قراءة وجودية في : مشاعر الوجود والغياب وتأملات عميقة في معنى الحياة قراءة في قصيدة : ضيوف الأرض.. نحن – للشاعرة : سونيا عبد اللطيف – تونس . بقلم : كريم عبدالله – العراق .

كريم عبدالله

الحوار المتمدن-العدد: 8140 - 2024 / 10 / 24 - 15:03
المحور: الادب والفن
    

قراءة وجودية في :
مشاعر الوجود والغياب وتأملات عميقة في معنى الحياة قراءة في قصيدة : ضيوف الأرض.. نحن – للشاعرة : سونيا عبد اللطيف – تونس .
بقلم : كريم عبدالله – العراق .
قصيدة "ضيوف الأرض.. نحن" للشاعرة سونيا عبد اللطيف تعكس تأملات عميقة في وجود الإنسان، وتبرز مشاعر الغياب والحنين، بالإضافة إلى تساؤلات حول معنى الحياة. في هذه القراءة، يمكننا أن نستعرض بعض الجوانب الجوهرية التي تبرزها القصيدة.

مشاعر الوجود والغياب
تبدأ القصيدة بتصوير حياة الإنسان كمسار زمني يتسم بالسرعة والفقد. "كرّت بنا السّنون" تعكس كيف تمر الأعوام سريعاً، مما يثير شعوراً بالحنين إلى الأوقات الماضية. يعبّر الشاعرة عن تجربة الوجع والصبر، مما يُبرز صراع الإنسان مع الألم والمعاناة. هذا التوتر بين الحزن والتفاؤل هو عنصر مركزي، حيث تظهر الحياة كمعركة تتطلب الاستمرار رغم المصاعب.

التأمل في معنى الحياة
من خلال التكرار في عبارة "ضيوف الأرض نحن"، تستحضر الشاعرة مفهوم الفناء. الإنسانية كلها تُصوَّر كزوار على هذه الأرض، مما يعزز شعور العبور وعدم الاستمرارية. تطرح القصيدة تساؤلات حول الوجود والهدف، في ظل علمنا بأن "لا أحد فينا يدوم". هنا، يتجلى الصراع بين الرغبة في البقاء والحقيقة المرة للزوال.

الصور الشعرية والتناقضات
تستخدم سونيا عبد اللطيف صورًا شاعرية غنية، مثل "حمامة أحمل غصن زيتون" للتعبير عن الأمل والسلام، مقابل "الأيام تمضي بنا نحو القبور"، حيث تتناقض الصورة السعيدة مع الواقع المرير. هذه التناقضات تعكس التوتر بين الحلم والواقع، بين الفرح والحزن.

الخاتمة
تختتم القصيدة بتأكيد على الفناء، مما يدعو القارئ للتفكير في كيفية عيش الحياة بعمق ووعي. تتجلى دعوة الشاعرة لتقدير اللحظات العابرة، وللعيش بحب وتفاؤل رغم الوجع، كنوع من الوعي الوجودي. في النهاية، تعكس القصيدة مشاعر إنسانية عميقة تتصل بالوجود، الفرح، والألم، مما يجعلها تعبيرًا مؤثرًا عن تجربة الحياة.
والان , لنقم بقراءة أعمق وتحليل أكثر تفصيلاً لقصيدة "ضيوف الأرض.. نحن" لسونيا عبد اللطيف.

الهيكل العام للقصيدة
القصيدة تتكون من عدة مقاطع تداخل فيها الزمن والشعور، مما يخلق توازناً بين التأمل والاعتراف بالواقع. نبدأ من الماضي، مروراً بالحاضر، ثم نتجه نحو المستقبل، مما يعكس دورة الحياة.

الزمن كموضوع محوري
"كرّت بنا السّنون": تفتح الشاعرة بها القصيدة على إحساس بمرور الزمن وكأنه كائن حي، يركض دون توقف. هذا التعبير يوحي بالسرعة والمفاجأة التي تأتي مع تقدم العمر، وكأن الإنسان يُفاجأ بأن السنوات قد فاتت.

الوجع والصبر
"نتعكّز... ننأبّط الوجع صابرين": تعكس هذه الصورة معاناة الوجود، حيث يُظهر الإنسان ضعفه وحاجته للتمسك بالأمل. تعبير "نتعكّز" يشير إلى الاعتماد على شيء ما، سواء كان ذكريات أو آمال، لتجاوز الألم.

الثنائية بين الألم والفرح
تتجلى الثنائية بشكل واضح عندما تذكر الشاعرة "نتوسد ضيقا" و**"نتوسّل فرحا"**. هنا، تتداخل مشاعر الفقد مع الرغبة في السعادة، مما يُظهر أن الفرح ليس حالة دائمة بل لحظات تتطلب الجهد لتحقيقها وسط المعاناة.

الغياب والحنين
تظهر "طويناها.. طيّا هذي السّنين" كرمز للذكريات. تتحدث الشاعرة عن طي اللحظات، مما يعني أننا نختبرها ونتجاوزها، ولكنها تظل جزءًا من هويتنا. هذا الغياب يجعلنا نعيش في حالة من الشوق والحنين.

الأحلام والتطلعات
"نحلم بالياسمين": هنا، يُظهر الشاعرة الأمل المنبثق من الطبيعة، حيث يرمز الياسمين للجمال والنقاء. رغم الأنين، هناك محاولة للتصالح مع الذات، إذ تتعالى الأحلام لتشكل جسرًا نحو الفرح.

الفناء والوجود
العبارة "ضيوف الأرض نحن.. لا أحد فينا يدوم" تُشكل جوهر القصيدة. تُبرز هذه الكلمات الفكرة الوجودية بأن الحياة عابرة، مما يُثري التفكير في كيفية ملء هذه اللحظات. إن كوننا "ضيوفاً" يعكس فكرة الغرابة والتشابه في تجربة الحياة بين البشر، مما يُحمل القارئ على التفكير في ترابطنا جميعاً.

اللغة والأسلوب
استخدمت الشاعرة لغة غنية بالصور الشعرية، مما يجعل القارئ يتفاعل مع مشاعرها. من خلال استخدام التكرار، تُشدد على الفكرة الرئيسية في القصيدة، مما يُضيف بُعداً عاطفياً.

الخاتمة
في النهاية، تُدرك الشاعرة أهمية الاعتراف بوجودنا المحدود. دعوة للعيش بوعي والتقدير لكل لحظة، حتى وسط الوجع. القصيدة ليست مجرد تأمل في الوجود، بل هي دعوة للاستمتاع بالحياة بالرغم من ألمها. سونيا عبد اللطيف تأخذنا في رحلة عبر المشاعر الإنسانية، مُظهرةً تعقيد الحياة وجمالها في آن واحد.
القصيدة :
ضيوف الأرض.. نحن *

كرّت بنا السّنون وفرّت
وأعمارنا... قضّيناها نتعكّز...
ننأبّط الوجع صابرين
نغنّي الشّجن متفائلين
مرّة نتوسّد ضيقا
أخرى نتوسّل فرحا..
طويناها.. طيّا هذي
السّنين..
بل هي من طوتنا ونحن خلفها
نركض مجانين.
نحلم بالياسمين
وبرغم هستيريا الأنين تصنّعنا
الحبور
بينما الأيام تمضي بنا
نحو القبور
جذلى كنتُ... ألبس
الزّهور...
أزقزق.. أطير
كما الطيور
حمامة أحمل غصن زيتون
الأفق... يناجيني
الأحلام تناديني
والأمنيات...
تصول... تجول..
ضيوف الأرض نحن..
لا أحد فينا يدوم
لا أحد فينا يدوم

سونيا عبد اللطيف

#كريم_عبدالله (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات