أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمود شقير - من دفتر اليوميات/ محمود شقير14















المزيد.....

من دفتر اليوميات/ محمود شقير14


محمود شقير

الحوار المتمدن-العدد: 8143 - 2024 / 10 / 27 - 14:21
المحور: الادب والفن
    


الجمعة 25 / 4 / 1997
أمضيت عشر ساعات متتابعة وأنا أقرأ رواية "حنه وميخائيل" لعاموس عوز، وهي ترصد معاناة الطبقة الوسطى في دولة الاحتلال إبان الخمسينيات والستينيات، وتجسد الخوف الكامن في أعماق الإسرائيلي الذي يرى كل صباح آثار الآخر، الفلسطيني المطرود من وطنه ظلماً وعدواناً (حنه بطلة الرواية التي تدور الأحداث والتفاصيل على لسانها، وهي تعود لتتذكر علاقتها في الطفولة بالتوأمين المقدسيين عزيز وخليل، وهما الآن لا يبرحان رأسها المليء بالوساوس والهموم، تتذكرهما باستمرار، تتنبأ بعودتهما على هيئة فدائيين مسلحين، فلا تشعر باستقرار).
يستفيد عوز من أسلوب فرجينيا وولف وغيرها من أنصار التحليل النفسي في الأدب. يبرع الكاتب في تصوير علاقة حنه بزوجها ميخائيل التي بدأت حارة ثم ما لبثت أن فترت وانتهت بالانفصال. والكاتب معني بمتابعة أدق التفاصيل، وهو لا يلتفت إلى الأحداث الخارجية (حرب 56 مثلاً) إلا بقدر محدود جداً، وبما يعزز منهجه في رصد الخلجات الداخلية لشخوص روايته.

الاثنين 28 / 4 / 1997
جاءت نائلة زياد إلى الوزارة. قابلتها في مكتب الوكيل يحيى يخلف. تحدثنا معاً عن جائزة توفيق زياد التي ستقوم الوزارة بمنحها لأفضل مادة نقدية عن أدب الشاعر الراحل. عدت إلى مكتبي وبقيت فيه إلى المساء.
الساعة الآن السابعة والنصف. وفي الخارج تهب ريح باردة، وأضواء البيرة ورام الله تطل علي من نوافذ مكتبي في الطابق السادس. أنجزت بعض المعاملات الخاصة بالعمل، ثم قرأت شيئاً في كتاب "التهجير في ذاكرة الطفولة" من تأليف روان وديما الضامن.
حاولت كتابة مقالة عن إميل حبيبي، بمناسبة الذكرى الأولى لوفاته، لنشرها في ملف خاص عنه، بناء على اقتراح من محمد حمزة غنايم. لكنني لم أتمكن من الكتابة بسبب الإرهاق، ولإحساسي بأن فسحة كافية من الوقت ما زالت أمامي. يزعجني هذا الطبع. لا أكتب إلا في اللحظة الأخيرة وحينما يصبح الوقت على وشك النفاد.
أشعر بشيء من النكد. اعتقدت أن فيلم "عصفور السطح" سيعرض هذا اليوم في رام الله، غير أنني اكتشفت متأخراً أنه سيعرض يوم غد. بعد قليل أغادر إلى البيت.

الاثنين 5 / 5 / 1997
دعاني زهير النوباني لتناول طعام الغداء في مطعم شقيرة بالبلدة القديمة في رام الله، على شرف الوفد المغربي القادم للمشاركة في مهرجان القدس الثقافي. كان ثمة مدعوون من الفنانين والمثقفين الفلسطينيين. تناولنا طعام الغداء، وأثناء ذلك غنينا وضحكنا وتبادلنا الحوارات الظريفة.
زهير تلا شعراً لعبد اللطيف عقل من مسرحية "البلاد طلبت أهلها" التي قام زهير بدور البطولة فيها. الممثلة المغربية لطيفة أحرار التي شاهدتها على خشبة المسرح الوطني في القدس، في مسرحية "عتق الروح" بكت أثناء تبادلنا الحديث. ربما تذكرت أمراً محزناً، ربما تذكرت علاقة ما، ولم يسألها أحد لماذا تبكي. وزهير النوباني كان معنياً بأن يكون ضيوفه في أتم انسجام.
اللقاء مع الممثلات والممثلين المغاربة كان ممتعاً. شعرنا نحن المحاصرين هنا تحت الاحتلال، بأن مجيء فنانين عرب إلينا ينعش أرواحنا، ويمدنا بعزم جديد.
عدت إلى البيت. كتبت كلمة سألقيها بعد غد في الناصرة، في احتفال بمناسبة مرور عام على وفاة الكاتب إميل حبيبي.

الاثنين 12 / 5 / 1997
أعددت بعض المواد الثقافية للعدد العاشر من "دفاتر ثقافية". ذهبت إلى مركز خليل السكاكيني لحضور حفل افتتاح معرض الفنان التشكيلي خالد حوراني. بعد ذلك ذهبت إلى مسرح السراج لحضور بروفة مسرحيتي "كله ع الريموت" التي ستعرض غداً. أشعر بالخوف، لأن التدريبات على المسرحية لم تستكمل.
انتهيت من قراءة رواية "أبنية متطايرة" لإدوار الخراط. أعجبتني التأملات التي أجراها الكاتب في روايته، خصوصاً ما يتعلق بالعذابات الداخلية للإنسان وكيفية التعامل معها، وما يتعلق بالموت وعدم الخوف منه.
أعدت قراءة "حيطان عالية" لإدوار الخراط التي صدرت أواخر الخمسينيات، ووجدتها متقدمة على زمانها لابتعادها عن النقل الفوتوغرافي للواقع، وذهابها المتقن إلى داخل النفس البشرية. وكنت أعدت قراءة روايته "راما والتنين"، حيث لم أتمكن من إتمامها لدى قراءتي لها أول مرة، ثم أعجبت بها كثيراً في المرة الثانية (ربما تعلق الأمر بمزاجي أثناء القراءة، وبذائقتي الأدبية ومدى تطورها). أعجبتني قدرته على الوصف الحسي للعلاقة بين الرجل والمرأة، بلغة جميلة طافحة بالرؤى والإيحاءات والدلالات. هذا كاتب متميز بالفعل.

الثلاثاء 20 / 5 / 1997
ذهبت أنا وأم خالد إلى مستشفى هداسا الشرقية للاطمئنان على الحفيد محمود، الذي أجريت له هذا الصباح عملية جراحية لإنزال خصيته التي لم تكن في وضع طبيعي.
كان الحفيد ابن السنوات الخمس متضايقاً من وضعه في سرير مرتفع، ويبدو أنه كان يشعر بأنه سيتعرض لأمر ما. كانت الدموع تتكاثف في عينيه بين الحين والآخر، يهمّ بالبكاء ثم يتراجع عن ذلك. أشفقت عليه وبقيت أنتظر في المستشفى إلى أن انتهت العملية بنجاح، ثم خرجت متجهاً في سيارتي إلى عملي في وزارة الثقافة.
يوم الخميس الماضي، كنت أقود سيارتي في الصباح وأستمع في الوقت نفسه إلى صوت فلسطين، ثم سمعت الخبر عن وفاة سعد الله ونوس، فشعرت بالحزن على هذا المبدع الكبير الذي أثرى مسيرة المسرح العربي بنصوصه المتميزة (مات وعمره ست وخمسون سنة، وقد ولد في السنة نفسها التي ولدت فيها).
لا أفكر في الموت إلا على نحو عابر. قبل شهر كدت أموت في حادث سير. لكنني نجوت في اللحظة الأخيرة. كنت مواظباً منذ عدة أشهر على توصيل ابنتي أمينة إلى مستشفى المقاصد حيث تعمل هناك متطوعة. الآن يقوم بهذه المهمة ابني أمين. يوصل أخته في سيارته إلى المقاصد، ثم يذهب إلى شركة الكمبيوتر التي يعمل فيها في القدس الغربية.
لا يعجبني وضع التشتت الذي أعيشه. فأنا دائم الانشغال في ندوات وأمسيات ثقافية، وفي مناسبات اجتماعية، ما يقلل من فرصي في الكتابة والقراءة. سأحاول ضبط الأمور لاستثمار الوقت على نحو أفضل.

الأربعاء 28 / 5 / 1997
أعادني يوم أمس إلى يوم 27 / 5 / 1970 ، وهو اليوم الذي غادرت فيه سجن الدامون/ الكرمل/ حيفا، بعد اعتقال إداري دام عشرة أشهر. حينما وقفت بباب السجن، حراً طليقاً، شعرت بمتعة لا مثيل لها. كان الأهل في انتظاري، ثم عدت معهم إلى البيت.
اشتريت هذا اليوم مجموعة من الكتب، بينها كتاب لنعوم تشومسكي. وكلما اشتريت كتباً جديدة شعرت بالأسى، لأنني لا أدري متى سأقرأ كل هذه الكتب. بدأت أضيق ذرعاً بالوظيفة التي تلتهم الكثير من وقتي.
ذهبت هذا المساء إلى المسرح الوطني لمشاهدة مسرحية "رابطة الدم" من إخراج مازن غطاس، وتمثيل مكرم خوري وغسان عباس. النص لمؤلف جنوب إفريقي، وقد ترجمه إلى العربية الكاتب رياض بيدس. ديكور المسرحية جيد وفيه إشارات رمزية. والتمثيل جيد، والموسيقى لعبت دوراً في إبراز المشاعر المتضاربة، وكذلك الإضاءة. والمسرحية تتحدث عن أخوين أحدهما أبيض والآخر أسود. ثمة مفارقات في وضعهما، لكنهما مضطران إلى البقاء معاً. العرض ميال إلى التجريب وفيه اعتماد على الترميز الشفاف غير المبهم.
دعاني جمال غوشة مدير المسرح الوطني لتناول طعام العشاء مع فريق المسرحية، لكنني اعتذرت عن عدم تلبية الدعوة، بسبب التعب والإرهاق، فآثرت العودة إلى البيت.

السبت 31 / 5 / 1997
الساعة الآن السابعة إلا الربع مساء. عدت إلى البيت قبل ساعتين. حاولت أن أنام قليلاً فلم أستطع. ما زلت أشعر بالإرهاق بسبب رحلة يوم أمس إلى عكا والناصرة، التي استمرت ثلاث عشرة ساعة.
لأول مرة أزور عكا. مشيت في الحي القديم، حيث السوق التي تشبه أسواق القدس. لكنني لم أذهب إلى جامع الجزار لضيق الوقت. رأيت البحر الذي لا تخشى عكا هديره. وعلى الشاطئ ثمة بيوت قديمة حُوّلت إلى مطاعم، وفي البعيد تظهر حيفا بكل رصانة.
شاركت في ندوة نظمتها مؤسسة الأسوار حول المؤتمر الثقافي الوطني العام الذي سوف تعقده وزارة الثقافة الفلسطينية الصيف القادم. شارك في الندوة أيضاً: محمد علي طه، أنطوان شلحت، يعقوب حجازي، سالم جبران، وعبد عابدي.
بعض المتحدثين انتقدوا قيام السلطة باعتقال أعداد من المعلمين أثناء الإضراب، وكذلك اعتقال الصحافي داود كتّاب، بسبب بثه إحدى جلسات المجلس التشريعي التي جرت فيها انتقادات للتسيب والتبذير والفساد. أبديت موافقتي على الانتقادات وقلت إن من حق المعارضة الفلسطينية أن تعبر عن نفسها، وأن تنتقد ما يقع من أخطاء ترتكبها بعض أجهزة السلطة.
بعد الندوة، ذهبت إلى الناصرة لحضور أوبريت "قطر الندى" من شعر سميح القاسم وإخراج نبيل عازر. كانت القاعة الفخمة في الناصرة العليا (اليهودية) مليئة بالمواطنين العرب النصراويين. وكان الأوبريت يتحدث بأسلوب الرمز الشفاف، وبالرقصات التعبيرية، والموسيقى والغناء، عن المأساة الفلسطينية. وقد حظي بتجاوب الجمهور.
عدت إلى البيت في حوالي الواحدة بعد منتصف الليل. نمت سبع ساعات، وكنت متعباً جداً.
يتبع...15



#محمود_شقير (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- من دفتر اليوميات/ محمود شقير13
- من دفتر اليوميات/ محمود شقير12
- من دفتر اليوميات/ محمود شقير11
- من دفتر اليوميات/ محمود شقير10
- من دفتر اليوميات/ محمود شقير9
- من دفتر اليوميات/ محمود شقير8
- من دفتر اليوميات/ محمود شقير7
- من دفتر اليوميات/ محمود شقير6
- من دفتر اليوميات/ محمود شقير5
- من دفتر اليوميات/ محمود شقير4
- من دفتر اليوميات/ محمود شقير3
- من دفتر اليوميات/ محمود شقير2
- من دفتر اليوميات/ محمود شقير1
- محمود شقير في ابنة خالتي كوندوليزا: تزامن ما لا يتزامن/ د. ا ...
- أدب الناشئة ودوره في تعزيز الرواية التاريخية والهوية الفلسطي ...
- توفيق زياد في ذكراه الثلاثين
- رشيد ونفيسة/ ست قصص قصيرة جدا
- تأملات على هامش الصراع
- الأدب بوصفه تعبيرًا عن الجرح
- باسم خندقجي أسير بثلاثة مؤبدات شاعر وروائي


المزيد.....




- صمدت في جباليا.. استشهاد الفنانة التشكيلية الفلسطينية محاسن ...
- شاهد.. فيلم وثائقي جديد يعرض صورًا لم تُنشر من قبل للأمير وي ...
- -الأندلسيات الأطلسية- في دورة جديدة -مليئة بالوعود- بالصويرة ...
- افتتاح مهرجان -سيمفونية الثقافات- في بطرسبورغ
- طوفان الرواية ورواية الطوفان.. عن معركة السردية بين المقاومة ...
- البدء بعرض مسلسل -الجريمة والعقاب- على منصة إلكترونية روسية ...
- -إكس- تُغلق حساب قائد الثورة باللغة العبرية
- مسلسل تل الرياح الموسم الثاني الحلقة 148 مترجمة قصة عشق
- المغرب: فيلم -عصابات- يتوج بالجائزة الكبرى في المهرجان الوطن ...
- نخبة من نجوم الدراما العربية في عمل درامي ضخم في المغرب (فيد ...


المزيد.....

- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / أحمد محمود أحمد سعيد
- إيقاعات متفردة على هامش روايات الكاتب السيد حافظ / منى عارف
- الخلاص - يا زمن الكلمة... الخوف الكلمة... الموت يا زمن ال ... / السيد حافظ
- والله زمان يامصر من المسرح السياسي تأليف السيد حافظ / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمود شقير - من دفتر اليوميات/ محمود شقير14