أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - كفاح الزهاوي - وأخيرًا قبري














المزيد.....

وأخيرًا قبري


كفاح الزهاوي

الحوار المتمدن-العدد: 8144 - 2024 / 10 / 28 - 18:11
المحور: الادب والفن
    


على امتداد النظر كانت المنطقة مهجورة، وقاحلة، لم يكن فيها قائم سوى قبري الذي زرته كشبح بعد دفني فورًا. كانت السماء منخفضة، والأفق مغطى بالضباب الأصفر، وساد هناك صمت حزين، فلم أر وجوه الدفانين؛ لأن الغشاوة التي كانت تغطي عيني، قد حجبت ملامحهم.
جلست أمام ضريحي ونظرت إلى اللوحة المصنوعة من الإسمنت، والمحفور عليها اسمي وتاريخ ميلادي ورحيلي إلى عالم الخلود. مدونة قصيرة لا تلفت الانتباه ولا تولد الحماس؛ فهو ليس إلا اسمًا كغيره من الأسماء التي اختفت في غياهب السجون وكوارث الحروب والصراعات الطائفية والتصادم الديني والعنصري، هؤلاء ايضًا كانوا يحملون يوم ميلاد ويوم وفاة.
كانت تلك… لحظات مؤلمة وقاسية، ملآن بالجراح العميقة تركد تحت وطأة اليأس من ركام الخيانة والخداع. بدأت أتحدث مع نفسي، وأنا أعلم أن صوتي لن يسمع الآن، هذا الصوت الذي كان حيا قبل ان ينقطع عنه الهواء، مكتومًا على الرغم من السماح له بالصراخ.
وبينما كنت أحدق إلى اللوحة، نشأ حاجز من عدّة خطوط مرئية التي كانت تمر بشكل متوازي أمام العينين، عموديا وأفقيا، ولكن يصعب التقاطها أو إزالتها، لم أعرف مصدرها؛ لأنها كانت تتسرب من بوابات غير مرئية. بدأت هذه الخيوط تتشابك حتى أصبحت شبكة عنكبوت شائكة، يوحي المشهد بتعقيدات الحياة ومعاناتي عندما كنت ولا زلت أتنفس.
طفقت أقارن نفسي بجثتي الهامدة تحت التراب. لم أجد أي علامات واضحة على الاختلاف. الحياة عبارة عن قيم وأسس ومبادئ، وقد دُفنت تحت التراب، أمام عيني، ولم أتحرك ساكنًا، لأنني كنت حينها مشغولاً بالاستماع إلى الوعاظ والكهنة وهم يتحدثون عن أهمية الموت في حياتنا؛ ففاتني القطار ولم يبق أحد على أرض المحطة في انتظاري.
هل رأيت يا جثتي كم أنا بائس؟ كانت السماء تذرف دموع الحسرة على محنتي، وتحرك الرياح الأشجار لتهز أغصانها، عسى ولعل حفيف أوراقها يوقظ في داخلي الألم، وقد فقدت الأمواج طاقتها وهي تندفع إلى الأعلى بكل قوتها، لتحذر من قدوم الخطر، والأفق ما زال شاحباً من الحزن والأسى.
وبينما سفينتي كانت تغرق، فبدلًا من أن أطلب الخلاص، أصرخ: "هيهات أن أكون شخصًا ذليلًا وخانعًا"، بل ممتنًا لنعمة القوم الذي أنتمي إليه.



#كفاح_الزهاوي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مقطع من روايتي القادمة الفصل ( السماء الثلجية)
- طريق المتاهة
- مقطع من روايتي القادمة منعطف الرحلة في الزمن الصعب
- متاهة عقلية
- انشودة الأمل
- حب خفي
- أوهام ساطعة
- عاهرتنا اشرف
- وطن مهزوم
- نجمة متوارية
- أمس لا يزال حلوً
- مجلس االعظماء
- خلف الأفق
- مَمَدْ اسطورة القبور
- سخريات القدر
- انصار يرتقون
- وريث الجن
- لا يزال في الغور
- رهان و شيطان
- حزن في نافذة الفجر


المزيد.....




- السنغال بلد الثقافة والتصوف ومحاربة الاستعمار
- مصر.. إلزام أسرة موسيقار شهير راحل بدفع 3 ملايين جنيه لصالح ...
- تكريم عدد من المثقفين العرب مع انطلاق الدورة 30 لمعرض الرباط ...
- 3 معارض رائدة في المتحف العربي للفن الحديث بالدوحة
- ما قصة اليوتيوبر المصري مروان سري، والناقدة سلمى مشهور مع نا ...
- مترجمة إيطالية تعتذر عن ارتباكها في البيت الأبيض.. وميلوني ت ...
- لحظة محرجة في البيت الأبيض.. مترجمة ميلوني تفقد السيطرة ورئي ...
- فريد عبد العظيم: كيف تتحول القصة القصيرة إلى نواة لمشروع روا ...
- جمعة اللامي يرحل بعد مسيرة حافلة بالأدب ومشاكسة الحياة
- رجل نوبل المسكون بهوس -الآلة العالِمة-: هل نحن مستعدون لذكاء ...


المزيد.....

- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت
- أحلام تانيا / ترجمة إحسان الملائكة
- تحت الركام / الشهبي أحمد
- رواية: -النباتية-. لهان كانغ - الفصل الأول - ت: من اليابانية ... / أكد الجبوري
- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان
- مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل / كاظم حسن سعيد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - كفاح الزهاوي - وأخيرًا قبري