|
الانتخابات الامريكية ووسائل ادارة النفوذ في العالم
عبدالله سلمان
كاتب وباحث
(Abdallah Salman)
الحوار المتمدن-العدد: 8148 - 2024 / 11 / 1 - 21:55
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
يترقب العالم بحذر بالغ مخرجات الانتخابات الأمريكية التي تجري كل أربع سنوات حيث تمتد تأثيراتها إلى خارج حدود الولايات المتحدة لتشكل مسار السياسات الدولية في العديد من القضايا الساخنة. فمع كل دورة انتخابية تتصاعد التكهنات حول الاتجاهات التي ستتخذها السياسة الأمريكية حيال مناطق مثل الشرق الأوسط وعلاقاتها مع قوى دولية كبرى كالصين وروسيا. ويكتسب هذا الترقب أهميته من تباين رؤى الحزبين الرئيسيين في الولايات المتحدة " الجمهوري والديمقراطي" إزاء قضايا الأمن القومي والاقتصاد العالمي والسياسات الخارجية. ومن هنا لا تتحدد نتائج الانتخابات الأمريكية بمصير السياسة الأمريكية الداخلية فحسب بل يمتد تأثيرها إلى إعادة صياغة النفوذ الأمريكي على الساحة الدولية بشكل قد يُحدث تغييرات استراتيجية تؤثر على استقرار الشرق الأوسط وتوازن القوى العالمية . على الرغم من التغييرات التي تجريها الانتخابات الأمريكية على مستوى القيادة كل أربع سنوات فإن تاريخ السياسة الخارجية الأمريكية يظهر استمرارية في النهج الجيواستراتيجي العام بغض النظر عن الحزب الحاكم تبقى النظرة الاستراتيجية للولايات المتحدة ثابتة في كثير من الملفات الدولية الرئيسية حيث تبقى مصالحها الأمنية والاقتصادية في مقدمة الأولويات الا ان كل حزب يدير شؤون الدولة من منظور أيديولوجي مختلف لكن ذلك لا يغير بصورة جوهرية من توجهاتها في طريقة تعاملها مع المنافسين العالميين مثل الصين وروسيا . نخلص في هذا المقال إلى أن سياسة الولايات المتحدة تجاه الشرق الأوسط تميل إلى الاستمرارية في أهدافها الجيوأستراتيجية على الرغم من التباين الظاهري بين الحزبين الديمقراطي والجمهوري في الأساليب والتكتيكات. فبينما يفضل الديمقراطيون اللجوء إلى الدبلوماسية والتحالفات متعددة الأطراف يميل الجمهوريون إلى تبني مواقف أكثر صرامة واستعراضاً للقوة. ومع ذلك، تظل المحاور الرئيسية للسياسة الأمريكية ثابتة إلى حد كبير في تأمين المصالح الاقتصادية و ضمان استقرار حلفائها في المنطقة واحتواء النفوذ الإقليمي للقوى المنافسة مثل إيران والحد من تأثير الصين وروسيا في الشرق الأوسط . يتجلى هذا الثبات الجيواستراتيجي عبر تركيز الحزبين على تحقيق النفوذ الأمريكي وحماية مصالحها في الشرق الأوسط الغني بالموارد والموقع الاستراتيجي الدولي وضمان بقاء الولايات المتحدة قوة رئيسية على الساحة الدولية. ان تتغير التكتيك وتتفاوت استخدام الأدوات تبقى الاستراتيجية في مجملها متوافقة بين الحزبين على مدار التاريخ السياسي الأمريكي الطويل ما يجعل التغيير الفعلي في سياسات الولايات المتحدة الخارجية أمراً محدوداً حتى مع تناوب السلطة بين الحزبين . ان الحزب الجمهورية لديه استراتيجية في التعامل لتامين التفوق الامريكي يطلق عليها "الاستراتيجية الواقعية " التي تعتمد بشكل أساسي على استخدام مصادر القوة الأمريكية المباشرة بما في ذلك القوة العسكرية والاقتصادية بشكل فعلي وملموس لتحقيق أهداف السياسة الخارجية يتجلى هذا النهج في أمثلة بارزة مثل احتلال العراق واستخدام العقوبات الاقتصادية القاسية إضافة إلى الضغط المباشر على حلفاء الولايات المتحدة في الاتحاد الأوروبي وعلى الصين لتحقيق مصالحها . من جهة أخرى يتبنى الحزب الديمقراطي نهجاً أكثر اعتماداً على القوة الناعمة فيسعى إلى استراتيجية "توظيف المؤسسات الدولية" التي تهيمن عليها الولايات المتحدة، مثل منظمة الأمم المتحدة وصندوق النقد الدولي ومنظمات أخرى كوسائل لتحقيق أهدافها. يعكس هذا التوجه رغبة الديمقراطيين في بناء توافق دولي حول السياسات الأمريكية مما يظهر الحزب وكأنه يفضل تحالفات متعددة الأطراف واعتماد شرعية دولية ينسجها حوله . اما في الجانب الاقتصادي الدولي يتفق الحزبان الجمهوري والديمقراطي على أهمية الحفاظ على قوة الدولار في السوق العالمية إذ يمثل الدولار الأمريكي أساس النظام المالي العالمي وأداة رئيسية للنفوذ الاقتصادي والسياسي للولايات المتحدة. ومع أن الحزبين يتباينان في أساليب تحقيق هذا الهدف فإنهما يتشاركان في الأهداف الرئيسية التي تهدف إلى تعزيز قوة الدولار وضمان دوره المهيمن في التجارة العالمية . ان مواقف الحزبيين من قضايا الشرق الاوسط خصوصا والعلاقات الدولية عموما واحدة لكنها تختلف باستخدام الادوات على سبيل المثال الموقف من جرائم الاحتلال الإسرائيلي في غزة ولبنان يتلاشى الخلاف بين الحزبين الجمهوري والديمقراطي إذ يبدو كلاهما في سباق لدعم إسرائيل لأسباب استراتيجية وسياسية. فإسرائيل تمثل قاعدة أمريكية متقدمة في الشرق الأوسط مما يجعل دعمها ركيزة لضمان النفوذ الأمريكي في المنطقة. إلى جانب ذلك يسعى الحزبان لكسب تأييد اللوبي الصهيوني المؤثر في الحياة العامة الأمريكية عبر نفوذه الاقتصادي والإعلامي والذي يُعد قوة ضغط قوية في الانتخابات ودعم المرشحين . اذا لا ينبغي لنا أن نعوّل على فوز أي من المرشحين، سواء كامالا هاريس أو دونالد ترامب لإنهاء دائرة العنف والقتل في الشرق الأوسط ما لم يكن هناك موقف جاد وحازم ضد نزعة العدوان والتوسع التي يمارسها الكيان الصهيوني. إن التغيير الحقيقي في مسار الصراع يتطلب إرادة سياسية تتجاوز حدود المصالح الضيقة والتحالفات التقليدية وترتكز على مبادئ العدالة وحقوق الإنسان هذه المباديء التي الغيت من القاموس السياسي الدولي بسبب خضوع الادارة الأمريكية للضغوط والنفوذ الذي يمارسه اللوبي الصهيوني مما يعزز التخاذل عن مواجهة الجرائم والانتهاكات المتواصلة ضد الشعب الفلسطيني .
#عبدالله_سلمان (هاشتاغ)
Abdallah_Salman#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
من احتلال بغداد الى دمــار غزة
-
السطو الاعظم
-
المقترح الامريكي لانهاء العدوان على غزة لماذا الان ؟
-
تعريف كتاب العلمانية منهج فكري ام عقيدة دينية (رؤية تحليلية
...
-
تحت وطأة التحديات فشل استراتيجية الردع في الشرق الأوسط
-
تجاوزات الاعلام الغربي ، استخفاف واستغفال مواطنيهم
-
اشكالية الانسان في الاعلان العالمي لحقوق الانسان
-
للانتصار وثبة وفرح
-
مسرحية التبادل تمثيل امريكي هابط
-
بلينكن واكاذيب امريكا المتجولة
-
قراءة في المشروع الامريكي – البريطاني في تكوين شرق اوسط جديد
...
-
محمد شياع السوداني وبناء عالم افتراضي
-
مهرجان البصرة الرياضي والهوية الوطنية العراقية
-
كم انت طيب يا صديقي
-
التوافقية في العراق مشروع استعماري
-
فوضى المفاهيم لدى السياسي العراقي
-
اضاءة في مسار الثورة العراقية التمثيل السياسي بين العام والخ
...
-
عصيان المدني من أجل انهاء المعاناة وليفهم العالم قضيتنا
-
إتفاق سجنار خطوة لتقسيم العراق
-
الانتخابات العامة ومقومات نجاحها
المزيد.....
-
في السعودية.. اكتشاف أول من نوعه لقرية أثرية من العصر البرون
...
-
مستشفيات لبنان في مرمى النيران مع احتدام الحرب.. شاهد ما كشف
...
-
إصابة 3 أطفال جراء إلقاء طائرة مسيرة إسرائيلية قنبلة على عيا
...
-
بعد -الخط الأول-.. الجيش الإسرائيلي أمام خيارين في لبنان
-
-الناخبون يواجهون أسوأ اختيار رئاسي في تاريخ الولايات المتحد
...
-
إسبانيا تحت الصدمة.. استمرار البحث عن الجثث بعد الفيضانات ال
...
-
فضيحة أمنية تهز إسرائيل: وثائق مسربة من مكتب نتنياهو عثر علي
...
-
جيمس آرثر بلفور المشؤوم
-
-كتائب القسام- تعلن مقتل وجرح عناصر قوة إسرائيلية في تفجير م
...
-
معاريف عن الجيش الإسرائيلي: الكوماندوز البحري نفذ إنزالا في
...
المزيد.....
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
-
الخطاب السياسي في مسرحية "بوابةالميناء" للسيد حافظ
/ ليندة زهير
-
لا تُعارضْ
/ ياسر يونس
المزيد.....
|