أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صلاح زنكنه - عمق الثيمة وبساطة اللغة في أحلام صلاح زنكنه .. مشتاق عبد الهادي















المزيد.....

عمق الثيمة وبساطة اللغة في أحلام صلاح زنكنه .. مشتاق عبد الهادي


صلاح زنكنه

الحوار المتمدن-العدد: 8145 - 2024 / 10 / 29 - 20:12
المحور: الادب والفن
    


قراءة في قصص صوب سماء الأحلام لصلاح زنكنه
مشتاق عبد الهادي

من الممكن أن يتقولب نمط القص لدى الكثيرين ليشمل هيكل التقولب منجزا عبر حقبة زمنية تتمخض منها مجموعة قصصية أو عدة مجاميع ولكن ... إن تتعدد الأنماط والثيمات القصصية فيما يخص، اللغة، الفكرة، وحتى معالجة الموضوع في مجموعة واحدة فقط يعتبر هذا الإنجاز إبداعا ذو فردانية ونكهة خاصة.

وكل هذا يتمثل أو لأقل يشمخ في مجموعة (صوب سماء الأحلام) القصصية الصادرة عن دار الشؤون الثقافية العامة لعام 2000 للقاص صلاح زنكنه، هذا المبدع الذي يحمل بين طيات كبريائه تواضعا يبرق كلما انتهى من صياغة قصة جديدة، وأقول صياغة لأن القصة الخاصة بصلاح زنكنه هي عبارة عن قصيدة تتصف بالحدث/الصاعقة والذي يجرجرك منذ أول كلمة لولوج العوالم الخاصة بمفردة القاص الجذابة رغم بساطتها والتي أعارض الكثير من المتقولبين الذين يتهمون جملة أو مفردة صلاح بالعادية أو التقريرية أو الجاهزة أو حتى الفقيرة، على العكس من ذلك فالقصة القصيرة نموذج حدي إذا تكاملت فيه الفكرة وخصوصا الفكرة المتفردة بطرح موضوعها، فإن كان الموضوع مشوشا أو ينتابه الغموض في دواخل القاص نجد إن المخرج الذي يستعين به القاص هو اللغة .. اللغة البراقة والمزركشة التي لا يجذب فيها غير الجمل التي تشمخ بمفرداتها، وعلى العكس من ذلك نجد الفكرة المتكاملة تفرض على القاص نمطا موسيقيا يتميز ببساطة المفردة وانسيابية الجمل التي نعرف من سلاسة قرأتها بان القاص لم تتعسر لديه ولادة النص.

في غالبية قصص صلاح زنكنه وخصوصا القصص المنشورة ضمن مجموعته (صوب سماء الأحلام) يتبين لنا بوضوح تعدد أساليب القص ومعالجته، ففي خبر صاعق صاغه القاص على شكل تقرير إخباري يطرح إشكالية الإنسان المعاصر الذي يعاني من المعضلة الإنسانية الأولى والكبيرة .. الموت .. والغموض الذي صيره القاص صنوا لنماذجه القصصية (خمسة وزراء قبله ماتوا في ظروف غامضة) قصة (موت غامض) و (انتحر مخترع الجهاز وسط جمهرة من الناس) قصة (جهاز السعادة) و (مات صياد الغيوم ميتة بشعة في غرفته) قصة (صياد الغيوم) .
إذا, الكثير من نماذج الموت التي لا تتعدى صفة الغموض، هذا ما يخص إشكالية مشهد الموت لدى القاص، ومن ناحية أخرى نجد اللعبة الأدق والأجمل في المجموعة والتي تتخذ من فعل التوالد أو التكاثر وبتعبير أدق عدوى المشهد ثيمة لها, حيث إن عدوى الفكرة تنتقل برشاقة من فم قلم القاص إلى الورقة ثم اليه، أي إن كاتب القصة الذي خلط أوراق العدوى والتوالد في قصة (أنهم يبيضون .. أنا أبيض أيضا) ليضع القارئ في حيرة لذيذة أساسها زمن التوالد الغامض وانتقال العدوى, ويكاد أن يتطابق زمن وانتقال العدوى في قصة (قيد) وبعيدا عن عدوى انتقال الفكرة وعدوى التقيد هناك عدوى للتكاثر أنعدم فيها الزمن والمكان وحتى ساعة العدوى وذلك في قصة (قيامة الدم).
هذه الثيمات الكابوسية تجعل القصة غنية بالأحداث الإيحائية التي تتأجج في داخل القارئ وتعرفه من خلال مكرسكوب صلاح المذهل بأن نهاية الإنسان مأساوية. من هنا يجعل القاص مأساة الحرب والعنف المفتاح الوحيد لجميع الإشكاليات التي تواجه الإنسان, وحتى الحيوان.

لقد طرح القاص موضوعة الحرب والعنف طرحا مغايرا لكل المعتقدات الثابتة في سياسات العالم، الحرب وسيلة لفرض السلام وكذلك هي عنصرا فعالا لتغيير ثوابت الحياة، هذا ما تفلسفه قصة (سلام النيترون) حيث تحسم القنابل المبيدة النقاش في معضلة السلام الذي يطالب به القاص من خلال إبادة شعبا بأكمله ليترك الأرض والتكنولوجيا والحضارة ليرثها الآخرون فتبدا من هنا لعبة تغيير الخرائط والدول تاريخيا وجغرافيا وحتى فكريا، وهذه القصة من أجمل ما قدم القاص حيث إنها تتميز بالطرح الجريء والمفارقة الزمكانية وحتى روح النكتة/الحلم التي تمارس فعل التغيير، حيث إن الدبابة بعنفها المعروف تصير حاوية لجمع الازبال، والمدافع بدويها الأبدي تصبح أنابيب لتصريف المياه، وحتى الطائرات التي كثيرا ما أرعبت الناس بصوتها و أسماءها المتميزة صارت وسائلا للترفيه، إذا بفعل الموت أو في منتصف دائرة الموت تكمن الحياة ويستخلص السلام، وهذا اقتراح خطير يقدمه القاص للظفر بالسلام ولكي تتسرح بعد فرضه الجيوش لتكون الحرب بأدوات بدائية لا يمكن أن تؤدي إلى الموت إلا نادرا وأنا لا أعتقد أن يجازف أحد بتنفيذ هذا الاقتراح/الحلم.

هكذا من خلال الحرب والعنف يمكن أن نحصل على شرف تغيير مجرى الحياة وحتى يمكن أن نزحزح ثبات صخرة التاريخ، فالعنف لدى صلاح زنكنه وسيلة لفرض الحياة أو الصفة التي نريد، وعندما نقول كلمة عنف نقصد بها العنف الثوري الذي يقلب ثوابت الطبيعة والسلوكيات المفروضة على الجميع، وهكذا تصير الخراف حيوانات مفترسة بعد أن كانت أليفة ومضطهدة لتفرض من خلال الثورة والعنف صفاتها الجديدة، فتثبت فعلا في المناهج المدرسية بـ (عام الخروف).
ولا يكتفي القاص عند هذا الطرح بل يتوغل في عمق ثوابت الشعور ويبين لنا إن الملل يتسرب إلى السعادة لتصبح السعادة لا تطاق بعد أن اكتسبت صفة الشمول، فنحن لا نتوصل لأهمية النظر إلا من خلال مرأى معاناة الأعمى، إذا سرعان ما تدخل السعادة في شرنقة الملل بعد أن فقدت عنصر المقارنة والمفاضلة, كما في قصة (جهاز السعادة).

إن القاص صلاح زنكنة يهول الحدث، يغمس أفكارنا في ظلمة سمينة ولكن لا ينسى أن يفتعل ثغرة في حلكة الحدث، حيث إن الغيوم تقتل صيادها بطريقة بشعة وتتخلف عن هذه المأساة والحركة المرتبكة غيمه بيضاء تبقى لتنقل من وسط الخراب رسالة عاشق لحبيبة معاقة قصة (صياد الغيوم) وكذلك مجزرة العصافير التي تختم مأساة المرأة الشاعرة والرافضة وذلك بعد أن منحت حق الطيران في قصة (عصافير) وكذلك هروب الأمنية/الحلم من خلال صورة فنتازية رائعة يهرب فيها سرب النقود/الفراشات الملونة ليعانق سماواته الطبيعية في قصة (صوب سماء الأحلام).
كل ما ذكر يمثل كوة رائعة يغرسها القاص في كبد العتمة لتعلن بإصرار حتمية الأمل .

صوب سماء الأحلام مجموعة تعلن أهدافها النبيلة في سماء القص العراقي وتكسب عن جدارة حتمية انتشارها عربيا وذلك لأنها تمثل المعاناة الإنسانية والحيوانية وحتى التكنولوجية.
...
جريدة الثورة / بغداد 24 / 9 / 2000
جريدة العرب / لندن 6 / 9 / 2001



#صلاح_زنكنه (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ثلاث إضاءات على مجموعتي القصصية (وجع مر)
- من أرشيفي الورقي .. حوار أجرته معي الشاعرة كولالة نوري
- سماحيات 32
- ثلاث إضاءات لكتابي وجع مر
- مدن
- أسماء الشهور ومسمياتها عبر التقاويم الرومانية والسريانية وال ...
- خالد بن يزيد / بين الكيمياء والنساء
- لماذا قتل *كعب بن الأشرف* ومن حرض على قتله ؟!
- أكثر دول العالم امتلاكا للمطارات الدولية
- وزارة الزندقة
- أوجه تشابه الشعائر والفرائض الإسلامية مع مثيلتها اليهودية
- سماحيات 31
- ثلاث مطربات انطلقن من رحاب بغداد
- صلاح زنكنه في حوار جديد .. اجراه الصحفي قاسم وداي الربيعي
- # أمة مأزومة ومهزومة # حسبما يقولون ويقرون هؤلاء
- قصة (سيارة سوداء قبعة بيضاء) لصلاح زنكنه / قراءة الناقد علي ...
- محنة العراق .. محنة العراقيين
- خطأ غير مقصود / اقصوصة
- ذو اللحية المباركة / اقصوصة
- نصان شخصيان جدا


المزيد.....




- العمود الثامن: زعيم الثقافة
- التورنجي يتحدث عن تجربته الأدبية والحركة الأنصارية في جبال ك ...
- الكشف عن الإعلان الترويجي لفيلم -المشروع X-.. ما قصته؟
- فلة الجزائرية: تزوجت كويتيا ثريا أهداني طائرة خاصة ومهري لحن ...
- الكشف عن الإعلان الترويجي لفيلم -المشروع X-.. ما قصته؟
- مصر.. جدل بسبب اللغة الثانية وقرار وزير التعليم أمام القضاء ...
- -معرض الكتاب- في الرباط يتذكر -السي بن عيسى- رمزا ومثالا يحت ...
- إسرائيل زيف الرواية: الجيش يحقق مع نفسه
- بعد وفاة الراحل سليمان عيد .. فيلم فار ب 7 تراوح يتصدر أعلى ...
- فيلم -Sinners- يحطم توقعات صناعة السينما


المزيد.....

- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت
- أحلام تانيا / ترجمة إحسان الملائكة
- تحت الركام / الشهبي أحمد
- رواية: -النباتية-. لهان كانغ - الفصل الأول - ت: من اليابانية ... / أكد الجبوري
- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان
- مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل / كاظم حسن سعيد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صلاح زنكنه - عمق الثيمة وبساطة اللغة في أحلام صلاح زنكنه .. مشتاق عبد الهادي