|
قراءة إنطباعية في رواية ( خريف ألشرق ) للأديب راسم ألحديثي
حيدر جواد كاظم
الحوار المتمدن-العدد: 8147 - 2024 / 10 / 31 - 19:14
المحور:
الادب والفن
قراءة إنطباعية في رواية ( خريف ألشرق ) للأديب راسم ألحديثي
أهداني ألروائي وألباحث ألأدبي راسم ألحديثي مشكورا نسخة من روايته ألموسومة ( خريف ألشرق ) بطبعتها ألثانية عن ( ألنخبة للطباعة وألنشر وألتوزيع - 2020 م ) والتي عدها رواية سيرية وهي ألمنجز ألثاني من سلسلة أعماله الكاملة . و( خريف ألشرق ) الذي هو أيضا خريف عمر ألكاتب سردية تضع ألمتلقي في الصورة ألقاتمة لشطر من حياته قضاه بين أقبية ألسجون في زمن ألدكتاتورية الذي غشي ألعراق لردح من ألزمن كان وما زال يمثل واحدا من أسوا ألكوابيس ألسوداء التي أحاطت بشعب عانى من تسلط همجية لا تنطوي على ذرة من معالم ألإنسانية وضعته في منأى عن مسار ألتاريخ بما يفيض من معطيات حضارية إرتقت بسائر ألبشر الى آفاق تحمله على أداء رسالته ألانسانية ألسامية بحماس مشوب بالأريحية . ولا شك أن عنوان ألرواية يسحب ذاكرة ألمتابع إلى رواية ألكاتب الكولمبي ( غابريل ماركيز ) في رسم صورة ألقاسم المشترك بين ألأنظمة الدكتاتورية في سائر أنحاء ألارض حيث يمسك ألطاغية بتلابيب ألسلطة بإنتهاج أبشع وأقسى ألأساليب وألسلوكيات .وفيما نسج ماركيز وقائع روايته من نهج مجموعة من ألفاشيين من طغاة أمريكا أللاتينية إستمد ألحديثي حيثيات روايته و مفاصل أحداثها ومعظمها واقعية من أجواء بلاده ( ألعراق ) التي لا تنأى عن ألأذهان صور رعبها وقسرية ألإخضاع فيها لإرادة ألسلطة ألتي كانت تفرض على ألإنسان متبنياتها وترغمه على ألرضوخ لها بكل جوارحه من أجل ألحفاظ على جرعة هواء يستنشقها كي يبقى على قيد ألحياة لأكثر من ثلاثة عقود إمتدت من أواخر ستينات ألقرن العشرين وحتى بدايات ألقرن ألحادي وألعشرين .رواية ألحديثي تتشكل فيها ألمعاناة ألعامة من خلال معاناته ألشخصية ممزوجة بمعاناة رفاق السجن حيث يجتمع ألضحايا على حياة لها خصوصيتها ألتي نجح ألكاتب في وضع ألقارئ في صورها ألمرعبة داخل معتقلات ألنظام ألبعثي حيث إعتقل لأسباب سياسية عامي 1982 و 1984 فضلا عن معاناته ألإستثنائية حين كان يودع في زنزانة لوحده في إجراء ( إنضباطي ) إشتهر بإسم ( ألحبس ألإنفرادي ) ألذي يبعث أحيانا على ألجنون على حد توصيف ألكاتب . لغة ألرواية جاءت سلسة وبإسترسال مشوق ينطوي على إيحاءات تبعث برسائل إنسانية مشوبة بتلميحات سياسية تكشف عن توجهات ألكاتب اللبرالية حيث ألإدانة ألصريحة لمن يعدون ألإنتماء ألفكري او ألتمتع برأي هو جريمة يطالها ألظلام ( األذي يلفنا بردائه وألقدر ألمحتوم الذي لا مفر منه وألسعلاة ألسوداء التي تخرج من النهر تعيش بيننا تغرينا بالإقتراب منها تنقض علينا وتفترسنا ) .وألرواية على صغر حجمها لي أن أزعم وبنفَس حيادي أنها يمكن أن تورق مشاريع أدبية وفكرية لم تأخذ مدياتها ألمفترضة في أذهان ألأجيال ألمقبلة ألمتطلعة لحياة تنتمي إلى ألعالم ألمتحضر .ذلك ألأستاذ ألجامعي ألذي ينوء بتهمة ألتبعية الإيرانية وهو لم يلج عالم ألسياسة ولم ير إيران في حياته وذلك الذي تهجم على ألرئيس بشهادة أحد أفراد عائلته وذلك الذي تأمل بصوت عال أن ينقلب نظام ألحكم وتلك الأم التي أدمنت ألنصح لأولادها بأن يمسكوا ألسنتهم عن أي نقد للسلطة وذلك ألذي حكم بالإعدام لأنه فكر بتأسيس حزب معارض وذلك ألذي كلف بمراقبة ألمعارضة في أحد ألبلدان ألعربية بطريقة تمثيل تبني ألإنتماء لها وغير هذه من رؤوس ألموضوعات ألمحتشدة في عقول المفكرين كلها محفزات لأعمال يمكن أن تطفو على سطح ألمنجز ألفكري وألأدبي بتنوع أشكاله ومساراته .ومما يسجل للكاتب تطرقه إلى حضور ألقضية ألفلسطينة في زنازين ألنظام إذ عرج على مشهد وجود أشبال فلسطينيين سيقوا إلى غياهب ألسجون جراء إنتمائهم إلى منظمة تتقاطع مع منظمة أخرى يحتضنها ألنظام في ألعاصمة ألعراقية . ولا تخلو ألرواية من نفحات شاعرية تشي عن رهافة حس ألكاتب ( خيط شمس يتغور بين ثنايانا يوقظنا لنتهيأ لحركة القاعة ألدؤوب...وحين ينسحب خيط ألشمس تنسحب معه أرواح مبعثرة فتسكن تلك ألضجة ألمرعبة .. ) . وبعد فإن أكتوبتي ألعاجلة عن ألرواية ألمهداة وضعتني في مواجهة أحد إصدارات مؤسسة ألسجناء ألسياسيين ألذي ضم دراسة موضوعية فنية في مختارات من قصائد ولدت من رحم تجارب لأناس جمعهم عالم فريد حدوده ضيقة بجدران ألسجن ( قصائد ألسجون في ألشعر ألعراقي في النصف الثاني من ألقرن ألعشرين ) فأرى أن رواية ألحديثي هذه تحفز لإطلاق دعوة متواضعة لتوسيع تجربة أدب ألسجون عبر جهود مضافة لما تبذله تلك ألمؤسسة لتتحول من ومضات إلى شلال ضوء يعزز خيارات ألأبناء نحو حياة ألحرية . .
#حيدر_جواد_كاظم (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
توم يورك يغادر المسرح بعد مشادة مع متظاهر مؤيد للفلسطينيين ف
...
-
كيف شكلت الأعمال الروائية رؤية خامنئي للديمقراطية الأميركية؟
...
-
شوف كل حصري.. تردد قناة روتانا سينما 2024 على القمر الصناعي
...
-
رغم حزنه لوفاة شقيقه.. حسين فهمي يواصل التحضيرات للقاهرة الس
...
-
أفلام ومسلسلات من اللي بتحبها في انتظارك.. تردد روتانا سينما
...
-
فنانة مصرية شهيرة تكشف -مؤامرة بريئة- عن زواجها العرفي 10 سن
...
-
بعد الجدل والنجاح.. مسلسل -الحشاشين- يعود للشاشة من خلال فيل
...
-
“حـــ 168 مترجمة“ مسلسل المؤسس عثمان الموسم السادس الحلقة ال
...
-
جائزة -ديسمبر- الأدبية للمغربي عبدالله الطايع
-
التلفزيون البولندي يعرض مسلسلا روسيا!
المزيد.....
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
-
السيد حافظ أيقونة دراما الطفل
/ د. أحمد محمود أحمد سعيد
-
اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ
/ صبرينة نصري نجود نصري
-
ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو
...
/ السيد حافظ
-
السيد حافظ أيقونة دراما الطفل
/ أحمد محمود أحمد سعيد
-
إيقاعات متفردة على هامش روايات الكاتب السيد حافظ
/ منى عارف
المزيد.....
|