أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - قاسم المحبشي - الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلامية















المزيد.....



الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلامية


قاسم المحبشي
كاتب

(Qasem Abed)


الحوار المتمدن-العدد: 8146 - 2024 / 10 / 30 - 00:00
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


الثقافة تحجب المعنى

إذا كنُّا لا نثق بالعقل ذاته فكيف نصدق الكلام الصادر عنه؟) ق.م.
البارحة يوم الاثنين الموافق 28 أكتوبر2024م عقدت وحدة الدراسات الترجمية بالمعهد العالمي للتجديد العربي ندوة فكرية بعنـــــوان –أركان بناء منظومة فكرية ترجمية عربية حديثة- قدمتها الدكتورة سعاد ميموني رئيسة الوحدة وعقب عليها كلّ من السيدات والسادة الأفاضل: د.حياة البستاني: أستاذة التعليم الثانوي التأهيلي ومنسقة نادي القراءة والثقافة-د. ميمونة حشاد: أستاذة محاضرة بكلية الآداب والفنون والإنسانيات بمنوبة -تونس ومترجمة فورية-أ.هناء البوكيلي: مترجمة اللغة الألمانية بالكتابة العامة لوزارة العدل-د. أشرف منصور: أستاذ الأدب والنقد المساعد بكلية الآداب جامعة جرش-الأردن-د.محمد أمين الحوامدة: أستاذ دراسات الترجمة المساعد، كلية الآداب، جامعة جرش، الأردن. ادارتها د. أريج البدراوي زهران أستاذة علم الاجتماع المشارك بالجامعة الأفروآسيوية وتتناول المحاضرة الأسس الرئيسية والمعايير اللازمة لبناء منظومة فكرية عربية متكاملة لتطوير الترجمة في العالم العربي. ولما كنت مهتما بموضوع الترجمة بوصفها موقفا فلسفيا من العالم فقد حرصت على الدخول والاستماع والتداخل إذ وجدتها فرصة للتعبير عن اسئلتي ووجهة نظر في الترجمة ومداراتها المعقدة. اليكم فحوى مداخلتي:
ليست الترجمة مجرد نقل نصوص من لغة إلى لغة أو تواصل لغوي ثقافي فحسب بل هي موقف من الحياة وتأكيد حضور الكائن وقدرته على التفاعل في هذا العالم الإنساني ؛ عالم ما تحت فلك القمر والفعل والانفعال والتفاهم والحوار بين بني الإنسان في كل زمان ومكان ، الترجمة حاجة حيوية لتدبر العيش المشترك بين الكائنات العاقلة، أنها تفاعل تبادلي بين الشعوب والثقافات واللغات وبها ومن خلالها تتخصب الثقافة بوصفها قوة التاريخ الإبداعية عالما وفنا وأدبا. والترجمة تجربة إنسانية طويلة جدا خاضتها الشعوب منذ أقدم العصور لاسيما بعد اكتشاف اللغة والكتابة إذ لا يوجد طريقة للتواصل يبن الشعوب الذين يتحدثون لغات مختلفة إلا عن طريق الترجمة. والشواهد على قدم ممارسة الترجمة مازالت ماثلة للعيان في كبرى المتاحف العالمية، مثل رسائل تل العمارنة التي تعود للقرن الخامس عشر قبل الميلاد والمكتوبة باللغتين الأكادية والمصرية القديمة، وحجر رشيد الذي يعود للقرن الخامس قبل الميلاد وكتب باللغات الهيروغليفية، اليونانية، والمصرية القديمة. بل إن بعض مصادر التاريخ الهامة مثل ملاحم هيرودتس تذكر بأن الشعب المصري كان مقسما إلى سبع فئات إحداها فئة المترجمين، ويشهد على ذلك أيضا الكثير من الرقاع والبرديات المترجمة من الهيروغليفية إلى اليونانية القديمة المعروضة في المتحف البريطاني ، فضلا عن أن نحو ربع الألواح التي وجدت في مكتبة نينوى الملكية كانت على هيئة قواميس وكتب قواعد للغات السومرية والبابلية و الأشورية. ولم يكن الاستشراق إلا حالة من حالات الترجمة إذ هو حصيلة خبرة تاريخية متراكمة لشبكة واسعة من الممارسات والعلاقات الثقافية والحضارية والمدنية، بين الشرق والغرب، بين الأنا والآخر، بين نحن وهم. هذه العلاقة التبادلية التفاعلية التي نمت وتطورت عبر التاريخ في مسارات متقاطعة من الفهم وسوء الفهم، والشدة واللين، والحوار والصدام، والسلم والحرب، والندية والتبعية، والتكافؤ والهيمنة، والقوة والضعف، والتحدي والاستجابة، وغير ذلك من تجليات التوتر والاضطراب في جدل التماس والصراع بين الشرق والغرب، بين القوة والضعف منذ الاستشراق الأول المحمول على رؤوس الحروف الإغريقية الأكاديمية حتى الاستشراق الأخير المحمول على رؤوس الصواريخ البالستية الأوروأميركية. وقد بدأت حركة الترجمة مصرية يونانية حين ذهب أهل اليونان يطوفون بلاد الشرق بحثاً عن العلم والحكمة والخبرة والتاريخ،فقد جاء في محاورة ألطيماوس (أفلاطون) أن(صولن) ذهب إلى مصر يبحث عن تاريخ بلاده السحيق فقال له أحد الكهنة المصريين "يا صولن، أنتم الهليين تلبثون دوماً أطفالاً.. لا تعرفون شيئاً من كل ما كان في عابر الأزمان لدينا أو لديكم, أما نحن فقد سجلنا في هياكلنا حساب السنين التي مرت على حضارة وطننا هذا"( أفلاطون، ألطيماوس وأكريتيس، ص191-192) وكان لحركة الترجمة التي بدأت من صدر الإسلام مع الخليفة مروان ابن الحكم ت 685 والخليفة خالد بن يزيد بن معاوية ت 704 أثر واضح في النسق الفلسفي العربي الإسلامي. إذ ترجم العرب معظم الاعمال الفلسفية والعلمية اليونانية وتلقفوها عبر الأفلاطونية المحدثة: المقولات. البرهان، المغالطات، الجدل والسماء والعالم وكتاب الأخلاق وقد بدأت حركت الترجمة من العهد الأموي التاسوعات والربوبيات وطماس الأخلاق الى خيماخوس وجمهورية أفلاطون ومنطق ارسطو حتى حكاية موت الإسكندر المقدوني في رسالة الاحزان للكندي وغير ذلك من علوم الأولين ويعد حنين بن إسحاق ت910 م أشهر المترجمين وابنه اسحق بن حنين وثابت بن قرة وهذا يعني أن أوجه التأثر والتأثير كثيرة وواسعة للفلسفة اليونانية في الفلسفة العربية في مختلف انساقها الميتافيزيقية الإلهيات والطبيعيات والفلك والرياضيات وفِي النفس والخلود والأخلاق والبلاغة والمنطق الارسطي. وكما استلهم الكندي فلسفة أفلاطون المتسقة مع العقيدة الإسلامي كذلك استلهم الفاربي فلسفة أفلوطين في نظرية فيض الإلهي العقول ولم يخفي شقفه بأرسطو المعلم الأول لهذا سمي بالمعلم الثاني. كما استلهم جمهورية أفلاطون في كتابه آراء أهل المدينة الفاضلة وستبدل الملك الفيلسوف بالرسول الكريم.كما أنه حاول الجمع بين الحكيمين أفلاطون وأرسطو. والجمع بين الحكمة والشريعة.في الفلسفة كتاب «الجمع بين رأي الحكيمين» كتاب «الخرافة الكبير» كتاب «الواحد والوحدة» كتاب «الجوهر» كتاب «الزمان» كتاب «المكان» كتاب «الخلاء» كتاب «العقل والمعقول» كتاب «التوطئة في المنطق» كتاب «منطق الفارابي» في الموسيقى كتاب «صناعة علم الموسيقى» كتاب «الموسيقى الكبير» في المنطق كتاب «الأخلاق إلى نيقوماخوس» كتاب «العلم الطبيعي» كتاب «الآثار العلوية» رسالة «النفس والعالم» في السياسة والاجتماع «آراء أهل المدينة الفاضلة»كتاب «السياسات المدنية» كتاب «جوامع السياسة»في العلوم إحصاء العلوم والتعريف بأغراضها في التصنيف كتاب «المقولات» (قاطيغورياس) كتاب «القول الشارح» (القضايا والتعريف) كتاب «أنا لوطيقا الأولى والثانية» (تأليف القياس المنطقي) كتاب «طوبيقا» (الجدل) كتاب «سفسطيا» (السفسطة) كتاب «ريطوريقا» (الخطابة) كتاب «بوطيقا» (أي الشعر) إيمانه بوحدة الحقيقة”واجب الوجود عقل محض، يعقل ذاته بذاته، فهو عاقل ومعقول في آن واحد.“ وفِي ذات السياق جات فلسفة الطبيب الفيلسوف بن سيناء ت 1037 فلسفته مزيج من الفلاطونية المحدثة والنزعة الغنوصية الإشراقية ففي كتابه الإشارات والتنبيهات ترجم كتاب المنطق الارسطي وكتاب الشفاء ومقال في النفس وكتاب الحكمة العروضية. وكتاب القانون في الطب. وربما كان ابو حامد الغزالي ت 1111 هو الناقد الكبير للفلسفة اليونانية في صيغتها العربية في كتابه تهافت الفلاسفة. وفِي المظنون به على غير أهله كما أن الفلسفة في المغرب العربي وفلاسفتها ابن باجةت 1138 في تدبير المتوحد وابن طفيل ت1185 والشارح الكبير ابن رشد الذي كتب • بداية المجتهد ونهاية المقتصد في الفقه وكتاب مناهج الأدلة، وهو من المصنفات الفقهية والكلامية في الأصول. وكتاب فصل المقال فيما بين الحكمة والشريعة من الاتصال، وهو من المصنفات الفقهية والكلامية. وكتاب تهافت التهافت الذي كان رد ابن رشد على الغزالي في كتابه تهافت الفلاسفة وكتاب الكليات..وقد امتد الأثر اليوناني الى الفقه والكلام والنحو والتاريخ والأدب لكن هذا لا يعني باي حال من الأحوال أن الجهد الفلسفي العربي الإسلامي لم يكن بأكثر من مجرد رجع الصدى للفلسفة اليونانية. بل يمكن القول أن أهم مؤثر في الفلسفة الإسلامية هو :القرآن الكريم والحديث الشريف والفقه وعلم الكلام والتأويل وأهل الحديث وأهل الرأي والإجتهاد ثم الدفعة من ترجمة التراث اليوناني: المنطق والطبيعيات والالهيات والأخلاق والسياسة والرياضيات والفلك والطب والهندسة ففي الفلسفة الاخلاقية العربية برز يحيى بن عدي إلتكريتي في كتابه تهذيب الأخلاق والغزالي ميزان العمل وأبو حسن الماوري أدب الوزير وأحمد بن مسكونة وكتابه الأخلاق والأمم وأبوبكر الرازي في الطب الروحاني تاثير الفلسفة الإسلامية في الفكر الأوربي وبن حزم الأندلسي في كتاب الأخلاق والسير وطوق الحمامة وشرح منطق أرسطو كما تأثرت الفلسفة الإسلامية بالفلسفة اليونانية كذلك أثرت الفلسفة العربية بالفلسفة الغربية من ذلك الفارابي كان له آثر كبير في فلسفة العصور الوسطي: ترجم كتاب «إحصاء العلوم»إلي اللغة اللاتينية، و أصبح في المدارس المسيحية كما كان في المدارس الإسلامية من المؤلفات التي لا يستغني عنها. وقد أفاد منه«روجر بيكون» استقر عند الإفرنج علي اختيار فلسفة ابن سينا ممثلة «للفلسفة الإسلامية» فقد ترجم «جنديسالينوس» كتاب«الشفاء» إلي اللاتينية، وترجم «جيراردي كريمونا» كتاب «القانون في الطب» فأصبح كتابا مدرسيا يعول عليه في مختلف الكليات الأوروبية من القرن الثالث عشر حتي القرن السابع عشر. وبهذا الكتاب ارتفع شأن ابن سينا في الغرب، و اتسع نطاق نفوذه؛حتي جعله الشاعر«دانتي»في منزلة بين «أبقراط» و«جالينوس» ويرى بعض الدارسين أن رواية روبوسون كروزو لدانيال دوفو هي مستلهمة من كتاب حي بن يقظان لابن طفيل فإذا ما انتقلنا إلي ابن رشد وجدنا أن الإعجاب بشروحه لفلسفة أرسطو كان عظيما في أوروبا حتي سماه «دانتي» «الشارح الأكبر» ومن المشهور أن مدرسة «بادوا» بإيطاليا كانت تنتمي إلي مذهب ابن رشد، و أن سيجر دوبرابان» كان زعيم المدرسة الرشدية في فرنسا إبان القرن الثالث عشر. ولقد ظل المذهب الذي نسب إلي ابن رشد متدارسا عند الأوروبيين في الكتب و في الجامعات، من منتصف القرن الثالث عشر حتي أوائل القرن السابع عشر،ولا يخفى أثر الغزالي في الفلسفة المسحية الوسطية وربما اثر في ديكارت وكان ابن خلدون هو الطائر الأخير الذي أثر في الفكر الأوروبي على نحو ليس له نظير في تاريخ الفكر البشري ابن خلدون أعظم فيلسوف و مؤرخ أنجبه الإسلام ،وأحد أعظم الفلاسفة و المؤرخين في كل العصور ويذهب فيليب حتى إلى أن مقدمة ابن خلدون هي أحد أكثر المؤلفات ضرورت وأكثرها أهمية من بين المؤلفات التي أنتجها العقل البشري إذ تصور بها لقد ابن خلدون و صاغ فلسفة هي بلا شك أعظم نتاج أبدعه أي ذهن في أي عصر و في أي بلد بحسب أرنولد توجينجا وهكذا استأثرت آراء ابن خلدون في التاريخ والاقتصاد والفلسفة الاجتماعية باهتمام الباحثين . وهي الآراء التي تبقى بلا شك إسهامه الأساسي في إرث البشرية الفكري بحسب جورج لابيكا. إذ لقد جمع مؤرخوا العرب المادة التاريخية وابن خلدون وحده هو من استخدمها. لقد كان ابن خلدون بالنسبة للفكر العربي أشبه بالوهج الذي يشتعل قبيل انطفاء الشمعة! وتزداد الحاجة إلى الترجمة حينما يختل مسار التناسب الحضاري بين الشعوب إذ لا سبيل للحضارات المهزومة من فهم عوامل وأسباب نهوض الحضارات المتقدمة بوصف ذلك خيارا وجوديا حاسما ولا مفر منه أبدا. يقول الدكتور عبد الحميد صالح حمدان “بفضل الترجمة تولدت الحضارة العربية والعلم العربي الذي ساهم في تكوينه مفكرون من مختلف القوميات والجنسيات، سريانيون وفرس وصابئة ومسيحيون نساطرة ويونانيون وأقباط من مصر وعبرانيون وهنادكة وأتراك وذميون، ولكن بلسان عربي، وفي ظل الدين الإسلامي الحنيف الذي لجأ إلى العقل ليحرك به الوعي الذاتي للفرد ويدفع به إلى الاستقلال في الرأي، ومن هنا تأكيد مبدأ “الرأي” و”القياس” و”الاجتهاد” في كل العلوم، وبخاصة الترجمة التي أصبحت القوة الدافعة للمذهب العقلي، والتي ربطت اللغة العربية بالمجرى العام للفكر الإنساني في تلك العصور
( ينظر، تاريخ الترجمة بين الحضارات القديمة والحديثة، موقع 2018) وعبر الترجمة ومن خلالها ازدهرت اليابان المعاصرة منذ مطلع القرن العشرين ازدهرت حركة الترجمة في اليابان ونشطت حركة البعثات التعليمية والتكنولوجية، كما نشطت حركة ترجمة العلوم والمعارف العلمية والنظرية والتطبيقية. واهتمت اليابان آنذاك ولا تزال بثقافة وعلوم وتكنولوجيا الغرب، وأقيمت مع بداية عصر الميجي المؤسسة الهولندية التي اضطلعت بأعباء إنشاء حركة ترجمة واسعة النطاق، وقرأ اليابانيون إنجازات أعلام الفكر والعلم في أوروبا. كما عقدت اليابان اتفاقات مع كبرى دور النشر العالمية لإصدار طبعة باللغة اليابانية من إصدارات هده الدور حال صدورها بلغتها الأصلية. ويقدر عدد العناوين المترجمة في اليابان آنذاك في أوائل القرن العشرين بحوالي ألف وسبعمائة عنوانا سنويا. وهذا جهد مهول لا يضاهيه إلا جهد اليابان في محو الأمية تماما خلال بضع سنين والتوسع في إنشاء المؤسسات التعليمية والجامعات حتى سبقت في هذا المضمار أكثر البلدان الأوربية تقدما أتذاك.
قبل ثلاثة أشهر استمعنا إلى ندوة في (صالون تفكير) مع جمال بن عمر؛ ندوة مهمة جدا، قدمها الأستاذ الدكتور محمد السيد أستاذ فلسفة العلم في جامعة الكويت عن المفكر والمترجم الكبير شوقي جلال الذي يعد أهم المترجمين العرب. استمعنا فيها إلى عرض وتتبع دقيق لمشروع الراحل شوقي جلال في الترجمة بوصفها ضرورة حيوية وحاجة إستراتيجية للحضارة العربية المغلوبة على أمرها اليوم. وتحضرني الذاكرة هنا موقف الفيلسوف العربي الرائد في حقل الترجمة الفلسفية إذ هو صاحب الفكرة الخلاقة التي تقول " ليس هناك فلسفة عربية أو فلسفة يونانية أو فرنسية أو ألمانية.. وإنما فلسفة عامة يتم «التفلسف» فيها وبها، وبالتالي التفلسف بالعربية. أي إنتاج نص فلسفي (باللغة العربية) يساهم في تطوير مفاهيم جديدة ويضيف إلى الفكر الفلسفي" وقد صاغ مصطلح الأفهوم» موازيا لمصطلح مفهوم الكانطي المجرد ؛ الأفهوم فعل تفكير وليس نتيجة تفكير، وأن التفكير يبلور فكرته من الواقع وليس فقط من المتخيل أو المتصور. وقد علق أحد الباحثين قائلا إن كانط لو أراد أن يكتب «نقد العقل المحض» بالعربية لما تمكن من صياغة نص فلسفي أجمل من الذي سبكه وهبة ( ينظر، سعد كيوان، موسى وهبة «المتفلسف» في الواقع ترجمة الفلسفة ترقى إلى مصاف التفلسف ذاته إذ تعد المفاهيم المجردة مما لا يمكن ترجمته ببساطة ويرى فتحي المسكيني عن حق " أنا أعتبر أنّ الترجمة هي التمرين الفلسفي الحقيقي راهنا؛ وما عداه هو اعتياش على فتات الترجمات من دون قدرة على خوض معركة تأويلية عميقة مع مشاكلها. لا يتعلق الأمر بالتنظير للترجمة أو بالحثّ الأخلاقي أو المنهجي عليها من أجل سدّ ثغرات في المكتبة الفلسفية أو الفكرية بالعربية. بل بشيء آخر أكثر جسامة: إنّ الترجمة هي نمط التفلسف الحالي. ولا يجب أن نستعمل الترجمات الرديئة أو التقنية باعتبارها دليلا ضدّ ماهية الترجمة" ( ينظر، فتحي المسكيني 2024) وتنبع حاجاتنا العربية إلى الترجمة الفلسفية من واقع إن معظم الكلمات التي نستخدمها اليوم في حياتنا هي مفاهيم مجردة؛ فالإنسان والذات مفهوم والزمان مفهوم والمكان مفهوم والعدالة مفهوم والحرية مفهوم والوجود مفهوم والجمال مفهوم والسياسية مفهوم والوطن مفهوم والدولة مفهوم والقانون مفهوم والتربية ومفهوم الحرية ومفهوم العدالة والثورة مفهوم والعلم مفهوم والذكاء مفهوم والعقل مفهوم .الخ تلك المفاهيم الكلية وغيرها كثيرة التي لا وجود لها في الواقع المحسوس الملموس هي من يستدعي الحاجة الملحة إلى الترجمة الفلسفية لاسيما حينما نتلقفها من سياقات اجتماعية وثقافية مغايرة. ولا يوجد أي علم أخر يمكنه إشباع هذه الحاجة غير التفلسف الترجمي. إذ إن تحديد المفاهيم وتعريفها هو الخطوة المنهجية الأولى في الدراسات الإنسانية والاجتماعية والثقافية، ذلك كون مفاهيمها ملتبسة وغامضة وغائمة، على الدوام، لأن موضوعها ذاته متحرك ومتغير باستمرار، (الإنسان في المجتمع والتاريخ ) إذ لا توجد نواة صلبة قابلة للتحديد والتعريف تصلح جوهراً للمفهومات التاريخية و الثقافية الإنسانية كتلك التي تستخدمها العلوم الطبيعية البحتة في دراسة ظواهرها وتفسير قوانين حركتها ك( الفيزياء والكيمياء والإحياء والرياضيات ) فكل مفاهيم تلك العلوم متواضع عليها ولا تثير الغموض والالتباس كما هو الحال في العلوم الإنسانية والاجتماعية وبهذا يمكن القول أن العلم واحد والرأي كثير! وتكمن وحدة العلم الطبيعي وحياديته ووضوح مفاهيمه في ذلك الاتفاق المدهش بين جميع البشر من مختلف الشعوب والحضارات واللغات والثقافات والمعتقدات إذ أن 1+1=2، ومجموع زوايا المثلث ١٨٠ درجة. والخط المستقيم هو أقرب مسافة بين نقطتين. والماء يتكون من ذرتي هيدروجين وذرة أكسجين. ولَكل فعل رد فعل مساوي له بالقوة ومضاد له بالاتجاه ، ولا شيء يحدث بدون سبب من الأسباب ، ولا تشتغل السيارة إلا بالوقود والكهرباء وقس على ذلك حقائق العلوم الوضعية التي تتميز بالموضوعية والشمولية والوحدة في كل مكان تقريبا في الصين أو أمريكا أو مصر أو العراق .. الخ الجميع يدرس ذات العلوم والنظريات والقوانين العلمية بذات الطرق والأساليب والمفاهيم والأدوات. وبهذا يتميز المنهج العلمي في التفسير أي تفسير العلل لمعرفة المعلولات الأسباب والنتائج وصياغة قوانين تجريبية للعلوم الاختيارية القابلة للحض والتكذيب. أما في الظواهر الإنسانية فنحن بحاجة إلى إعادة تحديد وتعريف المفاهيم والكلمات التي نتحدث عنها في كل سياق من السياقات. وكل تعريف ليس إلا تعريفا نسبيا ومحتملاً للمعنى، لكن أشد الأخطار هو خطر الكلمات التي تستثير في أذهاننا جواهر أو ماهيات فكرية مشخصة زائفة تملأ التاريخ سكان من الأسماء الكلية المختلقة لا وجود لها في الواقع. ولعل الحاجة إلى إعادة تحديد وتعريف الكلمات التي نستعملها في دراساتنا الاجتماعية تزداد، لاسيما مع مفاهيم أو مصطلحات تلقفناها من سياقات ثقافية مغايرة، إذ أن المفاهيم لا توجد في فلك الأفكار ومدونات اللغات فحسب، بل هي كائنات تاريخية شديدة الارتباط بسياقاتها الاجتماعية الثقافية المشخصة، ولكل مفهوم مكان وزمان ولادة وسياق نمو وتجربة ممارسة وعلاقات قوة وسلطة معرفة ونظام خطاب ومدونة لغة وفضاء فكر وحساسية ثقافة وحقل تأويل وشفرة معنى وأفق دلالة.. الخ غير أن مشكلة الإنسان مع المفاهيم المجردة تكمن في اعتقاده بانه يعرفها بمجرد النطق وحينما يسأل نفسه عن معناها؟ يكتشف جهله بمعناها الحقيقي وتلك هي قضية سقراط الذي أكد أن الفلسفة هي التي تعلمنا جهلنا ومعرفة الإنسان بجهله الذاتي هو الخطوة الأولى لتفتح العقل وفهم العالم. وطالما والواقع يتغير ويتطور ويتجدد ويتبدل باستمرار فمن الضروري للفكر أن يتجدد باستمرار. والفلسفة بوصفها أكثر أشكال الفكر تجريدا هي أولى بالتجديد نظرية ومنهجا. إذا هي مثلها مثل أنساق المعرفة الإنسانية والاجتماعية والطبيعية بحث في مشكلات العالم وتجاوزها. وقد ارتبطت الفلسفة منذ نشأتها الباكرة في السؤال المتجاوز لذاته باستمرار فهي ميتا فيزيقا بمعنى صبوة العقل الذي لا يكف عن استنطاق المعنى فيما وراء الفوضى واللامعنى. وبهذا المعنى نفهم تعريف جيل دللوز للفلسفة بوصفها فن إبداع المفاهيم، تلك العلمية التي تدل على توليد فعل التفكير في الفكر بما هو كذلك ، لأن الفكر ليس فطرياً ولا اكتسابياً ، بل هو توالُّدي أو تناسليّ.ويعني بالتجديد هنا تجديد في الأسلوب والمعنى والمبنى. والمفاهيم هي نظارات العقل بمعنى من المعاني إذ لا يتحقق التأمل والتفكير في العالم إلا عبرها ومن خلالها وهي مفاهيم مكتسبة من اللغة والثقافة والتعليم والتربية ولا يمكن فهم العقل بدون فهم اللغة إذ لا تفكير الا بالكلمات والصور الذهنية حتى في الأحلام. وإذا كان العقل يولد صفحة بيضاء بحسب جون لوك فهو لا يظل كذلك بعد المهد بل تنقش الثقافة واللغة والتربية والتعليم الكلمات والمفاهيم. لكن تلك المفاهيم ممكن أن تتحول بعد الاستخدام الطويل إلى أوثان وأوهام تكبل الفكر وتعيق نشاطه الدائم في تعقل العالم و( عندما يتنكر الناس للعقل فإن مختلقات خيالهم تتضخم وينغمسون في مهاوي الأوهام والضلالات والأخطاء) والعقل والتفكير والكلام هو القاسم المشترك بين الناس أما العواطف والمشاعر والانفعالات والمعتقدات والإيديولوجية فهي خصوصية بالإفراد وخاصة بالجماعات. وحيثما تختلج ( نحن) تكون أيديولوجيا ، وحينما توجد أيديولوجيا توجد مصالح وغايات ومنافع يمكن رؤيتها وتعيينها بوضوح. فإذا اعتقدت جماعة من الجماعات بأن ما تراه وتقوله وتعتقده هو الحقيقة وما عداها باطلا فليس ثمة قوة في العالم يمكن أن تجبرها على تغيير معتقدها. الحقائق هي حقائق طالما وثمة جماعة تؤمن بها وتعتقدها كذلك. وهذا هو سر بقاء الملل والنحل والمذاهب والفرق والمعتقدات مستمرة على مدى الألف السنين. ومن يعبد البقرة لا يرى نفسه على ضلال ومن يعبد بوذا يراه إله ومن يعبد أي شيء يؤمن بأن ما يعبده هو الحقيقة عينها والإ لما استمر في عبادته.والحقائق لا توجد في جوف النصوص والكلمات كما توجد البذور في الثمار ، بل إن الحقائق توجد باتفاق وتواضع الناس عليها، فإذا ما اتفق جماعة من الناس واعتقدوا إن ما يفعلونه أو يفكرون به هو الحقيقة ذاتها بحسب باراديم رؤية وتأويل محدد للعالم والأشياء والكلمات والدلالات والرموز والنصوص. فلا شيء يحول دون اعتقادهم بإن ما يرونه هو الحقيقة عينها! ولكل جماعة من الناس الحقيقة التي ترتضيها لنفسها وتعتقدها كذلك فمن يعتقد أن البقرة آلهة لا يشك في صحة اعتقاده لحظة واحدة وإلا لما اعتقد بِه اصلا! ومن يعتقد بشي يراه حقيقة ولا يراه باطلًا أبدًا. والناس يسلكون وفقا لما يعتقدون، فإذا اعتقد أن هذا العالم مسكون بالجن والشياطين فلن تجرؤ على الخروج من بيتك وإذا اعتقدت بيتك مسكون بالأرواح الشريرة فلن تستطيع النوم فيه، وإذا اعتقدت أنك المدافع الأمين عن دين رب العالمين فسوف ترى بكل من يخالفوا اعتقادك كفرة وشياطين وماؤهم النار وبؤس المصير! وإذا اعتقدت أن الناس في ضلال عظيم وأنك معني بهدايتهم إلى الطريق القويم فأمامك خيارين؛ الأول هو إقناعهم بالتي هي أحسن وجعل من ذاتك مثلا أعلى للصدق والاستقامة والأمانة والزهد والتواضع والصبر والشفقة والرحمة والتسامح والعدالة والرحابة وكل القيم الفاضلة الجاذبة للناس لجعلهم يقتدون فيك. والثاني؛ أن تشحذ سيفك وتعلن الجهاد تحت أي رأيه تحبها حتى تتمكن من جعل الجبناء من الناس يؤمنون وهو صاغرون لكنهم غير مقتنعين وسيظلون يتحينون الفرصة للثأر والانتقام وهكذا تتغذى الحروب الأيديولوجية من داخل دائرتها المغلقة. هذا في مجال الاعتقادات والآراء والأفكار الأيديولوجية التي لا تحتمل القياس والبرهان التجريبي ، أما في العلم والمعرفة العلمية فالحقائق يجيب أن تكون موضوعية ومحايدة ومختبرة ومجربة في عالم الممارسة والمشاهدة بالاستقراء المباشر. فالقول بإن كل الغربان سوداء، يمكن أبطاله إذا ما اكتشفنا إن بعض الغربان بيضاء. والقول: إن كل البشر حيوانات عاقلة ، لا يمتلك قوة الحقيقة العلمية طالما وأن الكثير من البشر لا يتصرفون بحسب معايير العقل والحس السليم. وهكذا هو الحال دائما مع الناس والمعرفة. والفلسفة بوصفها ربيبة الدهشة وحكمة المعرفة هي المعنية دائما بتحطيم الأوثان؛ أوثان العقل ذاته وذلك بنقدها وبيان تارخانيتها عبر المزاوجة بين ملاحظة سلوكاته الذاتية” وسلوكات” الموضوعات الخارجية التي يسعى إلى تعقلها ومنحها المعنى وهذا ما يسمى بمنهجية الوعي الانعكاسي المتمثل في مراوحة العقل بين إدراك العالم وتمثله مفهوميا ثم قدرة العقل على وعي ذاته وتطهيره من الأوهام والأوثان وتلك هي وظيفة الفكر النقدي بوصفه يقظة العقل الدائم التساؤل والاندهاش. خذ أي مفهوم تاريخي كلي وحاول أن تفهم دلالته الحقيقية في سياقاته المتعينة مثل مفهوم ثورة. جاء في لسان العرب لأبن منظور أن «ثار» الغبار سطع، و«أثاره» غيره، و «ثوّر» فلان الشر هيّجه وأظهره، و «الثور» ذكر البقر، و الأنثى «ثورة»، و «الثور» برج من أبراج الفلك. وعلى صعيد الاستخدام، تُطلق كلمة ثورة على ظواهر وأشياء عديدة ومختلفة، طبيعية وتاريخية: ثورة البراكين، ثورة الغضب، ثورة أسبارتاكوس، ثورة الزنج، الثورة الزراعية، الثورة الصناعية، الثورة الزراعية في ألمانيا، الثورة الإنجليزية، الثورة الفرنسية، الثورة الأمريكية، الثورة البرجوازية، الراديكالية، الثورة الروسية، الثورة الصينية، الثورة الثقافية،، الثورة العلمية، الثورة المعلوماتية، الثورة المضادة، الثورة المسلحة، الثورة السلمية، الثورات الاجتماعية، الثورة الشعبية، ثورة البروليتاريا، ثورة الشباب في أوروبا 1968، ثورة الطلبة، الثورات التحررية، ثورة الخبز، الثورة البرتقالية، الثورة المخملية، ثورة الحرية والكرامة، ثورات الربيع العربي. إلخ وهكذا نجد أن مفهوم «ثورة» قد أخذ يتسع ويغطي ظواهر كثيرة ومتنوعة، لا علاقة تجمع بينها في بعض الأحيان.إن الثورة من حيث هي ظاهرة تاريخية ومفهوم مجرد تنتمي إلى العصر الحديث، وترتبط ارتباطاً عضوياً بمشروع الحداثة التي شهدتها أوروبا منذ بزوغ فجر النهضة في القرن الرابع عشر الميلادي، وامتدت لنحو ثلاثة قرون. ويمكن القول، أن مفهوم الثورة لم ينشأ في الفراغ، بل نشأ وتبلور وتمت صياغته في السياق التاريخي الاجتماعي المشخّص لحركة المجتمع وتطوره على جميع الصُعد: الحضارية والثقافية والمدنية. إذ ما كان لفكرة الثورة أن تتوطد بالحجج المجردة، والتنظيرات المنطقية، بل كان يحكم عليها من خلال الدليل والوقائع والحقائق التي كانت تتنضد في عالم الممارسة المشخصة، في لحظة شهد فيها التاريخ أعظم عملية تحول ثوري من التقليد إلى الحداثة. فظاهرة الثورة ارتبطت بجملة من الظواهر والممارسات والأفكار والمفاهيم العلمانية، العقلانية، التقدم، الحرية، العلم، الليبرالية، الديمقراطية، الدولة – الأمة، المجتمع المدني. كتبت حنة أرندت: «إ ن ما نسميه الثورة هو بالضبط تلك المرحلة الانتقالية التي أدت إلى ميلاد مملكة علمانية جديدة»، وإن ارتبطت فكرة الثورة منذ البداية بمعاني الجَدّة والبداية والعنف، فذلك لأن «إرهاصات الجَدّة الغربية التي تميز العصر الحديث قد احتاجت نحو قرنين من الزمان لتخرج من العزلة النسبية للفكر العلمي والفلسفي، ولتصل إلى ميدان السياسة» وهو ما أكده روبسبير بقوله: «أن خطة الثورة الفرنسية كانت مكتوبة بإسهاب في كتب مكيافيللي».
وربما كانت محنة ابن رشد مع ترجمة كتاب الشعر لأرسطو تعد أفضل مثالا لكيفية (تحجب الثقافة المعنى) حيث كتب الأديب اللاتيني الضرير خورخي لويس بورخيس في وصفة محنة ابن رشد مع ترجمة كتاب الشعر لأرسطو طاليس قائلا " بالأمس وقف عند كلمتين مريبتين في بداية كتاب "الشعر" وهما "تراجيديا وكوميديا". لقد وجدهما سنوات من قبل في الكتاب الثالث من "البلاغة"، لم يسبق لأحد في نطاق الإسلام أن خمن معناهما، وبدون جدوى، أتعب صفحات كتاب لإسكندر الأفروديسي، وبدون جدوى، قارن بين الترجمتين اللتين قام بهما النسطوري حنين بن إسحاق وأبو بشر متى، والكلمتان اللغزان تترردان في كتاب الشعر يستحيل تلافيهما. ترك ابن رشد القلم، وقال لنفسه (دون ثقة كبيرة) بأن ما نبحث عنه يكون عادة قريبا منا، خبأ مخطوط التهافت، واتجه نحو الخزانة حيث تصطف مجلدات كثيرة من كتاب "المحكم" للأعمى ابن سيدة منسوخة بأقلام خطاطين فرس، سيكون من باب الخداع أن نتخيل بأن ابن رشد لم يراجعها من قبل ولكن استهوته الآن لذة ورجع إلى تصفحها من جديد، وسمع صوتا رخيما نظر من الشرفة، في الفناء الأرضي الضيق فرأى بعض الأطفال يلعبون شبه عراة، كان أحدهم، واقفا على كتفي آخر، يمثل المؤذن بصورة بارزة : عيناه مغمضتان جيدا، وهو يتلو "لا إله إلا الله" أما الصبي الذي كان يحمله ولا يتحرك فكان يمثل الصومعة. وكان الآخر راكعا على ركبتيه في الغبار، يمثل جماعة المؤمنين. استمر اللعب وقتا قليلا، فقد كان كلهم يريد أن يكون المصلين أو الصومعة، سمعهم ابن رشد يتشاجرون ويتعاركون في لهجة بريئة، يمكن القول إنها الإسبانية البدائية التي يتكلم بها عوام المسلمين في إسبانيا. فتح ابن رشد كتاب "العين" للخليل، وفكر بكبرياء أنه لا توجد بقرطبة (وربما الأندلس كله) نسخة أخرى من هذا المؤلف الكامل الذي أرسله إليه من مدينة طنجة الأمير يعقوب المنصور. ذكره اسم هذا الميناء بأن الرحالة أبا القاسم الأشعري، الذي جاء من المغرب سيتناول في حضرته طعام العشاء هذه الليلة في بيت فرج عالم القرآن. يقول أبو القاسم إنه بلغ مهالك إمبراطورية الصين، ويقسم المشنعون، استنادا على ذلك المنطق الذي يتولد عنه الحقد أنه لم يصل أرض الصين أبدا. إن الاجتماع سيستغرق ساعات لا محالة ولهذا رجع ابن رشد إلى كتابة "التهافت" معجلا. وظل يعمل إلى حين الغروب" ( ينظر، خورخي لويس بورخيس، ابن رشد وقلق العبارة) والمعنى أن فيلسوف قرطبة العربي الذي لا تعرف ثقافته الفن المسرحي المرئي لم تسعفه اللغة وحدها من اكتشاف معنى الكلمتين اليونانيتين ( تراجيديا وكوميديا) في كتاب بويطيقا فن الشعر لأرسطو وهكذا دائما تحجب الثقافة المعنى. ولو أن ابن رشد يعرف المسرح لما نظر في كتاب العين للخليل ولكان اكتفى بمشاهدة تمثيلية الصلاة والأذان التي كان يؤديها الأطفال في فناء المنزل. هذا يعني إن اللغة وحدها لا تكفي فالثقافة تحجب المعنى وتخفي السياق إذ إن هناك فرق بين الثقافة بوصفها هابتوس Habitus طبع أو نسق الاستعدادات والتصورات اللاشعورية بحسب بيير بورديو أقصد الثقافة بالمعنى الأنثروبولوجي الذي يبقى بعد نسيان كل شيء! والثقافة بوصفها حصيلة اللغة والتربية والتعليم والمعرفة المكتسبة من الدراسة النظامية عبر المراحل العمرية المختلفة من الروضة حتى الجامعة فضلا عن التثقيف الذاتي. تلك الحالة المزدوجة للثقافة هي السائدة عند معظم سكان العالم الراهن إفرادا وجماعات وكل إنسان يرى غيره بعين ثقافته التي طبّعته منذ ولادته وتنشئته في مجتمعه المحلي حيث ما ولد ونشاء وتكون وكان وللمكان أثر في التكوين والتمكين للأفراد والجماعات. فالمكان هو البعد الأساسي للكائن الحي كون، كان، مكان ، كائن، كيان، كينونة، مكين، تمكين وغير ذلك من الأسماء والصفات التي تدل على المكان بوصفه كيانا مشخصا متعينا للعيان. فلا كيان بلا مكان وليس شخصا ذلك الذي لاينتمي إلى أي مكان. فالمكان هو الثابت الدائم الذي يمنح الإنسان كينونته الوجودية في هذا العالم. ولا كينونة خارج المكان، أنه الأرض أو السطح الذي يحتوي الأجسام كلها بوصفها كيانات وكائنات محسوسة ملموسة يمكن رؤيتها بالعين المجردة أو بالتلسكوبات الرقمية. فلا شيء خارج الأمكنة التي تحيط بالكائنات من جميع الجهات. الأمكنة هي لغة الكينونة الأصلية التي تقول كل شيء دون أن تتكلم! صمتها يدل عليها وصخبها يمنحها هويتها. لغة بصرية وسمعية زاخر بالمعاني الدلالات المفعمة والأسطح والأبعاد والامتدادات والنتوءات والانحدارات والفضاءات والألوان والضلالات بالأنوار والظلمات. أنها قاع كل شيء وأصل كل كيان من الكون ذاته إلى أصغر ذراته. للأمكنة سطوتها وسلطتها القاهرة التي يستحيل الهرب منها أو تجاوزها فكل ما تستطيعه الكائنات بإزائها هو التكيف معها بإعادة تأثيثها بالوسائل الممكنة. وهذا هو كل ما يستطيع بلوغه الإنسان في هندسة المكان وتسويسه بما يجعله قابلة للعيش والتمكين أما الحيوانات فهي تعيش المكان بطبيعته الأصلية وبغريزتها الفطرية. الإنسان وحده عبر تاريخ الطويل الذي تمكن من منح المكان ملامحه الإنسانية بالفعل والنشاط والانفعال والبناء والتعمير والتنمية وبهذا المعنى يمكن القول أن الجغرافيا تحضر بصور شتى أما التاريخ فهو ذاكرة الزمان والمكان. لقد شكّل المكان منذ الكينونة الأولى لحياة الإنسان وما زال يشكّل وسيستمر محور الرهان الجيوبوليتيكي في صراع القوى الفاعلة على كوكب الأرض وهذا هو موضوع كتاب روبرت كابلان انتقام المكان." ثمة مكانٌ جيدٌ لفهمِ الحاضر، ولطرح الأسئلة حولَ المستقبل، وهو أديمُ الأرض، مع السَّفر فوقها بأبطأ ما يمكن"( ينظر, روبرت كابلان، انتقام الجغرافيا، سلسلة عالم المعرفة الكويتية، عدد420، أبريل 2015) وهكذا بحسب جيل دللوز " يبدأ الفن لا من اللحم والدم ولا من العقل والوجدان، بل من المكان، والزمان" من الفضاءات الحميمة التي تحتضن الكائن؛ المنزل، الشارع، الحي، البلدة، المدينة، الأرض، السماء، المواسم الليالي الأيام، النجوم الغيوم، المطر، الشمس، القمر، الشجر، البحر، الموج ، النهر، الجداول الرمال، الجبال، الوديان، الحيوان، الأنوار، الظلال، الأشكال والألوان، الغناء، الرقص، النحت، الرسم، الأزياء، الألعاب، العصافير، الأعشاش، الأفراح، الأتراح، الألأم والآمال والأحلام. الخ وكل تلك الأشياء الصغيرة الحميمة المؤطرة في السياق الحي الفوري المباشر لكينونة الكائن التي يعيشها متدفقة لحظة بلحظة من حياته. تلك الأشياء الصغيرة بتفاصيلها الحميمة التي تظل عصية عن النسيان هي التي يستلهمها الإنسان، المفكر، الفنان، ويعيد صيغتها إبداعياً ( فكرة، أغنية أو قصيدة أو قصة أو رواية أو لوحة تشكيلة فنية جميلة أو سيرة ذاتية أو رؤية فلسفية.الخ) أنها أغنية الأرض المنتزعة من أرضها( ينظر، قاسم المحبشي، فلسطين أغنية الأرض المنتزعة من أرضها، الحوار المتمدن، 2023) ربما كانت معضلة الترجمة في الثقافة العربية ذات طبيعة مختلفة جدا عن غيرها من ثقافيات شعوب العالم وهذا ما خبرته بذاتي إذ بسبب التمييز السيكولوجي الثقافي بين كلام الله وكلام الناس؛ هذا التمييز الراسخ في البنية التكوينية للثقافة العربية الإسلامية من أكثر من ألف عام.إذ إن المتأمل في واقع حياتنا الثقافية العربية اليوم سوف يلاحظ بغير عنا؛ ذلك الانفصال العقيم بين الدال والمدلول بين الكلمات والأشياء بين اللغة والوجود، فالكلمة لم تعد تعني المعنى الذي كانت تجسده ذات يوم، حينما بدأت لحماً ودما حياًً كما بدأت العبارات أيضاً (لحماً حياً) الحيوان والأعضاء والجسد والطبيعة والعلاقات والآلهة انبثقت من الواقع الحي لحياة الإنسان، ولم تكن هذه الرموز إلا تمثيلاً مباشراً صادقاً وحياً للأشياء التي تدل عليها. إذ أن كثيراً من الكلمات العربية ارتبطت بالحيوان والبيئة التي عاش فيها العربي في زمن ميلادها وكل كلمة أو مفهوم له ولكل مفهوم مكان وزمان ولادة، وسياق نمو وتجربة وخبرة ممارسة , وعلاقات قوة , ونظام خطاب ومدونة لغة وفضاء فكر وحساسية ثقافة وحقل تأويل وشفرة معنى وأفق تلقي .. الخ. ومادمنا نستعمل كلمات مختلفة بمعاني مختلفة فمن المهم أن نعّرف المصطلحات التي نستعملها ونحدد الدلالات التي نعنيها بها إذ ان كل تعريف تحديد، وكل تحديد سلب. كما للبشر تاريخ. إن كلمة "المتن" على سبيل المثال، بدأت بمعنى "ظهر الحيوان" بينما قد تعني الآن "أصول اللغة ومفرداتها" أو متن الكتاب، أي محتواه.. وكلمة "الابتكار" مشتقة من البكر أول مولود الولادة أي حفظ لنوع، وبالبكارة عزوبة المرأة والباكر أول النهار والابتكار الإبداع والاختراع. وكلمة "الحب" حينما ينطق بها تعني وجود رابطة حميمة بين كائنين وتعني الألفة والاتحاد والعيش معاً. وأنا أحبك كما يقول هيدجر ليس مجرد تعبير عن ذاتي.. بل هو الوجود يعلن ذاته ويتجاوزها إلى الآخر إنها تعني أن الفرد الموجود يتجاوز انغلاقه طلباً للآخر ويؤسس الحب في الخارج خارج الذات المنعزلة وأنا أحبك هي شمولية الوجود الذي لا يعي نفسه إلا شاملاً إنها الجزئي ظاهرياً والكلي جوهرياً.هذا معناه أن الكلمة ليست تعبيراً عن ذاتها، بل هي حاملاً لمحمول، هي صوت الجسد، هي رمز لشيء موجود، ولكنها ليست الشيء ذاته أبداً بل كما يقول موريس بلانشو، أن الكلمة في اللغات الأصيلة ليست تعبيراً عن شيء بل هي غياب هذا الشيء.. إن الكلمة تخفي الأشياء وتفرض علينا إحساساً بغياب شامل بل بغيابها هي ذاتها، وإذا أمعنا النظر في مملكة الرموز هذه أي اللغة سنكتشف أشياء مثيرة للدهشة بل أن فيها من السحر والإثارة ما يأسر اللب ويلهب الوجدان، فما معنى الكلمات التي نقولها ونعيدها كل لحظة، ما أصل الأسماء وما معناها، من أين جاءت هذه الرموز والإشارات التي نستدل بها عن الأشياء وهل مازالت تعبر عنها بالفعل أم لا؟ ما كانت اللغة، الكلام، بكل ما تعنيه من ابعاد ودلالات ثقافية واسعة هي جوهر الثقافة ومعناها العام ذلك لن المحصلة النهائية لـ"الثقافة" ثقافتك وثقافتي وثقافة كل إنسان هي مجموع اشكال ردود الافعال والتفاعل التي توجد في نواتنا، والتي نسميها"القدرة على قراءة اللغة، فأننا سنولي عنايتنا لتحليل العلاقة التي يقيمها الناس مع "الكلمة"وما تثيره من انفعالات مختلفة فيهم. فالكلمة الواحدة في لغة من اللغات تثير استجابات متنوعة ومتباينة عند الناس حتى وأن كانوا ينتمون الى اللغة ذاتها فقد نتفق على ما يعنيه لفظ "بحر" من الناحية النحوية ولكننا نختلف في معناها الدلالي، وربما اختلفت وإياك في التدعيات التي تثيرها هذا اللفظ في ذاتي، فقد يثير لديك مشاعر الرهبة والخوف بسبب خبرة سابقة لك معه، اما انا فالبحر يحفر عندي مشاعر الفرح والهدوء والجمال. الخ. وجميع الكلمات التي نستخدمها في حياتنا اليومية تنطوي على هذة الخاصية التعددية في اثارة الاستجابات المتنوعة عند اناس ينتمون الى مجتمع واحد.ولعل الخليفة الراشدي علي بن ابي طالب-كرم الله وجهه- حينما بعث ابو موسى الأشعري للتفاوض مع الخوارج بعد المعركة"صفين" الشهيرة، كان يدرك ذلك الفخ اللغوي، لهذا اوصى رسوله بالوصية التالية:"لا تخاطبهم بما جاء في القرآن ، انما هو كلام مكتوب بين دفتين ينطق بما ينطق به"الرجال"ولما كانت الكلمات تختلف في معانيها هذا القدر من الاختلاف فلا يستطع أحد أن يحدد التفسير الصحيح والمعنى الجامع المانع للكلمة، إلا في سياق التفاعل الاجتماعي والحوار الحي والمباشر، حيث لا يعرف احد ما يجب ان تكون عليه تلك الكلمة قبل ان نلتقي بها ونواجها ونجربها ونعيدها مرات ومرات حتى نفهم معناها. أن كلمة "فأس" التي كانت ترمز الى الاداة الرئيسية لشعوب العصر الجحري القديمة،من الموكد انها لم تكن تعني فأساً بالمعنى الحديث أو اداة مختصة لقطع الأشجار. هذا يعني انه يستحيل معرفة معاني الكلمات حينما تنتزعها من سياقاتها الثقافية الاجتماعية المحلية أو القومية.كما يعني ايضا انه لا توجد معانٍ ثابتة وكاملة ومطلقة للكلمة في كل زمان ومكان. لكن هناك نمط من الأشخاص غير قادر على معرفة هذة الحقائق البديهية، حيث تكتسب الكلمات لديهم معاني محددة سلفاً وثابتة،وتجدهم يطابقون بين الكلمة والشي الذي يعتقدون انها تدل عليه، يطابون بين الدال والمدلول، بين اللفظ والواقع الذي قد منحوه في وقت سابق من تاريخهم جل احترامهم أو تقديسهم أو نفورهم، وفي دراسة حديثة أكدت الباحثة الأسترالية ليرا بوروديتسكي، إن للغات التي نتحدث بها تأثيرا في رؤيتنا للعَالم، إذ اشارت إلى سبب عدم قدرة الناس على فهم عالمهم وفهم بعضهم بعضا يكمن في لغاتهم، فاللغات يمكنها أن تفتح أفاق التفكير الإيجابي الفعال أو تكبله بقيودها وأطرها السابقة التكوين والمكتملة الدلالات والمعاني الميتة إذ كتبت: " إن السمة المميزة للذكاء البشري هي قدرته على التكيف، وقدرته على الاختراع وعلى إعادة ترتيب تصوراته للعالم بما يتناسب والأهداف وكذا البيئات المتغيرة. وما التباين الكبير في اللغات التي انتشرت في أرجاء هذا الكون إلا نتيجة لهذه المرونة. حيث توفر كل لغة أدواتها المعرفية الخاصة بها محتضنة كل ما طورته حضارتها عبر آلاف السنين من معرفة ورؤية للعالم. حيث تمتلك كل واحدة منها أسلوب إدراك وتصنيفاً وتفسيراً لهذه الرؤية، بل دليلاً قيماً طوره وصقله أجدادنا. والأبحاث التي تجرى حول تأثير اللغات التي نتحدث بها في أسلوب تفكيرنا تساعد العلماء على كشف كيف تتولد المعرفة لدينا وكيف يتشكل الواقع وكيف أصبحنا أذكياء ومتحذلقين. هذه هي البصيرة التي تساعدنا بدورها على فهم جوهر ما يجعلنا بشراً"( ينظر، ليرا بوروديتسكي، الفكر واللغة، جوجل) تلك هي المعضلة الترجمية في الثقافة العربية الإسلامية التي كونتنا وشكلت طبيعتنا الثقافية التي نعيشها ونتعامل بها مع العالم ومع ثقافاته المتنوعة. في ثقافتنا العربية الإسلام هناك تمييز مستبطن من كل افراد المجتمع بين كلام الله المقدس وكلام الناس الاقل قيمة وأهمية عن كلام الناس بل لا قيمة له ولا أحد يصدقه كما نعلم فضلا عن غياب الصلة الدلالية بين الكلمات والاشياء أو بين الفكر والواقع أو بين ما في الأذهان وما تراه الأعيان بحسب التعبير التراثي الشائع ليس هذه فحسب بل تم تكريس ثقافة تكذيب وأنكار ما تراه الأعيان وتسمعه الآذان وتلمسه الاجسام وتصديق ما يستحيل رؤيته أبدا! كتب المستشرق جاكوب "(إن العرب لم يعجزوا عن تأسيس نظام لحياتهم في عالم الأشياء المرئية بل إنهم لازالوا يمنحون ثقتهم وتصديقهم لعالم الكائنات غير المرئية) فم فائدة الترجمة في ثقافة لازالت تشكك بقدرة العقل على الفهم والحكم والتفكير ولا تثق بالكلمات الصادرة عن العقل العربي ذاته فكيف سيكون الحال إذ كان الكلام المراد ترجمته هو كلام الأجانب الذين لا يدينون بدين الإسلام؟ وعندما يتنكر الناس للعقل فإن مختلقات خيالهم تتضخم وينغمسون في مهاوي الأوهام والأخطاء. ولاريب أن أحد المصادر الكبرى لقدرات الانسان العقلية والطبيعية ذاتها هي المذاهب الدينية والقانونية في حضارة من الحضارات وأهم هذه المصادر الصورة الميتافيزيقية الأوسع التي تجرى ضمنها أنماط الخطاب وتشكيل في فضائها أهم المفاهيم التي تشكل تصورات الإنسان عن نفسه تشكيلاً عميقاً ،فأما أنها تدعم قواه العقلية أو تضيق عليها وقد ضيق مهندسو الفكر العربي الإسلامي الأطر العقلية للإنسان ومن ثم رفضوا قدرة الإنسان على معرفة أسرار الطبيعة وفك مغاليقها ،وإثارة الشكوك حول قدرات الإنسان العقلية ووضعوا العراقيل حول إمكانية التفكير العقلاني بآيات الله الذي دمر البشر بالتفكير فيها في قول تعالى: «أولم ينظروا في ملكوت السموات والأرض وما خلق الله من شيء»الأعراف الآية 185 وقوله تعالى:« ويتفكرون في خلق السموات والأرض«آل عمران الآية «191» وقوله تعالى «فاعتبروا يا أولي الإبصار» لكن مالم نعرفه أن هذا العلم الذي ازدهر في ديار غيرنا لم يكن له أن يزدهر أو يصل إلى ما وصل إليه ألا يفسح المجال للتفكير الفلسفي الحر وإعلاء شأن العقل ومنح الثقة للإنسان الذي أمره الله بتعمير الأرض وسبر أغوارها. إن غياب مفاهيم الطبيعة والقانون الطبيعي ،والإنسان والضمير والعقل وحرية التفكير من أفق الثقافة الإسلامية أفضى بالمحصلة الأخيرة إلى العجز الكلي عن انجاز الطفرة العلمية الحديثة التي انحصرت في أوروبا الغربية وأخفقت في حضارتنا العربية الإسلامية. كان العرب في كل حقول العلم .. في طليعة التقدم العلمي …إذ أن ما حققه العرب يثير الإعجاب إلى حد يدعو للتساؤل عن السبب الذي منعهم من اتخاذ الخطوة الأخيرة باتجاه الثورة العلمية الحديثة ؟ ويضيف ” كان العرب قد وصلوا إلى حافة أعظم ثورة فكرية حدثت في التاريخ، ولكنهم رفضوا الانتقال من العالم المغلق إلى الكون اللانهائي) حسب تعبير(Koyre كويري). وبما أنهم عجزوا عن اتخاذ هذه الخطوة الخطيرة في بداية العصر الحديث، فإن البلاد الإسلامية لا تزال تتمسك بالتقاويم القمرية” وفي سياق تناوله للبُنى الثقافية والمؤسسية التي حالت دون مقدرة العلم العربي على اتخاذ تلك الوثبة الحاسمة من الباراديم التقليدي المغلق إلى الباراديم الحديث الجديد توصل هب إلى نتائج بالغة الخطورة والأهمية اليكم بعضها:
1- لم يكن لعلماء الطبيعة العرب دور معترف به اجتماعياً وثقافياً وسياسياً يوازي دور الفقهاء من حيث السلطة والنفوذ، بل كانت بنية الفكر والعواطف في الإسلام في القرون الوسطى بشكل عام ذات طبيعة جعلت طلب العلوم الوضعية والعقلية وعلوم الأولين أمراً يثير الشكوك ويجلب لأصحابها كثيراً من المتاعب والتهم الخطيرة على حياتهم.
2- كانت سلطة الفقهاء وسطوتهم شاملة بحيث لم يتركوا شيئاً للعلماء والفلاسفة ليقولوه، بل إن الفلاسفة وعلماء الإنسانيات لم يكن لهم وظيفة ودور معترف بهما في المجتمع، ومن ثم لم تكن لهم حماية، إذا ما أردوا التعبير عن آرائهم بشأن القضايا الفكرية بحرية، كمسألة خلق العالم، والعلية الطبيعية، والحرية الإنسانية، وما إذا كان بإمكان الإنسان الوصول إلى المبادئ الأخلاقية عن طريق الرؤية العقلية بعبارة.
3- غياب فكرة العقل والعقلانية؛ إذ إن مصادر الشرع هي القرآن الكريم، والسنة، والإجماع، والقياس، وهذا ما أفضى إلى التخلص من العقل بوصفه مصدراً من مصادر التشريع، وقد أدى التضييق على العقل إلى إنكار النظرة العقلانية إلى الطبيعية؛ أي دراستها بوصفها موضوعًا قابلاً للفهم والسيطرة ،كما أن مفهوم العقل الذي شاع عند المسلمين ليس العقل الفعال عند أرسطو، ولا (النور الداخلي) عند فلاسفة النهضة، بل يطلقون كلمة العقل على الأفكار التي يؤمن بها عامة الناس. ويرى فضل الرحمن أن “اللاهوت احتكر في نهاية المطاف حقل الميتافيزيقيا كله وأنكر على الفكر الخالص حق النظر نظرة عقلانية في طبيعة الكون وطبيعة الإنسان ،لكن العلم الحديث لم يكن له أن يظهر ويزدهر دون توافر أطر ميتافيزيقية عامة ومعترف بها تقوم على فرضيات عن انتظام العالم الطبيعي وخضوعه لقوانين معينة وعلى الإيمان بقدرة الإنسان على فهم البنية الكامنة في الطبيعة وفهم القوانين التي تتحكم في الكون والحياة والإنسان واستيعابها والتنبؤ بنتائجها والسيطرة عليها، وربما هذا هو ما قصده ماكس بيرونتز بقوله: “أنه لا يزال هناك ما يقال بشأن اكتشاف السبب في أن هناك آخرين عميت بصيرتهم عن التقاط ما حاولت الطبيعة أن تقوله لهم، على الرغم من أنهم في الظاهر كانوا قادرين على ذلك”ويخلص (هف) إلى القول: “لقد ضيق مهندسو الشريعة واللاهوت في الحضارة العربية الإسلامية القدرات العقلية عند ألإنسان ورفضوا فكرة الفاعلية العقلية التي يتميز بها جميع بني البشر لصالح الرأي القائل إن على الإنسان أن يسير على نهج السلف وأن يتبع التقليد، وإن الأسلاف لم يتركوا شيئاً للآخلاف!. أما الأوربيون القروسطيون فقد وضعوا تصوراً للإنسان والطبيعة كان فيه من العقل والعقلانية ما جعل النظرات الفلسفية واللاهوتية مجالات مدهشة من مجالات البحث التي كانت نتائجها لا هي بالمتوقعة ولا بالتقليدية.فمتى تطلق بومة منيرفا جناحيها للريح في فضاءات العالم العربي الإسلامي؟! هذا هو ما سبق وناقشناه في مشروع المشترك الثقافي العربي إذ جرى الحديث أهمية الترجمة التبادلية التفاعلية بين نحن والأخر إذ إنَّ مشكلة وعي الذات ووعي الآخر ليست من اليسر بحيث تنكشف لكل إنسان بذاتها ولذاتها ، بل هي عملية شديدة التعقيد والفهم. إذ قد يعيش الناس مئات السنين من غير أن يتمكنوا من اكتشاف الحجب والوصول إلى درجة وعي الذات والآخر، فالذات إذا ما تركت لذاتها من غير أن تصطدم بتحدِّي الآخر فسوف تظل عمياء غير واعية لذاتها، وهذه هي طبيعة الإنسان الذي إذا ما حيل بينه وبين ذاته لتصوَّر نفسه مركز الكون، هذا معناه أنَّهُ ثمَّة علاقة جدلية تفاعلية تبادلية بين الذات والآخر، فالآخر مرآة الذات، ومعرفة الآخر تفضي إلى التعرُّف على الذات.وقبل إطلاق أيَّ حُکم نافذ عن مجتمع بعيدٍ ما، لا بُدَّ أن يبلور الشخص موقفًا واضحًا قدر الإمكان عن مجتمعه نفسه، وسرعان ما سيكتشف أنَّ الطريق الوحيد التحقيق كشف المحجوب عن الذات إنَّما يتم بالدراسة (المقارنة) لذاته أثناء انهماكها برصد الآخرين، وبأن يعي أنماط التشويهات التي ينطوي عليها هذا الموقف بالضرورة، فرصد الآخرين وتأويلهم هي أيضًا دائمًا وسيلة تؤدِّي إلى رصد الذات، ولعل الفكرة المستخلصة من الاحتكاك الجسدي المباشر بين الذات والآخر هي أن الجهل بالآخر يعني الجهل بالذات وهذا ينطوي على لحظتين لحظة؛ الجاهل الذي يجهل جهله والجاهل الذي لا يعرف أنه يجهل ذاته والآخرين وكلما زاد احتكاك الأفراد والشعوب والثقافات ببعضهم، كلما اتسعت رؤيتهم للعالم والحياة والتاريخ فالاحتكاك ليس حدثا عابرا في حياة الكائنات، بل هو لحظة فائقة من لحظات احتدام الذوات في عالم الممارسة الاجتماعية الإنسانية . تمتزج فيها الأجساد والأرواح والسياسات والمعتقدات والقيم والعادات والمواقف والأفكار والتطلعات والآمال . والآخر مرآة الذات. ولا ينكشف حجب الذوات عن ذاتها الإ بالاحتكاك المباشر بين الفاعلين الاجتماعين في مكان وزمان متعينين. وتلك هي وظيفة الترجمة التي لا غناء عنها لسكان هذه العالم للتواصل والتفاهم بينهم منذ أقدم العصور وبحسب حاتم الجوهري يطمح مشروع المشترك الثقافي العربي إلى نقد الصور النمطية للذات العربية عند الآخر ونقد التصورات النمطية للآخر في الذات العربية وذلك بالاعتماد على "الترجمة عن اللغة العربية للآخر والعمل على دراسة إشكاليات هذه الترجمة ومعوقاتها ومفاهيم الخطاب المقترح لتغيير الصورة النمطية للذات والآخر، من زاوية اهتمامها بتقديم خطاب جديد وترجمته للغات الأخرى عبر الاهتمام بنظريات الإرسال والتلقي ومحددات استقبال الخطاب لكي يحقق خطابها الجديد الحجية والمنطقية والقدرة على الوصول إلى "الجمهور المستهدف.
من السمات المميزة للآداب الخاضعة للهيمنة الأجنبية ميلها الشديد إلى “التقويض” وتأكيد الاختلاف، إذ إن شعوب المستعمرات استخدمت اللغة والكتابة بلغاتها المحلية للرد على المركز الامبراطوري، إذ كانت الإمبراطورية تضع صيغة قياسية للغة الميتروبوليتانية، وتعدها معيارًا للحقيقة مع تهميش جميع الصيغ الأخرى بوصفها لغات بدائية..في ضوء ذلك نفهم مدى التحدي والاستفزاز الذي مثَّله رد أستاذ الأدب الإنجليزي الساخر على الطالب علي أحمد باكثير حينها أكد هذا الأخير أن اللغة العربية قادرة على إنتاج الشعر المرسل مثلها مثل اللغة الانجليزية فكان الرد من الأستاذ الانجليزي أن هذا مستحيل. فكان باكثير عند مستوى التحدي.حينها راح يجتهد لترجمة مسرحية شكسبير “روميو وجوليت” إلى اللغة العربية بالشكل الحديث. وكان يؤرخ بهذه المحاولة الرائدة بداية ميلاد الحداثة الشعرية في اللغة العربية، قد يقول قائل: لكن أين السياسة في هذه الواقعة اللغوية الأدبية الثقافية؟ في الواقع إن احتدام السياسي والسياسة هنا هو أمر بالغ الدلالة إذا ما علمنا أن اللغة هي شديدة الصلة بالسياسة ومشتبكة معها باستمرار ..يقول المفكر الفرنسي نورمان فيركلو في “الخطاب يوصفة ممارسة اجتماعية” “إن السياسة تكمن جزئيًّا في هذه الخلافات و الصراعات التي تطير في اللغة وعلى اللغة، إذ أن الوحدات المعجمية الدلالية والتركيبية والبلاغية تُجسِّد مصالح قوى اجتماعية سياسية، فعلى المستوى المعجمي ألمح ميشيل بيشو كثيرًا إلى الصفة الصراعية للكلمات. يقول: “كل الصراع الاجتماعي يمكن أن يتلخص في الصراع من أجل كلمة ضد كلمة أخرى، كما أن السيطرة على اللغة مثلت أحد الملامح الرئيسة للاضطهاد الذي مارسته الإمبراطورية الاستعمارية.ويمكن لنا أن نقرأ في الواقعة أعلاه جملة من الملامح السياسية:1- قوة الإمبراطورية الإنجليزية التي جعلت لغتها تخصص أساسي ومرغوب في المؤسسات التعليمية في مستعمراتها.2- أن ثمة استاذًا إنجليزيًّا وطالبًا عربيًّا شرقيًّا.3- المنطق الإمبراطوري في رد الأستاذ على الطالب، واعتبار اللغة الإنجليزية وآدابها هي معيار الحقيقة والصواب، أي وضعها في مرتبة أعلى من جميع اللغات الأخ رىبما في ذلك الفرنسية فما بالك بالعربية.4- وبالمقابل شكَّل رد الطالب علي أحمد باكثير ردًّا عمليًّا ورفضًا وتقويضًا ونمطًا من أنماط المقاومة الوطنية السياسية، وإرادة قوية في أن يكون له صوت مسموع، وهوية مختلفة. وعلى هذا يمكن الاتفاق مع بيير بورديو في أن “الكلمات والملفوظات لا تمتلك قوتها من ذاتها، بل تأتي السلطة المؤسسية على الخطاب من الخارج، كما أن اللغة تتصل بالهوية، بهوية المتعلم، هوية الذات الناطقة، إذ أن شغل مواقع الذات هو بشكل أساسي مسالة القيام أو عدم القيام بأشياء معينه تماشيًا وحقوق الخطاب وواجبات المعلمين والطلاب، التابع والمتبوع” أي ما يسمح به وينبغي أن يقوله كل واحد منهم وما لا يسمع ولا ينبغي أن يقوله داخل نمط الخطاب ذاك .إن الذات لها دلالة تشير إلى أن أحد ما يرزح تحت سلطان سلطة سياسية ومن ثم فهو سلبي ومكيف”، ومن السمات المميزة للأدب المتأثر بالاستعمار، المثاقفة أي اللهجنة، بمعنى أنه يتضمن علاقة جدلية بين المنظومات الثقافية للدول المستعمرة وبين المنظومات الثقافية للمجتمعات المحلية المستعمرة، وهذه العملية يسميها إدوارد سعيد بالمثاقفة أو التعددية الثقافية. وهذا ما يمكن رؤيته في نصوص باكتير المختلفة، إذ تنطوي معظم نصوصه على مفاهيم وكلمات ومصطلحات وأفكار وأسماء وأشكال تنتهي إلى مدونات ثقافية غير عربية: إنجليزية، فرنسية، يونانية، لاتينية، دينية، مسيحية. فضلا عن كونه تعلم اللغة الإنجليزية وأتقنها وقام بتدريسها والترجمة والكتابة بها، بالإضافة إلى اللغات الأخرى كالفرنسية والإيطالية، هكذا قد أثمرت هذه اللهجنة الثقافية والسياسة نمطًا مختلفًا من الخطاب الأدبي الثقافي العربي الإسلامي الجديد. أنه الرد بالكتابة بحسب بيل أشكروفت وغاريث غريفيث وهيلين تيفن في كتابهم النظرية والتطبيق في آداب المستعمرات القديمة أسفرت التجربة الاستعمارية وردود المراحل اللاحقة وتحدياتها عن ظهور كتابة جديدة باللغة الانكليزية، وهي كتابة قوية ومتنوعة، فيها استنباط وإبداع، فيها تحد للمعايير السائدة في الأدب والثقافة، ولقد أفضت هذه الكتب إلى ترسيخ نمط خاص من الكتابة عرفت بأنها ما بعد كولونيالية في ثقافات بلدان مختلفة مثل الهند واستراليا وإفريقيا وكندا.على هذا النحو يمكن النظر إلى المعنى الكلي والأخير لفوز،عبدالرزاق قرنح التنزاني المولد الانجليزي الجنسية بجائزة نوبل للآداب. إذ نقل الصوت والصورة للوجه الأخر من العملة الكولونيالية وبدون مساومة بحسب بيان لجنة تحكيم الجائزة التي قالت أن سرده يخلو من أي مساومة لآثار الاستعمار ومصير اللاجئين العالقين بين الثقافات والقارات فضلا عن أسلوبه الجريء في التحدث عن الآثار المُدمِّرة للاستعمار والذي لا يخلو من العاطفة الجيّاشة.
أخيرا وليس آخرا بات للشرق من يمثله تمثيلا إنسانيا ولكنه ليس متناميا إلى أي هوية من الهويات النمطية التقليدية التي كان يعرفها الاستعمار القديم. أنه" مذهل بحق إذ تنحرف رواياته عن الأوصاف النمطية وتطلعنا على شرق إفريقيا المتنوع ثقافيًا غير المألوف للكثيرين في أجزاء أخرى من العالم إذ تجد شخصياته نفسها دومًا في حبكاته الروائية في فجوة عالقة بين الثقافات والقارات، بين حياة قديمة عاشتها وحياة ناشئة تنتظرها، وهي من المعضلات الإنسانية عسيرة الحل" ومن الطريف الإشارة إلى أن الروائي عبدالرزاق قرنح حينما سأل عن الصفة التي يحب أن يتصف بها قال: أنا عبدالرزاق قرنحوكفى.



#قاسم_المحبشي (هاشتاغ)       Qasem_Abed#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الفلسفة منطلق نهضة ومشروع تجديد
- الفيلسوف الذي جعل التاريخ يسير على رأسه
- الحرب والإنسان بعد إنكماش الزمان والمكان
- فيما يشبه الاحتفاء بأجمل الكائنات
- العرب ومستقبل التفاعل الحضاري مع العالم
- ملاحظات اولية في فلسفة الاعتراف وسياسات الهوية ونقد النزعة ا ...
- حينما تجتمع الفلسفة والهندسة
- فلسطين اغنية الأرض المنتزعة من أرضها
- جدلية التحديث والحداثة والاعتراف
- صورة الإنسان في العصر الرقمي
- الشباب هم الدفقة الحيوية للحياة المدنية
- في معنى عجز الحاضر وديمومة الماضي
- في المنظور التكاملي للمعرفة الإنسانية
- المفكرون لا يموتون وللأفكار أجنحة وحياة
- في أنثروبولوجيا اللهجات المحلية التي تحجب المعنى
- فيما يشبه مسح الصفحة وعام جديد أفضل
- فيلسوف اليمن الذي مات وهو يبحث عن وطن
- بمناسبة يوم التضامن الإنساني
- الدين والتدين والإنسان والبيئة
- على طريق مؤتمر الاستشارة الفلسفية والعلاج بالفلسفة


المزيد.....




- -عيد الدني-.. فيروز تبلغ عامها الـ90
- خبيرة في لغة الجسد تكشف حقيقة علاقة ترامب وماسك
- الكوفية الفلسطينية: حكاية رمز، وتاريخ شعب
- 71 قتيلا -موالين لإيران- بقصف على تدمر السورية نُسب لإسرائيل ...
- 20 ألف كيلومتر بالدراجة يقطعها الألماني إفريتس من أجل المناخ ...
- الدفاع الروسية تعلن تحرير بلدة جديدة في دونيتسك والقضاء على ...
- الكرملين يعلق على تصريح البنتاغون حول تبادل الضربات النووية ...
- روسيا.. اكتشاف جينات في فول الصويا يتم تنشيطها لتقليل خسائر ...
- هيئة بريطانية: حادث على بعد 74 ميلا جنوب غربي عدن
- عشرات القتلى والجرحى بينهم أطفال في قصف إسرائيلي على قطاع غز ...


المزيد.....

- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي
- فلسفات تسائل حياتنا / محمد الهلالي
- المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر / ياسين الحاج صالح
- الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع / كريمة سلام
- سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري - / الحسن علاج


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - قاسم المحبشي - الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلامية