أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - سعود سالم - في غياب الله .. كل شيء مباح














المزيد.....

في غياب الله .. كل شيء مباح


سعود سالم
كاتب وفنان تشكيلي

(Saoud Salem)


الحوار المتمدن-العدد: 8142 - 2024 / 10 / 26 - 13:54
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


٢٥٦ أركيولوجيا العدم
العدمية الثورية
٤ العدمية السياسية

العدمية إذا هي تيار فكري سياسي وإجتماعي، وحركة "ثورية" لتغيير الواقع الإجتماعي لصالح الطبقات الفقيرة ويناضل من أجل الحرية الفردية والجماعية ضد الأنظمة البوليسية القمعية في روسيا القيصرية في القرن التاسع عشر. وقد عارض أتباع هذا التيار كل شيء في المجتمع من قيم وتقاليد ومؤسسات سياسية ودينية، بغية بناء مجتمع جديد بقيم وعلاقات جديدة تكون فيه حرية الفرد حرية مطلقة. بطبيعة الحال، تعريف العدمية كما سبق القول يعتمد بالضرورة على وجهة نظر المؤرخ، فبعضهم يعطي هذا التيار صورة إيجابية والبعض الآخر صورة قاتمة ومضللة في أغلب الأحيان كما هو الحال مع دوستوييفسكي، الذي سنحلل روايته لاحقا. فأحيانا تعرف هذه الحركة كـ " تيار سياسي استهدف تقويض جميع البنى والمؤسسات الإجتماعية، وقد ظهرت هذه الحركة لذى المثقفين الروس الأحرار أيام القيصر الإسكندر الثاني"، وأحيانا تنعت بأنها " نزعة ثورية ترفض القيم السياسية أو الفكرية أو الأخلاقية السائدة في مجتمع من المجتمعات ". ويبدو أنه في أحضان روسيا القيصرية في نهاية القرن التاسع عشر، فكرة العدمية وهذا التيار الفكري والسياسي قد أتخذ صورته وسمعته شبه النهائية ودلالته المخيفة بكونه تيارا تدميريا ويرمز إلى الثورة التخريبية ويدعو لتقويض كل القيم والقوانين والأخلاق السائدة وأيضا تشريع الجريمة وتبرير القتل والإغتيال، وذلك من أجل "لاشيء"، لا شيء على الإطلاق أي لمجرد العبث واللهو وقضاء الوقت، نظرا لعدم الإيمان بأي شيء، أو كما قال دوستوييفسكي " في غياب الله، كل شيء يصبح مباحا "، وهي فكرة خاطئة ومضللة، فالعكس هو الصحيح والمنطقي، حيث وجود الله يكون في أغلب الإحيان هو المبرر لأغلب الجرائم والمجازر التي أرتكبها الطغاة على مر العصور. وذلك لوجود إمكانية الصفح والغفران وشراء الخطايا والذنوب. بينما في غياب الله يبقى الإنسان وحده يتحمل مسؤولية أعماله وإختياراته أمام التاريخ وأمام الإنسانية. ونيتشة، الذي بدوره أعلن موت الله، هو الذي أتاه "الوحي" في هذه الفترة، سنة ١٨٨٨ وأعلن نبوءته، والتي أخذها العديد من المفكرين مأخذ الجد وليست تهويمات مريض يحتضر: "إن الذي أرويه هو قصة القرنين القادمين، أصف لكم ما سيأتي حتما .. ظهور العدمية". وقد شكلت هذه النبوءة تأسيسا لتاريخ العدمية في الغرب ووضع كل مكوناتها الفلسفية الأساسية في إطار نقدي عام للحضارة الغربية. بطبيعة الحال نيتشة ليس نبيا، ولكنه شاعر يتفلسف، حساسيته المفرطة مكنتة من تلقي التيارات المختلفة التي تشكل نهاية هذا القرن الذي كان يغلي إجتماعيا والحافل بالأحداث والأفكار الجديدة، مكنته من أن يتفاعل ويرى، ما رآه العديد من قبله ولكن بصورة أكثر وضوحا وربما أكثر إلحاحا. ففكرة العدمية إذا كانت منتشرة في أوروبا في هذه الفترة ومطروحة على الساحة الفكرية للتحليل والنقاش. وعلى سبيل المثال نذكر كتاب رسالة في علم النفس المعاصر - Essais de psychologie contemporaine لبول بورجيه Paul Bourget الشاعر والروائي الفرنسي، والمنشور سنة ١٨٨٣، والذي يحلل فيه أعمال كل من فلوبير، بودلير، رينان، تاين وستندال ويرى أن هؤلاء المؤلفين هم أيضًا شهود على خاصية التحلل أو الإنحطاط décadence التي كانت سائدة في نهاية القرن حسب تصوره. ولذلك يحاول بول بورجيه تحليل أسباب هذا التحلل أو الانحطاط في الغرب: «بكلمة الانحطاط، نشير بسهولة إلى حالة المجتمع الذي ينتج عددًا صغيرًا جدًا من الأفراد المناسبين لعمل الحياة العامة". ويصف التيار العدمي الذي بدأ ينتشر في كل مكان باوروبا بكونه " إرهاق مميت من ممارسة الحياة، وإدراك كئيب بعبثية كل مجهود ". بدأ بول بورجيه في الدفاع عن التقاليد السياسية والاجتماعية والدينية الأكثر رجعية منذ عام 1889، وأصبح تدريجياً المدافع عن الأسرة والكنيسة والملكية ضد الجمهورية والديمقراطية، وذلك بالتوازي مع رحلة عودته الطويلة إلى الكنيسة الكاثوليكية، بالإضافة إلى معاداة العلم، والدفاع عن الثقافة الكلاسيكية ضد "الهمج"، على حد تعبيره، من المدرسة الجمهورية، ورفض الحرية الفنية لصالح المسؤولية الاجتماعية، وكلها عناصر تتوافق مع الدور الذي تلعبه الكنيسة في الحفاظ على النظام الاجتماعي والقيم الكلاسيكية، أي كل ما تحاول العدمية تغييره وتفجير أسسه الإيديولوجية ..

يتبع



#سعود_سالم (هاشتاغ)       Saoud_Salem#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- التيارات العدمية
- بوادر العدمية
- أصول العدمية
- العدم الوجودي
- لماذا الكون ؟
- حدوث أم أزلية الكون
- دموع البحر
- مسرحية ماكرون ونتنياهو
- نظرية كل شيء
- الشعب الذي يرفض أن يموت
- لماذا لا نزحف على إسرائيل ؟
- المادة العجيبة
- عن العرب والإسلام والتخلف
- ما هي المادة ؟
- لماذا العبور
- أزمة الفيزياء النظرية
- عالم الذرة وعالم المجرات
- نهاية العالم بين الجحيم والجليد
- الأدلة على نظرية Big Bang
- مراحل الإنفجار الكبير


المزيد.....




- لحظات سريالية.. رجل يفوز بمليون دولار بعد توقيعه عريضة طرحها ...
- السعودية.. لقطة نادرة لصقر -يمتطي- ظهر حصان تجتاح مواقع التو ...
- الجيش العربي الأكثر كفاءة!
- الخارجية الإيرانية: سنستخدم كل الأدوات المتاحة للرد على إسرا ...
- رجل الأعمال الراحل راتان تاتا يوصي بجزء كبير من ميراثه لكلبه ...
- الإعلام العبري: إسرائيل تقدم -عرضا مفاجئا- لمصر
- من سيفوز في انتخابات الرئاسة الأمريكية؟
- ماذا قالت الصحف الغربية في فوز الحزب الحاكم في جورجيا الذي أ ...
- -تأثير الكلمة-.. فتاة صينية تكاد تفقد حياتها بسبب رئيسها في ...
- لوفيغارو: -زيارة ماكرون للمغرب تطوي سنوات الخلاف بين البلدين ...


المزيد.....

- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي
- فلسفات تسائل حياتنا / محمد الهلالي
- المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر / ياسين الحاج صالح
- الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع / كريمة سلام
- سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري - / الحسن علاج
- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - سعود سالم - في غياب الله .. كل شيء مباح