|
للذين قالوا لا للمدنية من بريطانيا!
بثينة تروس
(Buthina Terwis)
الحوار المتمدن-العدد: 8150 - 2024 / 11 / 3 - 00:13
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
إننا نهنئ الاعداد المهولة للسودانيين ببريطانيا الذين خرجوا يتظاهرون ضد المدنيين المجتمعين لإيجاد حلول لوقف الحرب ونزيف الدم بالوطن، خرجوا رافعين شعارات استمرار الحرب (بل بس) وجيش واحد شعب واحد.. تهنئتنا منبعها تقديرنا لعظمة الديموقراطية وممارسة الحريات العامة في ظل امن وحماية الجيش البريطاني الموحد بلا مليشيات. وفي ذات الوقت نتساءل كيف انتهي الحال بهذه التجمعات الضخمة إلى استبدال المواطنة في البلد الاصل واستبدالها بالعيش في صحبة ذوي الأصول الأنجلو سكسونية، والنورمانية؟! فهؤلاء السكسون قطعاً لا يمتون بصلة دم (للعباس) عم النبي سيد الخلق عليه الصلاة والسلام! تلك الصلة المُدّعاة والتي قامت على اسسها الحرب الدينية في جنوب السودان وانتهت بفصله وقد ذُبح ثوراً أسوداً كرمز لنقاء العروبة الإسلامية بعد هذا الانفصال.. وقامت أيضا مجازر دارفور وما تبعها من تكوين مليشيات الجنجويد التي خرجت من رحم الجيش، على الأسس العرقية الاثنية، لتنقية العربة من الزرقة كما تفتقت تلك الفكرة في عقول قادة الحركة الإسلامية.. لقد لجأ هؤلاء المتظاهرون إلى دولة لا تقيم الشريعة الاسلامية، ولا يحمل تلفزيونها القومي شعار (لا الله الا الله).. كما أن في دستورها سعة من الحريات تجعل العيش في ارضها رجزاً من عمل الشيطان، خاصة للقابضين على جمر دينهم، حيث يقنن على سبيل المثال لا الحصر، العلاقات الجنسية خارج أطر الزواج، وتتوفر البارات ودور الدعارة وزواج المثليين ونوادي العري للجنسين.. كما تتوفر الحريات التي لا تعترف بها دولتهم مثل حرية الأديان والمعتقدات، بما في ذلك الإلحاد، والاعتراف بإسرائيل، ومحاربة الإرهاب حتى أن هنالك من يتهمها بالاسلاموفوبيا! أيُعقل فرضيا ان أرض الدولة الإسلامية قد ضاقت بهؤلاء في ظل هيمنة سلطة الحركة الاسلامية والمشروع الحضاري الإسلامي، وكثرة المساجد، وتوفر فرص الجهاد وعرس الشهيد وزواج الحور العين؟!! فقد احتكرت الحركة الإسلامية في السودان المؤسسة العسكرية برمتها، وقدمت لها القرابين كرتب عسكرية عالية يتمتع بها من ينتمون اليها من صفوفهم، وأموالا طائلة تعادل 82٪ من خزينة الدولة، ومكنت البقية من عضويتها سياسيا واقتصادية، بمشروعات تدار خارج ميزانية الدولة، احتكروا فيه المال العام والخاص.. لماذا ترك هؤلاء كل هذا وراء ظهرهم ولجأوا الي دويلة الكفر والإلحاد، بعد ان بشرهم قادتهم بأن (أمريكا روسيا قد دنا عذابها)؟؟ ام انهم امتثلوا الامر الالهي (أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا) فلجأوا الى بريطانيا التي استعمرت الوطن سابقا لعلمها بخيراته وأنه (سلة غذاء العالم)؟!! ام لعلهم هربوا حين لم يجدوا الحريات التي في ظلها يتظاهرون، ثم لا تكون عاقبة امرهم، طلقة طائشة من جهة مجهولة، أو سجنا في بيت من بيوت الاشباح؟! او ربما خوفاً من انعدام العدالة التي يجيز قضاتها العاطبون، خدام السلطة الحاكمة، وظيفة اختصاصي اغتصاب في دولة الشريعة الإسلامية؟! ثم يعجز هؤلاء المتظاهرون، وقد وُجد بينهم من ارتكب جريمة اغتصاب أطفال وحكم عليه بالإعدام وأودع السجن في السودان، فإذا هو يتظاهر مع هؤلاء ضد حمدوك في شوارع لندن، ويهتف ضده، ويطالب بالكشف عمن باع دم الشهداء و(بي كم)!! نعم كان هذا هتافهم ضد حمدوك، رغم انهم يعلمون من قتل الشهداء، حتى تكدست بهم المشارح في الخرطوم والتحمت الجثث على ارضيتها وسال مزيجها فيضاً يسعي بين الناس ينادي بالقصاص!! او لعل هؤلاء قدموا لإنجلترا بحثاً عن السلام الذي لم تشهده الدولة منذ خروج بريطانيا المستعمرة منها؟! او يا ترى اشتهت نفوسهم نعمة التعليم والعولمة، والرعاية الصحية، والتنمية المستدامة وخدمات بلا صفوف الماء والرغيف والسكر، او كهرباء وفاكهة غير ممنوعة؟! وجميع ذلك يمكن اختصاره في عبارة (الحياة الكريمة) التي من وهبها الله للإنسان كحق طبيعي يولد معه وهو حق الحياة وحق الحرية.. اذن لماذا يضنّون بها على المساكين العزل، الهائمين على وجوههم بسبب هذه الحرب، يبحثون عن مأوى آمن ولقمة عيش لأطفالهم أو جرعة دواء لمرضاهم، وقد حالت دون ذلك مليشيات الدعم السريع المجرمة ومليشيات الجيش وكتائبه من الجماعات المهووسة، التي لا تريد أن تدعهم وشأنهم، فقد رضوا بالهم والهم لم يرض بهم، إذ مع استمرار الحرب يستمر القصف اليومي لمنازلهم وأسواقهم بالطيران وبالمدافع الثقيلة، ويتم تهجيرهم من قراهم، ويتم قتل أبنائهم، لمجرد الاتهام بالتعاون مع الفريق الآخر، او الانتساب لقبيلة يرجح انها تمثل حاضنة للطرف الآخر، كما حدث في قرى الجزيرة ومدينة الحلفاية ومدينة الدندر.. أما كان الأجدر بهؤلاء اللاجئين لدول الغرب من شرور بلادهم ومن فتنها وحروبها أن يطالبوا بإيقاف هذه الحرب حتى يتمتع من تركوهم خلفهم، ممن لا يقوون على الهجرة، بنفس القدر من الأمن والسلام، الذي ينعمون هم به، او على الأقل يتركوا من اتى لهذا الغرض ليقوم بما يراه الواجب المباشر.. بدلا من استغلال الفرصة التي وهبها لهم الله في الاستعراضات العسكرية العبيطة والمحروسة بالشرطة البريطانية في شوارع لندن؟! وإذا لم يقووا على ذلك فلا أقل من أن يكونوا صادقين وينضموا لصفوف معركة الكرامة، بالاستجابة لدعوة الاستنفار وطلب الشهادة وتحرير البلاد من دنس مليشيات الدعم السريع، كما يدعون بدل الهتاف في شوارع لندن (جيشا واحد شعب واحد) والكيد لمن يحاول وقف الحرب! وكيف سولت لهم نفوسهم بعد تلك الاستعراضات البهلوانية الرجوع الي اهلهم ومنازلهم وهم آمنين وفرحين بأنهم حققوا إنجازا ونصرا عظيما في الوقت الذي لم يفعلوا سوى تشجيع أحد طرفي النزاع بالاستمرار في المزيد من القتل والتشريد لأهلهم في السودان؟!!!
#بثينة_تروس (هاشتاغ)
Buthina_Terwis#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
كارتيلات اخوانية وشعب في محنة!
-
الي متي يلد الجيش ويبارك الشعب؟!
-
السفير شرفي وراية السلام في الظلام!
-
الفريق العطا الجنرال والوصاية الجبرية!!
-
مشمعات المفوضية سبب الشكية!
-
صوت الكنداكات وتنابلة السلطان!
-
هواهم يجافي جنيف والجنينة!
-
البرهان وساعتا التوهان!
-
دبلوماسية (صرف البركاوي)!
-
أم قرون ودواس الساسة الذكوريون!
-
قلوب الاَثمين اَسنة من الظلم!
-
قول عسكرية.. قول جاهزية!
-
صناعة الموت! حرب المسيرات
-
يا ضريح الشعب الحزين!
-
الهيافة في الحرب المنسية!
-
دواعش الجيش والرهان الخاسر!
-
محمود جنا طه.. رجل السلام!
-
أيها الجنرال هل للثعالب دينا؟
-
الروبوبعاتي يهزم الفلول عسكرياً والشعب يريد السلام
-
خنادق البرهان ورعونة الدعم السريع
المزيد.....
-
متظاهرون متعاطفون مع غزة يقطعون حديث كامالا هاريس مرتين.. كي
...
-
بايدن يعلن جنوب شرقي نيو مكسيكو منطقة كارثة كبرى
-
ترامب وهاريس.. سباق محموم في ويسكنسن وبنسلفانيا
-
بعد تسريحه من العمل.. موظف في -ديزني لاند- يخترق نظام الكمبي
...
-
الكويت توقف اعتماد جامعات وتحذف برامج دراسية أمريكية دون توض
...
-
حزب شولتس يعتزم إشراك المواطنين في إعداد برنامجه الانتخابي
-
خامنئي يتوعد -بالعبرية والفارسية- الولايات المتحدة وإسرائيل
...
-
إعلام محلي: خلافات داخل الائتلاف الحاكم في ألمانيا تهدد بانه
...
-
-نيويورك تايمز- تكشف عن رسالة واحدة من ماسك لترامب غيّرت مسا
...
-
-حماس- تفضح سر لعبة تبادل الأدوار -الدموية- بين أمريكا وإسرا
...
المزيد.....
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
-
الخطاب السياسي في مسرحية "بوابةالميناء" للسيد حافظ
/ ليندة زهير
-
لا تُعارضْ
/ ياسر يونس
المزيد.....
|