا أخوتك الذكور جميعًا, لم تبق إلا أنت. رفعت يدها المربوطة بالرسن, وأشارت إلى العدد أربعة. وأضافت:
ـ أربعة أطفال قتلوا أمام عيني, خنقًا. أخذوهم من يدي عنوة, جروهم إلى ساحة الكنيسة كما يجرون دابة, وقف فوقهم أربعة رجال أقوياء وأنهوا حياتهم.
ـ من الذي قتلهم يا أمي؟
ـ هل يهمك كثيرًا من قتل أخوتك الصغار؟ وما الفائدة من معرفة من قتلهم؟ إنه الإنسان يا ولدي. لدى هذا الكائن شهوة كبيرة كامنة في داخله للقتل. إنه يتلذذ بالقتل, تراه يلاحق كل شيء ليقتله سواء كان إنساناً أو حيواناً أو شجر.
ـ ما الغاية من هذا؟
ـ الإنسان كائن غريب, يخاف الغربة, يخاف من نفسه, لهذا خلق لنفسه إله على مقاسه لينفرد بالمكان والزمان.
ـ والقتل؟
ـ يقتل ليتوازن. يخاف من نفسه, غير واثق من ذاته, لهذا يقتل الكائن الشبيه به, كأنه يقول, تخلصت من نفسي الجائعة, الباحثة عن مكان مستقر. إنه يهرب إلى الأمام, يهرب من الوجود ليبقى في الوجود. لا يكفي أن نقول إنه كائن قاتل, هذا تغييب للحقيقة, إنه قاتل الحياة, كاره لها. والغريب أنه يتباهى بغباءه, ويدعي كذبًا أنه ذكي. أغلب الكائنات الموجودة في الطبيعة ذكية إلا الإنسان فإنه عدو نفسه, لا يطيق نفسه, لا يعرفها, ولا يطيق العيش في جوار غيره, ويكره الأرض, وخيراتها, ينفر منها لهذا يريد أن يحطمها, يتعامل معها كعدو وجب سحقه. ربما هو كائن غريب كما يظن ويعتقد, جاء من مكان ما, دخيل على هذا المكان, الأرض. ودائما يتطلع إلى الفضاء, يعشق السماء والنجوم والشمس والله ويكره أخاه الإنسان والطبيعة والحياة الذين يقطنون إلى جواره, غير مدرك أن الأرض جزء من هذا الفضاء العائم. من الصعب أن تكون إنسانًا بهذه المواصفات المأساوية. إن تكون إنساًنا, عليك أن تنزل إلى الدرجات السفلى, إلى مستنقع الحياة, إلى أعماق الظواهر السوداوية. إن تتحول إلى ناسك في محراب البحث عن الحقيقة, تتجرد من الأصوليات القديمة والجديدة. إن تغرز مدادك في دمك وتنثره في الهواء الطلق, كريشة فنان متعبد, طلق الغيم والضباب, وسكن قاع مرسمه, يلون الأعماق السحيقة للوجود. لم ندرك إلى الأن أن الالتحام بالحرية والجمال والحس بقيم العدالة والحق, إنه انتماء إلى الطبيعة والكون والخلود.
ثم مضت تبكي, سمعت صوت الشهقات العالية يخرج من فمها وحنجرتها, ويتسلل الدمع الصارخ من عينيها ويبلل وجهي وشعري. مضى نحيبها يتابع تدفقه:
ـ أنا أم يا صغيري. لقد وضع الله جل خلقه في المرأة, لتخلق وتبدع وتعطي الحياة لهذا الوجود. صعب عليها أن ترى أولادها أمواتاً أمامه عينيها. أعرف أن ما أقوله لك صعب على طفل صغير أن يسمعه, بيد أني محتاجة أن أتكلم معك, مع الريح والضباب وهذا الخلاء الواسع الذي يكتم على أنفاسي.


عندما ننفث كمية الأحزان عن أنفسنا بالبكاء، نشعر بانزياح الألم جانبًا مدة من الزمن، نشعر كأننا رمينا كثافة كبيرة من الغربة جانبًا، عدنا أطفال صغار، إلى براءتنا.
في البكاء نقبض على البراءة، على الحرية.

في دير الزور تعرفت على مجموعة من الشباب الديرية أثناء خدمة الجيش في بداية عشرينات حياتي.
وأغلب الشباب أصبحوا أصدقائي، وكنت التقي بهم سواء في الشارع أو الجرداق أو المطعم أو المقهى، نتغدى أو نشرب الشاي أو نلعب التركس بعدها نتمشى على ضفاف الفرات الجميل.
عشرة الناس في دير الزور، أي مخالطتهم، معايشتهم، معاملتهم كانت طيبة جدًا، كنّا نضحك طوال وقت لقائي بهم.
وزرت الميادين وأموحسن وبقرص فوقاني وتحتاني، نمت في بيوت الأصدقاء وأكلت من زادهم، وسبحت معهم في الفرات، وسهرت معهم في بيوتهم. ومرات كثيرة طلبوا مني زيارة ابو كمال، لكني رفضت لبعد المسافة.
في صيف العام 1983 التقينا في بيت أحد الأصدقاء، عزمنا على ثرود بامية. ولمن لا يعرف، فإن البامية في دير الزور لها نكهة خاصة، تراث وطني بامتياز. فإذا أكرمك ديري وأحبك فأعلم أنك معزوم لا محالة على ثرود بامية.
مرق البامية يجب أن تطبخ على النار بشكل جيد، يرش هذا المرق على الخبز المحمص وفوقه قطع لحم كبيرة من الخاروف الصغير.
والبامية لها مواصفات خاصة في هذه المدينة الرائعة، أن لا تكون كبيرة ولا صغيرة، أن تكون ما بين الكبيرة والمتوسطة.
وإن يكون الطعام بالثلاث أصابع، والإبهام لدفع الطعام إلى الفم على سنة الرسول.
في ذلك الصيف اجتمعنا على حضور فيلم ما زال مشهورًا إلى اليوم، للمخرج الكردي الأصل، التركي الجنسية عبر الفيديو لأن النت لم يكن موجودًا بعد، أسمه يلماز كولية، وأسم الفيلم يول أو الطريق.
والفيلم رائع بكل المواصفات.
لا زلت أذكر هذا الحدث كأنه أمام نظري، كم كان هؤلاء الأصدقاء كرماء، شهمين ولطيفين وموضع ثقة من قبلي، بينهم كنت أشعر أنني مع نفسي، في بيتي وسط أهلي
افتقد تلك الأيام، ذلك الزمن، ذلك الفرات الجميل، وتلك الصديقة التي كانت معي وأولئك الأصدقاء الحلوين، منهم بشير العاني وتراك العليوي، الرحمة عليهما.

طالما الله لم يكن موجودًا، كان عدمًا، فالإنسان كائن أعزل عليه الاعتماد على نفسه.
والتاريخ لم يكن سوى البحث عن البقاء بكل الوسائل المتاحة كالقتل والحرق والاغتصاب والغزو، وكان التاريخ قاسيًا لا مكان للرحمة فيه أو شفقة.
إنه تاريخ الذكر المسيطر، تاريخ الذكر الهمجي إلى يومنا هذا.
الهمجية مستمرة، تستطيع أن تراها بوضوح في رأس بايدن على الرغم من أنه منفصل عن الواقع، وفي رأس بوتين وأردوغان وبشار ونتنياهو وروتشيلد ومورغان وروكفلر، وفي رأس كل إنسان على هذا الكوكب سواء كان صغيرًا أو كبيرًا.
كل واحد فينا ذكر، حاضر الافتراس، أنيابه جاهز للانقضاض على الأضعف منه، ليبقى مسيطرًا.
واقعنا، بناءنا النفسي والعقلي، منتج حصري للمجانين بجنون العظمة.

الإنسان خلق الله، ليبرر همجيته، أنانيته وكذبه، وحقارته، لينسب إليه كل أوساخه. الإنسان أما حقير أو أحقر، لا ثالث لهما، سخر كل شيء في الحياة لتأمين بقاء حقارته.

منذ أن بدأ وعي الإنسان، عند انفصال الشعور عن اللاشعور، بدأ الانحدار الأخلاقي، وانفصل الكائن الطبيعي في الإنسان عن الإنسان، وابتعادا عن بعضهما.
وأصبح كائن مجرد عن كل ما هو جميل أو أخلاقي في داخله.
إن لا شعور الإنسان قائم بذاته، الطفولة الاولى، بيد أنه يبقى صامتًا، سلبيًا حياديًا عندما يترك الشعور يفترسه، عندما يسمح له أن يقوم بأدوار قذرة وحقيرة، كالقتل والكذب والخداع.
في هذه الحالة، وبسبب هذه الحالة المريضة، نعيش الغربة القاتلة، وعدم التصالح مع أنفسنا، مع الجمال والحرية والحق.
ولهذا الانقطاع، الانفصال تحول الإنسان إلى كائنين، الصدق في مكان والكذب في مكان أخر، لا توافق بينهما

الطقس أيضًا شكل من أشكال الغربة، الصبار والنخيل لا يستطيعان العيش في الصقيع.
الطقس والتكيف معه شكل من اشكال الهزيمة النفسية والمعنوية، وهل يستطيع الأسد بكل قوته وجبروته أن يعيش في الاسكيمو؟

كاميلا هاريس ستفوز بالانتخابات، هذا ضروري للولايات المتحدة، من أجل اجترار ذاتها، تكرار ما هو مكرر.
هاريس شخصية استلابية، سخيفة وفارغة من أي قيم، أنها وصاية أباءها وأمهاتها.
هناك من هم أقوى من ترامب وتياره، أنهم مجموعة هائلة من الوحوش، وحوش القرن العشرين، وخرابه ولا يزال.
تصوروا أن هاريس أستخدمت ضحكتها الفاجرة في تسويق نفسها، وقالت عن نفسها في إحدى الخطب: أنا عاهرة، وضحكت وضحك القوم، وابتزت أحد الرجل من أجل الوصول إلى مبتغاها، وساوموها على هذه الوقاحة.
مبروك هذا الزفر القاتل، وأنت يا ترامب اذهب وأجلس في بيتك، لا تعمل مشاكل، وهذه المرأة، التابع الذليل، ستكون سيدة البيت الأبيض لولاية أخرى.

الدين جاء لحماية بين الفخذين، ومراقبته مراقبة دقيقة، خوفا على ميراث القضيب المنتصب.
يخافون من التسلل، أن تدخل الكرة في المرمى، دون أن ينتبه الحكم.

قائمة الشذوذ تبدأ ولا تنتهي، أولها أن من يقتل أو يحرض على قتل أي إنسان هو شاذ.
ومن يقيد حرية غيره من أجل ترويج معتقده هو شاذ.
ومن يفرض على الناس وصاياه وأفكاره هو شاذ.
ومن يتكلم باسم الله ليفرض علينا أجندته هو شاذ.
وكل من يتكئ على المقدس لترويج أمراضه وعقده النفسيه هو شاذ ونتن.
هذه القائمة هي من صفات المستبد الذي لا يشعر بالراحة والاطمئنان إلا إذا حول حياة الناس والطبيعة والأرض إلى يباب.

في جسد كل واحد منّا صوت صارخ، موجوع، يصرخ:
أنا ولهان، راغب، أريد جسد الأخر. أنا متألم، متطلب دائم، جسدي لا يكل ولا يمل، طاقة مشتعلة لا تنضب.
الذكر ليس ذكرًا، كذا الأنثى، نصف يكمل النصف، يطلبه بشده، السؤال:
لماذا انقسم الإنسان إلى فلقتين متباعدتين، وكلاهما في حالة بحث دائم عن بعضهما؟
ما هذا الوجع، الألم أن يعيش الكائن الواحد في مكانين وزمنين متباعدين في الوقت ذاته

الكذب عالم واسع جدًا، أوسع مما تتخيل.
عندما تزين كلماتك بالكلمات الجميلة والشفافة هذا كذب، عندما تنمقها كمان كذب.
عندما تعلن للذين حولك أجمل ما لديك، وتخبأ اسوأ ما لديك، هذا كذب. عندما تقدم نفسك بشكل شفاف ورقيق، وتسوق نفسك ككريم ومعطاء في سوق النخاسة، السوق الذي خلقتك، السياسة، هذا كذب ودجل.
عندما تخبأ الوحش المفترس، القاتل الذي في داخلك، تطمسه، تبقيه تحت الستار إلى حين يحن الوقت لتخرجه إلى العلن وتضرب به ضربتك، وتتسيد، هذا أيضًا كذب.
في الخفاء نكذب كل دقيقة وثانية، نقتل الخصوم، نمزق من يقف في طريقنا، نجرده من لحمه وعظامه، نأكله ولا نشبع.
هذا هو نحن البشر. هذه حقيقتنا الفاقعة.

الكذب مساره طويل، يصعد ويهبط، يلتف حول نفسه وحول الأخرين، لا يمكن القبض عليه أو لوي ذراعه، بمجرد أن يخرج من صاحبه يدور ويدور، يأخذ معه حكايات كثيرة، تاريخ وقصص، أساطير، رجال ونساء تحولوا إلى ألعوبة في فم المغامرين والرحالة، يقطع مسافات طويلة يذهب فوق البحار والمحيطات والقارات.
أما الصدق يا وجع قلبي عليه، أنه تحت مرمى النظر، يمكنك مسكه وزجه في القيد.
هذا السبب الذي دعى المسيح اتباعه أن يتحولوا إلى خراف بيضاء ليصبح مصيدة في أنياب الذئاب

في هذا العالم السياسي لا أخلاق لك، ولا لأولادك، نحن أولاده، أولاد السياسة.
أنت تعتقد أنك أخلاقي، هذا استعلاء، تضفي على نفسك قيم عاليا، قيم عليا لتضع نفسك فوق الأخرين.
والواقع مختلف تمامًا.
اسوأ إنتاج للطبيعة هو الإنسان، الذي خلق لنفسه إلهًا، معاكسًا لسلوكه، مغاير ومختلف عما في داخله من قذارة وكراهية واستعلاء وأنانية وكذب.
لقد زين إلهه بكل القيم الكاذبة، ليساوي نفسه به، ليهرب إلى الامام من معالجة لا أخلاقه.
حتى تتحرر من كذبك، تعرى، عري نفسك من الأخلاق الكاذبة العالقة بك، الأخلاق التي تدعيها.
قل عن نفسك الحقيقة، قل أنا مبتذل وكريه، لتصبح كما أنت عليه، لتتواضع كالطفل الصغير، لتصبح أمينًا لنفسك، صديقا لها، دون إدعاءات باطلة.
الأخلاق صنعتها السياسة، وأنت ابن السياسة.
هل تستطيع أن تقول عن نتنياهو، رئيس وزراء إسرائيل إنه لا أخلاقي؟
لقد انتخبه الشعب الإسرائيلي، خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر، بهد الاستعلاء والفوقية، وصل هذا القميء إلى قمة الهرم السياسي، وهذا الهرم الهش يقال عنه أكذب رجل انتجه التاريخ بعد حافظ الأسد والأثول ابنه بشار.
رؤوساء دول يكذبون أمام أعينكم وعلى أعلى المنابر، وأقدامهم فوق جميع البشر، والجميع يهز رأسه طواعية.
إذا لا تملك الشجاعة للدفاع عن صوتك وحريتك كيف يمكننا وصفك بالكائن الأخلاقي.
الكذب أكبر جريمة انتجتها الحضارة، تحت سقف الكذب تأسست الدول والحضارات والقيم المنحطة.



الحب عند الكثير من السوريين موظف سياسيًا، يحبون الفنان الفلاني ليس بوصفه فنانًا أو كاتبًا أو شاعرًا، وأنما هناك مواصفات كثيرة يجب أن يتمتع بها، تكون مرسومة في اذهانهم قبل أن يعطوه الموافقة على القبول أو الرفض.
نادرًا ما نرى هذا الحب يكون حياديًا أو بعيدًا عن الدين أو القومية أو الطائفة أو الموقف السياسي.
لا يستطيعون أن يفرقوا بين الفنان لذاته أو الكاتب لذاته، أنما بوصفه كائن لا ينطبق هواه على هواهم.
وسهل عليهم الرجم.
إلى قبل أسبوعين أو شهر كان القرداحي محبوبًا، نجمًا. وقبله كان سعد الله ونوس أو ممدوح عدوان أو حيدر حيدر، الموقف منهما أما سياسي أو طائفي.
يداس هذا الفنان أو أدبه أو فنه تبعًا للأمزجة والغايات والأهداف.
الموازين عند الكثير منّا مختل لاختلال التفكير والرؤى والأفكار.
ويجب علينا جميعنا أن نكون مطبلين ومزمرين وفي الجوقة ذاتها كما يريده قائد الجوقة، بهذا يهزم العقل وينتصر الجهل والتخلف.
إن تقيم فنان ما أو كاتب ما يجب أن يكون موضوعيًا، عليك أن تجرده من حمولات الواقع، وتحلله كفنان أو أديب، بهذا ستكون موضوعيًا.
أنا قرأت بعض أعمال سعد الله ونوس، رأس المملوك جابر، الملك هو الملك، نمنمات تاريخية، الفيل يا ملك الزمان، تقييمي لونوس يفترض أن يكون تحليل أعماله وليس رجمه كإنسان.
ما زالت المزاجية في تقييم الأخرين قائم، بالنسبة لي مؤلم، اقرأ وأتابع وأصمت.
الرجم استعلاء
علينا أن نتذكر عندما نرجم إنسان ما، نضع أنفسنا في مرتبة الآلهة، أو في مرتبة رفيعة، والنظر إلى الأخر بوصفه أقل شانًا، لهذا يستحق منّا أن نقذفه باقذع العبارات، ونرجمه بالحجارة دون أن نكلف خاطرنا أن هذا الرجم يرتد علينا.
صباح فخري فنان رائع جدًا، وقامة وطنية، بيد أنه كان مع النظام طوال حياته، وكان يمدح حافظ الأسد ومستعد أن يقبل ق د مه، وكان رئيس نقابة الفنانين، على الصعيد الشخصي كان ت افهًا، بيد أنه فنان كبير، تقييمي له أنه فنان.
على صفحات الفيس بوك، الأغلبية يمدحونه، لماذا لا ينطبق هذا على ونوس أو محمد عمران ورشا عمران وحيدر حيدر وممدوح عدوان، لماذا سكتوا عن صباح فخري؟
من العدل أن تكون صاحب موقف في تقييم الجميع.

عصر الاستعمار انتهى عمليًا عندما بدأت الحرب العالمية الثانية، بله انتهى بعد قيام ثورة لينين المظللة في روسيا.
مع بدأ عهد الأيديولوجيات، الشيوعية في الاتحاد السوفييتي والفاشية في ايطاليا والنازية في ألمانيا، انتهى عهد وبدأ عهد جديد.
عهد الاستعمار الاوروبي للعالم، أدخل الحداثة في البلدان المستعمرة، البرلمان والدستور وفصل السلطات، وبناء القاعدة المادية والبنية التحتية للدولة والمجتمع، بمعنى، أغلب الشعوب كانت تعيش في بيئات منفصلة عن بعضها بعيدًا عن حركة التاريخ، أخرجها من ظلماتها ودفعها إلى المدنية.
عصر ما بعد الاستعمار هو المشكلة، لا لون له ولا شكل، خاصة بعد أن تبؤات الولايات المتحدة الهيمنة العالمية، دولة بربرية، لا تختلف في العمق عن الأيديولوجيات التي ولدت في الثلث الأول من القرن العشرين، لا هي استعمار، ولا هي لا استعمار، أنها دولة مهيمنة، هيمنت على النظام العالمي بعد الحرب الثانية.
الأنظمة العالم ثالثية، روجت لمفهوم الاستعمار لغايات سياسية، لتثبيت أرجلها في الحكم بعد الاستقلال، ولتثبت أنها قاومته وطردته، ككيان مجسد، وما زالت تقاومه بشكل مجرد.
وجاء المعارض للأنظمة، وكرس ما روجت له:
إن الاستعمار خرج وترك فلوله وراءه، بيد أنه لم يقل من هي فلوله، ولماذا بقي فلول لفرنسا أو بريطانيا، بالرغم من أن كلتاهما أصبحتا تحت الوصايا الأمريكية بعد الحرب العالمية الثانية وإلى اليوم، ومنفذي سياساتها.
في كثير من الأحيان نبرأ أنفسنا من المسؤولية، المعارض والمجتمع، من الخراب القائم، ونضع السبب على الخارج دون أن نشغل تفكيرنا أن السبب الأول للخراب هي الأنظمة، وتوطأ المعارضة والمجتمع معها.
وقصة القرداحي شاهد على هذا التواطأ.
البارحة شاهدت برنامجًا يتحدث عن جفاف الكثير من الأنهار الكبيرة والصغيرة في إيران، وسوريا والعراق. نتساءل هل جفاف الأنهار وانقطاع مصادر المياه والكهرباء سببه الاستعمار، أم، لأن بناءنا الاجتماعي والسياسي والديني هو السبب، فإيران كانت 30 مليون قبل أربعين سنة، واليوم 80 مليونًا، وتركيا الشيء ذاته ومصر.
شعوب تتسابق في إنتاج المواليد الجديد، العطش الذي ستعيشه هذه البلدان في الأيام القادمة على من ستقع مسؤوليته، علينا أم على الخارج؟


المستلب، عمليًا يتحول دون إرادة منه إلى دمية، خرقة نافقة، مجرد واجهة لإنسان مسلوب الإرادة والعقل والتفكير الحر لإرضاء وهم كامن في سيكولوجيته المنفصلة عن الواقع.
يعتقد هذا الموهوم أن تنازله عن وجوده، حقوقه في الحياة سيحقق مراده.
يحاول جاهدًا أن يتحرر من الرغبات، كالجنس والمال والسلطة، بيد أنها تعيده إلى الواقع، تطالبه في تلبيتها بكل شبق ورغبة باطنية مدفونة في الأعماق.
يخضع لها ويواصل الكذب على نفسه والأخرين.


يستطيع عقل الإنسان أن ينظم الأشياء، خارج، الخارج عنه بدقة متناهية، أي الأشياء التي يستعملها، بيد أنه عاجز عن تنظيم علاقته بنفسه وبالآخرين.
إن العقل الناظم للمدينة، ما زال عاجزًا عن تنظيم الحياة السياسية أو المجتمع المدني على أساس الحق والجمال والحرية.
إن الحرية هي المحك، وهي الهدف الأسمى الذي يتوجب على العقل الوصول إليه.

الطبقة السياسية الحاكمة في لبنان فاسدة، لصوص، سرقوا المال العام ووضعوه في جيبوبهم برعاية عربية وأقليمية ودولية.
يستدينوا المال من الخارج ويسرقوه، وهذا قمة الابتذال والنذالة.
الزبالة في الشوارع والكهرباء شبه معدومة، والسياحة شبه معطلة لإنعدام الخدمات، وحركة المجتمع معطلة لعطالة الدولة وانفصالها عن شؤونها الاجتماعية والسياسية.
الطبقة الحاكمة فاشية، رعناء، مرتبطة مع أكثر من جهة أقليمية وعربية ودولية وداخلية، لها ميليشياتها وسلاحها وجاهزيتها القتالية، ليس لها هم عام أو مجتمع.
إن نزول اللبنانيون إلى الشارع لم يكن بطرًا أو حبًا في الاستعراض، أنما رغبة وحبًا في استعادة وطنهم من براثن الفاشيين والمجرمين، من عون إلى جعجع إلى نصر الله ونبيه بري وسعد الحريري وجنبلاط، كلهم كلهم أيديهم ملوثة بالدم وعرق الفقراء والمساكين.
الشيء الذي لا أعرفه كيف يقبل جزء من المجتمع اللبناني النزول إلى الشارع مؤيدًا لواحد شبه مومياء مثل ميشيل عون، وصهره جبران باسيل الذي أجره حسن نصر الله لأعلى منصب في الدولة، أي رئاسية الجمهورية في السنوات الثلاث القادمة.
ما الغاية أن تقدموا أنفسكم على يمين الناس وضد مصالح بلادكم لمحاباة رئيس صوري، معطل لحركة الدولة والمجتمع.
من سخرية القدر أو سخرياته أن يكون لميشيل عون اتباع ومريدين؟

وداعًا يا نهر الخابور ـ 5 ـ
نظرت إلى وجه والدي السبعيني, لم أشفق عليه. لم أشعر أن هناك أي شيء يستحق أن أصمت من أجله. وإن حالة الانفصال بيني وبين أبي وأمي والناس قد قطعت نهائيا. لم أشف من هذا المرض ابدًا. إنها الحياة, كل واحد مسؤول عن مصيره وقناعاته, جنونه أو فرحه, هروبه أو وقوفه على أرض صلبة أو رخوة. أعرف أن في داخلي كم هائل من الشجاعة والهزيمة, الخوف وجنون التمرد على نفسي وزمني. قلت له:
ـ لا تخف. لن يفعلوا شيئًا هذه الأيام. أظافرهم مقصوصة هذه الفترة إلى حين. لن ينالوا مني وسأنتقم منهم في عقر دارهم. لن أنكس رأسي بيدهم. أعرف اللعبة. أعرف أنهم أدوات, مجرد شيء يتحرك بإشارات ورموز. إنهم جبناء من رئيس الدولة إلى أصغر عضو فيها. إن حافظ الأسد رجل رذيل ذليل, ضعيف وجبان, حمى نفسه من الناس والمجتمع عبر قوة السلطة وطائفته. إنه أداة بيد الولايات المتحدة في ضبط سورية والمجتمع السوري.
ذهبت إلى هناك, إلى مبنى الأمن السياسي, حيث الحارس واقفًا في قولبته. رميت عليه التحية فرد علي, قلت, أن معلمك يريدني. قال, انتظر. اتصل باسياده, طلبوا منه أن يسمح لي بالدخول. ذهبت إلى الديوان, استقبلني المساعد أول, وطلب مني الجلوس بمنتهى الرقة واللطف. طلب لي كأس شاي, وقال لي:
ـ أرجو منك الانتظار قليلا, المعلم مشغول الأن.
رأيت كم هائل من المراجعين, من وجهاء المدينة. الأمير, وزلم الأمير, تحولوا إلى عشيرة واحدة, عائمون فوق المجتمع. مصالحهم متشابكة في نهبه وسرقته. دخت من الفرجة. شعرت أنني في مبغى, في وكر دعارة, كل واحد يدخل إلى العاهرة ينقطها مالًا, يضاجعها أو يضاجعوه, في هذه العلاقة ليس مهما من هو الذكر ومن هي الأثنى, من هو الفحل أو الديوث. كلاهما, لديه إرادة أن يمارس هذه اللعبة القذرة, إن يتحولا إلى مجرد أدوات رخيصة في لعبة كبيرة. فحول مخصية في تمزيق المجتمع والدولة وتحويل البلاد إلى مبغى كبير, سوق للنخاسة.
مكثت هناك ساعة, بيد أنهم لم ينادوا علي. خرجت من المبنى وذهبت إلى البيت, قلت في نفسي:
ـ نسوا أنني عندهم. يبدو لديهم صفقة أهم من وجود كائن مثلي, مجرد رقم لا قيمة له. شغلهم يتطلب أن يستدعوني كنوع من واجب عابر.
معرفتي بأساليب الأمن أعطاني مناعة في معرفة كيفية إدارة هذه الدولة. التسيب والفوضى لم يكن في الدوائر العادية وأنما في جميع أجهزة النظام والدولة, بما فيها أجهزته الأكثر تأثيرًا على مصالحه.
في اليوم الثاني استدعوني مرة ثانية. ذهبت إليهم, جلست برفقة شاب وسيم, لطيف المعشر, اسمه سمير المصري برتبة ملازم أول. كان يتكلم معي ويبتسم بشكل دائم: قلت له:
ـ لماذا أنت هنا؟ هذا ليس مكانك. يبدو أنك إنسان رائع وفي داخلك قيم الخير والمحبة والطيبة! قال:
ـ البلد مقبل على تغيرات كبيرة ونريد من الجميع أن يتعاونوا معنا لنبني هذا البلد. قلت له:
ـ تتكلم مثلهم تمامَا, المدرسة ذاتها. لن يتغير أي شيء, تريدون تحويل المجتمع كله إلى مخبرين لتجلسوا على جثته كمومياء محنطة. التغيير يا أخ سمير لا يكون بهذا الشكل. التغيير يبدأ من مؤسسات الدولة, تفعيلها, تفعيل الدستور, البرلمان, الحياة السياسية, العودة للمواطن, احترامه وإعادة الاعتبار له دون تهميش أو احتقار.
كان برفقته مساعد أول, كانا ينظران إلي ككائن غريب حط عليهم بشكل مفاجئ. يتكلم بكلمات كأنها ألغاز, وربما لم يفهما علي. صمتا, لم يردا علي. كان في يده سمير جريدة نسيت اسمها, ربما كان اسمها المحرر, يحررها رجل سوري مقيم في أمريكا, يبدو على صلة بأجهزة المخابرات, قال:
ـ اقرأ هذه الجريدة, سترى أننا في الطريق السليم. قلت:
ـ لست بحاجة إلى جريدة كي أعرف ما يحدث في وطني وبلدي. هناك طريق واحد يمكنه أن يخرجنا من هذه المتاهة, هو تفعيل الدستور ومؤسسات الدولة.
بقيت أتحدث مع سمير والمساعد الغبي ساعتين, كل واحد يحاول ان يجر الأخر إلى موقعه, مدركًا من التجربة في السجن أن الحديث مع رجل أمن ضرب من العبث, كلا الطرفين, أنا وهم على مسافة بعيدة, متفارقين, فرجل الأمن لديه مهمة واحدة هي تحويل المجتمع إلى مجرد مدجنة, وينفذ ما يطلب منه رؤوساءه, لا يهمه السياسة والحديث فيها, يساير المتحدث ليجلبه إلى خندقه, أي يحوله إلى مخبر. كان لدي حصانة نفسية من التجربة والخبرة, أن هذه الأمعات مجرد أكياس فارغة, ليس لديهم أي قيمة ذاتية أو إنسانية. إنهم مجرد خواء في خواء من رئيس أكبر مؤسسة مخابرات في الولايات المتحدة إلى روسيا أو الصين, كلهم متشابهين, مجرد أدوات صغيرة رخيصة. مسنن في مسنن, ينفذ ما يطلب منه. إنهم من أحط أنواع الكائنات في هذا الكون. حتى الفيروسات أقل قذارة منهم. كل رجل مرتبط بمؤسسة أمن ينفذ ما يطلب منه دون أي سؤال أو رد فعل, مجرد روبوت.
لم أكن أعرف بالضبط ما حدث في سورية بعد موت حافظ الأسد, كيف جرى تتويج بشار, ومن هم المساهمين في وضعه في منصبه. كنت في سجن تدمر, في عزلة كاملة عن العالم. قال لي الملازم أول سمير:
ـ بعد قليل ستدخل إلى غرفة سيادة العقيد, نائب رئيس الفرع, يريد أن يراك. أتمنى أن تكون لينًا. قلت له:
ـ أنا لين جدًا, ألم ترى ذلك؟
ضحك, برقة.
ـ أي لين يا رجل. أنت أصلب من الصخر.

بمجرد أن خفت لهجة محاربة الإرهاب، أو ما يسمى مفهوم الإرهاب، أنذرنا هذا أو اعطانا المؤشر الصارخ أن الولايات المتحدة تراجعت أو كبحت أو لجمت أو أجلت تعويم داعش وأخواتها كالقاعدة والنصرة وغيرها من المنظمات المسلحة العائمة في أكثر من مكان في العالم بإرشاد منها أو من قبل الدول الفاعلة في النظام الدولي الذي بدأ عليه التناغم والترابط الوشيج بعد سقوط برجي التجارة في نيويورك.
وتراجع الاندفاع الأمريكي المؤقت باتجاه العولمة بعد مجيء ترامب.
صحيح أن العولمة تيار جارف وشديد الترابط الاقتصادي والسياسي والعلمي والإعلامي والتجاري وترابط علاقاته الفوق وطنية، بيد أن هذا التراجع شكلاني أو وضع على الرف أو في الكمون بشكل مؤقت لأن لهذا أسباب اقتصادية وسياسية تخص الوضع الاقتصادي الأمريكي وعلاقة الداخل السياسي في بعضه.
إن ما يحدث مجرد استراحة محارب شرس لترتيب البيت الداخلي الأمريكي لتعود العولمة إلى سابق عهدها مسلحة بالقوة الاقتصادية والسياسية الأكثر تناغمًا مع العولمة.
ربما تحتاج العولمة إلى تنسيق الأقطاب الكبيرة فيه بوشائج أعمق واكثر مرونة حتى تبقى مستمرة ونافذة.
لسنا على مفترق طرق، أنما النظام العولمي يحتاج إلى استراحة وترتيب لينطلق بقوة أكبر.

دولة المؤسسات, هضمت جميع الولاءات الماضوية القديمة في بوتقتها, وفرغت الدين من محتواه, وحولته إلى مجرد تابع مسكين, يلهث وراءها.
تحولت دول المؤسسات الفاعلة, إلى دول مركزية, مهيمنة على التقسيم الدولي للعمل. وأضحت منذ زمن بعيد, منبع السياسات الدولية, سيدة السياسات الدولية بلا منازع.
في ظل المؤسسة الفاعلة, يخضع جميع الناس طواعية, دون تذمر. وتموت الولاءات الجانبية, كالقرابة, والدين, الطائفة, الوطن, القومية, لافتقادهم لحضن دافئ, للبنية الهشة, الضعيفة.
ولاء مجتمع المؤسسة يكون لها, لشروطها, لعقلها المتناغم مع تطور التكولوجية. والصراع على المستوى الكوني وشكل إدارته.


أتالم من أجلك يا أبي. آه, ارهقنا حلمك. لا معنى لمسرحك, ما دام هناك سيف. أراك لا تكل أو تمل أو تتعب!
غرق قبل الأوان بين الأوراق والكتب. وراح يفكر طويلاً. بقيت أغالب النعاس لأجلس معه, أبقى إلى جانبه. أرى عينيه, وحيدًا على ذلك الكرسي الخشبي الصلب. الكانون يرقص, يضرب الحطب. وجه والدي يتمايل مع تمايل النار والضوء. صافرات السفن تشفق علينا وتبدد الخوف عن أجفاننا.

يا جماعة الخير, أنتم مخطئين. أوباما ليس رئيسًا للولايات المتحدة كما تظنون وتعتقدون. هناك خطأ في الحسابات.
أوباما رئيس كينيا.
من الممتع أن نرى دولة عظمى في عصره وقد تحولت إلى دولة ضحلة, مائعة, لا رائحة لها, لا صوت, ولا صورة.
شكرا اوباما أنك جعلت الجميع يحتقرونك لأنك أصبحت أضعف رئيس دولة في العالم كله.
ولك حتى سلطان بروناي, حسن بلقا صار أقوى منك.

في كل بناية, يوجد غرفة صغيرة لرمي الفضلات الجامدة في حاويات خضراء. واحدة للمواد المعدنية وأخرى للزجاج الملون, للزجاج العادي, للبلاستيك, لفضلات الطعام, للورق المقوى/ كرتون/ وللمواد الكهربائية. وكل واحدة عليها رسومات تشير بوضوح للمكان المطلوب الرمي فيه.
عندما كان الحي مملوءاً بالسويديين, كنت أرى النظافة والترتيب. وكل شيء في مكانه الصحيح.
اليوم أمتلأ الحي بالأشقاء من عالمنا الثالث.
عندما أهم بدخول الغرفة أشعر بالإقياء والقرف. أرى الحواجز المتراكمة من الأوساخ على فم الباب والداخل. وعلي أن أقفز فوق المواد المرمية هنا وهناك. وكأنني في سيرك. يخلطون المواد في كيس واحد, ومن فم الباب يرمونه في الهواء. ووين ما يقع يقع.
منذ اللحظة التي أدخل فيها إلى الغرفة إلى حين خروجي منها أبصق على نفسي, علينا. على قرفنا. وعلى تخلفنا وعدم احترامنا للمكان والناس الذين استقبلونا في ديارهم.
إذا كنا لا نعرف نرمي الزبالة, ولا نريد ان نتعلم منهم أي شيء له علاقة بالحضارة الحديثة. لماذا ذهبنا إليهم وعشنا بينهم؟
يمكن البعض يقول, هذه مسائل بسيطة, لماذا الحديث فيها, بيد أن السوائل:
ما هي المسائل الكبيرة التي جاء من أجلها جماعتنا إلى هذه البلاد؟

تثبت الأيام أننا عائمون على بنية اجتماعية مخلخلة. ولم تفعل السلطات المتعاقبة الا في زيادة الهوة في العلاقات الاجتماعية.
ويبدو أننا استمرأنا هذا الوضع, وندفعه دفعًا نجو الانقسام والتشرذم إلى أن نصل في النهاية إلى تفكيك البلد كله وتقسيمه على رؤوسنا جميعًا.
أي خراب يقبع في ذواتنا حتى نصل إلى هذه الرغبة المجنونة. أن نقتل بعضنا بدم بارد دون أي شعور بالمسؤولية الإنسانية والوطنية ومستقبل بلدنا وأطفالنا.
ستكسب الطائفة ذاتها على حسابكم يا ناسنا.

قسم كبير من الناس بقوا على مسافة من المعارضة والسلطة. له أسباب كثيرة جدًا. أخرها البعد الطائفي.
الناس يأتون إليك عندما يشعرون إنك تمثلهم سياسيًا, اجتماعيًا, اقتصاديًا وأخلاقيًا. وإنك تضمن مصالحهم, حياتهم الحرة الكريمة. عندما يشعرون, أنه, يمكنهم, الإتكاء عليك في حماية أمنهم وأموالهم وأعراضهم ومستقبلهم ومستقبل اولادهم.
الشتائم لا لزوم لها. واتهام البعض للبعض الاخر بأنه طائفي, نابع عن عجزنا وقصورنا وضعف تمثيلنا السياسي والاجتماعي والاقتصادي.
لا يشتم إلا العاجز, الضعيف.

سعد الله ونوس, بالنسبة لي, يمثل قيمة أدبية وثقافية عالية. واشعر بالفرح أنه من وطني وبلدي الحبيب سوريا. إنه قامة وطنية كبيرة, ومن يرجمه أو يتناوله بالسوء لا يعرف ماذا كتب وماذا فعل.
الكثير عماهم الحقد الطائفي. ولم يعد يميزون الغث من السمين. أصبح كل شيء لديهم شوربة. لونين. وأصبحت الحياة لديهم أما أبيض أو أسود.
لا أعرف ماذا يمكن للمرء أن يقول؟
فقط أريد القول. نحن في القرن الواحد والعشرين يا ناس.
اعقلوا



#آرام_كربيت (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هواجس في الأدب والسياسة والفكر 337
- هواجس فكرية ــ 336 ــ
- هواجس ثقافية أدبية سياسية فكرية 335
- هواجس إنسانية وسياسية ــ 334 ــ
- هواجس عالمنا ـ 333 ــ
- هواجس تمس الواقع ــ 332 ــ
- هواجس تمس الدولة والحرية ــ331 ــ
- هواجس إنسانية 330
- هواجس أدلبة 329
- هواجس ثقافية 328
- هواجس قديمة 327
- هواجس في الأدب ــ 326 ــ
- هواجس اجتماعية فكرية أدبية 325
- هواجس فنية وسياسية واجتماعية ــ 324 ــ
- هواجس وأشياء من الذاكرة 323
- هواجس ثقافية ــ 322 ــ
- هواجس ثقافية وفكرية ــ 321 ــ
- هواجس عامة ــ 320 ــ
- هواجس أدبية ــ 319 ــ
- هواجس أدبية وفكرية وسياسية ــ 318 ــ


المزيد.....




- كيف تسهم صناعة التأثير في مجابهة التفاهة المنظمة؟
- الوثائقي جسور (الجزائر) يحصد جائزة مهرجان زيلانت الدولي  
- ترامب بعيون صناع السينما.. أعمال تروي حياة الرئيس الأكثر إثا ...
- تحديث تردد قناة كوكي كيدز 2024 على النايل سات وعرب سات بجود ...
- وفاة عملاق الموسيقى الأمريكي كوينسي جونز عن عمر يناهز 91 عام ...
- شيماء سيف: كشف زوج فنانة مصرية عن سبب عدم إنجابهما يلقى إشاد ...
- فيلم -هنا-.. رحلة في الزمان عبر زاوية واحدة
- اختفى فجأة.. لحظة سقوط المغني كريس مارتن بفجوة على المسرح أث ...
- رحيل عملاق الموسيقى الأمريكي كوينسي جونز عن 91 عاماً
- وفاة كوينسي جونز.. عملاق الموسيقى وأيقونة الترفيه عن عمر 91 ...


المزيد.....

- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - الادب والفن - آرام كربيت - هواجس أدبية وإنسانية ــ 338 ــ