عماد عبد اللطيف سالم
كاتب وباحث
(Imad A.salim)
الحوار المتمدن-العدد: 8150 - 2024 / 11 / 3 - 00:17
المحور:
الادب والفن
عندما أستمِعُ إلى أغاني فيروز في لحظاتِ الحربِ هذه، تأخذني المفرداتُ إلى غيرِ ما كانت تأخذني إليهِ، عندما كانت فيروزُ تُغنّي بسلامٍ أليف.
لم أعُد أُصدِّقُ أن طيرِ "الوروار" لا يجفلُ من القصفِ في الجنوبِ والبقاعِ والضاحيّة.
ولا كيفَ تتحوّلُ قُرى مثل "ميسُ الريمِ" إلى "ميسِ الجبل".
ولا كيفَ أصبحت "كحلونُ".. "عترون".
ولا كيف أصبحت "تنّورينَ".. "يارون".
لا الوادي هو الوادي، ولا الجبلُ هو الجبلُ، ولا السَفحُ هو السَفحُ، ولا الزيتونُ هو الزيتونُ، ولا الليمونُ هو الليمونُ.. لا هو الطَعْمُ ذاتهُ، ولا هيَ الرائحةُ ذاتها.
لا "شادي" هو "شادي"، الذي سينساهُ الدفءُ في الثلجِ القادمِ، ولا هي الأسماءُ المكتوبَةُ على رملِ الطريقِ أو على الحَورِ العتيقِ سواءً بسواءٍ، ولا هي الوجوهُ و"الصُواتُ" ذاتها التي كانت تُضيءُ "طريقَ النحلِ" ذاك، بقناديلِ حزننا المُتعَبة.
حتّى الفقدان، حتّى الخُذلان، حتّى الأحبّةُ الذين "رِكبوا عَرَبيّاتِ الوقتِ وهَرَبوا بالنسيان"، لم يعودوا كما كانوا.. لا هو ذاتُ الجُرحِ، ولا هي السكاكينُ ذاتها.
وحدهُ لبنانُ باقٍ في أُغنيةٍ لم تتّسِخ بعد بهذا السَخامِ طويلِ الأجل.
وحدهُ لبنانُ.. لبنانُ "الحُلوُ".. هو الذي تتوسّلُ إليهِ فيروزُ الآنَ، أن يُعيدَ الاصغاءَ إلى هذا البَوْحِ السابقِ شديدِ العذوبة، لعلّهُ يكونُ رؤوفاً بأهلهِ، فيحِنُّ عليهم، ويبقى:
" ياحلو شو بخاف إنّي ضيَّعَك.. نمرُق على الجسرِ العتيق.. وتروح منّي بهـ الطريق.. لَوِين ما تقلّلي وتاخدني معك.
اعمِلني متل خاتم دهب في اصبعَك.. اترِكني حاكيك وأسمعك.. خدني على قلبك معك..
دَخلَك بخاف.. بخاف.. بخاف..إنّي ضيّعَك.
يا حلو.. يا حلو.. يا حلو".
#عماد_عبد_اللطيف_سالم (هاشتاغ)
Imad_A.salim#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟